ما جدوى إنشاء ترامب صندوقا سياديا؟ وما هي أكبر الصناديق عالميا؟
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الاثنين أمرا تنفيذيا بإنشاء صندوق ثروة سيادي خلال العام المقبل، متحدثا عن احتمال شراء تطبيق "تيك توك". ووجه وزارتي التجارة والخزانة بتقديم خطة خلال 90 يوما.
ومن المتوقع أن يخضع إنشاء الصندوق لموافقات من الكونغرس، إذ إن الصناديق السيادية تعتمد على الفوائض المالية للدول بينما تعاني الولايات المتحدة من عجز دائم في ميزانياتها.
وقال ترامب للصحفيين بعد التوقيع "لدى دول أخرى صناديق ثروة سيادية، وهي أصغر بكثير، وهي ليست الولايات المتحدة".
وصندوق الثروة السيادية هو صندوق استثمار تملكه الدولة ويدير الاحتياطات الفائضة التي تستمد عادة من عائدات الموارد الطبيعية أو الفوائض التجارية، لتوليد عائدات طويلة الأجل.
لماذا ينشئ ترامب صندوقا سياديا؟وتحدث ترامب عن شراء تطبيق تيك توك كمثال محتمل على اتفاق يمكن تسهيله عبر صندوق أميركي، إلا أنه لم يقدّم تفاصيل عمّا كان يدور في ذهنه.
وأضاف: "قد نضع ذلك في صندوق الثروة السيادية، مهما كان ما نقوم به، أو إذا عقدنا شراكة مع أشخاص أثرياء للغاية".
وكان ترامب هدّد بمنع تيك توك في الولايات المتحدة إذا لم تتنازل الشركة الصينية الأم بايت دانس (ByteDance) عن هذه الشبكة الاجتماعية.
وأعطى ترامب التطبيق مهلة حتى أوائل أبريل/نيسان للامتثال للقانون الذي يستجيب لمخاوف الولايات المتحدة من احتمال أن تستغل الحكومة الصينية التطبيق للتجسس على الأميركيين أو التأثير خلسة على الرأي العام الأميركي.
إعلانوقال ترامب إنه مع تيك توك "إذا عقدنا الصفقة الصحيحة، فسنقوم بذلك. وإلا فلن نفعلها"، مشيرا إلى أنه يجري محادثات مع العديد من الأشخاص بشأن شراء التطبيق، بمن فيهم إيلون ماسك ولاري إيليسون وشركة "مايكروسوفت".
وينص الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب على أن تبادر وزارتا الخزانة والتجارة إلى إنشاء صندوق ثروة سيادي، ويعد هذا الصندوق أداة استثمارية مملوكة للدولة تستثمر عادة في مجموعة متنوعة من الأصول، بما في ذلك الأسهم والعقارات والسندات وصناديق التحوط، لتجميع مجموعة كبيرة من رأس المال.
ويصمم الصندوق لمساعدة الحكومة في التخفيف من تأثير التحديات أو التقلبات الاقتصادية، ويمكن، كذلك، استخدام الصندوق لدعم المصالح الوطنية وتعزيز المرونة الاقتصادية للبلاد وتنويع الاستثمارات الحكومية.
كيف بدأت الفكرة عند ترامب؟في سبتمبر/أيلول الماضي، طرح ترامب فكرة إنشاء صندوق ثروة سيادي خلال خطابه في النادي الاقتصادي في نيويورك، متسائلا عن سبب عدم امتلاك الولايات المتحدة لصندوق بالفعل.
واقترح الصندوق كوسيلة للاستثمار في "المساعي الوطنية العظيمة" لصالح الشعب الأميركي، واقترح أن يتم إنشاء الصندوق بمبالغ كبيرة من المال، ربما تأتي من التعريفات الجمركية وغيرها من المصادر.
وفي ذلك الوقت، كان ترامب يركز بقوة على التعريفات الجمركية كجزء رئيسي من إستراتيجيته الاقتصادية، بعد أن نفذ بالفعل التعريفات الجمركية على الصين وكندا، وناقش إمكانية تمديد التعريفات الجمركية إلى المكسيك، حسبما ذكرت مجلة فوربس الأميركية.
وفيما يتعلق بالمكسيك، ذكر ترامب في إعلانه أنه تحدث مع الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم وتوصل إلى اتفاق لتأخير التعريفات الجمركية لمدة شهر. وفي المقابل، وافقت المكسيك على زيادة قواتها على الحدود الأميركية، وهو ما وصفه ترامب بأنه تطور إيجابي في إدارة أمن الحدود.
إعلانكما لحقها إعلان آخر لترامب أعلن تعليق الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضتها بلاده على كندا لمدة 30 يوما. وقال في منشور على منصة "تروث سوشيال" -أمس الاثنين- إن قرار التعليق جاء عقب اتصال هاتفي أجراه مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.
وقد تم صياغة هذه الصفقة كوسيلة لإدارة العلاقات الدولية مع استخدام التعريفات الجمركية كأداة لتمويل صندوق الثروة السيادية، وتأتي هذه الخطوة في إطار رؤية أوسع لترامب لاستخدام إستراتيجيات اقتصادية مثل الرسوم الجمركية لتمويل المشاريع الوطنية التي يمكن أن تفيد الاقتصاد الأميركي.
وأعرب ترامب عن اعتقاده بأن الوقت قد حان لإنشاء صندوق ثروة سيادي للولايات المتحدة، قائلا: "أعتقد أن الوقت قد حان لكي تمتلك هذه الدولة صندوق ثروة سياديا"، وأضاف أنه في فترة قصيرة نسبيًا، يمكن للولايات المتحدة أن تمتلك أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم.
ويعكس هذا البيان رؤيته لحجم الصندوق وتأثيره المحتملين، مما يشير إلى أنه يمكن أن يصبح أداة اقتصادية مهمة للبلاد إذا تمت إدارته بشكل فعال، ووفقًا لترامب، فإن إنشاء مثل هذا الصندوق من شأنه أن يسمح للولايات المتحدة بالاستثمار في المشاريع والأصول الوطنية، مما قد يعزز الاقتصاد ويوفر المرونة المالية في مواجهة الضغوط الاقتصادية.
ما أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم؟أصدر معهد صناديق الثروة السيادية مؤخرًا أحدث تصنيفاته لأكبر صناديق الثروة السيادية العالمية من حيث الأصول، وكانت كالتالي:
1- صندوق الثروة السيادية النرويجي
الأصول: 1.73 تريليون دولار
2- مؤسسة الاستثمار الصينية
الأصول: 1.33 تريليون دولار
3- شركة إدارة الدولة الصينية للنقد الأجنبي للاستثمار
الأصول: 1.09 تريليون دولار.
4 – جهاز أبوظبي للاستثمار (الإمارات)
الأصول: 1.057 تريليون دولار
5- الهيئة العام للاستثمار الكويتية
الأصول: 1.03 تريليون دولار
6- صندوق الاستثمارات العامة السعودي
الأصول: 925 مليار دولار
7- صندوق جي آي سي السنغافوري
الأصول: 800 مليار دولار
8- وكالة إدارة استثمار الطاقة في أناجاتا نوسانتارا (إندونيسيا)
الأصول: 600 مليار دولار
9- جهاز قطر للاستثمار
الأصول: 526.05 مليار دولار
10- سلطة النقد في هونغ كونغ (الصين)
الأصول: 514.35 مليار دولار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات صنادیق الثروة السیادیة صندوق الثروة السیادیة التعریفات الجمرکیة الولایات المتحدة تریلیون دولار ملیار دولار تیک توک
إقرأ أيضاً:
لماذا لم ينجح العراق في إطلاق صندوق سيادي؟
شهدت الساحة الاقتصادية العراقية -السنوات الماضية- نقاشاتٍ مُكثفة حول أهمية إنشاء صندوق سيادي يعهد إليه بتنمية موارد الدولة المالية واستثمارها على المدى الطويل، وتأتي هذه الخطوة في ظل مساعي الحكومة لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للميزانية.
وفكرة إنشاء هذا الصندوق لم تكن وليدة اللحظة، بل تعود إلى تطلعات الحكومات السابقة، التي لم تتمكن من إخراج هذا المشروع إلى حيز الوجود، فقد طرحت حكومة مصطفى الكاظمي فكرة إنشاء صندوق سيادي، إلا أن المشروع لم ير النور، وظل مجرد حديث إعلامي، حسب تصريحات المسؤولين.
وأعلن رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي يوم 31 أغسطس/آب 2021 البدء بمشروع "صندوق الأجيال" الذي سيحمي الشعب من الاعتماد الكامل على النفط.
وصندوق الثروة السيادية استثماري يدير فوائض الدولة المالية من خلال أصول خارج الحدود، لكنه لا يكون تابعا لوزارة المالية أو البنك المركزي، كما يختلف عن الاحتياطي الأجنبي النقدي.
عامر العضاض مستشار رئيس مجلس الوزراء أكد أن خلية إدارة الإصلاح تعمل على إعداد دراسة لإنشاء صندوق سيادي
خطط مدروسةأكد عامر العضاض مستشار رئيس مجلس الوزراء أن تأسيس أي صندوق سيادي يتطلب تشريعاً برلمانياً من خلال قانون تعده الحكومة ويُعرض على مجلس النواب للتصويت عليه، مشيراً إلى أن ما طُرح عن الصندوق السيادي في الحكومة السابقة لم يتعدَ الحديث الإعلامي.
مستشار رئيس مجلس الوزراء أكد أن تأسيس أي صندوق سيادي يتطلب تشريعاً برلمانياً (رويترز)وفي 24 أغسطس/آب 2021، أكد الكاظمي أهمية وضع الأساس لإنشاء صندوق الأجيال الذي يهدف إلى تأمين مستقبل الأجيال القادمة، ويمكن أن تعتمده الحكومة ضمن سياسة الإصلاح الاقتصادي التي باشرت بها كسبيل للنهوض بالاقتصاد لخدمة حاضر البلد ومستقبله.
إعلانوقال العضاض -في حديث للجزيرة نت- إن إنشاء الصندوق لا يقتصر على وجود سيولة نقدية، بل يحتاج إلى سياسة عامة ودراسة حالة، مضيفا أن هناك صناديق سيادية كثيرة أُسست كصندوق التنمية، لكن خلية إدارة الإصلاح تعمل على دراسات لتأسيس الصندوق، بينما الإدارات السابقة لم تُعد دراسة بل تحدثت عنه إعلامياً فقط، وحتى مجيء الحكومة الحالية لم توجد أي دراسة سابقة.
وأوضح أن الصناديق السيادية أنواع، منها صندوق الأجيال الذي يعتمد على استثمار عائدات النفط لمرحلة ما بعد انتهاء النفط، ومنها صندوق لاستثمار الزيادات من عائدات النفط لتغطية العجز فترة انخفاض الأسعار، إضافة إلى صناديق أخرى تعمل على الاستثمار داخل العراق كصناديق تنموية وصندوق التقاعد.
وأشار العضاض إلى أن هناك نظرية لربط هذه الصناديق بأن تكون متعددة الأنشطة، موضحا أن دمج الصناديق الموجودة أو تأسيس صندوق جديد يجب أن يُدرس وفق إستراتيجيات الاستثمار الخاصة بكل صندوق وتحديد أهدافه قبل التأسيس.
وأكد أن خلية إدارة الإصلاح تعمل على إعداد دراسة لإنشاء صندوق سيادي، وأن كل صندوق له قطاعات مختلفة، فصندوق تثبيت واردات النفط -كما يقول- يستثمر في قطاعات غير نفطية لضمان عدم تأثره بانخفاض أسعار النفط، وكذلك الصندوق التنموي يعمل على مشاريع تنموية داخل البلد، أما صندوق التقاعد فيعمل على استثمارات طويلة الأمد كالبنى التحتية.
فرصة ضائعةعلل الباحث الاقتصادي عمر الحلبوسي أسباب عدم إنشاء صندوق سيادي حتى اللحظة، موضحاً أن الحكومة لم تأخذ بآراء الخبراء في الاقتصاد، وقامت باستهلاك الأموال الفائضة في تعيينات ومشاريع ذات طابع سياسي انتخابي.
الباحث الاقتصادي الحلبوسي: الحكومة استهلكت الأموال الفائضة في تعيينات ومشاريع ذات طابع سياسي انتخابي (الجزيرة)وقال الحلبوسي خلال حديثه للجزيرة نت "من المعلوم أن دول العالم تتجه إلى إنشاء صناديق استثمار سيادية تسهم في تنويع استثمارات الدولة وتعظيم وارداتها المالية، مما يسهم في تكوين حاجز لمنع الصدمات والمخاطر أو التخفيف منها في حال حدوث أي أزمة عالمية على غرار جائحة كورونا".
إعلانوأكد أن وجود صندوق سيادي يعني أن الدولة قد خرجت من الاقتصاد الريعي المعتمد على النفط، وتنويع إيراداتها مما يقي الدولة تقلبات أسعار النفط، حيث سيكون النفط ثانوياً وليس أولياً في حال وجود صندوق سيادي متميز يستثمر في أصول عالية الأرباح ومستدامة.
وأوضح الحلبوسي أن أغلب دول العالم أسست صناديقها السيادية من الفوائض المالية الناتجة عن زيادة أسعار النفط. وكان العراق في موقف جيد بعد جائحة كورونا عندما ارتفعت أسعار النفط، وحقق فائضاً مالياً كبيراً كان يمكنه من إنشاء صندوق سيادي.
واستدرك بالقول "لكن (العراق) استهلك الفوائض في عمليات تشغيلية لا أرباح منها، مما أدى إلى تفاقم المخاطر المالية والاقتصادية التي تحيق بالعراق وسط التوسع في المالية العامة وتفاقم العجز المالي فضلاً عن ترنح أسعار النفط واحتمالية انخفاضها".
قوة سياسيةوبيّن الحلبوسي أن الصندوق السيادي بحال رأى النور فإنه يدعم الاقتصاد العراقي من خلال تنويعه وزيادة قوته وحمايته من الهزات الاقتصادية العالمية، فضلاً عن تعزيز العلاقات السياسية مع الدول.
وقال إن أغلب بلدان العالم تستخدم صناديقها السيادية بشكل سياسي واقتصادي، منوها إلى أن الدول تستثمر في بلد معين فتعظم من وارداتها المالية وفي نفس الوقت تعزز من الترابط والعلاقات السياسية مع البلد المستثمر فيه، مما يمنح صاحبة الصندوق قوة سياسية بعلاقة متينة وكذلك تعزيز اقتصادها.
وأكد الحلبوسي أن العراق لم يمتلك صندوقاً سيادياً لأن الساسة لم يستمعوا للنصح من الاقتصاديين الذين أوصوا الحكومة بضرورة إنشاء صندوق استثماري سيادي يسهم في تعظيم الاقتصاد ويشكل حاجزاً بوجه الأزمات الاقتصادية.
وأضاف أن الحكومة فضلت استهلاك الأموال الفائضة في تعيينات ومشاريع كانت ذات طابع سياسي انتخابي مما أسهم في استنزاف وضياع الأموال، وأضاع عليه فرصة كبيرة لإنشاء صندوق سيادي.
إعلان