أغسطس 21, 2023آخر تحديث: أغسطس 21, 2023

سارة طالب السهيل

قبل خمسة سنوات كنت أدردش مع صديقة مصرية ، فقصت علي بعضا من حكايا طفولتها المخيفة والمرعبة ، فقد كان جارها عم عبد السلام رجلا طيبا حنونا ويتعامل معها كابنته التي لم ينجبها  لأنه لم يرزق بأبناء ، فيجلب  الحلوى والورود ويصطحبها يوم عطلته الأسبوعية الى السينما وتشاركه هوايته مشاهدة افلام دراكولا وتعود الى اهلها خائفة مذعورة !!!
بالوقت نفسه  كانت تستمع لحكايا مرعبة بشأن الماكينة التي تدار لنقل صور الفيلم على الشاشة ، لا تعمل  بداية تشغيلها الا اذا وضع فيها طفلا بريئا وتسيل دماؤه الطاهرة  !!!

صديقتي لم تنس يوما هذه الحكايا ولا دراكولا ، وكانت تظن ان مثل هذه الحكايا مجرد أقاويل تتناقلها البلدة كنوع من الفانتازيا ، وظننت مثلها ايضا ان هذه الحكايا محض فانتازيا ، حتى طلت حكاياها بأم رأسي مجددا ، وخاصة بعد ان انتشر الحديث عن عبدة الشيطان وطقوسهم ومن بينها تقديم قرابين بشرية لإبليس اللهم احفظنا واياكم .

فمن اين جاء انسان عصرنا الحالي بهذه الافكار والطقوس الشيطانية ، وهل هذه الوثنية الممجوجة والوحشية بالتهامها الاطفال القرابين لها أصل في ثقافة البشرية بالأزمنة السحيقة أم لا ؟
وهل  تقديم السينما شخصيات الوحوش ودراكولا مصاص الدماء كفنتازيا  ، كان تمريرا لعقول الناس وقبول فكرة الاله الوثني وابراز قوته وتفوقه على بني البشر ؟!!
مولوخ والاطفال
بالرجوع الى الميراث البشري وجدنا تقديم الاطفال قرابينا للنار موجودا بالعديد من الثقافات القديمة بأفريقيا وآسيا التي ارتبطت بالنار وعبدت الاله الوثني مولوخ  ، والذي ايضا تعددت مسمياته .
فهو الإله الفينيقي بَعْل مُولُوخ شرها إلى الدماء، مُغرَماً بالقرابين البشرية ، وخاصة الأطفال وحرقهم على مذبحه ، فيُنزل بركاته على أتباعه ،  وتقدم لها الأضاحي بشهر أبريل  ويحتفل البستان البوهيمي في كاليفورينا بحضور شخصيات كبيرة بهذه الطقوس ّ!!!
وبمنطقتنا العربية كان حضور مولوخ قويا بالمناطق الكنعانية والتي تشمل حاليا إسرائيل وفلسطين وبعض أجزاء من الأردن وسوريا ولبنان .

بالتأويل الاسلامي يذهب المفسرين الى ان مولوخ هو بعل بمعنى السيد أو الحاكم ورد اسمه في سورة الصافات في قصة النبي الياس وقومه الذين عبدوا صنم  بعل لاستنزال المطر.
وفي بابل خلال عهد النبي إبراهيم حيث انتشرت عبادة الشمس بواسطة حاكمهم النمرود ، وتسلطت الشياطين على قومه ، وأكبرهم مولوخ السيد او الملك يقدمون له اطفالهم لدفع الشرور عنهم والحصول على القوة عبر طقس قرع الطبول والحان المزامير ليأتي دور الكهنة بإشعال النار تحت الصنم ووضع الطفل بداخله فيحترق  حتى الموت.

كنا نظن هذه اساطير خرافية لكنها كانت حقائق واقعية أثبتتها أدلة عديدة منها ما نعيشه في عالمنا المعاصر من افعال شيطانية .
بالتأويلات الاسلامية ، فقد حارب الله مولوخ  في العراق ، بأبي الانبياء ابراهيم عليه السلام  وابنه اسماعيل الذبيح ، عندما ضحي به وقدمه كبش فداء ، حيث كان الشيطان فوميت يتشبه بالكبش والماعز فكان ذبح الكبش كناية عن ذبح عقيدة الشيطان و شطبها من اساسها .

في اليونان عرف مولوخ بأسماء مختلفة مثل ميلكوم أو مولك أو مولكوم أو مولوك .
و في نصوص الكتاب المقدس عرف اسم مولك في سفر ارميا عرف هذا الاله الوثني بالبعل.، كما عرف ايضا لدى الشعوب التي عبدت الشمس ، والأخرى التي عرفت البومة .

أخذت عبادة مولوخ  طقوسا متنوعة ،  بعضها ذو طبيعة لها اختراقات اخلاقية عديدة ، وتقديم الأطفال قربانا بجعلهم يمرون على النار ، وكانت الاسر تعتقد بأن تقديم الابن الاكبر قربانا يحقق لهم الوفرة الاقتصادية لباقي الابناء .
ونصوص العهد القديم تشير لوجود معبد في الهواء الطلق بالقرب من القدس تقدم فيه قرابين الأطفال ومعروفًا باسم توفة ، و يقع  في وادي بن حنون ، ولم يعثر على بقاياه الاثرية .

كاإلاه بجسد رجل ورأس ثور  ، و عرف باسم   Topheth يجسد  مولوخ بتمثال “ الثور المقدس”. و تتخلل تماثيل مولوخ المصنوعة من البرونز سبعة ثقوب تعتبر غرفًا ، في كل واحد منهم يودع قربان من طحين ، طيور ، شاة ، أبقار وأطفال.
وارتباط مولوخ بالبومة له تأويلات مختلفة في العالم بين الحضارات القديمة.
ففي حضارتنا الحديثة يؤل رمز مولوخ بالبومة كرمز للحكمة ، اما الشعوب القديمة كاليونانيين والعبرانيين والعرب تعبر عن الشياطين والموت .
ويذهب بعض المؤرخين الي بأن عبادة مولوك لا تزال سارية حتى يومنا هذا بفضل الماسونيين ، ووجودها ايضا لدى النادي البوهيمي في الولايات المتحدة التي اأنشئت عام1872 ولها رموزها الخاصة بها أشهرها بومة مرتبطة بمولوك.
تجسيدات مولوخ الفنية والادبية
حضرت تمثيلات مولوخ في الأدب ببعض القصائد والروايات كما فـي أعمال مثل روبين داريو وفريدريك نيتشه ودان براون . وقدمته السينما في صورة وحش ، وفي شخصيات ألعاب الفيديو كإلاه قديم ، بينما  يحفظ  مولوخ إلهًا لوسيفيريًا ، في متحف تورينو السينمائي .

اخيرا ، بعد هذه  الوقائع هل يمكننا  تصديق  فكرة ان الاخيلة العديدة التي عشناها وقرأناها بأعمال أدبية واخرى فنية هي مجرد اساطير خرافية ؟ شكي هو يقين بأن هذه الاساطير نسيج لإبليس و اعوانه مثل مولوخ  والذي يتشكل في كل عصر بأشكال مختلفة ومسميات متنوعة لتدفع الناس بالنهاية بتكريس عبادة ابليس بالارض من دون الله  الواحد القهار ، عبر قضاء البراءة والطهارة المتمثلة في دماء الاطفال الاطهار .

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

إقرأ أيضاً:

 الأردن يعلن استعداده تقديم الكهرباء لسوريا 

أعلن وزير الطاقة الأردني صالح الخرابشة، عن استعداد لتزويد سوريا بجزء من احتياجاتها من الكهرباء.

وقال صالح الخرابشة، أنه مستعد لإرسال فريق فنى لمساعدة السوريين في تجهز شبكة الكهرباء لديهم.

اقرأ أيضا

نجاة 25 سائحا سعوديا من حريق كبير في تركيا (فيديو)

الأربعاء 25 ديسمبر 2024

وأضاف أن بلاده مستعدة  للتعاون في مجال المشتقات النفطية بحيث يتم استيرادها عبر الأردن ونقلها إلى الجانب السوري.

مقالات مشابهة

  • أموريم: مانشستر يونايتد يعيش «الوقت الصعب»
  • بنك قناة السويس يرعى معرض ومبادرة "تراث" لدعم الحرف اليدوية
  •  الأردن يعلن استعداده تقديم الكهرباء لسوريا 
  • محافظ أسيوط يجرى حركة محليات محدودة لضخ دماء جديدة بالمراكز والأحياء
  • دماء الشهداء وقدوم الوعد الصادق
  • محافظ أسيوط يجرى حركة محليات محدودة لضخ دماء جديدة والاستعانة بالكفاءات
  • أستاذ علوم سياسية: نتنياهو يعيش نشوة انتصار رغم استمرار وجود أسرى بغزة
  • أيمن الرقب: نتنياهو يعيش نشوة انتصار رغم استمرار الأسرى في غزة
  • أستاذ علوم سياسية: نتنياهو يعيش نشوة انتصار رغم استمرار المحتجزين في غزة
  • المركز الأوروبي لقياس الرأي: نتنياهو يعيش وهم إعادة المحتجزين عسكريا