رماح تقطع الزمن (1)
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
مُزنة المسافر
رُمحٌ بعد رُمحٍ.
ركض الهنود الحمر حول نقطة لا نهائية.
الخيول صهلت.
الأرواح والرماح أَفلَت.
النحر.
بل السحر الذي حدث.
وأنقذ قلب الزعيم.
ورأسه الأبي.
وريشه السخي، الثمين.
الذي يجلس على تاج رصين.
من مات منهم؟ نحن نسأل.
المغتربون، هل حلت اللعنة عليهم؟
لقد فتحوا مفاتيح الزمن.
بصناديق الخطأ.
لن يعودوا، لن يُلقوا.
بأبنائنا، وفرساننا.
وقلوبنا وجلودنا الحمراء إلى النهر.
لقد توغلنا في الدغل.
وكل غابة.
إننا نعرف أن نسمع الجواب.
ونعرف الصواب الذي علمته إيانا الطبيعة.
فلنسمع الريح بحديثها المريح.
لتخبرنا من جديد أننا أحرار.
وأن حريتنا المنسوجة في ماضٍ سحيق.
بخيوط العنكبوت.
قد طارت مع الأبواق الناطقة باليقظة.
إنَّ قلوبنا نابضة بصوت ناي الحياة.
ورائدة لتكرار كثير في عالمنا.
الذي يكسوه ريش البوم.
الصائح في ليلنا الجميل.
مع طبول تُقرع فقط لتلقي بالملل بعيدًا عنَّا.
وتأتي بفرحة الخصوبة.
والعذوبة التي نبتغيها من أمنا الطبيعة.
وأين هي الوديعة؟
هل داخل شجرة اِلتفت حول نفسها.
لتخبأ صمغها ولعابها الذي يأبى أن يعطي شيئًا.
للغرباء المتوغلين لنفوسنا.
ودروسنا التي تعلمنا فيها معانٍ نبيلة.
وأننا سنقف وقوف الأحرار دومًا.
خلف بيوتنا الجميلة.
رافضين أن نسقط في فخ قديم.
فالنجم عالٍ، والشمس والسديم.
كل منهم شاعرٌ بالنعيم.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
“الدنيا كما هي.. لكننا تغيّرنا”
بقلم : وسن زيدان ..
كثيرًا ما نسمع عبارات مثل: “الدنيا تغيرت”، “الزمن لم يعد كما كان”، وكأننا نحمل الزمن والدنيا مسؤولية كل ما نراه من تغيرات في القيم والأخلاق. ولكن، هل فعلاً تغيرت الدنيا؟ أم أن القلوب والنفوس هي التي تبدلت؟
الحقيقة التي قد يغفل عنها البعض هي أن الزمن في ذاته لا يتغير. الأيام تمر، والشمس تشرق وتغيب، والفصول تتعاقب كما كانت منذ الأزل. ولكن، نحن البشر، نحن من يضع بصمته على هذا العالم، ونحن من نرسم ملامح “الدنيا” التي نتحدث عنها.
كانت الأخلاق في الماضي قيمة جوهرية في المجتمعات. الاحترام، الأمانة، الكرم، والترابط الأسري كانت هي القواعد التي تحكم علاقات الناس. أما اليوم، فقد نلاحظ تراجعًا في هذه القيم بسبب الانشغال بالمظاهر والاهتمام بالمصالح الفردية. لقد تغيرت الأولويات، وأصبحت المادة والمكانة الاجتماعية هي المحرك الرئيسي للعديد من التصرفات.
هذا التحول في الأخلاق ليس مسؤولية “الدنيا”، بل مسؤوليتنا نحن كبشر. القلوب التي كانت تفيض بالمحبة والصفاء أصبحت أكثر قسوة بفعل الأنانية والتنافس غير النزيه.
المبادئ التي كانت تُعتبر خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه أصبحت مرنة في عيون البعض، تُعدل وتُكيف حسب المصالح. في الماضي، كانت الكلمة وعدًا، والعهد التزامًا. أما الآن، فالكثيرون يتحدثون عن “الظروف” و”المتغيرات” كأعذار لتبرير أخطائهم وتجاوزاتهم.
لكن، رغم هذا التغير، لا تزال هناك قلوب طيبة وأرواح صادقة ترفض الانجراف مع التيار. هذه الفئة القليلة من الناس هي التي تجعلنا نؤمن بأن الأمل لا يزال موجودًا، وأن الدنيا لم تفقد جمالها، بل نحن بحاجة إلى إعادة النظر في تصرفاتنا.
العودة إلى القيم الأصيلة تبدأ من داخلنا. علينا أن نتحمل مسؤولية أنفسنا بدلاً من إلقاء اللوم على الدنيا أو الزمن. التغيير يبدأ من التربية، من غرس القيم في الأجيال القادمة، ومن تعليمهم أن الأخلاق هي أساس كل شيء.
كما أن دور الإعلام والتعليم والمجتمع مهم جدًا في إعادة إحياء المبادئ والقيم. يجب أن يكون هناك وعي بأن التغيرات التي نلاحظها ليست قدرًا محتومًا، بل نتيجة لما نصنعه نحن بأيدينا.
الدنيا لم تتغير. هي كما هي، بعيدة عن كل
اتهام. نحن من تغيرنا. نحن من نحتاج إلى وقفة صادقة مع أنفسنا لمراجعة أخلاقنا وسلوكياتنا. ربما حينها، حين تتبدل قلوبنا إلى الأفضل، سنرى أن “الدنيا” أجمل بكثير مما نعتقد.
حين تتبدل قلوبنا إلى الأفضل، سنرى أن “الدنيا” أجمل بكثير مما نعتقد، لأن الجمال الحقيقي لا يكمن في الأشياء المحيطة بنا، بل في الطريقة التي ننظر بها إلى الحياة وفي القيم التي نحملها ونعكسها في تعاملاتنا. إذا أردنا تغيير الواقع، فعلينا أن نبدأ بإصلاح دواخلنا؛ بالعودة إلى الصدق، بالتسامح مع الآخرين، بإحياء روح التعاون والتعاطف التي كانت يومًا أساس مجتمعاتنا.
التغيير يبدأ بخطوة صغيرة، لكنها قادرة على صنع فرق كبير. فلنجعل من أنفسنا نموذجًا للخير، ولننظر إلى العالم من منظور إيجابي يحمل في طياته الإيمان بأن الخير لا يزال موجودًا، وأن الإصلاح ممكن. فالزمن لا يغير الإنسان، بل الإنسان هو الذي يملك القوة لتغيير نفسه والعالم من حوله.
اخيرا .. ، تذكروا دائمًا أن الدنيا ستبقى كما هي، محايدة وصامتة. لكننا نحن من نحدد ملامحها، بأفعالنا، بأخلاقنا، وبما نزرعه من قيم. فلنكن نحن التغيير الذي نتمنى رؤيته في هذا العالم.
user