الخروج من "منطقة الراحة"
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
مدرين المكتومية
هناك من يبحث عن التغيير بشكل مُستمر، وهناك من يرى أنَّ الحياة لا تستحق أن يلهث المرء فيها وراء أمور صعبة التحقُّق أو أن يُجازف من أجلها، وهناك من يخاف أن يُغامر بحياته في مغامرة قد تربح أو تخسر؛ ليجد نفسه بعد كل ذلك راغبًا في البقاء في منطقة مُعينة، منطقة آمنة، دون التحرك لمكان آخر، خوفًا من التغيير الذي قد لا يتناسب مع تفاصيل حياته.
تُسمى تلك المنطقة أو الزاوية التي قد يخضع لها الشخص ويعيشها ضمن روتين مُعين، "منطقة الراحة"؛ تلك المنطقة التي يقبل بها الشخص أن يكون وفق نظام (روتين) معين، تلك المنطقة الوهمية التي اخترعها الشخص لنفسه؛ حيث يشعر فيها الشخص بالراحة، ولا مخاطرة بحياته، ووظيفته، وأصدقائه وزملائه، وهو أمر جيِّد ولكنه لا يتماشى مع طبيعة الشخص، التي هي أكثر تحدياً وعزيمة وبحثاً نحو اكتشاف الأشياء، فمنذ الخلق الأول، من البدايات الأولى للبشرية، فإنِّهم كانوا يبحثون عن الكيفية التي يعيشون فيها، يجازفون ويحاربون ويخرجون لمناطق مجهولة وكل ذلك من أجل البقاء.
الإنسان بطبيعته لا يجب أن يركن في زاوية، وأن يبقى في انتظار الأشياء دون أن يسعى لها؛ بل عليه أن يجري ويبحث نحو المجهول، ليصل لما يُريد، وليس البقاء والانتظار، فالعالم يجري من أمامنا بصورة سريعة ولا يتوقف ولا ينتظر أحدًا، لذلك يجب أن يخرج الشخص من منطقة الراحة الوهمية، التي هو من صنعها بنفسه وآمن بها، بينما في الحقيقة ماهي إلا خدعة لا تمت للواقع بصلة، الإنسان خلق للسعي والعمل والاجتهاد والبذل، وليس للركون والانزواء دون حركة.
البقاء في مكان واحد، لا يقود نحو تحقيق المزيد من الفرص، ولا يقود لمكان سوى تحويل الحياة ذات الإيقاع المتسارع إلى روتين قاتل، روتين من الصعب كسره وتحطيمه، بل إنه قد يقود صاحبه للشعور دائمًا بأن حياته ذات رتم واحد، تخلو من المتعة والمرح، لا يمتلك دهشة الأشياء، ولا يتعلم شيئاً، يبقى عالقاً، لأنَّ الإنسان الذي يتحدى ويخرج للفرص الأخرى، يتعلم بصورة كبيرة من كل شيء، ويمتلك قدرة لفهم كل الأشياء من حوله، وبالتالي فإنَّ لديه طاقة لتقبل الأشياء إن حدثت وإن لم تحدث، ولديه أيضًا قدرة لصناعة الفارق في حياته.
ولذلك أؤكد لكم، بكل صراحة وعن تجربة، أن الخروج من منطقة الراحة خطوة مُهمة للنمو الشخصي وتطوير الحياة. وعند محاولة اكتشاف أشياء جديدة وتجربة تحديات جديدة، نفتح لأنفسنا أبوابًا لفرص لا حصر لها؛ سواء من خلال التعلم المستمر، عبر الدورات التعليمية، أو قراءة الكتب النافعة، والحرص على اكتساب مهارات جديدة، وهذه أمور يُمكن أن تُساعدنا على تحقيق تأثير إيجابي كبير في حياتنا؛ بل وحياة من نرتبط بهم، وخاصة الأسرة والأصدقاء المقربين.
وأحد الأساليب الفعّالة لضمان الخروج من منطقة الراحة أو الأمان- سمّها ما شئت- هو تحديد أهداف قصيرة وطويلة المدى والعمل بكل جدٍ لتحقيقها.
على المستوى الشخصي، سعيت منذ فترة ليست بالقصيرة في حياتي، أن أضع أهدافًا واضحة في الحياة، وربما أكتب بعضها في مُفكرة أو دفتر ملاحظات، أو حتى على هاتفي النقال، وقد شعرت أنَّ الأمر يُساعدني في تنظيم حياتي والتركيز والعمل بشكل أكثر ترتيبًا وأعلى كفاءة. وكذلك الحرص على تعلم الجديد، لا سيما في مجال عملي، من خلال البحث عن مهارات جديدة أو دراسة مجال جديد يُمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على حياتي. وقد نجحت- ولله الحمد- أن أحصل على درجة الماجستير في العلوم الإدارية، والآن أعكف على دراسة الدكتوراه، وهي خطوة كُنت أراها سابقًا صعبة المنال وربما مستحيلة، لكن بالإصرار والتخطيط الجيِّد تمكّنت من بلوغها.
وهناك مقولة يُرددها مدربو التنمية البشرية وهي "واجه مخاوفك"، وقد يعتقد البعض أنَّ هذا من باب إطلاق الشعارات، لكن في حقيقة الأمر هذه المُواجهة مطلوبة ومهمة جدًا لتحقيق شيء إيجابي في حياتنا، والمخاوف قد تكون اجتماعية أو مالية، أو حتى عاطفية، لكن المؤكد أنَّه يتعين علينا مواجهتها بكل حسم وقوة وإرادة صلبة.
وأخيرًا، ومن أجل الخروج من منطقة الراحة والانتقال إلى كل ما يحقق لنا الشغف والتميز، علينا أن نتخلى عن روتين يومنا المُمل والبطيء ربما، من خلال تغيير عادات النوم والاستيقاظ، أو عادات استخدام الهاتف النقال، أو عادات لقاء الأصدقاء، لكي تكون كلها ذات نفع حقيقي ومباشر، ودون إهدار للوقت أو تضييع للمال.
إنَّ التحول نحو المسارات الإيجابية في الحياة، يستلزم أن نتخلص من أعباء الحياة التي نتوهمها ومشاعر الإحباط ومخاوف الفشل، وأن نؤمن أنَّ أي إخفاقات في حياتنا هي جزء من رحلتنا في هذه الحياة، المليئة بالتحديات، لكنها زاخرة أيضًا بالفرص، والأصح أن نستفيد من الفرص لتحقيق أهدافنا، وبلوغ غاياتنا التي نتطلع إليها.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
البطولة: صراع متواصل بين الأندية لضمان البقاء وتجنب خوض مباريات السد
تقترب البطولة الاحترافية في قسمها الأول من إسدال الستار، مع تبقي 11 جولة على النهاية، وسط صراع متواصل بين العديد من الأندية لضمان البقاء ضمن قسم الصفوة، وتجنب خوض مباريات السد مع ثالث ورابع القسم الاحترافي الثاني، وفق النظام الجديد المعلن عنه سابقا، من قبل العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية.
ويتبين من خلال الترتيب الحالي، أن شباب المحمدية، المتواجد في الصف الأخير بثلاث نقاط، والمغرب التطواني، المحتل للرتبة ما قبل الأخيرة بعشر نقاط، الأقربان للهبوط إلى القسم الاحترافي الثاني، إلا أن لا شيء حسم، في انتظار ما ستسفر عنه على الأقل المباريات الخمس المقبلة، لتحديد المغادرين بنسبة كبيرة.
وهناك العديد من الأندية التي تود تجنب خوض مباراتي السد مع ثالث ورابع القسم الاحترافي الثاني، لضمان البقاء، ويتعلق الأمر بكل من. الشباب الرياضي السالمي، النادي المكناسي، حسنية أكادير، الاتحاد الرياضي التوركي، الدفاع الحسني الجديدي، اتحاد طنجة، الرجاء الرياضي، أولمبيك آسفي، وبنسبة أقل المغرب الفاسي، والفتح الرياضي، والبقية.
ويعرف ترتيب البطولة الاحترافية، تقاربا بين جل الفرق المتواجد، حيث أن الفارق بين صاحب المركز الخامس « الفتح الرياضي »، والمتواجد في الصف 14 « الشباب الرياضي السالمي »، المؤدي لخوض مباراة السد، لا يتعدى 11 نقطة، حيث أن أي تعثر لفرق المقدمة، وتوالي انتصارات الآخرين، سيتبعثر الترتيب كاملا، مع تبقي 33 نقطة ممكنة، خلال 11 مباراة متبقية.
وعلى مستوى المقدمة، يتجه نهضة بركان إلى التتويج بلقب البطولة الاحترافية لأول مرة في تاريخه، جراء العروض الجيدة التي يقدمها، حيث يتواجد حاليا في الصدارة برصيد 46 نقطة، مبتعدا عن أقرب ملاحقيه بتسع نقاط، فيما من المنتظر أن يتنافس نهضة الزمامرة، والجيش الملكي، والوداد الرياضي، وبنسبة أقل الفتح الرياضي، والمغرب الفاسي، على الوصافة والرتبة الثالثة، لضمان المشاركة في المنافسات القارية، « دوري أبطال إفريقيا، كأس الكونفدرالية الإفريقية ».
وفيما يلي ترتيب فرق البطولة الاحترافية بعد إجراء 19 مباراة:
1- نهضة بركان: 46 نقطة
2- نهضة الزمامرة: 37 نقطة
3- الجيش الملكي: 34 نقطة
4- الوداد الرياضي: 33 نقطة
5- الفتح الرياضي: 32 نقطة
6- المغرب الفاسي: 32 نقطة
7- أولمبيك آسفي: 29 نقطة
8- الرجاء الرياضي: 25 نقطة
9- اتحاد طنجة: 23 نقطة
10- الدفاع الجديدي: 23 نقطة
11- اتحاد تواركة: 22 نقطة
12- النادي المكناسي: 22 نقطة
13- حسنية أكادير: 21 نقطة
14- شباب السوالم: 21 نقطة
15- المغرب التطواني: 10 نقاط
16- شباب المحمدية: 3 نقاط