البحار العماني أحمد بن ماجد يلتقي الملكة حتشبسوت
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
◄ هذه العلاقة العميقة بين عُمان ومصر، التي تمتد من عهد الملكة حتشبسوت وصولًا إلى العصر الحديث، تجد اليوم تجسيدًا لها في مشاركة سلطنة عُمان كضيف شرف في معرض القاهرة الدولي للكتاب
حمود بن علي الطوقي
زائر جناح سلطنة عُمان، ضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين، يلمسُ منذ الوهلة الأولى عُمق العلاقات التاريخية بين سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية، وهي علاقات مُتجذِّرة ومُتجدِّدة، وهي من أقدم وأعمق الروابط التي نشأت عبر العصور.
هذه العلاقة تعود- كما تشير المصادر العُمانية والمصرية- إلى عهد المصريين القدماء (الفراعنة)؛ حيث تشير هذه المصادر إلى أن الملكة حتشبسوت، التي حكمت مصر في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، كانت تستورد اللبان العُماني لاستخدامه في معابد الفراعنة؛ بهدف أغراض دينية وعلاجية. وقد كان اللبان العُماني يعد آنذاك من السلع الفاخرة والنادرة التي شكلت جزءًا مهمًا من الحضارة الفرعونية، وتُظهر هذه العلاقة التجارية المبكرة مدى تأثير عُمان على التجارة العالمية في تلك الحقبة. ومع مرور الزمن، استمرت هذه الروابط، وأصبحت عُمان شريكًا تجاريًا وثقافيًا هامًا لمصر، وهو ما تجسد بوضوح في مختلف العصور.
في العصر الإسلامي، يأتي دور الملاح والبحار العُماني المعروف أحمد بن ماجد، أحد أعظم البحارة العرب في العصور الوسطى، الذي ساهم بمهاراته الفائقة في الملاحة البحرية في ربط عُمان بالعالم الخارجي. من خلال رحلاته البحرية، تمكن بن ماجد من تعزيز التجارة البحرية بين عُمان ودول الشرق والغرب بالإضافة إلى الدول الأخرى عبر البحر الأحمر والمحيطات. ويُظهر هذا الترابط بين عُمان ومصر كيف أن البحر ليس فقط طريقًا للتجارة، بل جسرًا ثقافيًا بين الحضارات.
هذه العلاقة العميقة بين عُمان ومصر، التي تمتد من عهد الملكة حتشبسوت وصولًا إلى العصر الحديث، تجد اليوم تجسيدًا لها في مشاركة سلطنة عُمان كضيف شرف في معرض القاهرة الدولي للكتاب. هذه المشاركة تعتبر بمثابة جسر ثقافي يربط بين الماضي والحاضر، حيث قدمت عُمان من خلال جناحها المتميز لمحة عن تاريخها العريق، الذي يمتد عبر آلاف السنين، ويعكس الدور البارز الذي لعبته في التجارة والثقافة على مر العصور.
ومن خلال مشاركتها في معرض القاهرة الدولي للكتاب، استطاعت سلطنة عُمان أن تُبرز بشكل واضح هذه الروابط التاريخية والثقافية التي تجمعها بمصر، بداية من اللبان الذي كانت تستورده الملكة حتشبسوت في العصور القديمة، وصولًا إلى حضورها الثقافي اليوم الذي يعكس استمرارية هذا التراث. فقد لفت جناح عُمان الأنظار بتصميمه المتميز الذي يتيح للزوار التعرف على المقتنيات العُمانية القديمة والمخطوطات التي تعود لقرون من الزمن، تمامًا كما كانت عُمان تمثل مركزًا مهمًا للتجارة والثقافة في العصور القديمة.
كما تم عرض الموسوعة العُمانية ومطبوعات وزارة الإعلام ووزارة التراث والسياحة، إلى جانب أنشطة جامعة السلطان قابوس، التي تبرز التطور العلمي والثقافي في السلطنة. أما الضيافة العُمانية فقد كانت حاضرة أيضًا؛ حيث تم إعداد وتوزيع الحلوى العُمانية للزوار، وهي بمثابة امتداد للتقاليد العُمانية العريقة في حسن الضيافة، التي كانت جزءًا من تبادل العلاقات الثقافية والتجارية مع مصر منذ أيام الفراعنة.
وبذلك، يُمكن القول إنَّ مشاركة سلطنة عُمان في معرض القاهرة الدولي للكتاب تمثل تجسيدًا للعلاقات الثقافية والتجارية المستمرة بين البلدين على مر العصور، وقد استطاعت عُمان من خلال هذا الحدث الثقافي أن توصل رسالة فريدة عن تاريخها الغني، وتربط بين اللبان العُماني الذي كان محط اهتمام الفراعنة والتراث الثقافي الذي يعكسه جناح السلطنة؛ مما يُتيح للزوار فرصة التعرف على عمق تاريخ عُمان وإسهاماتها في الحضارة الإنسانية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الضأن.. رمز سحور الضيافة العُمانية
أحمد عاطف (القاهرة)
طقوس وموروثات خاصة، تمتاز بها المائدة الرمضانية في سلطنة عُمان، تتصدرها ثلاثة مكونات أساسية، هي:
الماء، التمر والقهوة، وهي ما يبدأ بها الصائمون إفطارهم قبل الذهاب لصلاة المغرب استعداداً للمأدبة الرئيسية. يُعد تقديم القهوة في المساجد واحداً من أبرز الطقوس الرمضانية العُمانية، حيث يحملها الآباء وكبار السن إلى المساجد ليتشارك الصائمون تناولها بعد الإفطار، ويميل البعض إلى إضافة نكهات مميزة لها مثل ماء الورد، الحبهان، الزعفران، والتوابل العطرية التراثية، ما يجعلها ضيفاً دائماً على مائدتي الإفطار والسحور.
وعلى عكس العديد من الدول العربية والإسلامية، تُعد وجبة السحور في عُمان أكثر دسامة من الإفطار، حيث لا تخلو من أطباق اللحم، الدجاج، والأرز، بجانب أطباق لحم الضأن المشوي الذي يُعد رمزًا للضيافة العمانية.
وتشترك المائدة العمانية في بعض العناصر مع دول الخليج العربية، حيث تضم حلوى اللقيمات، السمبوسك المحشو باللحم أو الخضار، وأطباق الأرز مثل البرياني، الكبسة، الثريد، والمضروبة، إلا أن الثقافة العمانية أضافت لمساتها الخاصة بأطباق مميزة مثل صالونة اللحم بالخضار، البلاليط، والعرسية.
وتتصاعد روائح الحلويات من المطابخ العمانية قبل الإفطار، حيث اعتاد الجيران على تبادل الأطباق قبل أذان المغرب، ورغم تنوع الحلويات الرمضانية مثل سخانة الثمن، الساقو، وصب الجفشة، إلا أن الحلوى العمانية تظل الأكثر شهرة وأصالة.
أما الحلوى العمانية فقد بدأت في الظهور قبل أكثر من 200 عام، وحققت رواجاً واسعاً بفضل بساطة مكوناتها التي تشمل الماء، العسل، النشا، السمن، والمكسرات، وسرعان ما انتشرت في الأسواق العربية، لتصبح واحدة من أكثر الحلويات مبيعاً في سوق واقف، أحد أشهر الأسواق القطرية. وحسب خبراء التراث، فإن الحلوى العمانية تكتسب أهمية تاريخية إضافية، وورد ذكرها في الكتب القديمة وكتابات الرحالة والمستشرقين الذين زاروا السلطنة ووثّقوا مكوناتها الفريدة، مما يعكس عمق ارتباطها بالثقافة العمانية والتراث الأصيل.