تحدي عدم الشراء على تيك توك.. موجة تقشف أميركية أم صرخة في وجه الغلاء؟
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
منذ بداية عام 2025، تشهد الولايات المتحدة تنامي اتجاه جديد يُعرف بـ"عدم الشراء"، حيث يعكف العديد من الأميركيين على خفض إنفاقهم، أو حتى التوقف تماما عن شراء أي سلع غير ضرورية.
هذه الظاهرة التي بدأت كحملة فردية على منصات التواصل الاجتماعي، باتت تعبيرا واسع النطاق عن الاستياء من التضخم، والسياسات الاقتصادية، والنزعة الاستهلاكية المفرطة.
تحدي "عدم الشراء" يقوم على فكرة تقليص الاستهلاك إلى أقصى حد ممكن. ووفقا لمجلة "فورتشن" الأميركية، فإن المشاركين في التحدي يمتنعون عن شراء الملابس، ومستحضرات التجميل، والأثاث، وتناول الطعام خارج المنزل، في حين يستثنون النفقات الأساسية مثل البقالة، والفواتير، والنقل.
كما أوضحت مجلة "نيوزويك" أن بعض المشاركين يضعون قواعد صارمة لأنفسهم، مثل عدم شراء أي شيء جديد إلا في حالات الضرورة القصوى، والاستفادة من الموارد المجانية مثل المكتبات بدلا من شراء الكتب.
ويرجع تزايد شعبية تحدي "عدم الشراء" إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية. فوفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن عمليات البحث عن "تحديات عدم الإنفاق" على محرك غوغل زادت بنسبة 40% مقارنة بالعام الماضي، مما يشير إلى قلق متزايد بين المستهلكين الأميركيين.
إعلانأما شبكة "سي إن إن" الأميركية، فتؤكد بدورها أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل البيض والقهوة، إلى جانب فرض تعريفات جمركية جديدة من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب، جعل الكثيرين يعيدون التفكير في نمط إنفاقهم اليومي.
ويقول المحلل الاقتصادي دونوفان هارنيغ لوول ستريت جورنال "إذا لم أستطع التحكم فيما تفعله المتاجر، فيمكنني التحكم في كيفية إنفاق أموالي".
بالنسبة للكثيرين، لم يعد "عدم الشراء" مجرد تحدٍ مالي، بل أسلوب حياة. فقالت ربة المنزل رايلي ماركوم لـ"سي إن إن" إنها انضمت إلى التحدي لتوفير 100 دولار أسبوعيا، "لا أريد أن أكون جزءا من اقتصاد ترامب. قد يبدو هذا سببا تافها، لكنني لا أعتقد أن الأمور ستتحسن على الإطلاق".
أما سابرينا بار، فأوضحت لـ"سي إن إن" أنها انضمت إلى التحدي ليس فقط من أجل الادخار، ولكن أيضا للتكيف مع ارتفاع تكاليف المعيشة استعدادا لمولودها الأول.
الجانب النفسي: البحث عن السيطرةإلى جانب الأسباب الاقتصادية، يرى البعض في تحدي "عدم الشراء" وسيلة لاستعادة السيطرة على حياتهم وسط الاضطرابات العالمية. وتقول ريبيكا سودن إنها انضمت إلى التحدي لتتمكن من ادخار المال للانتقال إلى المدينة التي يعيش فيها زوجها الإنجليزي. وفي يناير/كانون الثاني الماضي وحده، استطاعت توفير 4272 دولارا بفضل التزامها بعدم الإنفاق.
أما فاشيون كيل، فقد وجدت أن التحدي شجعها على تبني عادات جديدة، مثل التنزه في الطبيعة بدلا من التسوق التلقائي، "الحياة ليست مجرد دخول المتاجر. اخرجوا إلى الشمس وتنزهوا. لقد ساعدني ذلك كثيرا في تقليل الرغبة في الشراء".
ولعبت منصات مثل "تيك توك" دورا رئيسيا في انتشار التحدي، إذ نشرت ريبيكا سودن مقطع فيديو حول التزامها الصارم بـ"عدم الشراء"، حيث حصد الفيديو أكثر من 2.6 مليون مشاهدة.
كما تشير مجلة "نيوزويك" إلى أن العديد من المستخدمين يضعون قواعد شخصية صارمة لإنجاح التجربة، مثل تجنب الشراء عندما يشعرون بالملل أو التوتر، أو التوقف عن الاشتراكات الرقمية المكلفة.
إعلان هل يصبح "عدم الشراء" أسلوب حياة؟وفيما يرى البعض أن تحدي "عدم الشراء" مجرد توجه مؤقت استجابة للضغوط الاقتصادية، يؤكد آخرون أنه يعكس تحولا عميقا في العقلية الاستهلاكية. فبحسب مجلة "فوربس" الأميركية، فإن بعض المشاركين قرروا تبني نهج "التقليل من الشراء" (Low Buy Challenge) بدلا من الامتناع التام عن الإنفاق، مما يسمح لهم بالاستمرار في توفير المال دون الشعور بالحرمان.
إليزيا بيرمان، التي خاضت التحدي لأول مرة في 2024، تقول "هذا العام، أهدف إلى أن أكون أكثر انضباطا، لأنني قد أفقد دخلي بسبب الحظر المحتمل على "تيك توك"، وأريد جمع مدخرات كبيرة".
ويرى العديد من المشاركين في تحدي "عدم الشراء 2025" أنه ليس وسيلة للادخار فحسب، بل هو تحول في أسلوب الحياة. وكما تشير "نيوزويك"، فإن التخلص من الإعلانات المستمرة التي تحفز على الشراء يساعد الناس على التحرر من الهوس الاستهلاكي.
وسواء كان تحدي "عدم الشراء" رد فعل قصير المدى أو بداية لتحول استهلاكي أعمق، فإن عام 2025 يبدو مهيأ ليكون عاما للمراجعة المالية وإعادة ترتيب الأولويات في ظل اقتصاد غير مستقر ومستهلكين يبحثون عن التحكم في مصيرهم المالي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات عدم الشراء
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يردّ على احتمال فرض رسوم جمركية أميركية
قال قادة الاتحاد الأوروبي، اليوم الاثنين، إن التكتل سوف يكون مستعدا لاتخاذ تدابير مضادة في حال فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية إضافية على السلع الأوروبية ولكنهم شددوا أيضا على استعدادهم لإجراء محادثات.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس، قبيل قمة غير رسمية للاتحاد الأوروبي في بروكسل "باعتبارنا منطقة اقتصادية قوية، فإننا قادرون على صياغة شؤوننا الخاصة ويمكننا أيضا الرد على سياسة الجمارك بسياسة مماثلة. ويجب علينا أن نفعل ذلك وسوف نفعله".
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "أوروبا بوصفها قوة تقف على أرضها، يجب أن تكسب الاحترام وبالتالي الرد".
كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن في وقت سابق فرض رسوم جمركية جديدة على البضائع القادمة من الصين وكندا والمكسيك. كما هدد، بفرض رسوم مماثبة على الاتحاد الأوروبي بسبب الفائض التجاري لدول مثل ألمانيا.
وبحسب بيانات المفوضية الأوروبية، وصل حجم التجارة عبر الأطلسي إلى رقم قياسي بلغ 1,2 تريليون يورو (1,23 تريليون دولار أميركي) في 2021. وفي 2023، كان يوجد لدى الاتحاد الأوروبي فائض بمقدار 155,8 مليار يورو في تجارة السلع، بينما كان يوجد لدى الولايات المتحدة فائض بقيمة 104 مليار يورو في تجارة الخدمات.
وقال شولتس إن الهدف ينبغي أن يكون في نهاية المطاف تحقيق التعاون، مضيفا "من الواضح أن الشرط المسبق للتفاهم هو معرفة نقاط قوتك. أوروبا تستطيع التصرف".
وأكد شولتس أن الجانبين يستفيدان من تبادل السلع والخدمات، وقال "إذا جعلت سياسة الجمارك هذا الأمر صعبا، فسيكون ذلك سيئا بالنسبة للولايات المتحدة وسيئا بالنسبة لأوروبا".
بدوره، صرح لوك فريدن رئيس وزراء لوكسمبورج "لطالما كانت الصراعات التجارية سيئة.. ولكننا لسنا أضعف من الولايات المتحدة. إذا أراد شخص حربا تجارية، فسوف ينالها".
وشدد بيتري أربو رئيس الوزراء الفنلندي على أنه "يجب أن نتفاوض مع ترامب.. لن أبدأ حربا، أريد بدء مفاوضات".