هل تتوقف بعض الدول عن شراء الأسلحة الأمريكية عقابًا لـ ترامب؟
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين، أن الحرب الروسية الأوكرانية وسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدفع أوروبا إلى تحمل المزيد من المسؤولية عن أمنها المادي والاقتصادي.
أدلى ماكرون بهذه التعليقات لدى وصوله إلى تجمع لزعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة العلاقات مع الولايات المتحدة وتعزيز الدفاعات العسكرية الأوروبية، وفقًا لـ رويترز.
أشار إعلان ترامب في نهاية الأسبوع أنه سيفرض قريبًا رسومًا جمركية على الواردات من الاتحاد الأوروبي، بعد أن أمر للتو بإجراءات مماثلة على السلع من كندا والمكسيك والصين على بداية القمة.
حذر الزعماء الواصلون ترامب من بدء حرب تجارية وقالوا إن الاتحاد الأوروبي سيرد إذا فعل ذلك. قال ماكرون إن سياسات ترامب كانت أحد العوامل العديدة التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى أن يصبح أقل اعتمادًا على الآخرين.
وتابع ماكرون للصحفيين لافتًا إلى أن وباء كوفيد والحرب الروسي الأوكراني «كانتا لحظات صحوة».
وقال ماكرون «إن ما يحدث في هذه اللحظة بالذات اليوم في أوكرانيا، وما يحدث الآن أيضًا مع الخيارات، وتصريحات الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس ترامب تدفع الأوروبيين إلى أن يكونوا أكثر اتحادًا، وأكثر نشاطًا في الاستجابة لمواضيع أمنهم الجماعي».
وأشار ماكرون إلى أن هذا يعني تعزيز صناعة الدفاع الأوروبية وشراء المزيد من الأسلحة الأوروبية.
وعكست تعليقاته رؤيته لـ «الاستقلال الاستراتيجي» الأوروبي. لكن بعض الزعماء الآخرين أكدوا أنهم يريدون مواصلة الشراكة الأمنية القوية مع الولايات المتحدة وأعضاء حلف شمال الأطلسي الآخرين والاستمرار في شراء الأسلحة الأمريكية.
وقال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك «سأدافع ضد فرض قيود على مشتريات الأسلحة. الأمن هو أولويتنا القصوى. يجب أن تظل العلاقات مع الولايات المتحدة وكندا والنرويج فيما يتعلق بالدفاع في المقدمة».
قال رئيس الوزراء البلجيكي الجديد بارت دي ويفر إن أوروبا كانت «كسولة بعض الشيء بشأن موضوع الدفاع» لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «أيقظنا».
تابع: «نحن بحاجة إلى الحفاظ على العلاقة مع الولايات المتحدة مستمرة، كما أن تعزيز الدفاع الأوروبي.. في شراكة التحالف عبر الأطلسي هو الطريق الصحيح».
وصف أنطونيو كوستا، رئيس المجلس الأوروبي لزعماء الاتحاد الأوروبي، التجمع الذي يستمر يومًا واحدًا بأنه «خلوة» مخصصة لسياسة الدفاع بدلًا من قمة رسمية، بهدف إجراء مناقشة مفتوحة دون أي إعلان أو قرارات رسمية.
كما يوجد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روتي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على قائمة الضيوف.
ومن المتوقع أن يناقش زعماء الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 27 دولة القدرات العسكرية التي يحتاجون إليها، وكيف يمكن تمويلها وكيف يمكنهم التعاون بشكل أكبر من خلال المشاريع المشتركة.
ستكون مناقشة التمويل صعبة بشكل خاص، وفقًا للدبلوماسيين، حيث لا تملك العديد من الدول الأوروبية سوى مساحة صغيرة في ماليتها العامة لزيادات الإنفاق الكبيرة.
وتدعو بعض الدول، مثل دول البلطيق وفرنسا، إلى الاقتراض المشترك للاتحاد الأوروبي لإنفاقه على الدفاع، لكن ألمانيا وهولندا تعارضان.
يمكن أن يكون أحد الحلول الوسطية هو الاقتراض لتمويل القروض بدلًا من المنح لمشاريع الدفاع، وفقًا لبعض الدبلوماسيين.
زادت الدول الأوروبية من إنفاقها الدفاعي في السنوات الأخيرة، وخاصة منذ الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022، والذي جلب الحرب إلى حدود الاتحاد الأوروبي. لكن الزعماء على جانبي الأطلسي يقولون إن أوروبا بحاجة إلى إنفاق المزيد.
وقال ترامب إن الدول الأعضاء الأوروبية في حلف شمال الأطلسي يجب أن تنفق 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع- وهو رقم لا يصل إليه أي عضو في التحالف بما في ذلك الولايات المتحدة حاليًا.
المصري اليوم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: مع الولایات المتحدة الاتحاد الأوروبی إلى أن
إقرأ أيضاً:
المخدرات "عملة بديلة" في صفقات داعش السرية
كيف أصبح الفساد حليفًا خفيًا للجماعات الإرهابية؟ وكيف تحولت المخدرات إلى عملة بديلة في صفقات السلاح داخل تنظيم داعش؟
أسئلة كثيرة تتبادر إلى الأذهان ونحن نقرأ صفحات ملف من أخطر الملفات التي كشفت عنها منظمة الشفافية الدولية في تقريرها المثير "The Big Spin" الصادر عام 2017، مؤكدًا أن الفساد لم يعد مجرد بيئة حاضنة للإرهاب، بل شريكًا رئيسيًا في تمدده عبر شبكات تهريب المخدرات والأسلحة.
اعتمد تنظيم داعش الإرهابي منذ نشأته على مصادر تمويل متعددة وغير مشروعة، شملت تهريب النفط والذهب، واختطاف الرهائن، والاتجار بالبشر، وتجارة الآثار. هذه الأنشطة كانت بمثابة الشريان الحيوي الذي وفر له السيولة اللازمة لشراء الأسلحة والذخائر.
لكن المثير أن المخدرات لم تكن مجرد سلعة ضمن مصادر التمويل، بل تحولت إلى عملة بديلة وآلية دفع "آمنة" في صفقات السلاح والسلع، بعيدًا عن أعين الرقابة الرسمية في العديد من الدول.
وفقًا لتقرير "The Big Spin" الصادر في 21 فبراير 2017 عن منظمة الشفافية الدولية، فإن تنظيم داعش استفاد من الفساد المستشري في بعض الدول، واستغله بطريقة منهجية لتأمين موارده المالية. فقد أصبحت تجارة المخدرات أداة رئيسية لتسهيل تبادل الأسلحة والسلع الأخرى عبر شبكات تهريب تمتد عبر القارات.
لا يكتفي تقرير الشفافية الدولية بوصف الفساد كعامل مساعد لصعود داعش، بل يصفه بأنه "ركيزة أساسية" مكّنت التنظيم من توسيع نفوذه الجغرافي والأيديولوجي. ففي المراحل الأولى لتمدده في سوريا والعراق، استغل داعش الانهيارات الأمنية والإدارية لتنظيم عمليات تهريب ممنهجة شملت البشر، والمخدرات، والأسلحة، وحتى السلع الاستهلاكية.
بعد سقوط ليبيا في دوامة الفوضى، وجد داعش بيئة خصبة لعقد صفقات السلاح مع عناصر فاسدة داخل الميليشيات وتابعيها والداعمين لها. الرشاوى كانت الوسيلة الذهبية لتسهيل عمليات تهريب شحنات ضخمة من الأسلحة عبر الطرق الصحراوية المفتوحة.
والأخطر أن التنظيم لم يعتمد فقط على الرشاوى النقدية، بل أدخل المخدرات كوسيلة دفع في صفقات الأسلحة. بهذا الأسلوب، تحوّل داعش إلى "مافيا عابرة للحدود"، تستغل كل الوسائل الإجرامية للبقاء والتمدد والتوغل في دول إفريقية.
استخدم تنظيم داعش شبكات تهريب دولية متطورة لنقل المواد المخدرة من مناطق الإنتاج مثل أفغانستان ولبنان إلى أماكن التخزين أو التداول، حيث تُقايض بالأسلحة مع فصائل فاسدة أو تجار سلاح خارجيين. هذا التكامل بين تجارة السلاح والمخدرات مكّن داعش من تقليل اعتماده على النظام المالي التقليدي، مما صعّب من مهمة تتبعه، ومنحه هامشًا واسعًا للتحرك في الأسواق السوداء.
إلى جانب التمويل، أظهر تقرير الشفافية الدولية كيف استغل داعش الفساد المالي والإداري في عدة دول، وقدم نفسه كـ"مُنقذ" بديل، يفرض النظام ويوفر الأمن على جثث الأبرياء، ويقدم وظائف لعناصره، مستغلاً فراغ السلطة وانعدام الثقة بمؤسسات رسمية.
الفراغ الناتج عن الفساد لم يسهل فقط تجنيد الشباب، بل مكّن التنظيم من السيطرة على مدن كاملة أحيانًا دون مقاومة تذكر، كما حدث في الموصل عام 2014.
من بين أبرز الأدوات التي استخدمها التنظيم كانت حبوب الكبتاجون المخدرة، التي لعبت دورًا مزدوجًا. فهي أولاً كانت تُستخدم كمنشط لعناصر التنظيم أثناء القتال، وثانيًا كانت سلعة تجارية عالية القيمة. تقارير دولية عديدة كشفت أن شحنات كبتاجون تم ضبطها في موانئ على البحر المتوسط كانت تحمل علامات تشير إلى مصانع واقعة في مناطق كانت خاضعة لسيطرة داعش.
بتكلفة تصنيع منخفضة وأرباح هائلة، أصبح الكبتاجون مصدر تمويل رئيسي مكّن داعش من شراء الأسلحة الثقيلة، وتمويل العمليات الإرهابية، ودفع رواتب مقاتليه.
تقرير " The Big Spin" أكد أن الفساد لم يعد مجرد ملف إداري أو شأن أخلاقي داخلي للدول، بل تحوّل إلى خطر داهم على الأمن القومي. فحين تُباع الحدود بالرشوة، وتُمرر الأسلحة عبر منافذ ملوثة بالفساد، وتتحول المنظومة المتكاملة إلى بيئات حاضنة للتهريب والجريمة، فإن الإرهاب يجد الطريق معبّدًا أمامه للتوسع.
التقرير يدعو الدول إلى إدراك العلاقة البنيوية بين الفساد والإرهاب، وإلى ضرورة أن تكون مكافحة الفساد جزءًا لا يتجزأ من أي استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، إلى جانب الجهود الأمنية والعسكرية.
لقد أثبتت الوقائع، بما لا يدع مجالًا للشك، أن تنظيم داعش ما كان له أن يتمدد بهذه السرعة ويحقق هذه القوة لولا البيئة الملوثة بالفساد التي نما فيها: رشاوى، تهريب، مخدرات، سلاح.. .كلها أدوات لم تكن لتُتاح لداعش لولا تفشي الفساد وغض الطرف الرسمي في بعض الدول ورعاية من دول أخرى.
إن الحرب على الإرهاب لا ينبغي أن تظل معركة عسكرية فقط، بل يجب أن تكون أيضًا حربًا مفتوحة على الفساد بكل أشكاله. ففي عالمٍ تُشترى فيه الذمم، يصبح الإرهاب مجرد أحد أعراض مرض أكبر وأكثر خطورة: إنه الفساد.
ولذلك، إذا أرادت الدول حماية مستقبلها وأمنها، يجب أن تبدأ أولاً بتجفيف مستنقعات الفساد، قبل محاولة اقتلاع الإرهاب من جذوره.