ضمن فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، احتضنت قاعة "ديوان الشعر" ندوة بعنوان "نحو خطة وطنية لتجاوز الأزمة الاقتصادية"، والتي أدارها اللواء طارق عبد العظيم، رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط.

افتتح الندوة الخبير الاقتصادي مدحت نافع، عضو اللجنة الاستشارية الاقتصادية لمجلس الوزراء ومساعد وزير التموين الأسبق، موضحًا أن العالم يمر حاليًا بحالة من الارتباك نتيجة لتداعيات صدمات العرض والطلب، وتأثيرات أزمة فيروس كورونا، إضافة إلى التحولات في قطاع الطاقة المرتبطة بتقلبات المناخ.


كما أشار إلى التوترات العالمية، والعولمة العكسية، والأزمات التي أحدثتها سياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب شرقيًا وغربيًا، معتبرًا أن الولايات المتحدة، بوصف رئيسها "الرجل الأقوى في العالم"، قادرة على فرض سياسات اقتصادية تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج عالميًا، مما يفاقم الأزمات الاقتصادية في ظل موجة التضخم العالمية.
وأوضح نافع أن التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر تنقسم إلى ثلاثة محاور رئيسية: تحديات هيكلية، واختلالات في الاقتصاد الكلي، ومعوقات جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
وأشار إلى أن مصر ليست من الدول الغنية بالموارد الطبيعية، إذ تعاني من شح مالي وشح طاقي، وتسعى لتعويض ذلك عبر تعزيز التنافسية. وأكد أن هناك فجوة في إنتاج بعض المعادن الأساسية مثل الحديد والنحاس، ما يزيد من التحديات الاقتصادية.
كما تطرق إلى قضية النمو السكاني، معتبرًا أنها تمثل تحديًا إضافيًا، في ظل محدودية احتياطات النقد الأجنبي وندرة الموارد، وهو ما يؤدي إلى عجز خارجي مزمن.
وأضاف أن اختلالات الاقتصاد الكلي، ومن أبرزها عجز الموازنة، وعجز ميزان المدفوعات، وعبء الدين العام، تُعد من المشكلات الكبرى التي تحتاج إلى حلول جذرية، حيث شهدت السنوات الماضية ارتفاعًا غير مطمئن في معدلات الدين المحلي والخارجي، إلى جانب تفاقم الضغوط التضخمية، والتي انعكست على ارتفاع الأسعار، وتراجع القوة الشرائية، وزيادة معدلات الفقر والبطالة.
وأكد نافع أن الحلول تكمن في تعزيز القوة الشرائية للجنيه المصري، وخفض الإنفاق الحكومي، والحد من التضخم الحلزوني، مع اتباع سياسات تشجع على زيادة الإنتاجية.
كما شدد على ضرورة تحقيق الانضباط المالي من خلال ترشيد الإنفاق الحكومي، وإصلاح النظام الضريبي، وتوسيع مصادر الإيرادات العامة، إلى جانب تحقيق وحدة حقيقية للموازنة العامة.
وفيما يخص إدارة الدين العام، أوصى بوضع خطة وطنية متكاملة تشمل إعادة هيكلة الديون، وتشكيل لجان متخصصة لمراجعة أوضاعها، وإعادة العمل بالقاعدة الذهبية للدين الخارجي، بما يضمن تخفيف الأعباء المالية على الدولة.

من جانبه، تحدث الدكتور محمد علي إبراهيم، المستشار الاقتصادي لرئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، والمدير الأسبق للأكاديمية العربية للنقل البحري والتكنولوجيا بفرع بورسعيد، عن الأزمة الاقتصادية المصرية، موضحًا أنها تتجسد في فجوتين رئيسيتين: فجوة داخلية في المواد، وأخرى خارجية.
وأكد أن هاتين الفجوتين يمكن تعويضهما عبر الاقتراض، حيث تعود العوائد للدولة بعد سداد القروض، أو من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأشار إبراهيم إلى أن الحلول قصيرة الأجل للخروج من الأزمة تعتمد على تحقيق عوائد سريعة بالنقد الأجنبي عبر قطاعات مثل التعليم والصحة، واستعادة الثقة مع المصريين العاملين بالخارج، ووقف استيراد الكماليات التي لها بدائل محلية.
كما شدد على أهمية الحد من تسربات النقد الأجنبي، وذلك عبر معالجة مشكلات مثل غرامات تأخير الحاويات والسفن، والقروض غير المستغلة التي تتحمل الدولة فوائدها، والطاقات الفائضة التي تم تمويلها بقروض.
واقترح إبراهيم تطبيق منظومة لوجيستية متطورة تساهم في تخفيض الأسعار بنسبة 20% على الأقل، مما يحسن مستوى المعيشة ويعزز تنافسية الصادرات.
كما أوصى بفرض إتاوات على الزيادات في قيمة العقارات الناجمة عن مشروعات البنية التحتية، والاستفادة من الطرق الجديدة وخطوط السكك الحديدية كمحاور تنموية، إلى جانب التركيز على الاقتصاد العيني بدلاً من النقدي، والسعي إلى التفاوض مع الدول الدائنة لإسقاط جزء من الديون وجدولة الباقي.
أما على المدى الطويل، فقد دعا إبراهيم إلى إعادة ترتيب أولويات المشروعات، ووضع حوافز استثمارية متدرجة وفقًا لدرجة الأولوية، وتهيئة بيئة استثمارية جاذبة.
وأكد أهمية الاعتماد على الذات في توفير الاحتياجات الأساسية، وترشيد الاستهلاك العام والخاص، إلى جانب تبني استراتيجية إحلال بدائل الواردات، خاصة في السلع الاستهلاكية والصناعات الثقيلة التي تتوفر لها مدخلات محلية.
كما شدد على ضرورة تطوير المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لتصبح مركزًا لوجيستيًا وصناعيًا وتجاريًا عالميًا، من خلال إصلاح الهيكل الإداري للهيئة، ووضع حوافز استثمارية تنافسية، والترويج للمنطقة باعتبارها بوابة للأسواق الأفريقية والعربية مع إعفاءات جمركية.

بدوره، تناول الدكتور أشرف العربي، وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري الأسبق ورئيس معهد التخطيط القومي، التحديات المرتبطة بقطاع التشغيل، مشيرًا إلى أن مصر تضم 5 ملايين موظف حكومي، و20 مليون موظف بالقطاع الخاص، في حين أن الإنتاج لا يزال أقل بكثير من الاستهلاك، ونسبة الواردات أعلى بكثير من الصادرات.
وأوضح العربي أن معدل التضخم الحالي مرتفع للغاية، مؤكدًا أن المشكلة ليست وليدة اللحظة، بل ناتجة عن اختلالات هيكلية في الإنتاج والتشغيل على مدى سنوات طويلة. وشدد على أن خفض معدل التضخم يجب أن يكون أولوية قصوى خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن الخطة الوطنية للخروج من الأزمة الاقتصادية يجب أن تركز على ضمان الاستقرار الأمني والسياسي كأولوية مطلقة، إلى جانب استعادة الاستقرار المالي والنقدي، خاصة عبر التعاون مع صندوق النقد الدولي.
كما دعا إلى ضرورة خلق فرص عمل لائقة، وإجراء دراسات دقيقة لاحتياجات سوق العمل، وتوجيه الاهتمام نحو إصلاح الهيكل السكاني، حتى وإن كان ذلك على المدى البعيد، مؤكدًا أهمية الاستثمار في تطوير برامج التدريب والتأهيل المهني بما يتناسب مع متطلبات الاقتصاد المصري.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأزمة الاقتصادیة إلى جانب

إقرأ أيضاً:

"روساتوم" تشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56

 شاركت مؤسسة “روساتوم” الحكومية في الدورة الـ56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب لمدة اربعة ايام من 31 يناير إلى 3 فبراير.

 تواجدت روساتوم كجزءًا من الجناح الروسي بالمعرض بالتعاون مع المركز الثقافي الروسي في القاهرة. شارك الزوار من جميع الأعمار في ألعاب تفاعلية، وأنشطة وكتب تعليمية تهدف إلى تسليط الضوء على أهمية الطاقة النووية السلمية وتطبيقاتها المختلفة، وتعريف الجمهور بالصناعة النووية الروسية التي تحتفل هذا العام بالذكرى الـ80 لتأسيسها.

وفي 3 فبراير، نظّمت روساتوم جلسة عامة بعنوان "الطاقة النووية: من الاستخدام السلمي إلى القبول المجتمعي" والتي جذبت جمهورًا متنوعًا شمل خبراء نوويين، وطلاب، وزوار المعرض، بالإضافة إلى وسائل الإعلام المصرية. شارك في الجلسة كل من مراد أصلانوف، مدير مكتب شركة روساتوم في مصر والدكتور عبد الحميد الدسوقي، نائب رئيس هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء ومراد جاتين، مدير المركز الثقافي الروسي في القاهرة. أتاحت الندوة الفرصة للحضور لاكتساب رؤى قيمة حول دور الطاقة النووية في تحقيق التنمية المستدامة، وتطبيقاتها السلمية في مجالات مثل الطب، والصناعة، وتوليد الطاقة. كما ناقشت الجلسة التقدم العالمي في تقنيات الطاقة النووية، وفندت المفاهيم الخاطئة الشائعة عن الصناعة النووية الحديثة، فضلا عن تسليط الضوء على كيفية استمرار إرث الصناعة النووية الروسية الممتد لـ80 عامًا في دفع عجلة الابتكار والتعاون الدولي.

وعن مشاركة روساتوم هذا العام في معرض القاهرة الدولي للكتاب، صرح مراد أصلانوف، مدير مكتب روساتوم في مصر: "على مدار 80 عامًا، اكتسبت الصناعة النووية الروسية خبرات كبيرة ساعدت في تطوير أكثر من مائة قطاع مختلف وواعد. التاريخ الفريد للصناعة النووية الروسية لا يبرز فقط ثمانية عقود من الإنجازات العلمية والابتكارات الرائدة التي تدفع التقدم التكنولوجي، ولكنه يُظهر أيضًا كيف يمكن لهذه الصناعة أن تُحدث فرقًا إيجابيًا في حياتنا اليومية. معرض القاهرة الدولي للكتاب يُعد فرصة رائعة للتواصل مع جمهور متنوع وتعزيز فهمهم لمساهمات الصناعة النووية الحديثة في تحسين جودة الحياة، ووضع الأسس لمستقبل أكثر أمانًا واستدامة".

كما تواجد المهندس محمود سعيد، وهو خبير نووي شاب، في الجناح الروسي وقام بالتفاعل مع زوار المعرض عن أساسيات الطاقة النووية، ومعالمها التاريخية، وفوائدها المتعددة في مجالات مثل الطب وإنتاج الطاقة النظيفة.

بالتوازي مع المحاضرات، تم توزيع كتبًا توضح مبادئ الطاقة النووية لمختلف الفئات العمرية. كما أُتيحت للزوار فرصة المشاركة في ألعاب تفاعلية لاختبار معرفتهم بالتقنيات النووية وغير النووية الروسية، والإنجازات التاريخية للصناعة النووية الروسية، والجوانب الثقافية المصرية الروسية.


يعود تاريخ معرض القاهرة الدولي للكتاب إلى عام 1969، حيث تم إنشاؤه كجزء من احتفالات مدينة القاهرة بألفية تأسيسها. يُعد المعرض اليوم واحدًا من أكبر معارض الكتاب في العالم، ويأتي في المرتبة الثانية بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب. يجذب المعرض أكثر من مليوني زائر سنويًا، مما يعكس جاذبيته العالمية. وبفضل إرثه الغني وتركيزه على إثراء الفكر والثقافة، يظل المعرض نقطة التقاء مهمة للمفكرين والمبدعين وعشاق الثقافة من جميع أنحاء العالم.


قسم الهندسة في روساتوم يضم الشركات الرائدة في الصناعة النووية، مثل شركة “أتوم ستروي إكسبورت” وشركة “أتوم إنيرجو بروجيكت”، بالإضافة إلى منظمات تابعة للبناء والتصميم. يُعتبر قسم الهندسة الأول عالميًا من حيث محفظة الطلبات وعدد محطات الطاقة النووية التي يتم بناؤها في نفس الوقت حول العالم. يأتي حوالي 80% من إيرادات القسم من المشروعات الدولية.

يقوم القسم بتنفيذ مشروعات لبناء محطات طاقة نووية عالية القدرة في روسيا وخارجها، ويوفر مجموعة شاملة من خدمات التصميم وإدارة المشروعات، بالإضافة إلى تطوير تقنيات “Multi-D” لإدارة المنشآت الهندسية المعقدة. يعتمد القسم على إنجازات الصناعة النووية الروسية وأحدث التقنيات المتقدمة.

محطة الضبعة النووية هي أول محطة طاقة نووية في مصر، تُبنى في مدينة الضبعة بمحافظة مطروح على ساحل البحر المتوسط، على بُعد حوالي 300 كيلومتر شمال غرب القاهرة. ستتكون المحطة من أربعة مفاعلات بقدرة 1200 ميجاوات لكل منها، من نوع مفاعلات الماء المضغوط الروسية VVER-1200، التي تُعد تصميمًا من الجيل الثالث المتطور (Gen III+) وتلتزم بكافة معايير الأمان الدولية.

روساتوم تعمل بنشاط على تطوير التعاون العلمي مع جميع الدول المهتمة، وتستمر في تنفيذ مشروعات دولية رئيسية. تشارك روساتوم وشركاتها التابعة بفاعلية في هذه الجهود لتعزيز الاستخدام السلمي للطاقة النووية ودعم التقدم العلمي عالميًا.

مقالات مشابهة

  • معرض الكتاب يناقش سبل تجاوز الأزمة الاقتصادية.. صور
  • معرض الكتاب يناقش سبل تجاوز الأزمة الاقتصادية
  • فعاليات متنوعة.. إقبال كبير على معرض القاهرة الدولي للكتاب
  • إقبال كثيف من غير المصريين على معرض القاهرة الدولي للكتاب
  • روساتوم تشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته 56
  • "روساتوم" تشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56
  • معرض القاهرة الدولي للكتاب يُسجل 364.321 زائرًا باليوم العاشر
  • سامي سليمان يناقش الشعر والسرد في معرض القاهرة الدولي للكتاب
  • معرض القاهرة الدولي للكتاب يزخر بالمراجع والمجلدات التاريخية