عربي21:
2025-04-11@05:36:09 GMT

‏المشهد القادم لصناعة النكسة

تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT

في عام 1917، كانت التجريدة الثالثة بقيادة الجنرال البريطاني إدموند اللنبي هي المفتاح الذي فتح أبواب فلسطين للاحتلال الإنجليزي، والمسمار الأخير في نعش أُدخلت فيه المنطقة برمتها، نصارع كي نخرج من ذلك النعش كي نعود للحياة ونعود للسيطرة على مقدراتنا فنقود ذاك العالم الهمجي الذي تآمر علينا منذ قرون ليسرقنا ويئدنا.



التجريدة الثالثة تلك الحملة العسكرية، التي بدت وكأنها تحرير من الاستعمار العثماني، الذي ما زال العملاء والخونة يتحدثون عليه، كانت في حقيقتها بداية لفصل جديد من المأساة الفلسطينية والعربية.

فالجنود الذين سقطوا في تلك المعارك، من العرب والمسلمين، لم يكونوا يعلمون أن دماءهم ستكون وقودا لاحتلال أرض الاقصى وتحويلها إلى ساحة لصراع استعماري صهيوني.

واليوم، وبعد أكثر من قرن، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، ولكن هذه المرة بوجوه جديدة وأدوات مختلفة. فهل ستكون مصر وجنودها هذه المرة أيضا الوسيلة التي تُستخدم لإنهاء القضية الفلسطينية تحت مسمى "صفقة القرن"؟

ففي ظل التصريحات الحنجورية المتكررة لعبد الفتاح السيسي حول رفضه القاطع لتهجير أهالي غزة إلى سيناء، يظهر على الساحة دخان أسود لمؤامرة أكثر سوادا تشير إلى أن المعلن عكس ما يُخفى ويدبر، فنجد تصريحات أمريكية وعبرية عن تحركات للجيش المصري في سيناء، وهي بالمناسبة تصريحات حقيقية وليست ادعاءات كاذبة، وهو ما يخالف أي منطق لأن أمريكا لن تسمح بنشوب حرب حقيقية بين مخلبيها في المنطقة (جيش الاحتلال طفلها المدلل وجيش مصر الذي اشترت قياداته وليس الجيش بأكمله).

لذا تبرز التساؤلات حول ما يحدث خلف الكواليس. فبينما يُعلن ويصرح السيسي وإعلامه أمام العالم أن مصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين، بالرغم من أنه هو أول من تحدث عن صفقة القرن معلنا لترامب في رئاسته الأولى أنه داعم لها، ورغم تكرار رفضه، يظهر ترامب مؤكدا أن السيسي وملك الأردن سيوافقان حتما على الصفقة لأنه كما قال "يقدم لهما المساعدات"، بل وقدم ترامب دعوة للبيت الأبيض مفتوحه للسيسي.

نجد أن كل تلك الوقائع تشير إلى شيء واحد مؤكد، وهو أن السيسي جزء من لعبة كبرى تُحاك بين واشنطن وتل أبيب.

خطة تبدو وكأنها مأخوذة من سيناريو قديم تم تنفيذه سابقا في نشرين الأول/ أكتوبر 1973 حرب مُفتعلة بين مصر وإسرائيل، ولكن هذه المرة لن تكون مصر هي المنتصرة، يجب وضع بعض التوابل المختلفة حتى ينطلي على الشعب المصري أنه يتناول وجبة طازجة، معتقدا أنها قد تعيد لجسده الذي أنهكه الفقر والجوع والذل قوته وقليل من كرامته المهدرة على يد السيسي.

ففي السيناريو الجديد تظهر مصر كدولة تدافع عن القضية الفلسطينية، وعن سيناء التي يسعى ترامب لإهدائها للصهاينة كمكافأة على خسارتهم الحرب أمام حماس، وتشجيعا وتكريما لهم على ما ارتكبوه من إبادة بحق العرب من أهل غزة.

وبالطبع ستنتهي تلك المسرحية الحربية بهزيمة مصرية مُدبرة، وقصف إسرائيلي مكثف وعنيف لغزة، يدفع أهاليها إلى النزوح القسري نحو سيناء.

هذه الحرب، إذا ما حدثت، ستكون بمثابة الذريعة المثالية لتحقيق أهداف "صفقة القرن"، التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من أرضهم قسرا بشكل طوعي.

وفي الوقت نفسه، ستُستخدم هذه الحرب لتحويل غضب الشعب المصري من الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية والتي تنذر بانفجار شعبي إلى تأييد للسيسي، الذي سيُظهر نفسه كقائد وطني يدافع عن القضية الفلسطينية وعن سيناء والأمن القومي المصري.

ولكن الحقيقة ستكون مريرة: فالجنود المصريون، هؤلاء البيادق الذين قد يُرسلون إلى جبهة وهمية، سيكونون وقودا لخدعة كبرى تُحاك على حساب شعبين..

الشعب المصري الذي سيُجبر على تحمل المزيد من القمع والفقر، والشعب الفلسطيني الذي سيُجبر على ترك أرضه تحت قصف من آلاف القنابل الامريكية.

سيناء: الفصل القديم الجديد من المأساة

سيناء، التي شهدت على مر التاريخ معارك وحروبا لا تُحصى، ستكون هذه المرة أيضا مسرحا لفصل جديد من المأساة. تحت وطأة القصف الإسرائيلي وربما الرد المصري سيسحق كثيرا من الفلسطينيين فأمام نيران المتحاربين سيموت من يموت، وسيُجبر آلاف آخرون من الفلسطينيين على عبور معبر رفح إلى سيناء، حيث سيتم إيواؤهم في مخيمات مؤقتة ثم تذويبهم في محافظات مصر وذلك وفقا لمخطط نشره معهد "ميسجاف" الإسرائيلي لبحوث الأمن القومي، والذي ذكر بدقة عدد الشقق الخالية بمحافظات مختلفة في مصر ومساحتها وإمكانية دفع ثمنها وبصورة أعلى من سعرها الحقيقي، مستغلين الديون التي أسقط السيسي فيها مصر ونهمه للأموال وذلك لتسكين أهل غزة بأماكن متفرقة لإمكانية تذويبهم في المجتمع المصري. وبالطبع إن نجحوا في ذلك ستكون هذه الخطوة بمثابة الضربة القاضية للقضية الفلسطينية، مما يسهل على إسرائيل السيطرة الكاملة على المنطقة.

فهل ستكون رمال سيناء هي مقبرة أحلام الفلسطينيين بالتحرر من الاحتلال الصهيوني، أم أنها ستكون المقبرة لأحلام الغزاة والخونة الجُدد وبداية لفصل جديد من المقاومة؟

ففي الوقت الذي تتوالى فيه الأسئلة والسيناريوهات، وخطط العمالة والخيانة، يكون الشعب المصري الغارق بهمومه ووهم القائد "الدكر" الوطني؛ هو الضحية الأكبر لهذه الخدعة. فبعد سنوات من المعاناة الاقتصادية والسياسية، ستتفاقم الأوضاع بشكل كبير.

الحرب المفتعلة ستؤدي إلى زيادة الديون وتدهور الاقتصاد، مما سيزيد من معاناة المواطنين. بالإضافة إلى ذلك، ستُستخدم الهزيمة العسكرية كذريعة لتشديد القبضة الأمنية وقمع أي محاولات للثورة أو الاحتجاج. وهكذا، سيظل الشعب المصري مرغما على تحمل السيسي والأوضاع الاقتصادية المتردية، تحت ستار "الحفاظ على الأمن القومي".

هل سيُستخدم الجنود المصريون، كما استُخدموا في التجريدة الثالثة، كأدوات لتحقيق أهداف القوى الكبرى السياسية، فقديما كان نفس الجنود وسيلة لاحتلال فلسطين واليوم وسيلة لاحتلال سيناء باسم صفقة القرن، أم ستكون هذه المرة مختلفة؟ هل الشعب المصري سيستيقظ على الحقيقة قبل فوات الأوان؟

في النهاية، يبقى السؤال الأكبر: هل سنسمح للتاريخ أن يتكرر بدماء جديدة، أم أننا سنتعلم من دروس الماضي ونرفض أن نكون وقودا لخدع السياسيين والخونة؟

الجواب لن يكون في الكلمات، بل في الأفعال، فإما أن نستيقظ الآن، أو نستسلم لمصير مظلم يُحاك أمام أعيننا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات فلسطين مصر غزة سيناء الاحتلال مصر احتلال فلسطين غزة سيناء مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة أفكار صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة الشعب المصری صفقة القرن هذه المرة

إقرأ أيضاً:

محافظ شمال سيناء: زيارة الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي للعريش حدث تاريخي ذو دلالات كبرى

أكد محافظ شمال سيناء اللواء الدكتور خالد مجاور، أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مدينة العريش تمثل حدثًا تاريخيًا غير مسبوق، يحمل في طياته دلالات سياسية واقتصادية كبيرة .. مشيرًا إلى أن الزيارة أثارت فرحة عارمة بين أبناء المحافظة.


وأكد مجاور، في تصريحات لبرنامج "بحب الإذاعة" مع الإعلامية شافكي المنيري على إذاعة "نغم إف إم"، أن الرئيس الفرنسي حرص خلال زيارته على التوجه إلى مستشفى العريش، حيث التقى المصابين وتحدث معهم باستفاضة، مستمعًا إلى تفاصيل معاناتهم منذ السابع من أكتوبر وحتى دخولهم المستشفى، وهو ما يعكس اهتمامًا إنسانيًا بالغًا.


وأوضح أن ماكرون طرح أسئلة دقيقة على المصابين، متسائلًا عن عدد أفراد أسرهم، ومن استشهد أو فُقد منهم، واستمع بشغف لتفاصيل مؤثرة عن معاناتهم، وهو ما يعكس إدراكه العميق لحجم الأزمة وحرصه على توثيق الصورة الحقيقية على الأرض.


كما أشار المحافظ إلى أن ماكرون حرص على مصافحة الأطقم الطبية والتمريض داخل المستشفى، واستمع إلى شرح مفصل حول الحالات الموجودة، مؤكدًا تأثره بشهادات المرضى الفلسطينيين الذين عبّروا عن امتنانهم للرعاية الطبية والإنسانية التي وفرتها لهم الدولة المصرية، وما لمسوه من حفاوة استقبال خففت عنهم آلامهم.


ولفت إلى أن الزيارة تضمنت أيضًا تفقد مخازن الهلال الأحمر المصري، حيث اطّلع الوفد الرئاسي على آلية إدارة المساعدات الإغاثية، والتحديات اللوجستية التي تواجهها مصر، خاصة في فترات إغلاق معبر رفح، واستمع ماكرون إلى شرح من الدكتورة آمال إمام، رئيسة جمعية الهلال الأحمر، حول الجهود المبذولة في هذا الملف الإنساني المعقد.


وشارك الرئيس الفرنسي، في مؤتمر موسع حضرته منظمات دولية، من بينها الأمم المتحدة واليونيسف، حيث دار نقاش عميق استمر لساعات، تخلله طرح ماكرون لأسئلة دقيقة تؤكد اهتمامه الحقيقي بالأوضاع على الأرض، وسعيه لإثبات أن الرؤية المصرية واقعية ودقيقة.


وأعرب محافظ شمال سيناء عن سعادة أبناء المحافظة البالغة بوجود الرئيس السيسي على أرض سيناء، مؤكدًا أن ما جرى يمثل سابقة تاريخية، حيث لم يسبق أن زار محافظة شمال سيناء أي رئيس أوروبي في التاريخ الحديث، باستثناء الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير، ورئيس دولة الإمارات.


وأشار مجاور إلى أن الزيارة لاقت تفاعلًا شعبيًا كبيرًا، حيث تلقى اتصالات عديدة من المواطنين الراغبين في المشاركة في أعمال التزيين والترحيب بالرئيسين، مؤكدًا أن المحافظة لم تنم من شدة الفرح، في مشهد يعكس حب وتقدير أهالي سيناء لقيادتهم السياسية.
 

مقالات مشابهة

  • البيض يثير غضب حزب الشعب الجمهوري في تركيا.. ما الذي يحدث؟
  • جمعية مجاهدي سيناء: أمس الشعب المصري كله كان يؤكد دعمه لكل قرارات الرئيس السيسي
  • محافظ شمال سيناء: زيارة الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي للعريش حدث تاريخي ذو دلالات كبرى
  • أحمد موسى: الشعب المصري يقف بجانب قيادته رافضا التهجير.. وسمير فرج: زيارة ماكرون رسالة للعالم عن استقرار الوضع الأمني في سيناء| أخبار التوك شو
  • محافظ شمال سيناء عن استقبال الرئيس السيسي وماكرون: الأهالي فرحون بشدة
  • محافظ شمال سيناء: أهالي المحافظة احتفلوا في الشوارع ترحيبًا بالرئيس السيسي
  • شيخ مشايخ سيناء: كل أطياف الشعب المصري أصروا على تواجدهم فى سيناء
  • شيخ مشايخ سيناء للرئيس السيسي: متشلش هم يا ريس.. كلنا وراك
  • شمال سيناء: احتفالات شعبية حاشدة بمناسبة زيارة الرئيس السيسي وماكرون
  • السيسي وماكرون يزوران شمال سيناء اليوم