رغم مرور نصف قرن على وفاتها، لا تزال أم كلثوم صوتا خالدا في الوجدان العربي، يتردد صداه من شوارع القاهرة الصاخبة ومقاهي بغداد العريقة إلى بيوت ملايين العرب في أرجاء المغرب والمشرق، كما شهد معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الحالية احتفاء خاصا بسيدة الغناء العربي بـ3 إصدارات جديدة، تتناول حياتها وإرثها الفني من زوايا مختلفة.

ومن هذه الإصدارات كتاب "أم كلثوم.. من الميلاد إلى الأسطورة" للصحفي حسن عبد الموجود، وهو عمل توثيقي يتتبع مسيرة "كوكب الشرق" منذ نشأتها بدلتا النيل، راويا 50 قصة مدهشة تسلط الضوء على محطات فارقة في حياتها، مثل رحلتها إلى القاهرة تحت حماية المشايخ، والصراعات التي خاضتها للوصول للقمة، ومحاولات كثيرين التقرب منها من الساسة إلى الفنانين.

واستضافت إحدى قاعات معرض الكتاب مناقشة رواية "مجانين أم كلثوم" للكاتب شريف صالح، الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، التي تتناول كيف تركت أم كلثوم أثرا لا يُمحى في حياة معجبيها حتى بعد رحيلها، وترصد الرواية تأثيرها الفني والاجتماعي في حياة الأجيال الجديدة.

أما العمل الثالث، فهو رواية "حانة الست: أم كلثوم تروي روايتها المحجوبة" للكاتب محمد بركة، الصادرة عن دار المثقف بالقاهرة، والتي تمزج بين الحقيقة والخيال، إذ يقدم الكاتب شخصية أم كلثوم بصيغة غير تقليدية، حيث يجد السارد نفسه في حلم تطلب منه أم كلثوم خلاله أن ينقل قصتها للجمهور بأمانة.

إعلان مقاهي القاهرة

في مقهى يحمل اسمها وسط القاهرة، يجلس أبو أحمد، صاحب المكان، بين زوايا تزينها صور بهتت مع الزمن للمطربة الأسطورة، إلى جانب ملصقات لحفلاتها التاريخية. ينظر إلى جهاز التسجيل العتيق أمامه، بينما تنساب من مكبرات الصوت ألحانها الخالدة، قائلا: "طالما هناك موسيقى، فهناك أم كلثوم".

وبحركة تلقائية، يرفع مستوى الصوت لتملأ أجواء المقهى بنغمات "إنت عمري"، التي ما إن تصل إلى ذروتها حتى يخفت همس الزبائن، وتعم لحظة من الإصغاء العميق، وكأن الجميع يعيش تجربة روحية مع موسيقاها. تحتسي آية خميس، 36 عاما، قهوتها بهدوء قبل أن تهمس: "أم كلثوم هي صوت الأمة"، معبّرة عن إحساس يتشاركه الملايين ممن يعتبرون أغنياتها جزءا لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية العربية.

خارج المقهى، يصطف عدد من الزوار أمام بسطة صغيرة يعرض عليها شادي سعيد، 37 عاما، تماثيل مصغّرة لأم كلثوم، تظهر فيها مرتدية وشاحها المميز ونظاراتها الشمسية، تحيط بها فرقتها الموسيقية التي أُعيد تشكيل تفاصيلها بعناية فائقة، حيث يرتدي العازفون بزّاتهم الأنيقة ويحملون آلاتهم التقليدية مثل القانون والعود. وبينما يتأمل إحدى القطع، يبتسم شادي قائلا: "هذه أكثر القطع مبيعا لديّ"، مما يعكس استمرار شعبية "كوكب الشرق" حتى في شكل تذكارات تجسد هيبتها الفنية.

لكن الصوت الذي ألهب مشاعر الجماهير في قاعات الحفلات الكبرى لا يزال يتردد أيضا على بعد أكثر من 1500 كيلومتر، حيث تحيي مقاهي بغداد إرث أم كلثوم بأسلوبها الخاص. ففي شارع الرشيد، افتُتح مقهى أم كلثوم عام 1970، قبل 5 سنوات فقط من وفاة الفنانة وهي في الـ76 من عمرها. تحول المكان منذ ذلك الحين إلى مزار لعشاقها الذين لا يزالون يجدون في أغانيها عزاء وإلهاما، حيث تستحضر جدرانه المزينة بصورها وذكرياتها عصورا من الطرب الأصيل.

إعلان

بعيدا عن جنازتها الرسمية التي خرج فيها الملايين في شوارع القاهرة عام 1975، أقام رواد المقهى البغدادي حفلا تأبينيا خاصا لها، اجتمع فيه محبوها ليبكوا فقدان أيقونة لن تتكرر. بين هؤلاء جلس يوسف حمد، 77 عاما، وهو يستمع إلى إحدى أغنياتها بشغف، مغمضا عينيه كأنه يعود بالزمن إلى ليالٍ كان فيها صوت أم كلثوم يملأ سماء بغداد.

بغداد وكوكب الشرق

يتردد يوسف حمد، المهندس المتقاعد منذ 55 عاما، إلى مقهى أم كلثوم في بغداد برفقة أصدقائه، إذ يرى في "كوكب الشرق" أكثر من مجرد مطربة، فهي بالنسبة له صوت ارتبط بذكريات شبابه، خصوصا لأنها غنّت لبغداد وللعالم العربي بأسره. تجسد أم كلثوم في وجدانه حالة وجدانية عميقة، مثلما هو الحال لدى العديد من العراقيين الذين لا يزالون يجدون في صوتها صدى لحياة كانت تنبض بالجمال والأصالة.

على طاولة مجاورة، يجلس خزعل أبو علي، 83 عاما، الذي يعجز عن حبس دموعه وهو يتحدث عن عشقه لأم كلثوم، قائلا بتأثر بالغ: "أم كلثوم هي بالنسبة لي الشريان الأبهر الذي يوزع الدم في كل جسدي. لحنها وأداؤها معجونان في قلبي، وهي المخدر الذي كلما سمعناه تعلّقنا به أكثر". وبانفعال يضيف: "هي التي قالت: إن مرّ يوم من غير رؤياك ما ينحسبش من عمري، وأنا أقول: إذا مرّ يوم من دون أن أسمعها، فلا يُحسب هذا اليوم من عمري".

لم تكن أم كلثوم مجرد فنانة بل ظاهرة ثقافية فريدة صنعت مجدها من بدايات متواضعة، حيث وُلدت عام 1898 في قرية صغيرة في دلتا النيل لعائلة بسيطة. مدربها الأول كان والدها الشيخ إبراهيم البلتاجي، الذي كان إماما ومؤذنا، وأدرك موهبتها الفطرية في وقت مبكر، وانبهر أبوها من قوة نبرتها، وطلب منها أن تنضم معه لدروس الغناء مع أخيها في حفلات غناء بالقرى المجاورة. وسرعان ما أصبحت أيقونة الطرب العربي، قاهرة بأدائها المسرح والجمهور معا.

إعلان

في ثلاثينيات القرن الماضي، انتقلت إلى القاهرة، حيث تحولت إلى ظاهرة فنية غير مسبوقة، مزجت بين الشعر العربي الكلاسيكي والتوزيعات الأوركسترالية، فأحدثت ثورة في الموسيقى العربية، وأعادت تعريف الغناء الشرقي بقوالب جديدة من الأداء والتلحين. غير أن ما جعلها أسطورة حقيقية لم يكن فقط صوتها القوي، بل قدرتها الفريدة على الارتجال، حيث كانت تتلاعب بالألحان والكلمات على المسرح، فتأسر الجمهور بقدرتها على إطالة الأغنية إلى ساعات، تجعل من كل عرض تجربة فنية لا تتكرر.

لم تقتصر شهرتها على العالم العربي، بل امتد تأثيرها إلى الغرب، حيث وقع في سحرها موسيقيون عالميون مثل ماريا كالاس، وروبرت بلانت، وبوب ديلان، الذين أبدوا إعجابهم العميق بأسلوبها الفريد. وقال بوب ديلان عنها يوما: "إنها واحدة من أفضل المغنيات لدي على الإطلاق". حتى في العصر الحديث، وجد صوتها طريقه إلى جيل جديد من الفنانين العالميين، حيث أدمجت كلٌّ من شاكيرا وبيونسيه مقتطفات من أغانيها في أعمالهما، لتظل أم كلثوم، رغم مرور العقود، قادرة على عبور الزمن والحدود، محافظة على مكانتها كأيقونة خالدة في الموسيقى العالمية.

موسيقى تصويرية لحياة مصر

لم يكن تأثير أم كلثوم مقتصرا على الموسيقى فقط، بل تحول صوتها إلى موسيقى تصويرية لحياة مصر السياسية والاجتماعية، مجسدا تحولات البلاد من الملكية إلى الجمهورية بعد ثورة 1952 التي أطاحت بالملكية وأسست لحقبة جديدة من القومية العربية والوحدة الوطنية.

غدت أغانيها، بما تحمله من معانٍ وطنية، جزءا من وجدان المصريين والعرب، حيث ارتبطت أعمالها بروح التغيير الذي ساد تلك الفترة، فكانت صوت الثورة وصوت الأمة، تجسد آمال الجماهير وطموحاتهم.

في عام 1967، قدمت أم كلثوم عرضا تاريخيا على مسرح الأولمبيا في باريس، جمعت خلاله أكبر إيرادات في تاريخ هذا المسرح العريق، ولم يكن هدفها الشخصي تحقيق مكاسب مادية، بل تبرعت بالمبلغ بالكامل لدعم الجيش المصري في حربه ضد إسرائيل، بعد احتلالها شبه جزيرة سيناء. كانت هذه الحفلة تتويجا لدورها الذي تجاوز الفن إلى السياسة والوطنية، حيث عُرفت بمواقفها الداعمة للقضايا العربية، وانتقدت أيضا لبعض المواقف المؤيدة للسلطة.

أم كلثوم ليست مجرد ذكرى، بل لا تزال حية في وجدان الأجيال الجديدة (الجزيرة)

تصف الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله أم كلثوم بأنها لم تكن مجرد مطربة، بل شخصية وطنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مشيرة إلى أن الناس لم يكتفوا بمناداتها باسمها فقط، بل منحوها لقب "الستّ"، وهو تعبير عن مكانتها المتفردة واحترامهم العميق لها. كانت أم كلثوم مثالا للمرأة القوية في وقت لم يكن فيه للنساء حضور واسع في مراكز القرار، فأصبحت أول امرأة تتولى رئاسة نقابة المهن الموسيقية في مصر خلال أربعينيات القرن الماضي.

إعلان

رغم شهرتها العالمية وتأثيرها العابر للحدود، بقيت أم كلثوم شخصية غامضة في حياتها الخاصة، فقد تزوجت في سن الـ56 ولم تُنجب، ورغم ذلك، تركت إرثا فنيا خالدا يملأ قلوب الملايين، حتى بعد مرور 5 عقود على رحيلها. تتحدث الناقدة فايزة هنداوي عن مكانتها كامرأة امتلكت قوة غير مسبوقة في قطاع يسيطر عليه الرجال، مؤكدة أنها كانت مسيطرة على كل تفاصيل حياتها، من اختياراتها الفنية إلى مظهرها وحتى قراراتها الشخصية.

في قلب القاهرة، يطل تمثال برونزي لأم كلثوم على نهر النيل، مخلدا ذكراها كأيقونة ثقافية لن تُمحى، بينما يقف على الضفة الأخرى متحف أم كلثوم الذي يحتفي بإرثها الفني، حيث يضم مقتنياتها الشخصية، من فساتينها المزخرفة إلى دفاتر ملاحظاتها ونظاراتها الشمسية المرصعة بالألماس التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من إطلالتها الأيقونية.

ورغم أن زوار المتحف يتنوعون بين الأجيال، فإن الحضور الشبابي لافت، مما يدل على أن أم كلثوم ليست مجرد ذكرى، بل لا تزال حية في وجدان الأجيال الجديدة. تنظر ردينة محمد، 15 عاما، بإعجاب إلى أحد فساتين أم كلثوم، قائلة: "كانت حريصة على كل التفاصيل، من الكلمات إلى الألحان والأداء، لذلك لا تزال قيمتها مهمة حتى اليوم". تعبير هذه الفتاة الصغيرة يعكس كيف استطاعت "كوكب الشرق" تجاوز حدود الزمن، لتبقى صوتا خالدا يرافق العرب في لحظاتهم الكبرى، تماما كما كانت منذ أكثر من قرن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات کوکب الشرق أم کلثوم لا تزال لم یکن

إقرأ أيضاً:

أم كلثوم.. هل كانت من أقوى الأصوات في تاريخ الغناء؟

لم تكن أم كلثوم، كوكب الشرق وأيقونة الطرب العربي، مجرد مطربة استثنائية، بل ظاهرة صوتية فريدة استحوذت على اهتمام الباحثين والموسيقيين حول العالم. ذلك الصوت الذي وصف بأحد أقوى الأصوات في التاريخ، تميز بخصائص علمية وفنية استثنائية جعلته مادة للدراسة، ليس فقط من حيث تأثيره العاطفي والثقافي والفني، بل أيضا من حيث سماته التقنية مثل المدى الصوتي، والرنين، والتحكم في التنفس، والقوة التعبيرية.

المدى الصوتي والرنين

أحد الجوانب التي لفتت النظر لصوت أم كلثوم هو مداه الصوتي الواسع، الذي يمتد إلى ثلاثة أوكتافات على الأقل. وفقًا لكتاب فيرجينيا دانيلسون "صوت مصر" (1997)، أظهرت أم كلثوم قدرة استثنائية على الانتقال بسلاسة بين الطبقات المنخفضة والمتوسطة والعالية من دون فقدان الوضوح أو الرنين. يضعها هذا ضمن فئة نادرة من المطربين الكلاسيكيين والمعاصرين.

وتشير دانيلسون أيضًا إلى تقدير أم كلثوم العميق للشعر الراقي، إذ "كانت لديها قدرة على ربط الارتجال الموسيقي بمعاني الكلمات التي تغنيها، مما يجعل المعنى محسوسًا بشدة لدى المستمعين. وكما يقال، الشعر هو فن العرب، والغناء الجيد للشعر يجذب تقديرًا هائلا لدى المستمعين الناطقين بالعربية".

إعلان

بالإضافة إلى ذلك، أظهر صوت أم كلثوم رنينا قويا في الفورمانت، وهي خاصية عادة ما ترتبط بمغنيي الأوبرا. تشير دراسات من جامعة هارفارد ومعهد الصوتيات في فيينا إلى أنها استخدمت تقنية الفورمانت الغنائي، مما سمح لصوتها بأن يُسمع بوضوح فوق الأوركسترا دون الحاجة إلى تضخيم إلكتروني، وهي ظاهرة صوتية مماثلة لما يوجد في تقاليد الأوبرا الغربية.

التحكم في التنفس

أحد العوامل الأساسية التي تسهم في قوة صوت أم كلثوم هو تحكمها الاستثنائي في التنفس. تُظهر الأبحاث في مجال علم الصوتيات أن قدرتها على الحفاظ على الجمل الموسيقية الطويلة دون أخذ نفس مسموع كانت نتيجة لاستخدامها تقنيات متقدمة في التنفس الحجابي. ويتجلى ذلك بشكل خاص في أدائها الحي، حيث كانت قادرة على مدّ النغمات لفترات طويلة مع الحفاظ على التحكم الديناميكي.

أعرب لوتشيانو بافاروتي، أحد أعظم مغنيي الأوبرا، عن إعجابه بدعم أم كلثوم التنفسي وقدرتها على التحمل، مشيرا إلى أن تحكمها في تدفق الهواء سمح لها بتقديم أداء عاطفي وتقني صعب للغاية. في الموسيقى العربية التقليدية، التي تركز على العبارات اللحنية الطويلة والتزيينات المعقدة، يكون هذا النوع من التحكم أمرا حاسمًا، وقد أتقنته أم كلثوم بدرجة غير مسبوقة.

الأنغام التوافقية

كشف التحليل الطيفي لتسجيلات أم كلثوم، الذي أجراه باحثون في جامعة أكسفورد، أن صوتها يحتوي على توافقيات غنيّة، مما يعزز من دفئه وعمقه. تسهم هذه التوافقيات في إدراك المستمعين لثراء الصوت وشدته العاطفية. كما أن وجود هارمونيكس قوية يفسر سبب بقاء صوتها واضحًا ومتميزا حتى في التسجيلات القديمة من القرن العشرين، التي لم تكن تعتمد على تقنيات هندسة صوتية متطورة.

كانت لديها القدرة على توليد ترددات عالية الطاقة في نطاق 3 آلاف هرتز، المعروف باسم "فورمانت الغناء"، والذي سمح لصوتها بالبروز بوضوح فوق الموسيقى المصاحبة. تُعد هذه الخاصية ميزة حاسمة في قوة صوت المطربين، حيث تضمن بقاء صوتهم مسموعا حتى في التوزيعات الموسيقية المعقدة.

إعلان التعبير العاطفي والطابع الصوتي

إلى جانب براعتها التقنية، يُشاد بصوت أم كلثوم لقدرته على التعبير العاطفي العميق وطابعه الفريد. كما تم تفصيله في الفيلم الوثائقي لـبي بي سي "أم كلثوم: صوت مثل مصر"، امتلك صوتها طيفا ديناميكيا يمكنه التعبير عن الحزن العميق، والفرح الشديد، والشوق العاطفي، غالبًا داخل الأغنية نفسها. يجادل علماء الموسيقى بأن هذه القدرة ترجع إلى تحكمها الدقيق في طيف الصوت، مما سمح لها بتعديل الفروق الدقيقة في اللون الصوتي لمواءمة محتوى الكلمات والتعبير الموسيقي.

أكد الناقد الأدبي وعالم الموسيقى إدوارد سعيد على قدرة أم كلثوم على الحفاظ على التوتر العاطفي من خلال صوتها. وأشار إلى أن استخدامها للتغييرات الدقيقة في النغمات والزخارف اللحنية مكّنها من تشكيل العبارات الموسيقية بطريقة أثرت بشدة على الجمهور العربي، مع الحفاظ على هياكل المقامات التقليدية وإدخال نوع من الارتجال البارع.

المقارنة بالغناء الكلاسيكي الغربي

غالبًا ما تتم مقارنة صوت أم كلثوم بمغنيي الأوبرا الغربيين بسبب قوته وتحمله وتقنياته الإسقاطية. سلطت دراسة مقارنة أجريت في قسم الموسيقى بجامعة ستانفورد الضوء على استخدام أم كلثوم للهجوم الحلقي والفيبراتو والبورتامنتو المنضبط، مما يتشابه مع أسلوب الغناء "بيل كانتو" الموجود في الأوبرا الأوروبية. ولكن على عكس المغنين الغربيين، فقد دمجت الارتجال اللحني العربي (التقسيم)، مما أضاف طبقة فريدة من التعبير جعلتها متميزة عن المطربين الكلاسيكيين.

علاوة على ذلك، تم تشبيه براعتها في الزخرفة والتشكيل اللحني بتقنيات ماريا كالاس، وهي مغنية أخرى مشهورة بكثافة تعبيرها ودقتها التقنية. أظهرت كلتا المغنيتين القدرة على الحفاظ على نقاء الصوت أثناء تشكيل العبارات ديناميكيًا، وهي مهارة تتطلب تحكمًا هائلًا في الرنين والنطق.

يعد صوت أم كلثوم مثالًا رائعا على القوة الصوتية والإتقان التقني والتعبير العاطفي. إن قدرتها على إسقاط الصوت دون تضخيم، واستدامة الجمل الطويلة بتحكم مذهل في التنفس، وإثراء صوتها بالتوافقيات تجعلها واحدة من أعظم المطربين في التاريخ.

إعلان

مقالات مشابهة

  • في ذكرى رحيلها.. فرقة طنطا للموسيقى العربية تشدو بأغاني أم كلثوم
  • احتفالية ببيت السناري تُحيي ذكرى أم كلثوم بعد نصف قرن على رحيلها
  • أم كلثوم.. هل كانت من أقوى الأصوات في تاريخ الغناء؟
  • صابرين تتألق في حفل ماسبيرو بمناسبة مرور 25 عاما على مسلسل أم كلثوم
  • جريمة فاريا... توقيف والدة المرتكب والفتاة التي كانت برفقته
  • أمن الدولة ألقت القبض على من كانت برفقة صديقها الذي دهس الشاب في فاريا (صورة)
  • الثقافة: 2025 "عام أم كلثوم" واحتفالية كبرى طوال السنة بمناسبة رحيلها
  • الثقافة تُعلن 2025 عام أم كلثوم وتُطلق احتفالية كبرى بمناسبة ذكرى رحيلها
  • لأول مرة واحد من الناس يذيع جنازة أم كلثوم كاملة بمناسبة مرور نصف قرن علي رحيلها