الخيمة في شتاء الجازر ..حنين إلى الماضي واحتفاء بذكريات الترحال
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
عودة إلى الماضي حين يمر المرء في وضح النهار بين الأحياء السكنية في ولاية الجازر رغم التنمية العمرانية إلا أن الخيمة تسجل حضورها اللافت في فصل الشتاء ليس هروبا من الصحراء وإنما الحنين إلى الماضي الأصيل، إذ الطبيعة البدوية في تلك الأيام لا تتقيد بالمعيشة في منطقة جغرافية معينة ومحددة، وأينما وجد الماء والمرعى تشد الرحال إليهما في رحلات سنوية موسمية عرفها البدو منذ القدم، يقوم بها معظم أهالي محافظة الوسطى يعملون يدا واحدة حيث يرتبط البدو ارتباطا وثيقا بالقبيلة وسننها وأعرافها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ويشتهرون بالترابط الأسري وبالاحترام المتبادل بين بعضهم بعضا وبتعاونهم الوثيق فيما بينهم في إطار المجتمعات المحلية.
جريدة «عمان» خلال زيارتها لولاية الجازر ومع ما تشهده الولاية من مشاريع تنموية وعمرانية إلا أن فصل الشتاء يمثل مناسبة سنوية لنصب الخيام التي تمثل رمز البادية، ففي قلب البدو للخيمة وقع خاص وحب وشجن وحنين غير عادي حيث تمثل له مقام السكن والكرم والضيافة، ويحرص القاطنون في الولاية على غرس هذه العادات والتقاليد الأصيلة في أبنائهم، إذ تكثر التجمعات العائلية بين الأهل والجيران، كما يتسامر الناس ويتجمعون على شبة الضوء وتكون القهوة العربية حاضرة والتمر والحلوى العمانية والتعاليل الشعرية، واستطلعت «عمان» آراء أبناء ولاية الجازر حول ارتباطهم بالخيمة وتمسكهم بالعادات والتقاليد الأصيلة، وحضور الشعر في مثل هذه التجمعات الشتوية.
رمز البادية
قال عبود بن سعود الجنيبي: الخيمة تمثل رمز البادية في الجازر حيث كانت المكان الوحيد الذي يعيش فيه الإنسان ويصطحبها في ترحاله، وفي موسم الشتاء يتم نصب الخيام ليستعيد أهل البادية الماضي ويحرصوا على ترسيخ العادات والتقاليد حيث إنها المكان الوحيد الذي يناسب شبة النار واجتماع الضيوف، ولأن الخيام مصنوعة من الصوف وفيها الدفء من البرد يكثر عليها الإقبال في موسم الشتاء.
وأوضح أن نصب الخيام في الشتاء يعرّف الأجيال بالكثير من العادات والتقاليد الأصيلة ومنها استقبال الضيف وإكرامه واحترام المجالس، وتعتبر الخيمة مدرسة وهوية للعادات الأصيلة، ومن الأبيات الشعرية التي قيلت في الخيمة:
ننصب خيام العز ونكرّم الضيف
والجود بالأجواد عادة أصيلة
خيمة وفيها شبت النار والكيف
والشعر حاضر والمبادئ نبيلة
الكرم والضيافة
وقال سالم بن ربيّع الجنيبي: للخيمة العمانية في قلب البدو وقع خاص وحب وشجن وحنين غير عادي حيث تمثل له مقام السكن والكرم والضيافة عندما كان غير قادر على بناء المنازل العصرية، ولخصوصية سكنها في وجدان المواطن وخصوصا البدو منهم، وبفصل الشتاء يزداد الحنين لها حيث يوقدون بها نار الشتاء التي تضفي جمالية غير عادية على رمسات ليل الشتاء وتعلل الناس بالسوالف عن أحداث الأيام بشكل عام.
وبيّن أن العادات والتقاليد في الحياة البدوية وخاصة بالجازر الكرم والجود والمروة والشهامة والتعاون بين أبناء المجتمع الواحد وبتدريب الأبناء وتعريفهم بها لتنتقل من جيل لآخر فالأب يخبر بها أبناءه وابنه ينقلها كذلك لغيره، وبما أن للخيمة خصوصية ومكانة في نفوس المواطنين في الجازر وغيرها من الولايات البدوية تجد لها حضورا مميزا في القصائد الشعرية ومنها:
أيام ما كانت معانا عمائر
كان السكن منزل حجارة وخيمة
لاشي قصور ولا دعايات تاجر
ونفوسنا من فضل ربي كريمة
ننحر ركاب من طيب نفس وخاطر
ولا نبالي بالظروف العظيمة
أحوالنا في خير والرب ساتر
النفس مجد وعز والسكن خيمة
رمز الأصالة
وقال يعقوب بن حبيب الجنيبي: ارتبط سكان ولاية الجازر منذ القدم في الحياة البدوية وعاشوها في جميع تفاصيلها من تربية المواشي مثل الإبل والأغنام إلى السكن في الخيام البدوية وبيوت الحجر والطين إضافة إلى الفنون البدوية التي يمارسونها في المناسبات والأعياد، وتعتبر الخيمة البدوية رمز الأصالة والكرم البدوي والعادات الحميدة المتأصلة في نفوس أبناء البادية، أما عن انتشارها في فصل الشتاء فيكمن ذلك في زراعة الفرح في نفوس الناس بالاستئناس بالأجواء الباردة والجميلة وتكثر التجمعات العائلية بين الأهل والجيران، إذ يتسامر الناس ويتجمعون على شبة الضوء وتكون القهوة العربية حاضرة والتمر والحلوى العمانية والتعاليل الشعرية.
وذكر أن حرص الآباء على غرس ارتباطهم بالخيمة في نفوس الجيل الجديد يعزز من العادات والتقاليد الأصيلة مثل الكرم والصدق والوفاء والأمانة من خلال اصطحابهم إلى المناسبات الاجتماعية والدينية ومجالس الرجال. مضيفا: دائما ما تكون الخيمة البدوية حاضرة في قصائد الشعراء وخصوصا في المناسبات الاجتماعية وأغراض المدح والكرم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی نفوس
إقرأ أيضاً:
نادي الباحة الثقافي ينفتح على ثقافة السياحة ويجول في حكايا الترحال
ضمن فعاليات مهرجان شتاء الباحة بطرق مجالات ثقافية متجددة تتساوق مع اهتمامات الرؤية الوطنية ومستهدفاتها التي تركز على السياحة والثقافة باعتبارهما عناصر تعزز الشخصية الوطنية الواعية وتأكيداً لموقع الثقافة في الحياة العامة والتي تكتسب عبر التجوال والترحال بين المواقع المختلفة
وفي هذا السياق يستضيف النادي الرحالة د. أحمد بن محمد الخيري الذي طاف أكثر من 75 دولة حول العالم فضلاً عن تجواله الدؤوب في مختلف المواقع السياحية داخل المملكة مكوناً خلالها تجارب ومشاهدات ومواقف متنوعة تقام الأمسية مساء الأثنين الموافق 4 شعبان 1446 هـ بمزرعة ريف ناوان عند الساعة 8 مساء ويحاوره فيها الناقد المسرحي والكاتب : ناصر بن محمد العُمري.
رئيس النادي الشاعر حسن بن محمد الزهراني أكد أن النادي يسعى إلى تنويع مجالات الحوار في مختلف المكونات التي تمثل ميادين الحياة والفنون باعتبارها عنصراً رئيسياً من عناصر التحول الوطني
وأضاف : نحرص على تأكيد مفهوم أن الثقافة معنى واسع وشمولي ولصيق للتجربة الإنسانية وهو مايعزز موقع المملكة على خارطة الثقافة العالمية ويساهم في تنويع الحراك الثقافي محلياً على مستوى المنطقة مؤكداً أن الثقافة أهم محركات التغيير نحو مجتمع منفتح، ومتسامح، ومحب لبلاده، وعاشق للحياة
وقال : نسعى لنقل نشاطاتنا الثقافية إلى الأماكن العامة التي تمثل فضاءً ثقافياً يخرج النشاط الثقافي من النخبوية والصالات المغلقة لكي نزرع الثقافة في فضاءات الناس لتحقيق أكبر قدر من التفاعل الحي مع كافة أفراد المجتمع
وثمن مبادرة الأستاذ سالم رشيد الزهراني مالك مزرعة ريف ناوان باستضافة هذا المساء الثقافي داعياً كافة أطياف المجتمع لحضور هذه المساحة الثقافية الحوارية والاستمتاع بها وإثراءها بالحوارات والنقاشات الثقافية الجادة