هندسة الديمغرافيا الفلسطينية: مخطط التهجير ومخاطر الإقليم
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
#هندسة_الديمغرافيا_الفلسطينية: #مخطط_التهجير و #مخاطر_الإقليم
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، يتجدد الحديث عن واحدة من أخطر المؤامرات التي تواجه القضية الفلسطينية والمنطقة بأسرها: مخطط تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى دول الجوار، وعلى رأسها مصر والأردن.
إن محاولة ترحيل الأزمة الإسرائيلية إلى الأراضي العربية لا تعني فقط التخلص من عبء غزة والضفة، بل تعكس رغبة إسرائيلية أمريكية في فرض واقع جديد، يكون فيه الفلسطينيون مجرد لاجئين يبحثون عن مواطنة بديلة، بينما يتم تصفية القضية الفلسطينية بالكامل وتحويلها إلى مجرد أزمة إنسانية يتم التعامل معها بمنطق الإغاثة وليس الحقوق السياسية والسيادية.
مقالات ذات صلة الكشف عن تفاصيل عملية حاجز “تياسير” بالضفة الغربية 2025/02/04هذا المشروع الخطير يفرض تحديًا وجوديًا على الأردن ومصر، اللتين تمثلان ركيزتين أساسيتين في معادلة الأمن والاستقرار الإقليمي. فالأردن، الذي يحمل عبء القضية الفلسطينية منذ عقود، يجد نفسه أمام محاولة جديدة لفرض حلول على حساب أمنه القومي واستقراره الداخلي، بينما تواجه مصر ضغوطًا لتقديم تنازلات استراتيجية في سيناء، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لوحدتها وسيادتها.
من ناحية أخرى، لا يمكن تجاهل أن الثقة بين إسرائيل والدول الغربية تتآكل تدريجيًا، فإسرائيل لم تعد قادرة على تسويق سياساتها العنيفة كما كان الحال في الماضي، كما أن الدول العربية لم تجنِ شيئًا من اتفاقيات السلام الموقعة معها، بل على العكس، وجدت نفسها أمام مزيد من الضغوط والتنازلات دون أي مقابل حقيقي. إن استمرار هذه المخططات سيؤدي إلى تفاقم أزمات اللاجئين في الأردن ومصر، وإعادة إنتاج مشاهد الفوضى وعدم الاستقرار، ما قد يدفع بالمنطقة إلى حافة الانفجار الأمني والسياسي، مع تداعيات تمتد إلى أوروبا والولايات المتحدة نفسها، التي ستجد مصالحها الإقليمية في مهب الريح.
إن الرد العربي على هذه المخططات يجب أن يكون أكثر من مجرد بيانات شجب واستنكار، بل لا بدّ من تحركات دبلوماسية فعالة تعيد صياغة التحالفات الإقليمية والدولية لمواجهة هذا التهديد الوجودي. فالأردن ومصر بحاجة إلى إعادة ترتيب أوراقهما وبناء علاقات أوسع مع قوى دولية مثل الصين وروسيا وأوروبا، وحتى دول أمريكا اللاتينية وكندا، لتشكيل جبهة سياسية واقتصادية قادرة على كبح الغطرسة الإسرائيلية والأمريكية وإحباط أي محاولة لفرض هندسة ديمغرافية جديدة على حساب الأمن القومي العربي.
وفي هذا السياق، من الضروري أيضًا تعزيز العلاقات مع سوريا، وقطر، وتركيا، والدول التي تتبنى مواقف أكثر استقلالية تجاه قضايا المنطقة، لأن تشكيل تحالف عربي-إقليمي موسع من شأنه تقوية الموقف التفاوضي للأردن ومصر، ويمنحهم أوراق ضغط حقيقية في مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية.
لقد أثبتت التجارب السابقة، لا سيما مع إفشال “صفقة القرن”، أن السياسات الأمريكية ليست ثابتة، وأن قدرتها على فرض حلول على المنطقة تتراجع مع مرور الوقت. لذلك، فإن سياسة المماطلة وكسب الوقت يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية الأردنية والمصرية، إلى حين تبدّل الأوضاع السياسية في واشنطن، أو ضعف قدرة إسرائيل على تنفيذ مخططاتها.
إضافة إلى ذلك، فإن إدارة ترامب، أو أي إدارة أمريكية تتبنى سياسات مشابهة، ستجد نفسها غارقة في أزماتها الداخلية، حيث تعاني من انقسامات داخلية حادة، وصراع دائم بين ترامب و”الدولة العميقة”، إلى جانب خلافاته مع حلفائه التقليديين في أوروبا واسيا، وخصوماته مع دول الجوار مثل المكسيك وكندا وبنما ودول امريكا اللاتينية . هذه الصراعات توفر مساحة إضافية للمناورة أمام الدول العربية، إذ يمكن استغلال هذه الثغرات لإضعاف تركيز الإدارة الأمريكية على تنفيذ المخطط، وتعطيله حتى يصبح غير ذي جدوى أو تتغير الظروف السياسية بشكل يفرض واقعًا مختلفًا.
إن محاولة إعادة رسم الخارطة الديمغرافية لفلسطين بالقوة لن تكون مجرد أزمة فلسطينية، بل ستتحول إلى قنبلة موقوتة تهدد الأمن القومي العربي ككل. فترحيل الفلسطينيين ليس فقط جريمة أخلاقية وقانونية، بل هو وصفة أكيدة لانفجار إقليمي لن يكون أحد بمنأى عنه، سواء في الشرق الأوسط أو حتى في الغرب، الذي بدأ يدرك تدريجيًا خطورة السياسات الإسرائيلية على الاستقرار العالمي.
لذلك، فإن الموقف الأردني والمصري يجب أن يكون حاسمًا وواضحًا: لا لهندسة ديمغرافية جديدة، لا لتمرير الأزمات الإسرائيلية إلى الدول العربية، ولا لأي تسويات على حساب الأمن القومي للمنطقة. يجب أن يدرك الجميع أن أي قبول بهذه المخططات، مهما كان تحت غطاء دبلوماسي أو إنساني، لن يكون إلا مقدمة لمزيد من التنازلات التي لن تتوقف عند حدود فلسطين، بل ستمتد إلى كل الدول العربية دون استثناء.
ختامًا، إفشال هذا المخطط لا يتطلب فقط الرفض اللفظي، بل يحتاج إلى تحركات دبلوماسية حقيقية، وتحالفات استراتيجية، وسياسات ذكية قادرة على تعطيل المشروع الأمريكي-الإسرائيلي، تمامًا كما حدث مع “صفقة القرن”. إن العالم لا يتحرك إلا بلغة المصالح، ومن هنا، فإن الكرة الآن في ملعب الدول العربية، فإما أن تتحرك بوعي ومسؤولية، أو أن تجد نفسها أمام واقع مفروض لا رجعة فيه.
إن التاريخ لا يرحم من يتخاذل، والقرارات المصيرية لا تحتمل التردد. اليوم هو الوقت المناسب لإعادة رسم المشهد السياسي، وإثبات أن العرب قادرون على الدفاع عن قضاياهم، ليس فقط بالكلمات، ولكن بالفعل والتخطيط والاستراتيجية.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: مخطط التهجير مخاطر الإقليم الدول العربیة یجب أن
إقرأ أيضاً:
الصحف العربية.. الشرق الأوسط تتحدث عن جهود تشكيل الحكومة اللبنانية ومخاطر إلغاء أكبر وكالة مساعدات أمريكية.. والسياسة الكويتية ترسم ملامح علاقة ترامب بإيران
تناولت الصحف العربية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء العديد من العناوين والأحداث التي تشغل بال المنطقة العربية، والتي يتصدرها تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، والأوضاع في قطاع غزة.
الاتصالات تتسارع لإعلان حكومة لبنانصحيفة «الشرق الأوسط» فقد سلطت الضوء على الجهود المكثفة في لبنان للتوصل لإعلان تشكيلة الحكومة الجديدة في البلاد وكتبت تحت عنوان "الاتصالات تتسارع لإعلان حكومة لبنان" تتسارع الاتصالات في لبنان لإنجاز التشكيلة الحكومية التي يعمل على تأليفها رئيس الوزراء المكلف نواف سلام، بالتشاور مع رئيس الجمهورية جوزيف عون. وتدور المباحثات حول تذليل العقد المتبقية أمام إبصار الحكومة النور، وخصوصاً تمثيل حزبي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، بعد أيام على حل عقدة تمثيل الثنائي الشيعي «أمل -حزب الله».
وأضافت الصحيفة أن رئيس الحكومة اللبنانينة قال إن «تشكيل الحكومة يتقدم إيجاباً وفق الاتجاه الإصلاحي الإنقاذي»، الذي تعهد به من قبل و«وفق المعايير» التي سبق أن أعلنها، مشدداً على أنه هو من يختار الأسماء، بعد التشاور مع مختلف الكتل النيابية، لإنجاز تشكيلة تنسجم مع رؤيته للحكومة التي يسعى إليها.
أكبر وكالة مساعدات تواجه الإلغاءكما سلطت الصحيفة الضوء على خطر الإلغاء الكبير الذي يواجه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وكتبت تحت عنوان "أكبر وكالة مساعدات تواجه الإلغاء" أن الرئيس دونالد ترمب قاد حملة واسعة النطاق للتخلص من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تعد الأكبر للمساعدات في العالم، مكلفاً المشرف على دائرة الكفاءة الحكومية إيلون ماسك القيام بهذه المهمة، وأنه وسط بلبلة وعمليات تطهير وطرد وإغلاق وشائعات عن دمجها بوزارة الخارجية، أكد ماسك أن ترمب يريد إغلاق الوكالة التي يعمل فيها أكثر من 10 آلاف موظف عبر العالم. واعتبرها «منظمة إجرامية (...) حان الوقت لموتها».
وأوضحت الصحيفة أنه وسط إشاعات عن دمج عدد من العاملين لدى الوكالة في وزارة الخارجية الأميركية، تلقى العاملون في الوكالة على كل المستويات، إشعاراً بالبريد الإلكتروني بأن أبواب مقرها الرئيسي في واشنطن ستكون مغلقة الاثنين. كما أقصت إدارة ترمب عشرات من المسؤولين الكبار في الوكالة، وأن ترامب حذر من أنه مستعد لتحرك «قوي للغاية» ضد بنما التي زارها وزير الخارجية ماركو روبيو ليطالب الرئيس البنمي راوول مولينو بالقيام بـ«تغييرات فورية» في شأن إدارة الصين لقناة بنما.
الملك: استدامة وقف إطلاق النار في غزةأما صحيفة الدستور الأردنية فقد أفردت مساحة واسعة لتأكيدات الملك الأردني عبدالله الثاني تحت عنوان "حل الدولتين.. سبيل الاستقرار بالمنطقة" وأن ملك الأردن تلقى اتصالا هاتفيا من رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، تناول سبل تعزيز التعاون بين البلدين، بالإضافة إلى مجمل المستجدات في المنطقة، مؤكدا أهمية استدامة وقف إطلاق النار في غزة، لتمكين الجهود الدولية لإيصال المساعدات، مثمنا دور كندا في الاستجابة الإنسانية، ودعمها لجهود تحقيق السلام، وأنه حذر من التطورات في الضفة الغربية، والاعتداءات على المقدسات بالقدس.
اتفاقية للتعاون العسكري بين الكويت ومصر
أما صحيفة «السياسة» الكويتية فقد سلطت الضوء في صفحتها الأولى "اتفاقية للتعاون العسكري بين الكويت ومصر" وقالت الصحيفة إنه في زيارة يغلب عليها "التعاون الأمني والعسكري"، وفيما استقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس، وقَّع النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف والقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري الفريق أول عبد المجيد صقر اتفاقية للتعاون العسكري بهدف توحيد الجهود وتعزيز التنسيق بين القوات المسلحة في البلدين، موضحة أن الاتفاقية تأتي ضمن جهود تعزيز التعاون في مختلف المجالات العسكرية ورفع مستوى الجاهزية وتطوير منظومة عمل موحدة بين الجانبين.
وأضافت الصحيفة أن اللقاء بين الرئيس السيسي والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي جرى خلاله بحث العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين واستعراض سبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات بما يخدم المصالح المتبادلة، مشيرة إلى التطرق كذلك إلى آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك. في الإطار نفسه، بحث اليوسف مع وزير الداخلية المصري اللواء محمود قنديل عدداً من الموضوعات والقضايا الأمنية المشتركة وآلية تعزيز التعاون الأمني بين البلدين وآخر المستجدات الأمنية على الساحتين العربية والإقليمية.
3 سيناريوهات ترسم مستقبل علاقة أميركا وإيرانكما تناولت الصحيفة الكويتية العلاقات الأمريكية الإيرانية في ظل إدارة ترامب وكتبت تحت عنوان "
3 سيناريوهات ترسم مستقبل علاقة أميركا وإيران" أن هناك ثلاثة سيناريوهات لا رابع لها تشغل المحللين لعلاقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجدلية مع إيران، حيث يرى المراقبون أن الرئيس الذي مارس "أقصى الضغط" على طهران في ولايته الأولى، أن ترامب مع عودته إلى البيت الأبيض، ليس أمامه سوى مواصلة سياسته القديمة، أو التفاوض للتوصل لاتفاق، وإلا فجمود ومراوغة. ورجح تقرير سيناريو التفاوض بين البلدين والتوصل إلى اتفاق جديد، مشابه للاتفاق النووي "برجام"، ولكن مع فرض شروط أكثر صرامة على إيران مثل تقليص تخصيب اليورانيوم والحد من الأنشطة الإقليمية وزيادة الرقابة الدولية ربما يكون الأقرب.
وأضافت الصحيفة أنه يتمثل السيناريو الثاني في استمرار الضغط الأقصى، وفيه تستمر الولايات المتحدة في فرض العقوبات الاقتصادية، بينما تواصل إيران تعزيز برنامجها النووي، ما قد يؤدي إلى تصاعد التوترات الإقليمية، وتبدو معالم السيناريو الثالث في الجمود التفاوضي والمراوغة الإيرانية، وفيه تحاول إيران من خلال تكتيكات ديبلوماسية ومفاوضات غير حاسمة، كسب الوقت لمواصلة تطوير برنامجها النووي، ويؤدي هذا السيناريو إلى احتمال فرض عقوبات أكثر صرامة وربما تفعيل آلية العقوبات الدولية "سناب باك".