المرأة والتسامح... تفعيل قيم الأمن المجتمعي
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
قد يسمح التهديد لمفهوم التسامح بسيادة الظلم والغبن تجاه المرأة
لقد كان غياب العدالة والمساواة بين الجنسين في المجتمعات المسلمة مدعاة للظلم والجور بحق الأفراد والشعوب، ما تسبّب مع الوقت في حالة من الاحتقان داخل المجتمع ولّد الكراهية والشحناء، وضيّق من معايير التسامح للمرأة على الخصوص، وبات هذا المناخ مجالاً خصباً للتطرّف والتعصّب والانحدار الأخلاقي وانتشار الجرائم.وفي السياق ذاته، لا تعتبر قيم التسامح مجرد واجب ضمن النسق الأخلاقي فقط، إنما أيضاً إلزام تشريعي رباني ومن ثم سياسي وقانوني.
لا نغالي إن قلنا إنّ من الخصائص الغنيّة التي تختبئ وراءها بوارق التنمية المستدامة أن تكون القيم المجتمعيّة تكرس الاهتمام بالمرأة والاحترام والتقدير لمكانتها. هناك ثمة تفهم في مكونات المجتمع لقدرات المرأة أفضت إلى قناعة مجتمعية نيرة أضاءت طريقها، تلك الخصوصية الثقافية التي بها لا بغيرها استطعنا أن نحقق ما كان مستحيلاً، أنها الخمائر الأولى لتقدمنا، فليس عبثاً أنّ النجاح الكبير الذى حققته المرأة، ومشاركة الرجل لها العطاء لصالح المجتمع، لأنها أيضاً تستقي أولاً وأخيراً مُثُلَها وأخلاقياتها من هذا الوعي القيمي المنسجم مع الدين الوسطي، ولهذا تحقق التمكين للمرأة الإماراتية في فترة وجيزة، كما نال هذا الإنجاز الاهتمام المحلي والعالمي.
كثيراً ما أعزو انتصار الإمارات وتميزها في تفعيل قيم التسامح إلى نجاحها مع المرأة لكي تتفوق حيث تم الاستثمار في طاقاتها وتوفير نظام تعليمي لها من الطراز الأول والنهوض بإمكانياتها، وتعزيز روح القيادة والريادة. ويمكن قياس ذلك والتعرف عليه سواء من التعليم الجامعي ودراسات عليا وتدريب مهني، لهذا تم إرساء واقع حضاري خلاق يتوافق مع ثقافة الدولة وانفتاحها وتطوّرها.
الإصلاح الذي يُوجبه علينا ديننا يأتي بالأساس من تفعيل القيم داخل الأوطان التي تبدأ في الأساس بإقامة العدل وإرساء مبدأ المساواة بين الجنسين، ومن ثم تأتي السماحة تباعاً، كما يأتي التعويل مبدئًيا على احترام وإكرام المرأة كإنسانة، والإسهام مع نضال المرأة التاريخي في مقاومة الأفكار البالية، والموروثات السلبية والعادات والتقاليد والنظم الاجتماعية التي قللت من شأنها وهمّشت دورها وأخضعتها للتمييز في إطار ثقافة غير عادلة، اعتمدت في قرارتها على الازدواجية والانتقائية في تطبيق القيم الإنسانية الكبرى -المساواة والعدل والتسامح. لذا كان لزاماً تأسيس ثقافة التسامح للمرأة لأننا بهذه الرؤية نستطيع الانسجام من داخل الاختلاف، واحترام التنوع ، والاعتراف بحريات الآخرين.
التسامح ينمي الشعور بالرضا والثقة والسعادة، ويجعل المرأة أكثر إيجابية في التفكير، وأكثر ثقة واعتزازاً بذاتها، وكفاءة بحيث تتصاغر أمامها الصعاب. وقد يسمح التهديد لمفهوم التسامح بسيادة الظلم والغبن تجاه المرأة في أيّ مكان، لأنّ عوائق القهر والظلم للمرأة تبعث الشقاء وتجلب التعاسة، وأنفى للاستقرار بين الأفراد والجماعات. ويصبح التسامح في أرقى صوره وأنضج مستوياته، عندما تستشعر المرأة قيمتها في وطنها، وإستحسان أدوارها، والحاجة إلى التربية على موروث ديني غني بإنسانيته ومعتدل بقيمه، ووطن يحسن العمل على تعزيز خطط واعدة تتلاءم مع متغيرات الحياة، وتأبى للمرأة فيه أن تذل أو تهان أو تتسم بالجهل والجمود.
وهو حتماً نابع من أدبيات وأصالة شعبنا ومبادئه الهامة ذات الخصوصية العريقة، وجذور وميراث قيم مجتمع الإمارات، وهي قيمة احترام المرأة والإمعان في ضمان حقوقها. وازدادت هذه النوعية من الثقافة الصديقة للمرأة نموّاً، ونضج مفهوم التسامح واتسعت رقعته، وترسّخت روح المساواة على أساس الوحدة الإنسانية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات
إقرأ أيضاً:
عمل قذر يتجاوز أخلاقيات الصحافة.. غضب واسع إثر نشر صحيفة "الأيام" بعدن صوراً للمرأة التي تعرضت للابتراز
أثارت صحيفة "الأيام" الصادرة من عدن غضبا واسعا بين أوساط اليمنيين بعد نشرها صور للمرأة التي تعرضت للابتزاز واقدمت على قتل زوجها، في جريمة أخلاقية دون مراعاة لخصوصية العائلة التي كانت ضحية الواقعة.
وشهدت مدينة جدة السعودية مأساة إنسانية مروعة، راح ضحيتها رجل يمني بعد تعرضه للحرق على يد زوجته، في حادثة ارتبطت بجريمة ابتزاز إلكتروني دفع ثمنها الأبناء قبل الوالدين، وانتهت بالزوجة في السجن، وتشرد الطفلين.
وأفردت صحيفة الأيام في صدر صفحتها الأولى صورا للزوجة وطفليها وزوجها المغدور والمبتز، في جريمة أخلاقية دون مراعاة لخصوصية العائلة التي كانت ضحية الواقعة.
ولاقت عملية النشر والتشهير بالعائلة من قبل الصحيفة التي وصفوها بـ "الصفراء والقذرة" استهجانا واسعا بين أوساط اليمنيين، معتبرين ذلك تجاوزاً لأخلاقيات العمل الصحفي، مطالبين بإغلاقها ورفع دعوى قضائية بحق القائمين عليها.
وفي السياق قال الكاتب الصحفي علي الأحمدي "كارثة أخلاقية وسقوط لصحيفة الأيام، يبدو أننا في زمن سقوط سياسي وإعلامي ومجتمعي ويبدو أن السقوط وصل للجانب الأخلاقي".
وتساءل: كيف يمكن لصحيفة أن تنشر صور خاصة مستورة وفي الصفحة الأولى؟ مردفا "حتى صحيفة المستقلة التي كانت تتخصص في الفضائح والقصص كانت تنشر صور وهمية".
الصحفي والمدرب أصيل سارية، كتب "صحيفة الأيام صحيفة قذرة والقائمين عليها أقذر".
وقال: هل بتكون عنصرية لو قلت لكم أن صحيفة الأيام والقائمين عليها ما كانوا لينشروا صورة الفتاة لو كانت من عدن أو من الجنوب؟ بس لأنها شمالية قررت تنشرها، حد قوله.
الصحفي أحمد الولي غرد بالقول "لم تكن صحيفة الايام يوماً محترمة، فسياستها مثل إخراجها قبيح ومؤذي".
وقال "لن يفاجئني حتى لو نشرت على صدر صفحتها الاولى في يوم ما أن فتاة انجبت تمساحا".
رضوان فارع، هو أيضا قال "سقوط متكرر، عندما تسقط الصحافة، ويسقط الصحفي ومالك الصحيفة، تكون هذه النتيجة".
وأضاف "سقوط متعمد كما سقطت في تبرير مقتل عبدالملك السنباني".
أما شهاب الدين الشماحي فقال "ما قامت به صحيفة "الأيام" يُعد انتهاكًا صارخًا لأخلاقيات الصحافة وحقوق الإنسان، حيث نشرت صور امرأة تعرضت للابتزاز دون أي اعتبار لخصوصيتها وكرامتها".
بنظر الشماحي فإن هذا الفعل يعكس تدهورًا خطيرًا في المعايير المهنية وتحويل الإعلام من منصة لنقل الحقيقة إلى أداة للتشهير والإيذاء.
وقال إن الصحافة مسؤولة عن تناول القضايا بحسٍّ إنساني وأخلاقي، لا عن استغلال الضحايا وتعريضهم لمزيد من الأذى الاجتماعي. كان بإمكان الصحيفة تسليط الضوء على القضية بمهنية دون انتهاك خصوصية الضحية بهذا الشكل الفجّ".
ويرى أن مثل هذا التصرف لا يخدم المصلحة العامة، بل يرسّخ ثقافة التشهير ويقوّض ثقة الجمهور بالإعلام.
وقال "من الضروري محاسبة المسؤولين عن هذا النشر واتخاذ إجراءات حازمة لضمان التزام المؤسسات الصحفية بالمعايير الأخلاقية، وحماية الأفراد من الانتهاكات الإعلامية غير المسؤولة".
في حين قال أحمد سالم فرج "ما قامت به صحيفة الأيام يمثل انتهاكًا صارخًا لأخلاقيات العمل الصحفي وانحدارًا في المعايير المهنية. نشر صور خاصة، خاصة إذا كانت مستورة أو تمس الحياة الشخصية للأفراد، يتجاوز حدود المسؤولية الإعلامية ويضر بالنسيج المجتمعي والقيم الأخلاقية".
وأكد أن الإعلام الحر والمسؤول يجب أن يكون منبرًا لنقل الحقيقة بمهنية واحترام، وليس أداة للإثارة الرخيصة وانتهاك الخصوصيات.
وقال "حتى الصحف التي كانت متخصصة في الفضائح كانت تتبع نهجًا أكثر تحفظًا بنشر صور وهمية بدلًا من استغلال صور حقيقية للأفراد".
وتابع "مثل هذه الممارسات تطرح تساؤلات حول أخلاقيات الصحافة اليوم، ومدى الحاجة إلى رقابة ذاتية وقوانين تحمي الأفراد من التشهير الإعلامي".