بوابة الوفد:
2025-03-06@17:10:54 GMT

حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان

تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT

قالت دار الإفتاء المصرية إن الاحتفالُ بِلَيْلَةِ النصف مِن شهر شعبان المبارك مشروعٌ على جهة الاستحباب، وقد رغَّبَ الشرع الشريف في إحيائها، واغتنام نفحاتها، ويكون ذلك بقيام ليلها وصوم نهارها؛ سعيًا لنيل فضلها وتحصيل ثوابها، وما ينزل فيها من الخيرات والبركات.

ليلة النصف من شعبان 

وأوضحت الإفتاء أنه دَرَجَ على إحياء ليلة النصف من شعبان والاحتفال به المسلمون سلفًا وخلفًا عبر القرون من غير نكير، ولا يؤثر في ثبوت فضل هذه الليلة ما يُثَار حولها من ادعاءات المتشددين القائلين بأنها بدعة، نؤكدة أنه لا يجوز الالتفات إلى مثل آرائهم الفاسدة.

التفضيل بين الأزمنة والأمكنة
وخلق الله عزَّ وجلَّ الزمان والمكان، وفضَّل بعضه على بعض في سائر الدهور والأعصار؛ ومن ذلك: تفضيل بعض الشهور؛ كرمضان، وبعض الأيام؛ كالعشر من ذي الحجة، والسِّتِّ من شوال، وبعض الليالي؛ كليلة القدر، والنصف من شعبان.

وقد حثت الشريعة الإسلامية على زيادة الاعتناء بهذه الشهور والأيام، وإحيائها بشتى صور العبادات؛ لما فيها من الفضل والإحسان وزيادة التَّجلي والإكرام، حيث ورد الأمر الشرعي بالتذكير بهذه الأيام؛ كما في قوله سبحانه: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: 5]، كما ورد الأمر بالتعرّض لنفحاتها واغتنامها، وأنَّ ذلك يكون سببًا لصلاح الحال وهناء البال على الدوام؛ في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا». أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، والطبراني في "المعجم الأوسط" واللفظ له، والبيهقي في "شعب الإيمان".

فضل شهر شعبان
ومن الشهور المفضلة التي اختصها الله سبحانه وتعالى وأَوْلَاها من المنزلة بمكان: شهر شعبان؛ فمَيَّزه بمنزلة كريمة، ومكانة عظيمة، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يختص أيامه بالصيام؛ لكونها محلًّا لرفع الأعمال؛ فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ». أخرجه ابن أبي شيبة والبغوي في "المسند"، والنسائي في "السنن الصغرى" واللفظ له، والبيهقي في "فضائل الأعمال".

فضل ليلة النصف من شعبان
ثم اختصَّ سبحانه من هذا الشهر: ليلةَ النصف منه ونهارَها، وفضَّلهما على غيرهما من أيامه ولياليه، ورغَّبَ في إحيائها، واغتنام نفحها؛ بقيام ليلها وصوم نهارها؛ سعيًا لنيل فضلها وتحصيل ثوابها، وما ينزل فيها من الخيرات والبركات.

وقد ثبت ذلك بنصوص الكتاب والسنة النبوية وأقوال الصحابة والتابعين ومَن بعدهم سلفًا وخلفًا، وعليه العمل إلى يوم الناس هذا.

الأدلة على فضل ليلة النصف من شعبان
فأما الكتاب:

فقد جاء في تفسير قول الله تعالى: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4]: أنها ليلة النصف من شعبان؛ يبرم فيها أمر السَّنَة، وتنسخ الأحياء من الأموات، ويكتب الحاجّ؛ فلا يُزَاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد؛ كما نقل ذلك الإمام الطبري في "جامع البيان" (22/ 10، ط. مؤسسة الرسالة)، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" (10/ 3287، ط. مكتبة نزار)، والإمام القشيري في "لطائف الإشارات" (3/ 379، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب)، والإمام الكرماني في "غرائب التفسير" (2/ 1073، ط. دار القبلة)، والإمام البغوي في "معالم التنزيل" (4/ 172، ط. دار إحياء التراث)، وغيرهم من المفسرين.

وأما السنة النبوية:

فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا، فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلَا كَذَا؟ أَلَا كَذَا؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» أخرجه ابن ماجه في "السنن" واللفظ له، والفاكهي في "أخبار مكة"، وابن بشران في "أماليه"، والبيهقي في "شعب الإيمان".

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ» أخرجه ابن راهويه وأحمد في "المسند"، والترمذي وابن ماجه -واللفظ له- في "السنن"، والبيهقي في "شعب الإيمان".

وعنها أيضًا رضي الله عنها أنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «يَفْتَحُ اللهُ الْخَيْرَ فِي أَرْبَعِ لَيَالٍ: لَيْلَةِ الْأَضْحَى، وَالْفِطْرِ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان؛ ينْسَخُ فِيهَا الْآجَالَ وَالْأَرْزَاقَ، وَيَكْتُبُ فِيهَا الْحَاجَّ، وَفِي لَيْلَةِ عَرَفَة إِلَى الْأَذَانِ» رواه الدارقطني في "غرائب مالك"، والخطيب في "الرواة عن مالك"، وابن الجوزي في "مثير العزم"، والديلمي في "الفردوس".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: شهر شعبان شعبان شهر شعبان المبارك ليلة شعبان صلى الله علیه وآله وسلم لیلة النصف من شعبان أخرجه ابن ة النصف م رضی الله

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: غياب الاقتداء بالنموذج النبوي في الحياة الزوجية سبب رئيسي للمشكلات الأسرية

أكد الدكتور نظير عيَّاد، مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن المشكلات الأسرية التي نشهدها اليوم تعود في جانب كبير منها إلى غياب الاقتداء بالنموذج النبوي في المعاملة بين الزوجين، مشيرًا إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جسَّد في حياته اليومية مع أهل بيته أرقى معاني الرحمة واللطف وحسن العِشرة، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي».

وأوضح فضيلته، خلال لقائه اليومي ببرنامج «اسأل المفتي» الذي يقدمه الإعلامي حمدي رزق على فضائية "صدى البلد"، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يدرك طبيعة المرأة جيدًا، وأن العاطفة لديها قد تغلب أحيانًا على العقل، وهو ليس انتقاصًا من شأنها، وإنما أمرٌ فُطرت عليه لتحقيق التوازن في الحياة الأسرية. وأورد فضيلته مثالًا على ذلك عندما كسرت السيدة عائشة -رضي الله عنها- إناءً أرسلته السيدة صفية إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدافع الغيرة، فما كان منه إلا أن ابتسم قائلًا: «غارت أمكم»، ثم قام بتعويض السيدة صفية بإناء جديد من آنية السيدة عائشة، مما يدل على حكمته في التعامل مع المواقف بحب واحتواء، بعيدًا عن التوبيخ والتصعيد.

وأشار فضيلة المفتي إلى أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يقتصر على التعامل بحكمة في لحظات الغضب، بل كان يمازح أهل بيته ويشاركهم لحظات المرح، مستشهدًا بسابقته الشهيرة مع السيدة عائشة في إحدى الغزوات، حيث تغلبت عليه في السباق المرة الأولى، ثم غلبها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لاحقًا بعدما تقدمت قليلًا في السن، وقال لها مازحًا: «هذه بتلك».

وتابع فضيلة المفتي موضحًا أن الوفاء والاعتراف بفضل الآخرين كانا من أبرز صفات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ما ظهر جليًّا في حديثه المتكرر عن السيدة خديجة -رضي الله عنها- بعد وفاتها، حيث كان يذكر فضلها ومواقفها الداعمة له، حتى أثار ذلك غيرة السيدة عائشة، فقالت له: «يا رسول الله، قد أبدلك الله خيرًا منها»، فرد عليها بقوله: «والله ما أبدلني الله خيرًا منها»، مستذكرًا تضحياتها ودعمها له في أصعب المواقف.

وأوضح فضيلة المفتي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يكتفي بالحديث عن فضائل السيدة خديجة، بل كان يكرم صديقاتها وأهلها حتى بعد وفاتها، مما يعكس عمق الوفاء النبوي، وهي قيمة نفتقدها كثيرًا في مجتمعاتنا اليوم، حيث أصبحت المصالح تطغى على معاني الإخلاص والاعتراف بالجميل.

وأضاف فضيلة المفتي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان نموذجًا فريدًا في مراعاة مشاعر الآخرين، سواء داخل بيته أو في تعامله مع الصحابة والناس عامة، حيث كان يتجنب التصريح بما قد يحرج الآخرين، مستشهدًا بموقفه عندما كان مجتمعًا مع الصحابة وأحدث أحدهم بإخراج الريح، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من أكل لحم جزور فليتوضأ»، ليجنِّبه الشعور بالإحراج أمام الناس.

كما ضرب فضيلة المفتي مثلًا آخر بموقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما بال أحد الأعراب في المسجد، فأراد الصحابة نهره بشدة، لكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرهم بعدم مقاطعته، ثم قام بتوجيهه بالحسنى وتعريفه بحرمة المسجد، مما جعل الأعرابي يقول: «اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا»، فانظر كيف حول النبي صلى الله عليه وآله وسلم الموقف من الغضب إلى درس تعليمي راقٍ دون تجريح أو إساءة.

وانتقل فضيلة المفتي للحديث عن أخلاقيات الحرب في الإسلام، مشيرًا إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يوصي أصحابه بعدم الاعتداء على غير المحاربين، وعدم قتل الأطفال والنساء والرهبان، وعدم هدم دور العبادة، بل إنه عندما رأى التمثيل بجثمان عمه حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- توعد في البداية بالانتقام، لكنه عاد وامتثل لأمر الله في قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126]، فاختار الصبر ورفض الانتقام، ضاربًا بذلك أعظم الأمثلة في العفو عند المقدرة.

وختم فضيلة المفتي حديثه عن السيرة النبوية بقوله: "أين نحن اليوم من هذه القيم العظيمة؟! العالم يشهد حروبًا لا تراعي للإنسانية حرمة، بينما النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضع لنا دستورًا أخلاقيًّا في الحرب والسلم، يدعو للعدل والرحمة والتسامح".

وفي الجزء الأخير من الحلقة، أجاب فضيلة المفتي عن سؤال حول حكم زكاة المال وموعد إخراجها، مؤكدًا أن الزكاة ركن من أركان الإسلام، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «بُني الإسلام على خمس»، مشيرًا إلى أن الله تعالى قرنها بالصلاة في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، فقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}.

وأوضح فضيلته أن الزكاة ليست تفضُّلًا من الغنيِّ على الفقير، وإنما هي حق واجب في المال، لأنها تطهيرٌ للنفس من الشح، وتزكيةٌ للمال، وتحقيقٌ للتكافل الاجتماعي، مستدلًّا بقول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103].

وحول موعد إخراج الزكاة ومقدارها، بيَّن فضيلة المفتي أنه إذا بلغ المال النصاب (وهو ما يعادل 85 جرامًا من الذهب)، وحال عليه الحول، وجب إخراج 2.5% منه.

أما عن حالة من اقترض من البنك، وكان يسدد الأقساط، فهل تجب عليه الزكاة؟ فأوضح فضيلته أن القاعدة الشرعية تقضي بأن الضرورة تُقدَّر بقدرها، فلا يمكن إصدار فتوى عامة دون معرفة تفاصيل الحالة، فإذا كان الشخص يمتلك أصولًا وأموالًا أخرى تكفي لسداد الدَّين، فلا تسقط عنه الزكاة، أما إذا كان الدَّين يشكل عبئًا حقيقيًّا، فيُنظر في الأمر وفقًا لظروفه الشخصية.

وفي ختام الحلقة، شدد فضيلة المفتي على أهمية الفهم الصحيح للأحكام الشرعية، ودعا إلى الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أخلاقه ومعاملاته، قائلًا: "إذا أردنا أن نحيا حياة مستقرة، فعلينا أن نستلهم من السيرة النبوية قيم الرحمة والتسامح والتراحم، فهي المنهج الأسمى في بناء مجتمع متماسك ومتوازن".

اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: الموقف العربي خلال القمة يعيد لقضية فلسطين زخمها في وجدان الأمة

مفتي الجمهورية: الصيام مدرسة سلوكية تنطوي على منظومة قيمية وأخلاقية| فيديو

مفتي الجمهورية: رمضان يحقق التوازن بين الطاعة والتوبة في حياة المسلم

مقالات مشابهة

  • دعاء ليلة رمضان السادسة بالقرآن الكريم
  • شخصيات إسلامية.. أم المؤمنين السيدة حفصة بنت الفاروق
  • نظير عياد: الوفاء والاعتراف بفضل الآخرين أبرز صفات النبي
  • مفتي الجمهورية: المشكلات الأسرية سببها غياب الاقتداء بالنموذج النبوي
  • مفتي الجمهورية: السيرة النبوية تقدم نموذجًا متكاملًا للعلاقة الزوجية
  • مفتي الجمهورية: غياب الاقتداء بالنموذج النبوي في الحياة الزوجية سبب رئيسي للمشكلات الأسرية
  • شخصيات إسلامية: عَبْدُاللهِ بْنُ مَسْعُودِ.. أول من جهر بالقرآن
  • دعاء ليلة رمضان الخامسة بالقرآن الكريم
  • 8 أم 20 ركعة؟.. طريقة صلاة التراويح في المنزل
  • بث مباشر .. شعائر صلاتي العشاء والتراويح من الحرمين الشريفين