الشهيد القائد ومشروع الهوية الإيمانية
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
عبدالله محسن الجرادي
في كل ذكرى سنوية لاستشهاد سيدي ومولاي حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” أجد نفسي عاجزًا عن الكلام، ولا أدرى ماذا أكتب عنه؟! وأعلم أنني مهما كتبت عنه فلن أفيه حقة، تعجر كلماتي وتخجل حروفي وتنحني مشاعري وتختنق عباراتي وأنفاسي، وتتساقط دموعي من حدقاتي حينما أتذكر مأساته.
تحرك “رضوان الله عليه” رحيمًا بالمستضعفين، فقد عزّت عليه أوجاع هذه الأمة، فقوبل تحركه بالنكران، بل تحرك الأعداء لقتاله وقتله.
لا أبالغ هنا حينما أتحدث عن تأوهاتي، بل أجد نفسي مجبرًا على الانحناء أمام عظمة ذلك الإنسان الذي جسّد معاني الإنسانية في حياته قولًا وفعلًا، وجسد كل معاني الرجولة التي تجلت فيه بأسمى آياتها.
لقد بلغ الشهيد القائد بمشروعه القرآني أعلى مستويات الكمال الإيماني والإنساني في زمن التراجع والارتداد والارتهان، وكان صاحب الموقف الحر والمسؤول في زمن الذل والعبودية والخنوع.
لذلك فإن الحديث عنه وعن مشروعه القرآني هو حديث عن السمو في أمثلته العليا، بل هو حديث عن القرآن الذي من خلاله تتحلى لنا بصائره وبيناته، وهو حديث عن البذل التضحية والفداء في سبيل الله؛ من أجل نصرة دينه ونصرة المستضعفين، إنه باختصار حديث عن العظماء الذين قل أن يجود بهم الزمان.
لقد كان “رضوان الله عليه” رجل المرحلة، استطاع أن يدرك ما يحيط بشعبه وبأمته عمومًا من مخططات ومؤامرات، ووعى مخاطرها وتداعياتها وما يجب أن يكون عليه شعبنا اليمنى، وتكون عليه الأمة من أجل مواجهة أعدائها، ومن أجل تجاوز كل الأزمات والخطورات والتحديات.
كان رجل المسؤولية، عمل من أجل النهوض بالأمة؛ لتواجه من حولها من المتآمرين والطامعين والمفترسين، وتواجه ما تمر به من واقع أليم ومرير، لقد حمل هموم الأمة وقضيتها، وظل مدافعًا عن الحق والمظلومين والمستضعفين حتى استشهد.
تحرك الشهيد القائد “سلام الله عليه” في أوساط الأمة، وظل يدعوها بدعوة الله يتلو آيات الله عليها، وكانت رؤيته للأحداث رؤية هوية إيمانية قرآنية بحتة؛ لأنه كان يقدم النص القرآني، ثم ينطلق من جوهره ودلالاته ومضامينه إلى الواقع، ويشخص هذا الواقع، ويحدد الموقف الذي يجب عمله، كل ذلك كان بواسطة النص القرآن، هكذا كانت رؤيته “عين على القرآن وعين على الأحداث، وأرسى قاعدة أساسية هي حاكمية القرآن وهيمنته الثقافية أساسًا قويًا ومتينًا للهوية الإيمانية، ولتكون فوق كل ثقافة فوق كل فكر ومنطق.
لقد كان يحق قائدًا استثنائيًا وما يزال كذلك بالنظر إلى ما تركه من دروس ومحاضرات وملازم يقف المتأمل فيها منبهرًا من عظمة تلك الرؤية القرآنية النيرة والتشخيص الدقيق لمجمل المشاكل التي تعد أساس معاناة الأمة اليوم، بل إن الحصيف يجد أن الشهيد القائد عالمي الرؤية والنظرة والاهتمام، حرص أشد الحرص على وضع المعالجات اللازمة لمختلف القضايا التي تعاني منها الأمة، كل تلك المعالجات كان أساسها تأصيل وترسيخ الهوية الإيمانية الصحيحة والسليمة في ضوء تعاليم وتوجيهات وأوامر ونواهي القرآن الكريم التي انطلقت منه المسيرة القرآنية.
لقد صنع الشهيد القائد بواسطة القرآن الكريم أمة عزيزة كريمة مؤمنة، تفتخر بدينها وقيمها وهويتها الإيمانية والإسلامية والحضارية، عرفت من هي ومن هو عدوها بعد أن عاشت مدة طويلة تحت مفاهيم الذل والهوان والتيه والضياع، فمن يقرأ ملازم ومحاضرات الشهيد القائد يلاحظ تحذيراته للجميع من عواقب ومخاطر سيئة ستتعرض لها الأمة قبل حدوثها، مثل خطر دخول أمريكا ومخطط التقسيم وزرع الفتنة الطائفية والمذهبية وغيرها من المخاطر التي حذر من وقوعها الشهيد القائد قبل حدوثها بمدة طويلة.
كان الشهيد القائد “رضوان الله عليه” أول من أطلق صرخته المدوية في وجه الطغاة والمستكبرين في زمن الذل والهون والخنوع، رافضًا للذل والهوان والخنوع، أطلق صرخته المدوية ضد المستكبرين، وحطم بذلك غرور وغطرسة أمريكا وما تعيشه من وهم الشعور أنها دولة لا تهزم، وأظهره حقيقتها أنها مجرد قشة ضعيفة ومهزومة في مقابله القوة الإيمانية.
ولعل خير دليل على ذلك ما تتكبده أمريكا وإسرائيل اليوم في معركة طوفان الأقصى والجهاد المقدس من هزائم نكراء على أيدي القوة الصاروخية اليمنية والطيران المسير، وصارت صيدًا للجيش اليمني في البحر، إضافة إلى فشل كل مؤامراتها وخططها أمام قوة إيمان الجيش اليمني بالله وبالقيم والمبادئ المنبثقة عن المشروع القرآني وعشق الشهادة في سبيل الله.
واستطاع الشعب اليمني بفضل الله ثم بفضل المسيرة القرآنية أن يصنع الصواريخ والطائرات المسيرة، ويضرب العدو الإسرائيلي في عقر داره المحتلة، بل أصبحت الصواريخ والمسيرات اليمنية ببأسها الشديد كابوسًا يؤرق الملايين من الصهاينة ويذهب بهم إلى الملاجئ، وهذه نعمة بفضل الله تعالى تشفي صدور المؤمنين.
تلك هي الأهداف والمبادئ والقيم الأخلاقية التي تحرك في ضوئها المجاهدون من أبناء الجيش واللجان والشعبية، واستطاعوا من خلالها صنع الانتصارات المتتالية.
الحديث يطول ويطول عن الشهيد القائد وعن ومشروعه العظيم، لكنني أقول في الختام: نم قرير والعين يا سيدي، يا أسد المسيرة القرآنية، يا سبط النور؛ فقد بنيت أمة قوية عزيزة شامخة أحييتها بدمائك الطاهرة الزكية وبثقافة الجهاد، فجزاك الله عنا خير الجزاء يا سيدي، والسلام عليك حين ولدت، وحين استشهدت، ويوم يقوم الأشهاد وحين نلقاك في الجنة بإذن الله.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: رضوان الله علیه الشهید القائد حدیث عن من أجل
إقرأ أيضاً:
فعالية خطابية لوزارة المالية ومصلحتي الضرائب والجمارك بسنوية الشهيد القائد والشهيد الرئيس الصماد
يمانيون نظمّت وزارة المالية ومصلحتا الضرائب والجمارك اليوم، فعالية خطابية بالذكرى السنوية للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، والشهيد الرئيس صالح الصماد.
وفي الفعالية أشار نائب وزير المالية ناصر الهمداني، إلى أهمية إحياء ذكرى الشهيد القائد والشهيد الرئيس الصماد، لاستذكار محطات مهمة في تاريخهما التي ستظل خالدة في سجلهما الحافل بالصمود والثبات على الموقف والتضحية في سبيل الله ودفاعًا عن المستضعفين.
وقال “إن الشهداء وفي مقدمتهم الشهيد القائد، والشهيد الرئيس الصماد، ضحوا بأرواحهم في سبيل الدفاع عن الوطن وقضايا ومقدسات الأمة”.
وأضاف “وإذ نحيي الذكرى السنوية لشهيد القرآن والأمة ومجددّها السيد حسين بدر الدين الحوثي، والشهيد الصماد، فإننا نقف إجلالًا لشهداء معركة “طوفان الأقصى”، وفي مقدمتهم شهيد الإنسانية السيد حسن نصر الله والشهيد إسماعيل هنية والشهيد يحيى السنوار، والشهيد هاشم صفي الدين والشهيد البطل محمد الضيف.
وأشار الهمداني، إلى أن الوفاء للشهداء العظماء يكون باستذكار تضحياتهم والاهتمام بذويهم وإسناد جبهات العزة والكرامة، والإنفاق في سبيل الله.. مؤكدًا أن الشهيد القائد والرئيس الصماد سيظلان ملهمان لأحرار اليمن في الثبات والتضحية والعطاء في مواجهة قوى الهيمنة والاستكبار.
وفي الفعالية التي حضرها رئيس مصلحة الجمارك المهندس عادل مرغم، والقائم بأعمال رئيس مصلحة الضرائب وحيد الكبسي، وعدد من وكلاء وزارة المالية، اعتبر الأمين العام المساعد لرابطة علماء اليمن العلامة خالد موسى، إحياء ذكرى الشهيد القائد والشهيد الصماد، محطة للتذكير بمسيرة حياتهما الجهادية ومواقفهما البطولية.
وأشار إلى أن الشهيدين تحملا مسؤولية الأمة والشعب اليمني، بتحركهما في سبيل الله، انطلاقًا من القرآن الكريم.
ولفت العلامة موسى، إلى أن الشهيد الصماد واصل السير على المشروع القرآني للشهيد القائد.. مشيرا إلى السيد حسين بدر الدين الحوثي تعرض لحروب عسكرية ظالمة وحرب نفسية ودعائية من قبل السلطة الظالمة، في محاولة لإجهاض المشروع القرآني الذي حمله على عاتقه لإنقاذ الأمة من قوى الهيمنة والاستكبار العالمي بقيادة أمريكا وإسرائيل.
وأفاد بأن الشهيد القائد أخاف أمريكا بمشروعه العظيم الذي أسسه.. مبينا أن دول العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي قصفت ضريح الشهيد القائد بعشرات الغارات، لأنه رفع الصرخة في وجه المستكبرين، واستنهض الأمة بالشعار كسلاح وموقف.
ولفت الأمين العام المساعد لرابطة علماء اليمن، إلى أن الرئيس صالح الصماد هو أحد خريجي مدرسة الشهيد القائد، بما حمله من روحية إيمانية وثقافة قرآني ومبادئ وأخلاق وشجاعة في مواجهة العدوان وقربه من الناس، والمرابطين في الجبهات.
تخللت الفعالية قصيدة للشاعر صقر اللاحجي وعرض عن حياة الشهيد القائد والشهيد الصماد.
إلى ذلك زار عدد من قيادات وموظفي الوزارة ومصلحتي الجمارك والضرائب ضريح الشهيد الرئيس صالح الصماد ورفاقه في ميدان السبعين وقرأوا الفاتحة على أرواحهم.