تقديم: الواقعيَّة السحريَّة في كتاب (في سِياق الأحداث) البروفسير/ محمد المهدي بشري

من نافلة القول إنه من الصعب تقديم كتاب هو أصلا شهادة لمناضل صنديد عاصر وشارك في أيام النضال الشيوعي بل الوطني في أزهى أيامه، وهو مناضل قضى زهرة حياته في صفوف الحزب الشيوعي الذي لم يدخله إلا بعد تفكير وجهد، وهو عصامي علم نفسه بنفسه؛ ألا وهو محمد سيد احمد الحسن نشأ متمردا رافضا عقلية القطيع، فهو مثلا لم يؤمن بالعقيدة الختمية على الرغم من انه نشأ في معقلها ومن أبوين يدينان بالولاء لها، فهو يقول: "ولما كنت أكن كرها شديدا للختمية انضممت إلى جماعة أنصار السنة حوالي سنة أو ستة أشهر تقريبا و ولكنها لم تركب في رأسي".

. (أحمد: 35).
ونلاحظ إن الثقة والاعتداد بالنفس واضحة في شخصية سيد أحمد راوي هذه الشهادات التي يرويها بشجاعة وجرأة.
ومن المفارقات إنني كنت قد فرغت لتوي من إعداد دراسة عن الثائر بابكر بدري انطلاقا من كتابه تاريخ حياتي بأجزائه الثلاثة ، و خلصت إلى أن بابكر بدري رجل شجاع وهو نسيج لوحده و آية ذلك إنه سرد مذكراته بصدق وجرأة ، و يمكنني القول هنا أن الكثير من الوشائج تربط بين بابكر بدري وبطلنا هنا سيد احمد الحسن، وأقول بطلنا هنا و كلاهما بدري و سيداحمد بطلان أقرب ما يكونان لأبطال الروايات الخيالية، و في مرات كثيرة و أنا أقرأ في شهادات محمد سيد أحمد أنسى إنني أقرأ لرجل يسرد ذكرياته، وأواصل القراءة وكأنني أقرأ رواية من روايات الواقعية السحرية؛ تلك الروايات التي يختلط فيها الواقع بالخيال و أشهر نماذجها هي روايات حامل جائزة نوبل (جارسيا ماركيز) خاصة روايته مائة عام من العزلة، لأن الحياة التي عاشها صاحب السيرة تتميز بقدر كبير من الغرائبية، فمثلا نراه يحضر أول اجتماع له و هو عضو قادم حديثا للحزب و ذلك في رمضان و بعد تناول إفطار رمضان أخرج سيجارة بنقو و لفاها و لكن ذلك لم يكن مقبولا من رفاقه الذين حضروا الاجتماع و تم إيقاف محمد سيد أحمد و ظل سلوكه محل نقاش مستمر في اجتماعات الحزب إلي أن أعلن سيد أحمد عن توقفه لتعاطي المخدرات ( نفسه:41) .
وكان تعاطي البنقو جزءا من سلوك سيد أحمد وما تميز به من تمرد ضد أي مؤسسات حتى لو كانت هي الحزب الشيوعي السوداني. وقد لازم هذا التمرد سلوك محمد سيد أحمد منذ صباه، وها نحن نراه يكره طائفة الختمية وهو سليل أسرة شديدة الولاء للختمية. وها هو يقول بكل صراحة: "ولما كنت أكن كرها شديدا للختمية انضممت إلى جماعة أنصار السنة حوالي سنة أو سبعة أشهر تقريبا". (نفسه: 35).
بالطبع لم تكن طائفة الختمية المكان أو قل الحضن اللائق لروح قلقة متمردة مثل روح محمد سيد أحمد، فهو يقول إن طائفة أنصار السنة "لم تركب في راسي". (نفسه: 35)
ونجده يكرر القول ثانية:
"وأنا لم أكن أحب الختمية لا طفل ولا كبير". (نفسه: 35). ومما يجدر ذكره هنا حرص سيد أحمد علي الاطلاع والتثقيف الذاتي، فاتجه كما نقول إلى القراءة، ونجده يقول:
"واكتشفت إنه ليس لدي ثقافة، وأن معرفتي ضحلة جدا وإنني لا أعرف أي شيء، فاتجهت للقراءة". (نفسه: 35).
وسيد أحمد يكشف هنا عن عصامية وعن كدحٍ لأجل كسب المعرفة وهو لم يدرس أصلا في مدرسة نظامية بل علم نفسه بنفسه. فهو درس في الحصاحيصا والخرطوم ولم يكمل المرحلة الابتدائية في أيهما (نفسه: 35). وبرغم صغر سنه انتمى لحركة الأخوان المسلمين، بل وصار مرشدا، لكن الكتب التي توفرت له لم تشف غليله، ولكنه سرعان ما وجد ضالته في بعض الكتب أشار لها قائلا: "وفي تلك الفترة قرأت كتبا جيدة كثيرة: آنا كارنينا وقرأت معه فتاة غسان لجرجي زيدان". (نفسه: 37).
إن شهادة محمد سيد أحمد تضيء الكثير من ملامح الحزب الشيوعي السوداني منذ نشأته أو قل بداياته الباكرة في أربعينات القرن الماضي، وهذا من شاهد عيان يروي ما شاهده بل وما عاشه بصدق وجرأة. وهو قد عاصر مراحل نشأة هذا الحزب وانتمى له وهو صبي لم يكمل عقده الثاني، ونلاحظ هنا أن محمد سيد أحمد انتمى للحزب بعد تفكير وروية وبالطبع بتأثير من آخرين. فهو، مثلا، كما ذكر قضى طفولته تلميذا في الخلوة وعاملا في الساقية، فهو يقول:
"فذهبت إلي بيت جدتي حيث عشت هناك، وكان جدي شيخ خلوة، فأدخلني في الخلوة وصرت معه في الخلوة والساقية لمدة خمس سنوات تقريبا قضيتهم بين الخلوة والساقية ولم تكن لي صلة كبيرة بأهل أبي. وفي عمر ثلاثة عشر أو أربعة عشر عاما قررت أن أسافر وأتيت إلى الخرطوم". (نفسه: 30).
ولكن صديقا آخر لمحمد قاده للفكر الشيوعي؛ و"أعطاني مجلة أسمها الكادر الشيوعي وهي مجلة تنظيمية داخلية". (نفسه: 38).
وحدثت طرفة في أول اجتماع حضره سيد أحمد، وكان في أحد أيام رمضان وكان سيد أحمد صائما وذكر إنه بعد الإفطار أخرج سيجارة بنقو ودخنها (نفسه:39). ولكن بسبب هذه الفوضى أوقف سيد أحمد من حضور الاجتماع لحوالي ثلاثة شهور، وذلك مما اضطر سيد أحمد لعدم مواصلة تدخين البنقو. وبعد هذا السلوك سمح له بحضور الاجتماعات. ولا نحتاج هنا للإشارة للحرص على السلوك المنضبط والخلق السوي من عضو الحزب.
أشار سيد أحمد لواحدة من أهم الأزمات، أو الضربات كما يسميها وهي تلك التي حدثت في فترة حكم أبراهيم عبود (1958--1964) حيث يقول إن هذه الضربة عطلت الحزب كثيرا: "وكان مجرد عقد اجتماع مشكلة، فتعطلت الاجتماعات، وانتقل نشاط الحزب إلى الأقاليم". (نفسه: 54). وحدث تشتت بالنسبة للقيادات المعروفة، ومن الطريف أن سيد أحمد أشار إلى سيدة كواحدة من هذه القيادات، وهي مريم بلال، التي قال عنها إنها قادت الحزب هناك (بورتسودان) فترة من الفترات (نفسه: 55).
هذا يعني أن النساء تبوأن مناصب قيادية في الحزب الشيوعي، وهذا الأمر بالطبع نادر الحدوث في الأحزاب السودانية في ذلك الزمان في الستينات من القرن الماضي.
وأشار سيد أحمد كذلك إلى ما أسماه تطور في تكتيكات النضال، ونجده يقول "تتغير أساليب النضال وتتغير أساليب الشيوعيين في العمل، وابتكرنا أساليب جديدة، وفي هذه الفترة بالذات كنا نحمل جرادل مملوءة بالحبر وفرش نقاشة لنكتب بها شعارات الحائط إلى أن علمنا زملاء من المعهد الفني طريقة جديدة بعمل أقلام من الشمع". (نفسه: 63).
ومن هذه الأساليب كذلك تضامن الحزب الشيوعي مع القوى الديمقراطية الأخرى في أنشطتها وفعالياتها، ومثال لذلك تضامن فرع الحزب الشيوعي بالديم مع الجبهة الديموقراطية بجامعة الخرطوم (نفسه: 73). وذكر سيد أحمد أن شكل التضامن أنهم ذهبوا إلى الجامعة، وهو يقول: "أول شيء عملناه هو الذهاب إلى جامعة الخرطوم، وغنينا داخل الجامعة". (نفسه: 73).
والطريف أن أعضاء فرع الديم غنوا داخل الجامعة الأغنية التي اعترض عليها الأخوان عندما اعتدوا على الراقصين في قاعة الامتحانات في حادثة العاجكو المعروفة.
يقول سيد احمد غنوا "العاجكو ذاتها، غناء كورالي بجوقة من الهواة على سبيل التحدي لكل من تسول له نفسه أمرا والفرع كان فيه ملاكمين". (نفسه:73).
يمكن القول إن الحزب الشيوعي كان يتمتع بعضوية متمرسة ذات إمكانات وقدرات جيدة في مختلف مجالات الفن والإبداع، بل أن واحدا من هؤلاء الأعضاء كتب عن قصة قصيرة ل الطيب صالح هي قصة (نخلة علي الجدول) وهو صديق حسن إبراهيم الذي يصفه محمد سيد أحمد "بأنه كتب في جريدة الصراحة، لافتا النظر إلى رواية الطيب صالح نخلة علي الجدول (هكذا) أول شخص! عندما كان الطيب صالح مغمورا لم يشتهر بعد، هو انتبه لقدرات الطيب صالح وكتب عنها..". (نفسه: 80).
وقد أضاف سيد أحمد في شهادته وهو عضو في الحزب الشيوعي، وذكر أنه رأي بعض الممارسات داخل الحزب لم يوافق عليها، وعندما جاءت مايو 1969 حدث الانقسام الكبير ووجد سيد أحمد نفسه حائرا لا يدري ماذا يفعل، خاصة وإن المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي لم يحسم القضايا وخلص للقول: "وخرجنا من المؤتمر الرابع مهزوزين وليس بالصورة التي دخلنا بها المؤتمر" (نفسه: 125).
وهو يصف موقعه خاصة عند حدوث (انقلاب يوليو 1971م.)، نلمس هذا في قوله: "في لحظة وقوع الانقلاب لم أكن مع أحد، لسبب بسيط إنه وبعد اتضاح الرؤية وكنت اعتبر إنني عضو الحزب الشيوعي.. ولكن أي حزب؟! هذا لم يكن معروفا لدي". (نفسه: 147) ...
ذكر سيد أحمد إنه عندما تفرغ لحياته الخاصة و لتربية أولاده ، تحسنت ظروفه المالية وظل يواصل نشاطه السياسي، و لكن بعض الشيوعيين اتهمه بالبرجوازية و رفض العمل معه، و قد أشار سيد أحمد لهذا الموقف قائلا: "ومن الطرائف أن الزميل عوض ناصر في فترة من الفترات تقاعس و رفض العمل في أتيام الزبيرية، و أنا كنت المسؤول السياسي لفرع ديم الزبيرية بسبب أن أنا زميل برجوازي، فقد زار بيتنا ووجد بلاط وتلقيم (سقف مستعار) و كراسي فخمة و أشياء أخرى كثيرة ، فعمل مشكلة و جاؤوا وحدثوني وقالوا لي أن هذا الزميل يقول إنك برجوازي و هو لا يرغب في الاستمرار في العمل في الفرع". (نفسه: 153).
ولكن سيد أحمد ناقش ذلك الزميل بموضوعية وانطلاقا من فهم عميق للأيدولوجية الشيوعية وأكد له ان الاشتراكية التي يناضل لأجلها الشيوعيون: "أن يعيش الناس في مستوي عال وليس في الفقر". (نفسه: 153).
وأشرنا من قبل إلى الثقافة الواسعة التي كان يتمتع بها سيد أحمد نتيجة لاطلاعه وشغفه بالقراءة، لهذا لم يكن من الغريب أن يلجأ له الفولكلوري الكبير والباحث الراحل الطيب محمد الطيب طالبا منه العون في تقديم حلقات من برنامج (صور شعبية) عن الفلاتة الذين سكنوا عشش فلاته قبل ترحيلهم إلى الإنقاذ فيما بعد..
يقول محمد سيد أحمد: "وجاءني الطيب محمد الطيب، قال لي أن عنده برنامج اسمه (صور شعبية)، قال لي إنه يريد ان يعمل حلقات عن العشش، فقلت له جدا، وكنت قد عملت أصحاب هناك (.....) فقدم الطيب حلقات عن العشش، آخذهم إلى الإذاعة يكملوا تسجيلاتهم وأعود بهم إلى العشش". (نفسه: 162).
وظل سيد أحمد يشارك في الحياة العامة، ويذكر إنه عام 1972 توقف عن النشاط السياسي، فهو يقول: "فتحولت إلى شخص عادي، علاقتي بالناس عادية، رئيس جمعية تعاونية ورئيس نادي وأعمل في السوق، حياتي لم تتوقف، ولكن عمل سياسي، لجنة اجتماعات، قرارات.. الخ فلم أعد اشارك فيها بعد 1972". (نفسه: 164).
وكما نعرف فإن سيد أحمد بدأ نشاطه السياسي في صباه، فهو قد انتمى للحزب الشيوعي وهو لم يكمل العقد الثاني وذلك إبان حكم الفريق إبراهيم عبود، مما يعني إنه قضي في الحزب قرابة العشرين عاما.
ذكر معد الكتاب أن محمد استمر عضوا بالحزب الشيوعي منذ عام 1952 وحتى 1970 (نفسه: 10).
وبعد توقفه عن النشاط السياسي تحول إلى النشاط العام وإلى التفرغ إلى تربية أسرته، وهنا استثمر محمد قدراته وذكائه الاجتماعي إلى جانب علاقاته الاجتماعية الواسعة، فقد نجح مع آخرين في اختراع جهاز يعمل بديلا للحطب في المخابز، وكانت تجربة رائدة وناجحة، ولكن موت شريكه في التجربة أوقف التجربة (نفسه: 167). ثم ظل يعمل في مجالات عدة مثل مجال السياحة، وذلك في بدايات فترة مايو (1969-1985)، ونجح في هذا المجال مع شخص أجنبي هو الانجليزي فيليب غوردون، الذي كان أستاذا بالمعهد الفني سابقا، لكن قوانين سبتمبر 1983وضعت جدا لنشاط الشركة. فقد منعت هذه القوانين اختلاط الرجال والنساء (نفسه: 170). ثم أنشأ طاحونة وكان مشروعا ناجحا لكن عندما حدث انقلاب الإنقاذ 1989، بدأت المشاكل باعتقال ابنه عادل في بيوت الأشباح.
وهكذا مضت دورة الحياة، فالابن يحمل كل جينات النضال الوطني التي ورثها من والد مناضل لا تلين له قناة.
ولم يتوقف الأمر عند اعتقال فلذة كبده، بل صارت الأسرة كلها هدفا لنظام الإسلامويين لدرجة إيهام الأسرة بأن ابنهم قد وجد مقتولا، فقد حضر شخص إلى المنزل وأخطر الأسرة بأن شخصا يرتدي ملابس تشبه ملابس عادل وجد مقتولا. (نفسه: 175)، لكن سيد أحمد ناضل لأجل إطلاق سراح ابنه حتى نجح في ذلك.
ويواصل سيد أحمد روايته من نضال القوي الديموقراطية وليس الحزب الشيوعي وحده ٫ وأورد إفادة هامة عن ليلة المتاريس التي حدثت بعد ثورة أكتوبر 1964، ونجده هنا كما عهدناه دائما صادقا فيما يرويه، فهو يقول: "الحديث عن ليلة المتاريس صعب، لأنها لم تكن في مكان واحد (....) وسأحكي عن قصتي أنا ولا أعرف ماذا فعل الباقون". (نفسه 178).
ومن الطرائف التي رواها سيد أحمد عن المتفرغين أو المختفين ما حدث مع (مكين)، الذي كان مسؤولا عن المتفرغين وكان مسؤولا عن تأمين وإعاشة بعض هؤلاء المتفرغين، الذين كانوا يشكلون عبئا عليه، فقد اشتكى لأحد قيادات الحزب بهذا الأمر، ولكن لا أحد يأبه الى ما يأكله أو يشربه (نفسه: 192). وقد تشرفت بمعرفة (مكين) وهو مازال في حي القوز وظل مناضلا صنديدا قويا، وذلك قبل الحرب).
كذلك تحدث سيد احمد عن مناضل تشرفت أنا بمعرفته وهو حسن الفن، الذي توفي قبل سنوات، وهو من قرية من قرى شندي، وكان كفيفا وعملت معه في (فرع الحزب بالحلة الجديدة). وكذلك علق سيد أحمد على بعض قيادات الحزب من أصحاب الكاريزما بأن الحزب عمل حولهم تكتلات. (نفسه: 200) وربما يقصد شلليات.
وذكر من هؤلاء فاطمة أحمد أبراهيم والشفيع أحمد الشيخ ومصطفى محمد صالح والأمين محمد الأمين، وهو يقول: "فمثلا نقول العمال هناك الشفيع، المرأة فتعني فاطمة، نقول المعلمين هناك مصطفى محمد صالح". (نفسه: 200).
وعلق سيد أحمد على هذا الأمر بذكاء قائلا: (وقد قفل هؤلاء الزعماء الطريق أمام الآخرين، فقد كان هناك نساء (.....) مثل خديجة صفوت وبنت وهب، وآمال سراج وغيرهن، لكن لم يكن لديهن مجال مع فاطمة. (نفسه: 201).
وكذلك تحدث سيد أحمد عن المناضل الجزولي سعيد وقال إنه من كسلا، وهذا خطأ فالجزولي من شمال السودان وهو دنقلاوي، وهو شقيق المناضل التشكيلي رمضان سعيد. وقد تحدث سيد أحمد بمحبة وإعجاب عن الجزولي قائلا: "إنه من النوع الذي لم يجد حظه في الحزب (....) ولم يكن من هؤلاء، كان رجل بسيط وعامل ولكن مناضل". (نفسه: 210). ونلاحظ هنا أن سيد أحمد يعلق بموضوعية وحياد عن الكثير من الشخصيات الوطنية حتى عن البعض من غير الشيوعيين، فهو مثلا يقول عن أحمد خير المحامي: "كان هناك رجل مناضل ولكنه كان يرفض العمل السياسي في الأحزاب اسمه أحمد خير، وكان يقيم في مدني، وخاض نضالا شرسا يساوي حزبا بأكمله". (نفسه:212).
وهذه النزاهة ليست غريبة على مناضل ظل عفيف اليد زاهدا، وليس أدل على هذا من رفضه للوزارة عندما عرضت عليه في فترة مايو، حيث رشح وزيرا للتعاون فأجاب بشجاعة وتجرد: "أنا لا أصلح وزيرا لمؤهلاتي وظروفي وهكذا، ولكن أعتقد أن الشخص المناسب هو محمد علي جبارة وهو رئيس الجمعية التعاونية للهيئة المركزية للكهرباء ورجل بطبيعته تعاوني ورئيس الاتحاد التعاوني هناك". (نفسه: 217).
وأضاف سيد أحمد في شهاداته شهادة عن البناء الاجتماعي في الديوم والمناطق المجاورة لها، مثل الحلة الجديدة والقوز، وتحدث عن بعض أسماء أحياء الديوم وشرح ماذا يقصد بها مثل (غريقانة) و (المايقوما)، وكذلك تحدث عن الخريطة السياسية لهذه المناطق وأشار إلى سيطرة الاتحاديين في الحلة الجديدة، الأمر الذي استمر لزمان طويل وقد ساهموا فعلا في تطوير المنطقة بالخدمات، خاصة التعليم والمواصلات.
مُلخص القول: إن شهادة سيد أحمد التي أوردها في طيَّات كتاب (في سياق الأحداث) تميزت بالجرأة والصدق، وهي رواية شاهد عيان تميز بمعرفة موسوعية نالها بعصامية حيث علم نفسه بالاطلاع الواسع في شتي مجالات المعرفة وهذا مما أهله ليكون مناضلا صنديدا صاحب رأي وموقف وليس بالإمعة أو التابع. وهذه الشهادة تفيد كثيرا في بناء الحزب ومراجعة الأداء والمواقف التي أخطأ فيها الحزب، ليس هذا فحسب، بل أن هذه الشهادة لا غني عنها لأي باحث أو مهتم بتاريخ الخرطوم، خاصة تاريخ أحياء الديوم من حيث السكان وأنشطتهم في مختلف المجالات الاقتصادية والرياضية والغناء وغير ذلك.

بروفسير محمد المهدي بشرى
الإسكندرية- يناير 2025م.

amsidahmed@outlook.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحزب الشیوعی محمد سید أحمد الطیب صالح سید احمد فهو یقول فی الحزب هو یقول لم یکن

إقرأ أيضاً:

حجاج عبد العظيم يشوق الجمهور لشخصيته في مسلسل "فهد البطل".. رمضان 2025

شوق الفنان حجاج عبد العظيم جمهوره ومتابعيه، عبر صفحته الشخصية على موقع تبادل الصور والفيديوهات "إنستجرام"، لشخصيته في مسلسل "فهد البطل" بطولة الفنان أحمد العوضي، والقرر عرضه ضمن السباق الرمضاني المقبل 2025.

 

 

ونشر حجاج عبد العظيم البوستر الفردي لشخصيته، وعلق عليه قائلًا:" شوقي في فهد البطل رمضان يجمعنا".

 

View this post on Instagram

A post shared by Hagag Abd Elazim (@hagagabdelazim)

 

تفاصيل مسلسل "فهد البطل"

 

مسلسل فهد البطل بطولة أحمد العوضي، ميرنا نور الدين، أحمد عبدالعزيز، كارولين عزمي، يارا السكري، لوسي، صفوة، محمود البزاوي، حجاج عبدالعظيم، أحمد ماجد، عصام السقا، صفاء الطوخي، ومن تأليف محمود حمدان وإخراج محمد عبدالسلام، وتدور الأحداث في إطار اجتماعي شعبي.

 

 أحداث مسلسل "فهد البطل"



تدور أحداث المسلسل في إحدى قرى الصعيد، حيث يعيش فهد الذي يعمل في مصنع رخام. تتشابك حياته مع حب فتاة (تلعب دورها الفنانة ميرنا نور الدين)، ويواجه العديد من المشاكل. يسعى فهد للبحث عن لقمة العيش في القاهرة، ولكنه يجد نفسه متورطًا في قضايا تؤدي إلى دخوله السجن في الحلقات الأولى من العمل. تتوالى الأحداث في إطار درامي مشوق.

مقالات مشابهة

  • حجاج عبد العظيم يشوق الجمهور لشخصيته في مسلسل "فهد البطل".. رمضان 2025
  • ندوة لمناقشة كتاب "مدرسة حسن نصر الله وآيات يحيى السنوار".. الأربعاء 19 فبراير
  • مسلسلات رمضان 2025.. عمرو سعد يكشف عن بوستر «سيد الناس» (صورة)
  • الحزب الشيوعي العراقي ينتقد قرار الحكومة السورية بحل الحزب في البلاد
  • "عامل رخام".. أحمد العوضي يكشف كواليس جديدة من مسلسل "فهد البطل"
  • الاتحاد السكندري كلمة السر في العتاولة 2
  • اللي فات دمار واللي جاي ضرب نار.. السقا يروج لمسلسله العتاولة 2
  • الحزب الشيوعي العراقي يندد بالقرار الجائر للسلطة الجديدة في سوريا
  • بيان جماهيرى من الحزب الشيوعي السوداني تضامنا مع الشعب الفلسطيني