هل يؤثر وصم الحوثيين بالإرهاب على القطاع المالي في اليمن؟
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
أثار قرار الإدارة الأميركية -إدراج الحوثيين ضمن المنظمات الإرهابية- مخاوف من انعكاسات سلبية على القطاع المالي والإنساني في اليمن الذي يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية بالعالم.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن في 22 يناير/كانون الثاني إدراج جماعة الحوثي على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" قائلا إنه سيوجه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لإنهاء علاقتها مع الكيانات التي قدمت مدفوعات لهذه الجماعة.
وذكر البيت الأبيض -في بيان- حيثيات هذا القرار، مرجعا ذلك إلى أن أنشطة الحوثيين "تهدد أمن المدنيين والموظفين الأميركيين في الشرق الأوسط، كما تهدد أقرب شركائنا الإقليميين واستقرار التجارة العالمية".
وردا على ذلك، اعتبرت حكومة الحوثيين في بيان بأن "التصنيف لن يزيد الشعب اليمني وقواه السياسية الحرة وفي المقدمة أنصار الله إلا ثباتًا وصمودًا على الحق ودفاعًا".
وحذر بيان الحوثيين من أن "هذا القرار القديم الجديد لا يخدم الاستقرار في المنطقة وجهود السلام التي ترعاها الأمم المتحدة لتحقيق السلام العادل والمشرف للشعب اليمني".
وفي السياق، رحب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بالقرار الأميركي، واعتبر ذلك "مدخلا لإحلال السلام والاستقرار" في البلاد والمنطقة.
إعلانوبحث العليمي مع أحمد غالب محافظ المركزي اليمني في عدن "ضمان تدفق المعونات الإغاثية في عموم اليمن، والحد من أي تأثيرات للقرار الأميركي على القطاع المالي في البلاد" وفق خبر نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سبأ).
تعليق نشاط الأمم المتحدةعقب يومين من القرار الأميركي، تصاعد التوتر بين الحوثيين والأمم المتحدة، حيث أعلنت الأخيرة -في بيان- تعليق جميع تحركاتها الرسمية ضمن وإلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثي شمالي البلاد.
وجاء هذا القرار عقب اتهام الحوثيين بـ"احتجاز المزيد من الموظفين الأمميين العاملين في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم" حسب البيان.
وتوترت العلاقة بين الجانبين منذ أشهر، بعد اعتقال الحوثيين في يونيو/حزيران 2024 موظفين أمميين يمنيين.
كيف يبدو موقف الحوثيين؟في تصريح خاص للجزيرة نت، علق القيادي الحوثي البارز حميد عاصم على تأثيرات القرار الأميركي قائلا إن" أبناء اليمن بشكل عام هم من يتأثرون بسبب العقوبات الأميركية وليس القيادات".
وأضاف "98% من قيادات صنعاء لا توجد لديهم أرصدة في البنوك، لأن القيادة أتت على بنوك فارغة وعلى حصار مفروض على اليمن، وليست من القيادات التي تنهب وتسرق أموال اليمن".
وتابع عاصم -الذي سبق أن شارك عضوا في الفريق الحوثي بالمفاوضات- مخاطبا الإدارة الأميركية "هم يعلمون أن صنعاء تدير شؤون الدولة في مناطق سيطرتها بالحد الأدنى من الإمكانات".
وبشأن تأثير التصنيف على تدفق التحويلات المالية إلى اليمن، أوضح عاصم أن "التحويلات المالية للأفراد وللأسر اليمنية، وأي عقوبات يتضرر منها المواطنون".
وأرجع القيادي الحوثي أسباب القرار الأميركي إلى "موقف اليمن من العدوان الصهيوني الأميركي البريطاني على أهلنا في فلسطين" في إشارة إلى هجمات جماعته التي نفذتها بالبحر الأحمر وإسرائيل قائلة إنها مساندة لغزة.
إعلانوأردف "هي محاولة من أميركا لكسر إرادة اليمنيين، وهذا أمر صعب المنال".
وحول مدى تأثير القرار على المشاريع الإنسانية والتنموية، قال المسؤول الحوثي إن "المعونات المالية المقدمة لصنعاء شحيحة جدا، ونحن نسعى إلى العمل من أجل الاعتماد على مقدراتنا وإن كانت محدودة جدا".
وحول رد الجماعة على التصنيف الأميركي، صرح عاصم" تلك العقوبات قد تدفع قيادتنا لاستخدام ما لديها من وسائل ضغط على دول العدوان وخاصة الدول العربية المعتدية وكذلك الأميركيين، والوسائل كثيرة أهمها القوة التي يمتلكها اليمن ".
وبعد ساعات من قرار ترامب، حذرت منظمة أوكسفام الدولية -في بيان- من أن "إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية تشكل ضربة أخرى لليمنيين الذين وقعوا في فخ الصراع المميت الذي استمر لمدة 10 سنوات".
وأضاف البيان "استعدت البنوك لتقليص أنشطتها، وبدأت المنظمات الإنسانية في التخطيط لتصعيد كبير مع موارد أقل وقيود أكثر".
والخميس الماضي، حذر الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن (غير حكومي مقره صنعاء) من أن التصنيف الأميركي للحوثيين "ستكون له تداعيات خطيرة على الوضع الإنساني وتوجهات السلام في المنطقة والعالم".
وفي السياق، شكا الشاب اليمني ناصر من إيقافه مؤخرا عن العمل في منظمة مجتمع مدني بصنعاء عقب قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.
وكان ناصر يعمل موظفا عن بُعد في مجال إدخال وتحرير البيانات في المنظمة التي أشعرته مع زملائه المقيمين في صنعاء بالاستغناء عن خدماتهم حتى إشعار آخر.
وقال ناصر للجزيرة نت -مفضلاً عدم ذكر هويته الكاملة- إن المنظمة لم تخبرهم بمبررات القرار، لكنه أرجع ذلك إلى مخاوفها من عواقب التحويلات المالية إلى صنعاء في ظل هذا الظرف الحرج عقب تصنيف الحوثي منظمة إرهابية.
إعلانوأوضح المواطن أنه استند إلى دليل "يتمثل بأن موظفي المنظمة المقيمين في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية لم يتم الاستغناء عنهم"، وأضاف "توقفت أعمالنا فجأة وهذا محزن، لكن قد تأتي فرص أخرى فأملنا بالله كبير".
وتابع ناصر "منذ 10 سنوات، المدنيون هم يدفعون دوما ثمن الصراعات السياسية التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل".
تأثيرات كبيرةتقع معظم البنوك اليمنية في مناطق سيطرة الحوثيين التي تحوي أيضا المقرات الرئيسية للمنظمات الأممية والدولية، مما قد يؤثر على الأنشطة المالية والإنسانية جراء القرار الأميركي.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى الخبير المصرفي عبد السلام الشجاع أن "تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية له تأثيرات كبيرة على كافة الأصعدة المالية والإنسانية".
وأضاف "سيؤثر التصنيف على المسار المالي، وستكون هنالك صعوبة في التحويلات المالية وتأخيرها، وارتفاع سعر تكلفة الترحيل للبنوك، وعدم استطاعة البنوك استقبال الحوالات الخارجية".
ولفت الخبير المصرفي إلى أن "المشروعات التنموية والمساعدات الإنسانية من قبل المنظمات الدولية والمحلية سوف تتأثر بشكل كبير وقد تتوقف نتيجة هذه التطورات".
ونبه الشجاع إلى أن السكان في مناطق سيطرة الحوثيين بشكل عام يعانون من فقر مدقع، محذرا في الوقت ذاته من أن هذا التصنيف ستكون له انعكاسات سلبية على حالة المواطنين في المستقبل.
وللتعامل مع الوضع الحالي، يوصي الخبير اليمني بضرورة تسهيل عمل المنظمات الدولية والمحلية في صنعاء، وفتح مكاتب رئيسية لها في عدن، معتبرا أن اتخاذ ذلك قد يخفف من تفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي.
ولفت إلى أن استقبال البنك المركزي في عدن للتمويلات الدولية يضمن عدم انقطاعها، وسيحد من أي تأثيرات على المشاريع التنموية التي تقوم بها الأمم المتحدة بالمناطق الشمالية لليمن.
من جانبه، يرى الباحث الاقتصادي رشيد الحداد أن "قرار التصنيف الأميركي الأخير يفرض قيودا على حركة وأنشطة المنظمات الدولية والوكالات الإنسانية، ويأتي في إطار ضغوط اقتصادية تمارسها واشنطن على حكومة صنعاء".
إعلانوأضاف الحداد المقيم في صنعاء -للجزيرة نت- أن هذا القرار يعد بمثابة "فرض عقاب جماعي على الشعب اليمني برمته" وأن تداعياته على القطاع الاقتصادي والحركة التجارية "ستكون سلبية".
وأوضح أن "المؤشرات تفيد بأن أي تصعيد اقتصادي يتخذ من أي طرف تنفيذا لقرار التصنيف الأميركي سيقابل بتصعيد موازٍ، خاصة أن حركة الحوثيين خرجت من المشاركة في معركة الإسناد أقوى عسكرياً وتمتلك قدرات عسكرية كبيرة وكذلك تواصل التحضر لجولة أخرى من الصراع".
وأفاد بأن "حركة الحوثيين تحتفظ بعوامل قوة قد تستخدمها في حال تشديد الحصار على صنعاء كتضيق الخناق للتجارة الدولية ووقف إمدادات الطاقة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مما سيشعل أسعار النفط بالأسواق العالمية، وستفشل خطط ترامب لخفض التضخم بالأسواق الأميركية وقد ينتهي عصره الذهبي".
تضرر المغتربينيشير مراقبون إلى احتمالية تضرر المغتربين اليمنيين العاملين في الخارج، من حيث صعوبة التحويل المالي إلى أسرهم نتيجة الرقابة على الأموال المتدفقة إلى مناطق سيطرة الحوثيين.
وفي السياق، يقول الصحفي حمدان البكاري إن "قرار تصنيف الحوثيين سيؤثر على عائلات المغتربين التي تعتمد بشكل رئيسي على التحويلات المالية من أبنائها في الخارج".
وأضاف للجزيرة نت أن "هذا الأمر قد يسبب وصما سلبيا على السكان في تلك المناطق، ولأهاليهم المغتربين بالخارج من قبل شركات الصرافة والتحويلات المالية".
ويوضح البكاري أن قرار تصنيف الحوثيين سيخلف صعوبة كبيرة في التحويلات المالية، وفي رفع تكلفة الإرسال "إذا تمت إضافة بنوك أخرى محلية إلى قائمة الحظر من قبل الولايات المتحدة".
واعتبر أن وضع السكان في مناطق سيطرة الحوثيين قد يتأثر بشكل كبير، وربما تتسع رقعة الفقر مع نية إغلاق المنظمات لمكاتبها وشحة الأعمال.
ونبه بأن المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تعاني من ركود اقتصادي، وشح بالعملات الأجنبية، مما قد يسبب القرار الأميركي أزمة أكبر في وفرة النقد الأجنبي، وتعقيد مسار التحويلات المالية الذي يشكل مزيدا من معاناة المواطنين.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مناطق سیطرة الحوثیین المناطق الواقعة تحت التحویلات المالیة التصنیف الأمیرکی القرار الأمیرکی تصنیف الحوثیین فی مناطق سیطرة الأمم المتحدة منظمة إرهابیة تصنیف الحوثی هذا القرار للجزیرة نت على القطاع إلى أن
إقرأ أيضاً:
«الفارس الشهم 3»: إغلاق معابر غزة يؤثر سلباً على عمليات الإغاثة
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةأعلنت عملية «الفارس الشهم 3» أمس، عن انطلاق الدورة الأولى من توزيع المساعدات الإغاثية على المستفيدين في مدينة رفح بقطاع غزة. وتهدف هذه المرحلة إلى تقديم الدعم للأسر المحتاجة، ضمن الجهود المستمرة لتخفيف معاناة السكان في المناطق المتضررة.
وأكدت عملية «الفارس الشهم 3» أن إغلاق المعابر قد يؤثر سلباً على سير العملية الإغاثية، مما قد يؤدي إلى تأخير وصول المساعدات إلى بعض المناطق.
يُذكر أن مبادرة «الفارس الشهم 3» تُعد واحدة من أكبر المبادرات الإغاثية التي أُطلقت في قطاع غزة خلال شهر رمضان، وتهدف إلى تقديم الدعم والمساندة للسكان في مختلف مناطق القطاع.
وفي السياق، وزع متطوعو عملية «الفارس الشهم 3» الأغطية الشتوية على المرضى في مستشفى «شهداء الأقصى»، في منطقة دير البلح للتخفيف من معاناتهم وسط ظروف الشتاء القاسية.
وضاعفت الإمارات جهودها منذ بداية الهدنة، حيث كثّفت عمليات الإغاثة الإنسانية لدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها القطاع، وقد وصل بذلك عدد قوافل المساعدات التي دخلت القطاع ضمن عملية «الفارس الشهم 3» إلى 160 قافلة، بإجمالي مساعدات إنسانية بلغ نحو 31026 طناً، مما أسهم بشكل كبير في تخفيف الأوضاع الإنسانية، ورفع المعاناة عن الفئات الأكثر ضعفاً، وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم.
جدير بالذكر أن الإمارات أطلقت عملية «الفارس الشهم 3» الإنسانية، لتقديم الدعم الإنساني إلى الشعب الفلسطيني في غزة، في تجسيد لقيم التضامن والتآزر مع الشعب الفلسطيني الشقيق، والتي تستند إلى تاريخ طويل من العمل الإغاثي والإنساني، وللوقوف بجانبهم خلال الظروف الصعبة التي يواجهونها.