بهذه المدة.. واشنطن تعلّق الرسوم على المكسيك وكندا
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
واشنطن- الوكالات
أكدت الولايات المتحدة تعليق الرسوم الجمركية التي تخطط لفرضها على الواردات من المكسيك وكندا بعد توصل كلا البلدين إلى اتفاقات جديدة بشأن أمن الحدود، وفق ما أعلنه القادة يوم الإثنين.
وكان من المقرر أن تدخل الرسوم الأميركية المقترحة، والتي تبلغ 25 بالمئة على الواردات من المكسيك وكندا، و10 بالمئة فقط على صادرات الطاقة الكندية، حيز التنفيذ اليوم الثلاثاء.
لكن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو صرح بأن واشنطن وافقت على تعليق الرسوم الجمركية على الواردات الكندية "لمدة 30 يوما على الأقل"، وذلك عقب محادثة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقال ترودو على منصة التواصل الاجتماعي "إكس": "سيتم تعليق الرسوم الجمركية المقترحة لمدة 30 يوما على الأقل بينما نعمل معا".
وفي المقابل، وافقت كندا على تقديم تنازلات بشأن أمن الحدود.
وأضاف ترودو: "كندا تنفذ خطتنا الحدودية البالغة 3.1 مليار دولار. تعزيز الحدود بمروحيات جديدة وتقنيات حديثة ونشر أفراد إضافيين، فضلا عن تنسيق محسن مع شركائنا الأميركيين وزيادة الموارد لوقف تدفق الفنتانيل".
وأشار إلى أن "ما يقرب من 10 آلاف من موظفي الخطوط الأمامية يعملون وسيتابعون العمل على حماية الحدود".
وأكد ترامب تعليق الرسوم الجمركية في منشور على "تروث سوشيال"، حيث قال: "كرئيس، من مسؤوليتي ضمان سلامة جميع الأميركيين، وأنا أقوم بذلك. أنا سعيد جدا بهذه النتيجة الأولية، وسيتم تعليق الرسوم الجمركية المعلنة يوم السبت لمدة 30 يوما لمعرفة ما إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق اقتصادي نهائي مع كندا".
وفي وقت سابق، أجلت الولايات المتحدة أيضا الرسوم الجمركية على الواردات المكسيكية لمدة شهر واحد بعد أن وافقت المكسيك على نشر 10 آلاف جندي على حدودها الشمالية.
وأعلنت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم وترامب، عبر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، توصلهما إلى هذا الاتفاق عقب محادثة بينهما.
وكتب ترامب على "تروث سوشيال" أن شينباوم وافقت على "نشر 10 آلاف جندي مكسيكي على الفور" عند الحدود مع الولايات المتحدة.
وأكدت شينباوم تعليق الرسوم الجمركية في منشور على "إكس"، فيما أضاف ترامب أن "هؤلاء الجنود سيتم تكليفهم بشكل خاص بوقف تدفق الفنتانيل والمهاجرين غير الشرعيين إلى بلدنا".
وخلال فترة التعليق البالغة شهرا واحدا، سيعقد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، وممثلون رفيعو المستوى من المكسيك، اجتماعات لمحاولة حل القضايا العالقة.
وحول ذلك، قال ترامب: "أتطلع إلى المشاركة في هذه المفاوضات مع الرئيسة شينباوم، بينما نحاول التوصل إلى اتفاق بين بلدينا".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: تعلیق الرسوم الجمرکیة على الواردات
إقرأ أيضاً:
البيت الأبيض مضطر إلى التراجع عن الرسوم الجمركية
ترجمة: بدر بن خميس الظفري.
يُعرف الرئيس دونالد ترامب بمتابعته الدقيقة لتحركات سوق الأسهم، واهتمامه الكبير بردود أفعاله على السياسات الاقتصادية والسياسية للحكومة لكن، ولسوء حظه، فإن الأسواق العالمية واصلت ارتجافها بسبب سياسة الرسوم الجمركية التي ينتهجها، حتى بعد إعلانه تأجيلًا كبيرًا لمدة 90 يومًا على فرض رسوم جديدة على جميع الدول، باستثناء الصين. تعكس هذه الاضطرابات في الأسواق مشاعر القلق العالمي من احتمال اندلاع حرب تجارية مع الصين.
تشير المعطيات المباشرة وغير المباشرة إلى أن السبب الرئيسي وراء تغيير الإدارة الأمريكية لموقفها كان سوق السندات السيادية الأمريكية. ففي يوم واحد، قفز معدل الفائدة الفعلية إلى 5%.
ونظرًا لأن مثل هذه التغيرات لا ينبغي أن تحدث في ظل هذا القدر من الفوضى، يرى كثير من الخبراء أن تراجع الرئيس كان ردًا مباشرًا على المؤشرات السلبية في سوق الديون. وكانت المرة الأخيرة التي حدث فيها شيء مماثل خلال أزمة «الاندفاع نحو السيولة» مع بداية جائحة كورونا في مارس 2020.
ما حدث في سوق الديون كشف عن ضعف وهشاشة موقف الإدارة الأمريكية.
يكشف سلوك سوق السندات أن السياسات الجمركية الأمريكية العشوائية تُلحق الضرر بالأسواق. ويبدو أن وزير الخزانة، سكوت بيسنت، قد نصح ترامب بضرورة التفاوض على اتفاقات تجارية مع الحلفاء قبل الدخول في مواجهة مع الصين.
لطالما وصفت الولايات المتحدة حتى أقرب حلفائها بأوصاف مثل «اللصوص» و«المحتالين» و«الناهبين»، ولذلك فإن تراجع واشنطن عن تكتيكاتها الجمركية الأولية كشف أن هذه الاستراتيجية لم تكن سوى استعراض تنمّر ومقامرة رعناء، لا خطة مدروسة.
مرعوبًا من ردود فعل الأسواق، تراجع ترامب سريعًا، وقال في اجتماع متلفز لمجلس وزرائه: «سيكون هناك دائمًا مشاكل في مرحلة الانتقال»، مضيفًا إن «الصعوبات أمر طبيعي». من جهتها، لم تُبدِ بكين أي مؤشرات على التراجع، بل رفعت من حدة ردها بفرض رسوم إضافية وصلت إلى 125% على السلع الأمريكية.
الخطوة الغريبة في لعبة الشطرنج التي يخوضها ترامب هي استثناء الصين من إجراءات التخفيف الجمركي. وإذا بقي الوضع على حاله، فإن الاقتصاد الصيني سيواجه تحديات كبرى بسبب تقييد وصوله إلى السوق الأمريكية.
ومع ذلك، عبّر ترامب عن أمله في التوصل إلى اتفاق مع الصين. وقال: «أعتقد أننا سنصل إلى شيء جيد جدًا لكلا البلدين. أنا أتطلع إليه».
حتى بعد تراجع الولايات المتحدة عن بعض إجراءاتها القاسية، فإنها أبقت على حاجز جمركي ضخم لا مثيل له منذ ثلاثينيات القرن الماضي. فقد فرضت رسومًا موحدة بنسبة 10% على جميع الدول، بغض النظر عما إذا كان لديها فائض أو عجز تجاري مع الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، دول مثل أستراليا وهولندا والمملكة المتحدة والإمارات تشتري من الولايات المتحدة أكثر مما تبيعه لها، ومع ذلك لم تُستثنَ من الرسوم.
المشكلة الجوهرية في النظام الاقتصادي العالمي اليوم هي أن السياسات الأمريكية تدفع القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم، واللتين تتكامل اقتصادياتهما، إلى التصادم. فرض رسوم بهذه المعدلات الفلكية يُشكل ضربة قاصمة للعلاقات التجارية بين بلدين يشكل حجم تبادلهما نحو 3% من إجمالي التجارة العالمية. وقد تتوقف شرايين الاقتصاد العالمي عن النبض.
سوف تتضح عواقب كل ذلك بسرعة. فمن المتوقع أن ترتفع الأسعار في كلا البلدين، وقد تُهدد مصانع الإنتاج، ويخسر الناس وظائفهم. وقدّرت مؤسسة «جولدمان ساكس» مؤخرًا أن إدخال رسوم جديدة سيؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة 2.4%، غير أن الصين تستطيع التخفيف من آثار هذه التحديات من خلال الدعم الحكومي، وهي ميزة لا تتوفر في الولايات المتحدة التي يُهيمن عليها القطاع الخاص، ولا تملك الحكومة فيها أدوات تدخّل مباشر مماثلة.
وفي الآونة الأخيرة، أصيب العالم بالدهشة من تخبط الإدارة الأمريكية في تبرير فرض رسوم على واردات بسيطة من دول إفريقية فقيرة، والتعديلات التي أُدخلت على معدلات الرسوم قبل تنفيذها، والأخطاء في منهجيات احتسابها.
بات حتى أقرب الحلفاء للولايات المتحدة لا يثقون في إدارتها، التي تُصدر قرارات وتصريحات صادمة، ثم تلغيها أو تعدّلها بالاندفاع ذاته. المواطنون العاديون في مختلف أنحاء العالم يتساءلون: ما الذي يمكن التفاهم عليه مع هذه الولايات المتحدة؟ أمام أعيننا، تتآكل الثقة في الدولة الأقوى في العالم بسرعة كبيرة.
ربما حان الوقت للعالم أن يبدأ في تشكيل نظام عالمي جديد، يتجاوز واشنطن، بتقلّباتها ونزعاتها المتقلبة وخيالاتها غير الواقعية.
جومارت أوتورباييف رئيس وزراء جمهورية قرغيزستان السابق، وأستاذ في مدرسة الحزام والطريق بجامعة بكين للمعلمين.