عربي21:
2025-03-06@16:25:38 GMT

حرب ترامب الاقتصادية

تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT

لكل حقبة سياسية إيقاعها الخاص وسِماتها المميّزة. والحقبة السياسية الرئاسية الثانية للرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب تدخل في هذا السياق. فهي، وإن تشابهت في كثير من سِماتها ومناحيها مع حقبته الرئاسية الأولى (2017 - 2021) فإنها تميّزت عنها، واكتست ملامحَ وسِماتٍ خاصة بها.

من أوجه التشابه بين الحقبتين الرئاسيتين الموقف العدائي الواضح من وسائل الإعلام الأميركية والدولية التي أبدت حرصاً على تمحيص ما يطلقه الرئيس ترمب من تصريحات تتَّسم بالعشوائية وبالكثير من المغالطات، ولا تتفق والحقائق.

هذه السِّمة من الممكن رصدها بوضوح في الحقبتين.

وهناك قلقٌ وخوفٌ من تصاعد وتيرة التوتر بين الطرفين. ويرى البعض من المعلقين أن التوتر قد ينتقل إلى مرحلة أخرى، تتعرّض فيها وسائل الإعلام غير المرضي عنها إلى تضييق هامش الحرية، على أمل تدجينها، أو تعريضها للإفلاس والإغلاق.

هناك أيضاً الموقف غير الودي من حلفاء أميركا، ومعاملتهم على حد سواء مع غيرهم من الدول التي تُصنّف بغير الحليفة أو غير الصديقة. وعلى سبيل المثال، فإن أول حزمة من قرارته المتعلقة بالحرب التجارية الحمائية، في حقبته الثانية، شملت ثلاث دول.

اثنتان منها: المكسيك وكندا، تصنّفان تاريخياً تحت خانة الأصدقاء والجيران. والثالثة: الصين، وتصنّف في الخانة الأخرى المقابلة. المكسيك تحديداً نالت النصيب الأوفر من سياسة العداء، على عدة مستويات، في الحقبتين. والأمر نفسه يقال عن الموقف من الصين رغم الاختلاف بين البلدين في مستوى العلاقات. وكندا، هي الأخرى، انتقلت من خانة الدول الصديقة إلى الخانة المقابلة بين يوم وليلة.

وتعرّضت مؤخراً لفرض رسوم جمركية على السلع والبضائع التي تصدرها لأميركا بنسبة 25 في المائة، مما اضطر رئيس حكومتها إلى المعاملة بالمثل، وفرض رسوم جمركية بالنسبة نفسها على السلع الأميركية. ومن المتوقع أن تشمل القائمة التالية بريطانيا، الحليف التاريخي لأميركا، وكذلك دول الاتحاد الأوروبي. 

الأمر الذي حدا بقادة تلك الدول مؤخراً إلى التنادي إلى عقد اجتماع في بروكسل لمحاولة الاتفاق على تدابير وقائية تفادياً لضربة تجارية أميركية محتملة قريباً. ومن الممكن التذكير بقرار الرئيس الأميركي بحجب المساعدات الأميركية الخارجية عن جميع الدول باستثناء مصر وإسرائيل.

التمايز بين الحقبتين يمكن رصده في سرعة تحركات إدارة الرئيس ترمب، منذ اليوم الأول لتسلم مهام منصبه الرئاسي ثانية؛ حيث تبيّن أن الرئيس ومستشاريه وأعوانه على عجلة من أمرهم، وفاجأوا العالم بحزمة من القرارات التنفيذية، تجاوزت المائتين. وباستثناء قرار الرئيس بالإفراج عن المتورطين من أنصاره في أحداث يناير (كانون الثاني) 2021 والصادرة ضدهم أحكام قضائية بالسجن، فإن الغالبية من تلك القرارات لا مكان فيها إلا للعصا.

نحن إذن إزاء حقبة سياسية جديدة تتميز بتحركها بإيقاع سريع زمنياً، وكأن الرئيس ترمب يخشى نهاية السنوات الأربع، مدة حقبته الرئاسية الثانية والأخيرة، قبل أن يتمكن من تحقيق ما وعد به أنصاره من وعود. كما يمكن ملاحظة أن الرئيس ترمب، خلال الأيام الأولى من رئاسته الثانية، قد أشهر العصا، بأن أعلن حروباً على المستويين الداخلي والخارجي. ومن المتوقع أن تطال عصاه المرفوعة قطاعات عديدة من الشعب الأميركي، خاصة منها المصنّفة سياسياً تحت خانة الديمقراطيين، واليسار الليبرالي.
وتحدثت عدة تقارير إعلامية عن رغبة العديد من الأميركيين، ممن يصنّفون على الفئتين المذكورتين أعلاه، على مغادرة البلاد والعيش في أوروبا.

العالم الآن ينتظر الخطوة القادمة في تحرّكات الرئيس ترمب، ويراهن البعض على أنَّ الحرب الأوكرانية - الروسية لن يتأخر دورها كثيراً. وكان الرئيس ترمب قد تعهد في تصريح أدلى به مؤخراً بفرض عقوبات على روسيا، في حالة رفضها دعوته بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.

وليس غريباً أن تكون إسرائيل، خلال الحقبتين الرئاسيتين، أكثر الدول ارتياحاً لوجود الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وأن يكون رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو من أول من يتلقون دعوة رسمية لزيارة واشنطن. وللتذكير، فإنَّ الرئيس ترمب كان أول رئيس أميركي يصدر قراراً بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

أضف إلى ذلك قراره في أول أيام ولايته الثانية بوقف العقوبات الأميركية المفروضة ضد المتطرفين من المستوطنين اليهود في الضفة الغربية بمنعهم من دخول أميركا. تلك العقوبات أصدرها الرئيس السابق جو بايدن قبل انتهاء فترته الرئاسية بقليل.

قد يبدو الأمر صحيحاً في أنَّ ترمب لا يريد حروباً عسكرية، ولكنه بدأ فعلاً في شنّ حرب اقتصادية ربَّما تكون أشدَّ هولاً من حروب أميركا العسكرية.

الشرق الأوسط

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الصين السعودية الصين كندا ترامب الخطط الاقتصادية مقالات مقالات مقالات أفكار سياسة سياسة مقالات اقتصاد سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرئیس ترمب

إقرأ أيضاً:

الشركات الأميركية تكافح لاحتواء تداعيات تعريفة ترامب

واشنطن (أ ب)
 على الرغم من أن الشركات الأميركية كانت تعلم أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض تعريفات جمركية على واردات بلاده من كندا والصين والمكسيك سيدخل حيز التنفيذ الثلاثاء، فإن أغلبها كان يأمل في تأجيل هذه الخطوة كما حدث في الشهر الماضي، لكن هذا لم يحدث. 
واعتباراً من الساعات الأولى أمس، فرضت الولايات المتحدة رسوماً بنسبة 25% على المنتجات الواردة من كندا والمكسيك لتبدأ حرباً تجارية من أقرب جارتين وحليفين لها. 
كما بدأت إدارة ترامب مضاعفة الرسوم التي فرضتها على المنتجات الصينية من 10% في الشهر الماضي إلى 20%، اعتباراً من الأمس. 
وردت الدول الثلاث بإعلانها إجراءات ورسوماً مضادة على السلع الأميركية. 
ورغم أن وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك قال مساء أمس، إن الرئيس ترامب قد يصل إلى حل وسط بشأن الرسوم مع كندا والمكسيك، فإنه نفى تماماً إمكانية تعليق تطبيقها مجدداً. 
من ناحيتها، تقول كاثي بوستيانيستش، المحللة الاقتصادية في مؤسسة نيشن وايد، إنه كلما استمر فرض هذه الرسوم زادت الخسائر الناجمة عنها بالنسبة للشركات الأميركية التي ستواجه الاختيار بين استيعاب الزيادة في الأسعار، أو تمريرها إلى المستهلكين الذين يعانون بالفعل التضخم المرتفع. 
وأضافت أن استمرار هذه الرسوم لمدة عام يمكن أن يخفض معدل النمو الاقتصادي للولايات المتحدة، بمقدار نقطة مئوية كاملة، ويزيد معدل التضخم، بمقدار 0.6 نقطة مئوية. 
في الوقت نفسه، لم يكن مانويل سوتيلو الذي يدير أسطول شاحنات مكسيكي ينقل السلع عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، يتوقع أن يخاطر الرئيس ترامب بمبادلات تجارية قيمتها 2.2 تريليون دولار سنوياً مع كل من الصين والمكسيك وكندا. 
وقال سوتيلو: «كنت حتى بعد ظهر أول أمس، أو حتى ليلة أول أمس أتوقع تراجع ترامب عن القرار»، لكن ترامب لم يتراجع، ودخلت الرسوم الجديدة حيز التطبيق، وأصبح على الشركات الأميركية أن تكافح للتعامل معها. قال ديفيد سباتافور، الذي يمتلك العديد من المطاعم في مدينة سان دييجو الأميركية، إن أعماله قد تعرضت بالفعل لضربة قوية بسبب ارتفاع أسعار البيض ومنتجات الألبان، خلال الشهر الماضي، في حين دخلت الرسوم حيز التطبيق أمس فقط لتكون أحدث الضربات. 
وأضاف سباتافور: «لقد تأثر كل شيء على نطاق واسع»، مشيراً إلى أن أحد مطاعمه في منتصف عملية تجديد وإعادة تصميم، والتي أصبحت باهظة التكلفة بشكل متزايد مع فرض التعريفات الجمركية على الأخشاب والصلب الكندية. 
وقال إنه من الصعب على قطاع المطاعم امتصاص الزيادة في النفقات، في ظل ضعف هوامش أرباحها، قائلاً: «من أين لنا أن تستوعبها (الزيادة في الأسعار)؟» أما ستيف برنارد الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ميشن بروديوس التي تقوم بتعبئة الأفوكادو والمانجو في ولاية كاليفورنيا ثم توزعها على المتاجر والمطاعم في مختلف أنحاء العالم، فيقول: إن الشركة لن ترفع الأسعار فوراً لأنها تمتلك كميات من هذه المنتجات في مخازنها قبل زيادة الرسوم. وأضاف: «لكن إذا استمرت الرسوم 10 أيام أو أكثر فستكون الأسعار مختلفة بشكل كبير.. سيكون علينا الجلوس والتفكير في كيفية التعامل مع الموقف». 
ويتوقع برنارد مقاومة متاجر التجزئة الكبيرة لزيادة الأسعار، في حين أن المتاجر الأصغر والسلاسل المستقلة ستضطر لزيادة الأسعار، لأنها لا تمتلك مخزونات كبيرة. 
وقالت تريسي تاباني، الرئيسة المشاركة مع شقيقتها لشركة وايومنج ماشين، لتصنيع الصفائح المعدنية في ستايسي بولاية مينيسوتا والتي تعتمد على الألمنيوم الكندي، في بيان: «ستشعر شركتي بتأثير ضار فوري نتيجة لهذه التعريفات». 
وأضافت تاباني، وهي نائبة رئيس مجلس الأعمال الصغيرة التابع لغرفة التجارة الأميركية. «لقد جعلت التهديدات وعدم اليقين من الصعب اتخاذ قرارات الأعمال، وهذه الأنواع من التعريفات ستجعل من الصعب للغاية على الشركات الصغيرة مثل شركتي أن تنمو». 
وفي منطقة كانون فولز، بولاية مينسوتا، يشعر المزارع داني لونديل بقلق خاص من أن تؤدي رسوم الواردات التي يفرضها ترامب إلى ارتفاع سعر سماد البوتاس الكندي. 
وقال لونديل: «نحن بحاجة إلى البوتاس لزراعة محاصيل أفضل. ولا يهم إذا كنت مزارعاً كبيراً أو متوسطاً أو صغيراً، فسوف تؤثر (التعريفات) فيك». 
وزار تيم والز حاكم ولاية مينسوتا الديمقراطي مزرعة لونديل أمس، وانتقد الرئيس ترامب بسبب تعريض العلاقات مع أكبر الشركاء التجاريين للولاية للخطر. 
ولا تعتبر زيادة النفقات الأمر السلبي الوحيد لحروب ترامب التجارية، لكن أيضاً حالة عدم اليقين الناجمة عن تهديدات الرئيس ترامب وتأجيله، ثم فرضه للرسوم. 
وقال بريان كورنيل، الرئيس التنفيذي لسلسلة متاجر تارجت الأميركية للتجزئة للصحفيين أمس: «نحن نراقب ذلك عن كثب، ونتساءل عما إذا كانت هذه الرسوم ستكون طويلة المدى، أما أنها تحرك قصير الأجل؟ كيف ستتطور الأمور بمرور الوقت؟ أعتقد أننا جميعاً نتكهن» بالإجابات عن هذه الأسئلة. 
ويمكن أن تؤثر حالة عدم اليقين اقتصادياً في الولايات المتحدة، لأن الشركات ستؤجل خطط الاستثمار، أو توقيع عقود توريد جديدة حتى تعرف الدول، أو المنتجات التي قد يتم فرض رسوم عليها. 
وخلال الحروب التجارية في ولاية ترامب الأولى تباطأ استثمار الشركات في الولايات المتحدة في أواخر 2019، ما دفع مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأميركي إلى خفض أسعار الفائدة الرئيسة ثلاث مرات خلال النصف الثاني من العام لتحفيز الاقتصاد. 
في الوقت نفسه، فإن خطط الرئيس ترامب لتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل في التعريفات الجمركية مع كل دول العام تزيد حالة عدم اليقين الحالية. كما يمكن أن يفرض ترامب رسوماً على الاتحاد الأوروبي والهند ورقائق الكمبيوتر والسيارات والأدوية. 
ويقول أنطونيو ريفيرا، الشريك في شركة المحاماة الدولية أرينت فوكس شيف: إن «كل شيء قادم في الطريق يزيد هذا الغموض».
 

مقالات مشابهة

  • إدارة ترامب تبحث إعفاء منتجات زراعية كندية ومكسيكية من الرسوم
  • كوريا الجنوبية في مرمى نيران ترامب بسبب رسومها الجمركية
  • حرب التعريفات الجمركية وآثارها الاقتصادية
  • كندا تشترط إزالة كل رسوم ترامب لإلغاء تعريفاتها
  • خيارات أوكرانيا بعد وقف إمدادات السلاح الأميركية
  • الشركات الأميركية تكافح لاحتواء تداعيات تعريفة ترامب
  • ترمب: أميركا عادت والحلم الأميركي لايمكن إيقافه .. وسنضم غرينلاند وتستعيد قناة بنما
  • بالفيديو .. طرد نائب ديمقراطي رداً على مقاطعاته المتكررة لخطاب ترمب في الكونغرس
  • ترمب يأمر بتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا
  • قمة فلسطين.. الرئيس اللبنانى يصل القاهرة للمشاركة في القمة العربية الطارئة