في خطوة تعكس تصاعد التوتر التجاري بين المكسيك والولايات المتحدة، أعلنت رئيسة المكسيك عن تبني خطة انتقامية لمواجهة التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على المنتجات المكسيكية. 

وتأتي هذه الخطوة كجزء من استراتيجية تهدف إلى حماية الاقتصاد المكسيكي والرد على ما وصفته بسياسات تجارية "غير عادلة".

 

تفاصيل الخطة الانتقامية 
 

 تشمل الخطة الجديدة فرض تعريفات جمركية مكافئة على مجموعة من السلع الأمريكية المستوردة، بما في ذلك المنتجات الزراعية والصناعية. وتهدف هذه الإجراءات إلى معادلة الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها المكسيك نتيجة للتعريفات الأمريكية التي طالت الصادرات المكسيكية، خاصة في مجالات السيارات والصلب.  

وأكدت رئيسة المكسيك في خطاب رسمي أن بلادها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام السياسات الاقتصادية التي تستهدف الإضرار بمصالحها الوطنية. وأشارت إلى أن الحكومة تعمل بشكل مكثف على دعم القطاعات المتضررة وتعزيز الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الواردات الأمريكية.  

ردود الأفعال الدولية 
 

لقيت هذه الخطوة دعمًا واسعًا داخل المكسيك، حيث اعتبرها الكثير من السياسيين والمحللين الاقتصاديين إجراءً ضروريًا لحماية الاقتصاد الوطني. كما أثارت الخطة انتباه المجتمع الدولي، حيث أشارت تقارير إلى أن الخطوة قد تؤدي إلى تفاقم التوترات بين البلدين، مما يهدد العلاقات التجارية والاستثمارية المشتركة.  

في المقابل، وصف مسؤولون أمريكيون هذه الإجراءات بأنها "تصعيدية"، وحذروا من أنها قد تؤثر سلبًا على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، خاصة في ظل اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA).  

التداعيات المحتملة  

من المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى إعادة تشكيل العلاقات التجارية بين البلدين. 

وبينما تسعى المكسيك إلى تقليل اعتمادها على الاقتصاد الأمريكي، يواجه المستثمرون في كلا الجانبين حالة من عدم اليقين بسبب تصاعد الحرب التجارية.  

تُظهر هذه الإجراءات الانتقامية تصاعد المواجهة بين المكسيك والولايات المتحدة، مع إصرار المكسيك على حماية مصالحها الوطنية والرد بقوة على سياسات ترامب التجارية. 

وبينما يبقى المستقبل غامضًا بشأن تطورات هذه الأزمة، تظل الآثار الاقتصادية والسياسية لهذه التحركات محور الاهتمام الإقليمي والدولي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الولايات المتحدة التعريفات الجمركية رئيسة المكسيك المزيد

إقرأ أيضاً:

حرب التعريفات الجمركية وآثارها الاقتصادية

بقلم الدكتور إبراهيم حسن يس

١- مقدمة
أحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضجة كبيرة إبان عودته للبيت الأبيض في يناير 2025 حول موضوع التعريفات/الرسوم الجمركية (tariffs) معتبرا أنها تمثل ضريبة على الصادرات الأمريكية أو بالأحرى دعما أمريكيا مباشرا للميزان التجاري (balance of trade) للدول التي لديها تعامل تجاري مع أمريكا. وقد هدد ترامب بفرض رسوما جمركية مماثلة مع تلك الدول أو في بعض الأحيان بمعدلات أعلى كحماية للمنتجات الأميركية خاصة مع الصين وكندا والمكسيك بالإضافة الى دول الإتحاد الأوروبي.
ويعتقد ترامب أن سياسة الحماية هذه(protectionism) تمثل أحد ركائز شعاره: جعل أمريكا دولة عظيمة مرة أخرى
(making America great again) وإثرائها من جديد بازدهار الصناعة وإرجاعها لعصرها الذهبي الحقيقي
(the golden age) ويبدو أن ترامب لم يضع في الحسبان أن تلك الدول ربما ترد بالمثل وأن سياسة الحماية التي ينتهجها برفع الرسوم الجمركية سوف تشعل حربا تجارية قد يكون المتضرر الأكبر منها هو أمريكا والمواطن الأمريكي. وهذا نتاج طبيعي عندما تنغلق أمريكا على نفسها وتمارس اقتصاديات روبنسون كروزو (Robinson Crusoe) المبنية على شعبوية ترمب السياسية.
في هذا المقال سوف نتطرق بإيجاز الى فلسفة التجارة العالمية التي بنيت على نظرية الميزة النسبية، والآثار الاقتصادية المترتبة عن فرض الرسوم الجمركية في التجارة البينية أو/والعالمية، ثم نستعرض أهم ملامح تجربة أمريكا وكندا.
٢- نظرية الميزة النسبية (Theory of Comparative Advantage)
بُنيت اقتصاديات التجارة العالمية على نظرية الميزة النسبية التي طورها العالم ريكاردو والتي تنص على إنه عندما يسود مبدأ التجارة الحرة بين الدول، يتوجب على كل دولة أن تتخصص في إنتاج وتصدير السلع والخدمات التي تنتجها بتكلفة منخفضة وتستورد في المقابل السلع المُنتجة من الخارج بتكلفة منخفضة أيضا أي بميزة تنافسية نسبية. لذلك فان التعريفات الجمركية تعتبر عائقا للتجارة العالمية الحرة (barrier to free trade) لأنها تعيق الطلب (demand) والعرض (supply) وتقوم بعرقلة سلسلة إمدادات السلع والخدمات (disruption of supply chain) في الدول التي تدخل في حروب تجارية.
٣- الأثار الاقتصادية الناجمة عن التعريفات الجمركية
أ- جانب الطلب
عادة ما يقوم التجار الذين يستوردون السلع التي فُرضت عليها رسوم جمركية بتمرير كل أو جزءً من الزيادة في التكلفة الي المستهلك مما يؤدي لرفع سعر تلك السلعة بالمقارنة عما كان عليه في السابق، أو ربما يضطر المستورد لامتصاص جزء من الزيادة في أسعار السلع المستوردة على حساب انخفاض في أرباحه. في كل الاحوال، إن التعرفة الجمركية تجلب معها آثاراً تضخمية وزيادة في مستوي الأسعار تؤدي لانكماش الطلب وإبطاء النشاط الاقتصادي ومن ثم زيادة معدل العطالة وتغذية الركود التضخمي (stagflation) الذي يجتاح العالم بعد جائحة كورونا.
ب- جانب العرض
بما أن المنتجين سيقومون باستيراد مدخلات الإنتاج التي فُرضت عليها رسوم جمركية بأسعار عالية بالمقارنة عما كانت عليه في السابق، سيؤدي ذلك الى رفع تكلفة الإنتاج والذي سيؤدي بدوره الى زيادة الأسعار مما سيؤدي الى انخفاض المبيعات والأرباح الأمر الذّي سيؤدي الى فقدان الوظائف وزيادة العطالة وإبطاء النشاط الاقتصادي ومن ثم تغذية الركود التضخمي.

٤- تجربة أمريكا وكندا
بعد ادائه القسم، شرع الرئيس ترامب في إصدار العديد من القرارات التنفيذية ومن ضمنها فرض رسوم جمركية بما يعادل 25% على السلع والمنتجات الكندية و10% على المواد البترولية ليتم تفعيل هذا القرار في مارس 2025. وتجدر الإشارة الي أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يفوق التريليون دولار في السنة وفق آخر الإحصاءات. وجدير بالذكر أيضا أن أمريكا تعتمد على كندا في توفير المواد البترولية والحديد والألومنيوم إضافة الى بعض المعادن المهمة الأخرى. وقد بلغت صادرات كندا لأمريكا في عام 2023 حوالي 60% من خام البترول، 58% مواد هيدروكربونية وتقريبا 100% من الغاز الطبيعي. ومن القطاعات التي سوف تتضرر من هذه السياسة، قطاع صناعة السيارات في أمريكا لأن هناك بعض القطع التي يتم تصنيعها في كندا (حيث تكلفة الحديد أرخص) والمكسيك (حيث تكلفة العمالة أرخص) الأمر الذي سوف يفقدها القدرة التنافسية.
وفي الجانب الاخر، صرحت الحكومة الكندية بأنها سوف ترد بالمثل وتفرض رسوما جمركية فورية بنفس المعدل
(dollar for dollar) على كل الواردات الامريكية بما يعادل 25% على حجم واردات تبلغ 155 بليون دولار.
وفي هذا السياق، أطلق الشعب الكندي مبادرة مقاطعة المنتجات الأميركية حيث أصبحت هذه المبادرة شعارا قوميا إضافة الى ترويج فكرة الإحجام عن السياحة في أمريكا ودعم السياحة الداخلية.
٥- خاتمة
لقد أثبتت التجارب أن الرسوم الجمركية تمثل عائقا للتجارة العالمية الحرة وتشعل حروبا تجارية تترتب عليها اثأرا اقتصادية سالبة مثل رفع معدلات التضخم بزيادة أسعار السلع والمنتجات للمستهلك ومدخلات الإنتاج للمنتج وإبطاء النمو الاقتصادي الأمر الذي سيساعد على استمرار الركود التضخمي الذي يسود العالم بعد جائحة كورونا. إضافة الى عرقلة سلسلة إمدادات السلع والمنتجات وتذبذب حركة أسواق المال والعملات والتوتر في العلاقات الدولية. ويُلاحظ انه عندما تم تنفيذ التعريفات الجمركية ابتداء من 4 مارس 2025 بنسبة 25% على كل من كندا والمكسيك و20% على الصين تهاوت مؤشرات الأسواق المالية في أمريكا حيث انخفض مؤشر أس اند بي (S&P) بمعدل 100نقطة وداو 700 نقطة، وناسداك 500 نقطة. وتجدر الإشارة أيضا الى انه وفق تقارير مجلة وول ستريت فان الفيدرالي في أتلانتا يتوقع انخفاض معدل نمو الناتج القومي المحلي الأمريكي (GDP) في الربع الأول من 2025 بمعدل 2.8% جرّاء هذه الرسوم الجمركية.
أما في المدى الطويل، ربما تضطر بعض الصناعات والقطاعات الي تغيير مواقعها الجغرافية (shift or relocate) كما قد تضطر بعض الحكومات الى اللجوء الى أسواق وتحالفات جديدة.

ibrayasin@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • حرب التعريفات الجمركية وآثارها الاقتصادية
  • ما هي توابع تعريفات ترامب الجمركية على الشركات الأمريكية؟
  • وزيرة الخزانة بريطانية: تعريفات ترامب الجمركية تضر باقتصاد المملكة وإن أعفيت منها
  • ترودو ينتقد رسوم ترامب الجمركية على كندا ويصفها بـ"الخطوة الغبية"
  • برسوم جمركية وغير جمركية..رئيسة المكسيك تتوعد بالرد على قرار ترامب
  • رئيسة المكسيك تندد برسوم ترامب وتتوعد بالرد
  • رئيسة المكسيك تندد بالرسوم الجمركية الأمريكية وتتوعد بالرد
  • استقرار سعر الذهب مع تطبيق ترامب للرسوم الجمركية على المكسيك وكندا
  • تعريفات ترامب الجمركية على منتجات كندا والمكسيك تدخل حيز التطبيق
  • رئيسة المكسيك ردا على ترامب: لن نقف مكتوفي الأيدي أمام التهديدات