عربي21:
2025-02-04@06:03:29 GMT

قنبلة ترامب في وجه القادة العرب

تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT

هل يجب أن نصدّق الإصرار الرسمي العربي على رفض اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ترحيل سكان غزة (أو جزء منهم) إلى الأردن ومصر بزعم تسهيل إعادة إعمار القطاع؟
أيضا، هل يمتلك القادة العرب قوة وأدوات منع ترامب من تنفيذ خطته؟

من المفروض نعم، يجب أن نصدّق الموقف الرسمي العربي الرافض بالنظر إلى خطورة اقتراح ترامب وتبعاته على غزة والمنطقة وعلى القضية الفلسطينية.

في المقابل يبدو التوجس من ردود الفعل الرسمية المصرية والأردنية، والعربية عموما، مشروعا، بل مطلوبا، بالنظر إلى تجارب المواقف العربية الرسمية من الصراع مع إسرائيل في السر واختلافها في العلن.

عبر العقود الماضية عوَّد القادة العرب شعوبهم والعالم على وجهين متناقضين، الوجه الحقيقي الذي يُعبّرون عنه في الجلسات المغلقة، ووجه الاستهلاك الشعبي الذي تنقله وسائل الإعلام والتصريحات العلنية.

آخر فصول الثنائية في المواقف بين السر والعلن ما كشفه المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط، دينس روس، بعد بدء إسرائيل حرب الإبادة على غزة. يوم 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 كتب روس مقالة في صحيفة نيويورك تايمز ذكر فيها أنه تحدث إلى قادة عرب في المنطقة فاتفقوا جميعا على أن الفرصة مواتية لسحق حماس. قال إنهم أبلغوه أن أيّ انطباع بأن الحركة انتصرت سيكون بمثابة «انتصار لأيديولوجيتها الإقصائية» ويضعهم في موقع غير مريح. لكنهم جميعا ترجوا روس ألا يُفصح عن مواقفهم الحقيقية خوفا على صورتهم أمام العالم ومن ردود الفعل المحتملة من شعوبهم.

ردُ الرئيس ترامب يوم الخميس على سؤال حول رفض قادة مصر والأردن اقتراحه ترحيل سكان غزة، وتكراره بكل ثقة واقتضاب «إنهم سيقبلون.. سيقبلون» مثير للمخاوف والشكوك. كان لافتا أنه لم يكلف نفسه حتى عناء بذل الحد الأدنى من الجهد للشرح وإقناع من سأله، وفي ملامحه الواثقة ولغة جسده وكلامه القليل رسائل وإشارات كثيرة. تنبع المخاوف من احتمال أن ترامب سيفرض خطته المجنونة على الجميع بكل ما يعنيه ذلك من تبعات هو حتما لا يدركها. أما الشكوك فنابعة من فرضية أنه تلقى من القاهرة وعمان، وربما عواصم عربية أخرى، رسائل سرية إيجابية استمد منها ثقته تلك (مثلما تلقى دنيس روس في بداية الحرب تطمينات من قادة عرب أنهم متحمسون لسحق حماس مع احتفاظهم بحق الاحتجاج والتنديد لضرورات الاستهلاك الإعلامي).

وجاء اجتماع القاهرة الخماسي نهاية الأسبوع الماضي ليكرّس المُكرَّس، وينتهي مكررا أمنيات عربية مشابهة لتلك التي تصدر منذ سنين عن القمم العربية واجتماعات وزراء الخارجية العرب. يكفي أن القاهرة هي المستضيفة للاجتماع والجامعة العربية طرف في البيان الذي توّجه ليدرك المرء ألّا أمل يُرجى من ورائه.

عدا عن الحجج التي يبرر بها القادة العرب (حتى الآن) رفضهم خطة ترامب، ومنها أنها تعرقل إنشاء الدولة الفلسطينية المنشودة، يجب البحث عن المخاوف الرسمية العربية بعيدا عن التصريحات الإعلامية. يجب البحث عنها في سياق الذاكرة الرسمية العربية المعبأة بتجارب سلبية مع الشتات الفلسطيني.

في كثير من الأحيان تحوّل الشتات الفلسطيني في الدول العربية إلى صداع سياسي وعبء اقتصادي واجتماعي وجدت الحكومات العربية، خصوصا القريبة من فلسطين، صعوبة في التعاطي معه، ووظفته بعضها لحساباتها الإقليمية والداخلية.

في الحالات التي امتلك الشتات الفلسطيني السلاح، أصبحت علاقته بالأنظمة العربية التي استقبلته عنيفة ودامية كما في الأردن خلال ستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي. وفي لبنان كان السلاح الفلسطيني طرفا في حرب أهلية كادت تقضي على وجود الدولة اللبنانية. وفي سوريا استغل نظام البعث الوجود الفلسطيني في تصفية حساباته مع معارضيه الداخليين وخصومه الإقليميين.

في بداية النصف الثاني من القرن الماضي كانت معضلة الشتات الفلسطيني تحت رعاية جامعة الدول العربية وبعض الدول العربية الكبرى، لكنها شيئا فشيئا تحوّلت إلى ظاهرة خارج التأطير الرسمي ومثيرة لمشاعر متناقضة بين مؤيد لهذا الشتات ومتعاطف معه، ورافض له يعتبره قنبلة موقوتة.

وزاد القرار الرسمي العربي عدم تجنيس الفلسطينيين بذريعة أن التجنيس يصفي القضية الفلسطينية، في إبقاء الفلسطينيين في عدد من الدول العربية كتلة منفصلة منبوذة في بعض الأحيان محشورة في مخيمات تفتقر لأدنى شروط العيش الكريم. كما فاقم موضوع التجنيس مشاعر الفلسطينيين السلبية إزاء «إخوانهم» الذين يرفضون تجنيسهم بينما لا تتردد الحكومات الغربية في استقبالهم ومنحهم جنسياتها وتسهيلات أخرى.

خطة ترامب تجارية بحتة، سواء فكر في غزة كصفقة من صفقاته الكثيرة، أو أرادها للإسرائيليين كمشروع يوسع مساحة بلادهم الجغرافية ويعزز أمنها القومي وقدراتها الاقتصادية. الخطة إذن خالية من أي عواطف أو حمولة نفسية وتاريخية وإنسانية كالتي يختزنها الفلسطينيون والمتعاطفون معهم من عرب ومسلمين.

ترامب يرى في غزة مجرد قطعة أرض تتميز بموقع جغرافي ساحر وتمتلك مقومات نجاح أيّ مشاريع عقارية وتجارية. هنا تنتهي نظرته لأنه لا يعرف غير هذا ولا يريد أن يعرف تفاصيل أكثر ستكون متعبة لذهنه الذي سيعجز عن استيعابها (قال عنه مساعدوه وأحدهم مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون في مذكراته إنه يكره التفاصيل لأنها تزعجه ولا يستطيع الإمساك بها).
هل يستطيعون فرض رفضهم على ترامب؟
أما للفلسطينيين، فغزة حكاية أخرى مختلفة جدا بحمولتها غير المرئية، فهل يستطيع القادة العرب إقناع ترامب بهذه الحمولة؟ وهل يستطيعون إجباره على تحمل تفاصيلها المملة بالنسبة له؟

من السهل والجميل أن يرفض القادة العرب موضوع ترحيل الفلسطينيين من غزة. لكن هل يستطيعون فرض رفضهم على ترامب؟ هناك سابقة حديثة ستليها أخرى: اتفاق كندا والمكسيك على التصدي لتعريفات ترامب الجمركية. هل يستطيع العرب تقليد كندا والمكسيك؟ نعم. هل سيفعلونها؟ أشك. وهنا مربط الفرس.

يمتلك القادة العرب أوراقا لرفض ما يطرحه ترامب إحداها الرأي العام العربي الرافض. لكن المعضلة أن الهوان العربي بلغ درجة اللارجوع، فلو تحركت مظاهرات شعبية كبرى في عواصم عربية رافضة لخطة ترامب سيقمعها القادة ويحشدون أخرى مصطنعة يوظفونها وفق مصالحهم.

ترامب ألقى قنبلة في حضن القادة العرب والمجتمع الدولي، ولم تكن مجرد فكرة. لن تكون هذه القنبلة اختبارا له وحده ولجرأته، بل للقادة العرب أيضا الذين أحرجهم وسيواصل إحراجهم كل يوم من الألف وأربعمئة وخمسين يوما المتبقية من رئاسته.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب غزة غزة الاحتلال ترامب خطة التهجير مقالات مقالات مقالات أفكار سياسة سياسة مقالات اقتصاد سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشتات الفلسطینی الدول العربیة القادة العرب

إقرأ أيضاً:

بمشاركة 15 دولة.. "المرشدين العرب" يعقد مؤتمره السنوي "الوعي والهوية العربية"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يعقد اتحاد المرشدين السياحيين العرب برئاسة محمد غريب، يوم 8 فبراير الجاري، بأحد فنادق القاهرة مؤتمره السنوي حول السياحة العربية والشراكة الاقتصادية تحت عنوان "الوعي والهوية العربية"، وذلك بمشاركة 15 دولة عربية وبحضور شريف فتحي  وزير السياحة والاثار، ومحمدي أحمد الني الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية، وأساتذة بكليات السياحة والفنادق وقيادات بوزارة السياحة.  
وقال محمد غريب رئيس اتحاد المرشدين العرب ان المؤتمر يهدف الى تنمية السياحة العربية والشراكة الاقتصادية  والاستثمار السياحي وتعزيز الهوية والأمن القومي لافتا الى ان الاتحاد يضم في عضويته نحو 40 الف مرشد سياحي يتحدثون 31 لغة مختلفة، وهى قوة قد تؤثر على اتجاهان الرأي العام العالمي بمختلف توجهاته واتجاهاته ويقومون بإظهار الوجه الحقيقي والحضارة لمصر والأمة العربية، وكذلك تصحيح المفاهيم الخاطئة لدي بعض السائحين فضلا عن محاولة البحث لإيجاد حلول لمشاكل ومعوقات السياحة والتنمية المستدامة بين الدول العربية والتركيز عن أهم المعالم السياحية بها وكذلك وضع برامج مشتركة للارتقاء بمنظومة السياحة البينية ودعم بعض  الأنماط  المختلفة بها مثل العلاجية والبيئية (السياحة الخضراء ) وغيرها .
طالب غريب بتوحيد الفكر والرؤى بين الاتحادات العربية كل في تخصصه من أجل دعم منظومة العمل العربي المشترك وإنشاء تكتلات اقتصادية تخدم الاستثمار في العالم العربي مشيرا الى ان حجم إيرادات السياحة البينية تمثل ثلثي السياحة العالمية وتحظى الدول العربية مجتمعة بنصيب 10%  فقط التدريب للعنصر البشرى العالم في ميدان السياحة، وكذا تدريب المرشدين السياحيين باعتبار المرشد يحمل رسالة دولته وتوصيلها إلى العالم الخارجي، حيث يمتلك الاتحاد مائة مدرب متخصص في تدريب العاملين بالمنشآت السياحية على مستوى الدول العربية للوصول إلى الأسلوب الأمثل في كيفية التعامل مع السائح واكتساب ثقته.

مقالات مشابهة

  • بمشاركة 15 دولة.. "المرشدين العرب" يعقد مؤتمره السنوي "الوعي والهوية العربية"
  • البرلمان العربي يدعو لتوطين صناعة الذكاء الاصطناعي في الدول العربية
  • أبو الغيط يفتتح دائرة الحوار العربية حول الذكاء الاصطناعي في العالم العربي:
  • أيمن محسب: بيان وزراء الخارجية العرب يعكس الرفض العربي لمخطط التهجير
  • النائب أيمن محسب: بيان وزراء الخارجية العرب يعكس الرفض العربي لمخطط التهجير
  • برلماني: بيان وزراء الخارجية يعكس حرص الدول العربية على دعم الشعب الفلسطيني
  • الشعب الديمقراطي: توصيات «وزراء الخارجية العرب» تعبر عن طموحات الأمة العربية
  • تقرير: "قنبلة" ترامب تدعم اليمين الإسرائيلي
  • «العربي الناصري»: اجتماع وزراء الخارجية العرب بمصر يعزز دورها في الدفاع عن فلسطين