ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما المقصود من الليلة الوارد ذكرها في قول الله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4]؟ وهل هي ليلة النصف من شعبان؟).

وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال إن أحد القولين في المقصود بقوله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4] أنها ليلة النصف من شعبان؛ فقد روى الطبري هذا عن عكرمة حيث قال: في ليلة النصف من شعبان، يبرم فيه أمر السنة، وتنسخ الأحياء من الأموات، ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد.

ولعل مستند ذلك القول ما رواه ابن جرير في "تفسيره" مرسلًا عن عثمان بن محمد بن المُغيرة بن الأخنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تُقْطَعُ الآجالُ مِنْ شَعْبان إلى شَعْبانَ، حتى إن الرَّجُلَ لَيَنْكِحُ وَيُولَدُ لَهْ، وَقَدْ خَرَجَ اسمُهُ فِي المَوْتَى» انظر: "تفسير الطبري" (22/ 10، ط. مؤسسة الرسالة).

وقال الشيخ أبو عبد الله بن الحاج العبدري الفاسي المالكي في كتابه "المدخل" (1/ 299، ط. دار التراث): [ولا شكَّ أنها ليلة مباركة عظيمة القدر عند الله تعالى؛ قال الله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4].

وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم هل هي هذه الليلة، أو ليلة القدر؟ على قولين؛ المشهور منهما: أنها ليلة القدر، وبالجملة فهذه الليلة، وإن لم تكن ليلة القدر، فلها فضل عظيم وخير جسيم، وكان السلف رضي الله عنهم يعظمونها ويشمِّرون لها قبل إتيانها، فما تأتيهم إلا وهم متأهبون للقائها، والقيام بحرمتها، على ما قد علم من احترامهم للشعائر على ما تقدم ذكره، هذا هو التعظيم الشرعي لهذه الليلة] اهـ.

وقال العلامة الغماري في "حسن البيان" (ص: 23-24، ط. عالم الكتب): [ولك أن تسلك طريقة الجمع -يعني بين القولين-؛ بما رواه أبو الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "إن الله يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان، ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدر"، وحاصل هذا: أن الله يقضي ما يشاء في اللوح المحفوظ ليلةَ النصف من شعبان، فإذا كان ليلة القدر سلَّم إلى الملائكة صحائف بما قضاه، فيسلم إلى ملك الموت صحيفة الموتى، وإلى ملك الرزق صحيفة الأرزاق، وهكذا إلى كل ملك يتسلم ما نيط به، وفي قوله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4] أشار إلى هذا -والله أعلم-؛ حيث قال ﴿يُفْرَقُ﴾، ولم يقل: يقضى، أو يكتب. والفرق: التمييز بين الشيئين.

وأوضحت أن الآية تشير إلى أن المقتضيات تفرق ليلة القدر بتوزيعها على الملائكة الموكلين بها، أما كتابتها وتقديرها فهو حاصل في ليلة نصف شعبان كما في الأحاديث المذكورة، وبهذا يجمع شمل الأقوال المتضاربة في هذا الباب، ويرأب صدعها، والحمد لله رب العالمين] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء شهر شعبان ليلة القدر القرآن الكريم ليلة النصف من شعبان المزيد لیلة النصف من شعبان ف یه ا ی ف ر ق لیلة القدر فی لیلة

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر يشرح معنى اسم الله «الودود» في القرآن

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن أسماء الله تعالى الحسنى كلها لطيفة تدور بين الجمال، حين تبعث الأمل ومحبة الخالق والرغبة فيما عنده سبحانه وتعالى، كاللطيف والودود والرؤوف الرحيم، وصفات الجلال، وهي الصفات التي تبعث في القلب مخافة الله جل وعلا وتعظيمه، ومن ذلك صفة القوة، والقدرة، والقهر. كالقهار.

وبيّن شيخ الأزهر، خلال حديثه اليوم بالحلقة الخامسة من برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب» أن اسم الله تعالى «الودود» ورد بمشتقاته في القرآن الكريم في أكثر من ثلاثين موضعا، حيث جاء بالأصل في موضعين، أحدها في سورة هود في قوله تعالى:«واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود»، والآخر في سورة البروج في قوله تعالى «إنه يبدئ ويعيد وهو الغفور الودود»، كما جاء مشتقا في مواضع عدة، كما في قوله تعالى «ودت طائفة من أهل الكتاب» وقوله تعالى «وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم»، وقوله «يوادون من حاد الله ورسوله».

وكشف فضيلة الإمام الأكبر، عن أن الود والحب في اللغة العربية قد يأخذ كلاهما معنى الآخر، موضحا أن القرآن الكريم أثبت أن الله تعالى يوصف بالمحب، حيث وردت مادة حب بمشتقاتها في القرآن الكريم في آيات كثيرة جدا وأسندت إلى الله تعالى، كما في قوله تعالى «إن الله يحب المحسنين»، أي أنه محب للمحسنين، مؤكدا أن هذا الاسم «محب» ليس من أسماء الله الحسنى، فهي أسماء توقيفية، نتوقف عند ما مورد في الشرع، وما لم يرد، حتى ولو كان مناسبا لله تعالى، فلا يصح أن يسمى من الأسماء الحسنى.

مقالات مشابهة

  • دعاء ليلة رمضان السادسة بالقرآن الكريم
  • شيخ الأزهر يشرح معنى اسم الله «الودود» في القرآن
  • دار الإفتاء: لا علاقة للمشقة بحكم الفطر للمسافر في رمضان
  • هل عُمرة رمضان ثوابها مُضاعف عن باقي الشهور؟.. الإفتاء تجيب
  • «تلاوة القرآن».. أفضل الذكر في رمضان
  • هل الفرض في رمضان يعدل 70 في غيره؟.. الإفتاء توضح 3 حقائق
  • دعاء ليلة رمضان الخامسة بالقرآن الكريم
  • فتاوى رمضانية| ليلة القدر خير من ألف شهر.. كيف تغتنم هذه الليلة
  • هل يجوز الدعاء بالزواج من شخص معين في السجود؟.. الإفتاء تجيب
  • حسام موافي: ليلة القدر سر إلهي.. أفضل الدعوات فيها طلب الستر |فيديو