السعودية – اختار الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع السعودية كوجهة أولى لزياراته الخارجية بعد تنصيبه، حيث التقى بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ما يعكس أبعادا إقليمية عديدة.

وفي هذا الصدد، تحدث العديد من الكتاب في الصحافة السعودية عن هذه الزيارة، وما سينجم عنها.

الكاتبة الصحفية نوال الجبر رأت في مقال لها بعنوان “سوريا المستقرة”، نشرته صحيفة “الرياض”، أنه “تعبيرا عن الوفاء للمملكة العربية السعودية وما قدمته من دعم وتأييد ومساندة لأبناء الشعب السوري خلال مسيرتهم للخلاص من نظام البعث، قام رئيس الجمهورية السورية بأولى زياراته الخارجية للمملكة التي تأتي في هذه المرحلة الحساسة، وما تتضمنه من تحديات وصعوبات كبيرة والتطلع إلى دعم المملكة لسورية وشعبها والاستفادة من مكانتها وثقلها الدولي في تجاوز هذه التحديات”.

وأشارت الجبر في مقالتها إلى أنه “منذ اليوم الأول للثورة السورية في العام 2011، التزمت المملكة بمبادئ ثابتة، تمثلت في دعمها لحق الشعب السوري في تقرير مصيره وضمان أمن سورية ووحدة أراضيها”، لافتة إلى أن “المملكة تعتبرمن أوائل الدول التي اعترفت رسمياً بنجاح الثورة السورية، حيث بادرت بإرسال وفودها الرسمية لتعزيز مكانة الحكومة السورية ودعما لاستقرار سورية، وكذلك قامت باستقبال الوفود الرسمية تعبيرا عن الاعتراف الرسمي بالحكومة الجديدة في الدولة السورية”.

واعتبرت أن زيارة  الشرع للمملكة، واختيارها لتكون وجهته الخارجية الأولى بعد توليه قيادة سورية، “تعكس تقدير القيادة السورية الجديدة لمكانة المملكة السياسية وثقلها على المستوى الدولي، ودورها المحوري والمؤثر في تعزيز أمن واستقرار المنطقة”.

وأهمية هذه الزيارة في أنها “تأتي بالتنسيق حول الملفات والموضوعات التي تخدم المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين خاصة في مسائل مهمة مثل: مكافحة الإرهاب والتطرف، وتعزيز حال الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والدولي، وغيرها من ملفات وموضوعات تخدم الأمن القومي العربي”، وفقا لنوال الجبر.

وقالت إنه “لا شك أن للمملكة جهودا ومواقف تاريخية لإعادة سورية إلى محيطها العربي، والتأكيد على وحدة أراضيها واستقلالها ورفض التدخلات الأجنبية في شؤونها”.

وتطرقت في المقال، إلى أنه بتوجيه من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، “أسهمت المملكة من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في تخفيف معاناة الشعب السوري الشقيق جراء الأزمة الراهنة التي تمر بها سوريا، وأكدت أن هذه المساعدات “ليس لها سقف محدد”، وأن جسر المساعدات الجوي والبري سيبقى مفتوحا حتى تحقيق أهدافه واستقرار الوضع الإنساني”.

ولفتت الصحفية إلى “حرص المملكة على دعم الحكومة المؤقتة في سورية على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث استضافت اجتماعات الرياض بشأن سورية، بمشاركة واسعة من الدول العربية والولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، والمنظمات الدولية، لبحث خطوات دعم الشعب السوري الشقيق، ومساعدته في إعادة بناء سورية ورفع العقوبات عنه”، مبينة أن “المملكة قادت جهدا دبلوماسيا نشطا ومستمرا لدعوة الأطراف الدولية لرفع العقوبات المفروضة على سورية، وأثمرت هذه الجهود في اتخاذ الولايات المتحدة الأمريكية قرارا بالإعلان عن عدد من الإعفاءات من العقوبات المفروضة على سوريا ضمن إطار قانون قيصر، وكذلك تعليق الاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على سورية في مجالات الطاقة والطيران والتمويل”.

من جهة الكاتب الصحفي محمد الساعد، “سوريا تبصر بعيون عربية..!”، حيث جاء في مقاله في صحيفة “عكاظ”، أن “النظام السوري السابق خرج من نافذة دمشق، ودخل الرئيس السوري أحمد الشرع ورفقاؤه من باب دمشق العريض، واليوم يدخلون أرض العرب والعالم من باب الرياض الكبير، بعدما تم تتويجه رئيساً للجمهورية العربية السورية”.

وطرح الساعد السؤال الكبير: “لماذا تحتاج سوريا الجديدة الرياض؟” مضيفا: “لعل هذا السؤال تجيب عليه تجارب عربية عديدة، منذ العدوان الثلاثي، ونكسة 1976، وحتى اليوم، إذ لطالما كانت الرياض أول من يلتفت إليها الفرقاء العرب والدوليون بحثا عن حل للصراعات والتوسط”.

وأضاف الساعد: “في سوريا اليوم، حجم التحديات والصعوبات الكبيرة دفع القيادة السورية للتشاور والتنسيق مع القيادة السعودية في هذه المرحلة الحساسة، والتطلع إلى دعم المملكة لسوريا وشعبها للاستفادة من مكانتها وثقلها الدولي في تجاوز هذه التحديات بما يصون سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها، ويعيد سوريا إلى محيطها العربي والتأكيد كذلك على رفض التدخلات الأجنبية في شؤونها، بما يحقق آمال وتطلعات شعبها”، لافتا إلى أنه “منذ اليوم الأول للثورة السورية العام 2011، التزمت المملكة مبادئ ثابتة في تعاطيها مع سوريا، تمثلت في دعمها لحق الشعب السوري في تقرير مصيره وضمان أمن سوريا ووحدة أراضيها بعيدا عن التدخلات الأجنبية والتأثيرات الخارجية، وهو موقف انطبق تماما على الدعم الكبير الذي وجهته السعودية إلى الإنسان السوري مساهمة في تخفيف معاناته في أي أرض وتحت أي سماء”.

ورأى الكاتب الصحفي أن “قدر سوريا كدولة مركزية في الإقليم العربي لم يكن خيارا لها أبدا، فالجغرافيا والتاريخ فرضا عليها إرادتها، هذه المركزية ليست ترفا يمكن أن تستخدمها أو تتخلى عنها الأمم متى أرادت، فالأمم الحية التي تستوعب الأقدار والتجارب التي تخوضها هي من تصنع سماتها وتفرض هويتها والتزاماتها. وهو ما ينطبق على سوريا تماما، فالأمة السورية التي تشكلت على مدى 1400 عام منذ وطئت أقدام الخليفة معاوية بن أبي سفيان أرض الشام حتى اليوم ليس لديها خيار إلا أن تكون عربية الهوية، غنية اقتصاديا، ومخزن الصناعة والإنتاج والإبداع العربي”، على حد تعبيره.

واعتبر الساعد أن “سوريا الجديدة، حتما لن تكون كما سوريا القديمة، ولا يجب أن تكون”، لافتا إلى أن “سوريا القديمة اعتبرت أن الرصاصة هي أسهل الحلول، والسيطرة على الفضاء المحيط بها بالدماء يأتي قبل التفاهمات، ووجدت أن المخدرات أسرع طريقة لتحصيل الأموال وتدفقها إلى الجيوب، وحولت الكبتاغون إلى سلاح قذر، واستبدلته بصناعات حلب وحمص وحماة ودمشق التقليدية”، وأنه بسبب ذلك، فمن “المنطقي أن تنظر سوريا بعيون عربية للعالم، فدور سوريا كدولة مركزية في الإقليم العربي لم يبدأ بسبب ظروف الصراع العربي الإسرائيلي، ولا التجاذب السوفيتي ثم الروسي مع أمريكا والغرب، بل إن سوريا ومنذ العهد الإسلامي الأول كانت درة تاج الدولة العربية الأولى – الأموية – وما تبعها من دول”، وفقا لوصفه.

وتابع: “سوريا في الجغرافيا هي آخر حدود العرب شمالا، وعلى مدى التاريخ بقيت أرضا للإمبراطوريات (الرومان، الأمويين، الأيوبيين، المماليك)، ومكانا للصراعات وسقوط وقيام الدول، منذ سقوط دمشق الأموية، وغزو المغول التتار، وحروب الصليبيين، والعثمانيين، والفرنسيين، وأخيرا البعثيين، فمن يحكم دمشق كأنه أخذ مفتاح خزانة العرب بين يديه، وجلس في وسط تقاطعات أمنهم، وتجارتهم، وسياستهم”.

وأشار الساعد إل أن “سوريا الجديدة تحاول اليوم أن تفتح الخزانة الدمشقية العتيقة لعلها تتلمس وصية أموية للبحث عن دورها الذي تاه بسبب البعثيين ومن قبلهم الفرنسيون، وإذا كانت هناك من وصية يمكن أن تنجدها فلا أفضل من وصية تخرج من الخزانة النجدية”، على حد قوله.

وبعنوان “سوريا على مشارف المجد”، قال الكاتب الصحفي خالد بن حمد المالك في مقال نشر بصحيفة “الجزيرة”، إنه “لم يعان شعب كما عانى الشعب السوري الشقيق من المآسي والقهر والظلم والحرمان، فمن الانقلابات العسكرية المتوالية، إلى وحدة فاشلة مع مصر، إلى حكم حافظ الأسد وابنه بشار، ما جعل المواطن السوري تحت أنظمة بوليسية جرّدته من حقوقه، وقتلت فيه الطموح لبناء دولة متحضرة بعد سنوات من الاستعمار، فإذا به يجد من بني جلدته ما هو أسوأ من المحتل، فكان أن أضاع عقودا من عمره في معاناة وتخلُّف في سجون يُزج فيها الأحرار، ويُقتاد إليها كل من يرفع صوته معارضا لأنظمة مستبدة”.

ورأى “المالك” أن “النظام الأسدي، تفوق على كل من سبقه من حكام في بيع البلاد إلى من يضمن استمرار نظامه، فكان أن تحولت سوريا إلى مجموعة من المستعمرات..”، مشيرا إلى أن “بشار الأسد ترك تركة مثقلة بكل مآسي سوريا، فالتحديات كبيرة ومؤلمة، وصعب القضاء عليها في فترة زمنية قصيرة، لكن البوادر، والمؤشرات، والسياسات التي اتبعها النظام الجديد، ابتداء من فتح المجال لعلاقات متميزة مع الدول العربية الشقيقة، ثم حل كل التكتلات والأحزاب والتنظيمات العسكرية، وضمها للجيش الوطني الجديد، وتاليا التركيز على بناء سوريا، بعيدا عن الشعارات والمزايدات، وتكميم الأفواه، وأن لا استثناء لأي مذهب أو انتماء سياسي، أو قبلي أو مناطقي في مشاركتهم في إدارة شؤون الدولة، وفقا لدستور جديد، وجيش جديد، ومؤسسات تعتمد إدارتها على الكفاءة والجدية في العمل”.

وتابع: “ها هي الشمس تشرق على سوريا من جديد، لتضيء ما كان معتما ومظلما على مدى سنوات طويلة في حكم اتسم بالدموية في تعامله مع الشعب، مفرطا بالأراضي السورية لصالح إسرائيل، وقوى أجنبية أخرى، ولا هم له، ولا اهتمام لديه سوى أن يستمر في حكمه، متمتعا بالحياة الرغدة، بينما يعاني الشعب من الفاقة والجوع والحرمان والاستبداد”.

وأضاف: “وها هو رئيس الجمهورية السورية يختار الرياض لتكون وجهته الأولى في أول زيارة خارجية له خارج سوريا، مثمنا دورها في دعم سوريا ومناصرتها للتغيير الذي حدث، وللقيادة الجديدة التي بدأت في رسم معالم المستقبل لسوريا الجديدة، ففي الرياض سيجد أحمد الشرع الحكمة، والرؤية الصحيحة، والخبرة التي يعتمد عليها، والدعم غير المحدود، ما لن يجده في غير المملكة، ولدى غير الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان”.

وعما تعكسه زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع للمملكة، واختيارها لتكون وجهته الخارجية الأولى بعد توليه قيادة سوريا، فهو “تقدير من القيادة السورية الجديدة لمكانة المملكة السياسية، وثقلها على المستوى الدولي، ودورها المحوري والمؤثر في تقرير أمن واستقرار المنطقة، وتقديرها لسمو ولي العهد، ورؤيته الواعدة 2030 وثقتها في المردود الإيجابي لاستراتيجية المملكة التنموية على سوريا ودول المنطقة وشعوبها، فضلا عن أن الزيارة للرئيس السوري تأتي في سياق حرص القيادة السورية على التشاور والتنسيق مع قيادة المملكة في هذه المرحلة الحساسة، وما تتضمنه من تحديات وصعوبات كبيرة، والتطلع إلى دعم المملكة لسوريا وشعبها، والاستفادة من مكانتها وثقلها الدولي في تجاوز هذه التحديات”، حسب خالد بن حمد المالك.

وأضاف “المالك”: “للمملكة -كما هو معروف- جهود ومواقف تاريخية لإعادة سوريا إلى محيطها العربي، والتأكيد على وحدة أراضيها واستقلالها، ورفض التدخلات الأجنبية في شؤونها”، موضحا أنه “منذ اليوم الأول للثورة السورية عام 2011، التزمت المملكة بدعمها حق الشعب السوري في تقرير مصيره، وضمان أمن سوريا، ووحدة أراضيها، بعيدا عن التدخلات الأجنبية، والتأثيرات الخارجية، كما ثمنت المملكة بعد نجاح الثورة الخطوات الإيجابية التي قامت بها الإدارة السورية الجديدة في اتخاذ نهج الحوار مع كل الأطراف السورية، وإعلانها البدء بعملية سياسية تضم مختلف مكونات الشعب السوري”.

وقال: “هناك من جانب المملكة دعم للحكومة المؤقتة في سوريا على الصعيدين الإقليمي والدولي، وضمن هذا الدعم استضافة الرياض بمشاركة واسعة من الدول العربية وأمريكا والدول الأوروبية والمنظمات الدولية مؤتمرا لدعم الشعب السوري، وتقديم العون والمساندة في إعادة بناء سوريا، ومثل ذلك جهدها الدبلوماسي النشط والمستمر مع الأطراف الدولية لرفع العقوبات المفروضة على سوريا، لأن استمرارها سيعرقل إعادة البناء والتعمير، وأثمر هذا الجهد عن رفع عدد من العقوبات من قبل أمريكا والدول الأوروبية”.

المصدر: “عكاظ” + “الجزيرة” + “الرياض”

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: العقوبات المفروضة على الأمیر محمد بن سلمان التدخلات الأجنبیة القیادة السوریة ووحدة أراضیها سوریا الجدیدة الشعب السوری أحمد الشرع على سوریا فی تقریر إلى أن

إقرأ أيضاً:

لا تبشر بالخير.. تفاصيل مجزرة جامو وكشمير التي دفعت مودي لقطع زيارة السعودية وأوصلت التوتر لأوجه بين دولتين نوويتين

(CNN)-- تشهد العلاقات بين الهند وباكستان تدهورًا ملحوظًا عقب هجومٍ مميت في باهالغام بمنطقة جامو وكشمير المتنازع عليها في جبال الهيمالايا، والذي أسفر عن مقتل أكثر من عشرين سائحًا.

وفي أعقاب الهجوم، قطع رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي زيارته التي كانت من المفترض أن تستمر ليومين إلى المملكة العربية السعودية، وذلك بعد لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وكان جميع الضحايا الـ 26 الذين قُتلوا في الهجوم الذي وقع، الثلاثاء، باستثناء شخص واحد، مواطنين هنود، مما أثار موجةً جديدة من الاضطرابات في منطقةٍ تُعدّ بؤرة صراعٍ إقليميٍّ طويل الأمد، وغالبًا ما كان عنيفًا، بين باكستان والهند.

واتهمت الهند باكستان، الأربعاء، بدعم الجماعات الإرهابية في المنطقة، بعد أن أعلنت جماعةٌ مسلحةٌ غير معروفة تُدعى "جبهة المقاومة" مسؤوليتها عن الهجوم. ونفت باكستان أي تورط لها في الهجوم.

ومنذ ذلك الحين، خفّضت نيودلهي مستوى علاقاتها مع إسلام آباد، وأغلقت معبرًا حدوديًا رئيسيًا، وعلقت لأول مرة مشاركتها في معاهدة حاسمة لتقاسم المياه، من بين إجراءات عقابية أخرى، مما دفع باكستان إلى إعلان سلسلة من الإجراءات الانتقامية، بما في ذلك تعليق التجارة. وألغى كل جانب تأشيرات دخول لمواطني الطرف الآخر.

ولعقود، خاضت عدة جماعات مسلحة محلية، تطالب إما باستقلال كشمير أو بانضمام المنطقة إلى باكستان، معارك ضد قوات الأمن الهندية، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف في أعمال العنف، وتعهد رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، الخميس، بملاحقة المهاجمين "حتى أقاصي الأرض"، وذلك خلال خطاب ألقاه في ولاية بيهار الشمالية الشرقية، وقال مستخدمًا اللغة الإنجليزية بدلًا من الهندية المعتادة: "من أرض بيهار، أقول للعالم أجمع، إن الهند ستحدد هوية كل إرهابي وداعميه، وستتعقبهم، وستعاقبهم".

وأضاف: "لن يكسر الإرهاب روح الهند أبدًا. ولن يفلت الإرهاب من العقاب. وسنبذل كل جهد ممكن لضمان تحقيق العدالة. والأمة بأكملها ثابتة على هذا العزم".

ماذا حدث في باهالغام؟

أطلق مسلحون النار، الثلاثاء، على زوار في وجهة سياحية شهيرة بمنطقة باهالغام الجبلية في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، وقُتل ما لا يقل عن 25 مواطنًا هنديًا ومواطن نيبالي واحد في المذبحة التي وقعت في وادٍ لا يمكن الوصول إليه إلا سيرًا على الأقدام أو على ظهور الخيل.

ووصف شهود عيان مشاهد رعب مع اقتراب المسلحين، وهم يطلقون النار على السياح من مسافة قريبة. واستذكر البعض كيف تم استهداف الرجال وإطلاق النار عليهم. وقال ناجون آخرون تحدثوا لوسائل الإعلام المحلية إن المسلحين اتهموا العائلات بدعم رئيس الوزراء مودي قبل إطلاق النار.

وانتشرت صور ومقاطع فيديو للحادثة - تُظهر جثثًا هامدة متناثرة على الأرض واشخاص ينتحبون خوفًا - عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في صورة حية للألم والمعاناة التي تحملتها العائلات التي انتهت عطلتها بمأساة مروعة، فيما عززت السلطات الهندية انتشارها الشرطي والعسكري في المنطقة، ويواصل أفرادها البحث عن الجناة.

من هي جبهة المقاومة؟

أعلنت جبهة المقاومة الكشميرية، المعروفة أيضًا باسم جبهة المقاومة (TRF)، مسؤوليتها عن هجوم باهالغام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، معربةً عن استيائها من "الغرباء" الذين استقروا في المنطقة وتسببوا في "تغيير ديموغرافي"، ولم تقدم أدلة، ولا تستطيع CNN التحقق من ادعائها بشكل مستقل.

وتُعدّ جبهة المقاومة جماعة مسلحة جديدة نسبيًا، ولا يُعرف عنها الكثير، إذ أعلنت الجماعة عن وجودها عام 2019 عبر تطبيق الرسائل المشفرة تيليغرام، بعد أن أعلنت مسؤوليتها عن هجوم بقنبلة يدوية في سريناغار، أكبر مدن جامو وكشمير، وفقًا لبحث أجرته مؤسسة أوبزرفر للأبحاث (ORF) ومقرها نيودلهي.

وصنفت الهند جبهة المقاومة الكشميرية "منظمة إرهابية" وربطتها بجماعة لشكر طيبة الإسلامية المحظورة، التي كانت وراء هجمات مومباي الدامية عام 2008، والتي تتمتع بشهرة أكبر بكثير.

وتُصنّف الجبهة الثورية الكشميرية نفسها كقوة مقاومة سياسية، نشأت في كشمير، وتخدم كشمير، ضد قوات الاحتلال غير الشرعية، دون أي شخصية أو قيادة جهادية مركزية، وفقًا لشبكة ORF.

وأصدرت شرطة كشمير، الخميس، إشعاراتٍ تُسمّي ثلاثة مشتبه بهم يُزعم تورطهم في الهجوم. اثنان منهم باكستانيان، وفقًا للإشعارات. ولم تُفصح الشرطة عن كيفية تحديد هوية الرجال.

لماذا تُعدّ كشمير مهمة للهند وباكستان؟

تُعدّ منطقة كشمير الجبلية، التي تطالب بها كلٌّ من الهند وباكستان بالكامل، من أخطر بؤر التوتر في العالم، وتصاعدت التوترات بين الهند ذات الأغلبية الهندوسية وباكستان ذات الأغلبية المسلمة بشأن المنطقة المتنازع عليها في السنوات الأخيرة، بعد أن ألغت حكومة مودي الحكم الذاتي الدستوري للمنطقة عام 2019، مما جعلها تحت السيطرة المباشرة لنيودلهي.

في حين صرّحت الحكومة الهندية بتراجع التشدد منذ ذلك الحين وسط حضور عسكري مكثف، استمرت الهجمات في المنطقة، مما أثار اضطرابات واحتجاجات. في غضون ذلك، فُرضت رقابة إعلامية مشددة وقطع للاتصالات.

ويقول المحللون إن مذبحة، الثلاثاء، حطمت وهم الهدوء الذي صوّره مودي للمنطقة، وتثير تساؤلات حول كيفية حدوث مثل هذا الخلل الأمني ​​في واحدة من أكثر المناطق عسكرة في العالم.

كيف ردّت الهند وباكستان؟

لم تُلقِ الهند باللوم علنًا على أي جماعة في الهجوم، لكنها برّرت خطواتها الانتقامية بأنها رد على ما يُزعم أنه "دعم باكستان للإرهاب عبر الحدود".

وأعلنت نيودلهي عن عدة إجراءات عقابية ضد إسلام آباد بعد يوم من الهجوم، بما في ذلك إغلاق معبر حدودي رئيسي، وفرض مزيد من القيود على تأشيرات الدخول المحدودة أصلًا للمواطنين الباكستانيين. كما طردت مستشارين عسكريين وبحريين وجويين من المفوضية العليا الباكستانية في نيودلهي.

وفي خطوة أدانتها باكستان، علقت الهند أيضا دورها في معاهدة مياه نهر السند، وهي اتفاقية مهمة لتقاسم المياه بين الهند وباكستان دخلت حيز التنفيذ منذ عام 1960 وتعتبر قصة نجاح دبلوماسية نادرة بين الجارتين المتناحرتين.

وينبع نظام نهر السند الضخم، الذي يدعم سبل العيش في باكستان وشمال الهند، من التبت، ويتدفق عبر الصين وكشمير الخاضعة للسيطرة الهندية قبل أن يصل إلى باكستان. وتُعد هذه الكمية الهائلة من المياه موردًا حيويًا لكلا البلدين، وتنظم المعاهدة كيفية تقاسمها.

وصرح الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة تافتس، فهد همايون، قائلاً إن "تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية وتعليق معاهدة مياه نهر السند لا يبشر بالخير لاستقرار المنطقة"، مضيفا: "لا يُعد تعليق المعاهدة انتهاكًا لالتزامات المعاهدات الدولية فحسب، بل إن الحق في المياه، كدولة تقع على ضفاف نهر السند، يُنظر إليه على أنه قضية أمن قومي بالنسبة لباكستان، وسيُعتبر تعليقه عملاً عدائيًا".

وعقب الخطوة الهندية، أعلنت باكستان، الخميس، تعليق التجارة مع الهند، وإغلاق مجالها الجوي، وطرد الدبلوماسيين الهنود، واصفةً إجراءات الهند بأنها "أحادية الجانب، وغير عادلة، وذات دوافع سياسية، وغير مسؤولة للغاية، وتفتقر إلى أي أساس قانوني".

وجاء في بيان حكومي أن أي محاولة لإيقاف أو تحويل مسار المياه التابعة لباكستان ستُعتبر عملاً حربياً.

وقال وزير الخارجية إسحاق دار: "لقد مارست الهند لعبة إلقاء اللوم مراراً وتكراراً، وإذا كان هناك دليل على تورط باكستان [في باهالغام]، فيُرجى إطلاعنا عليه وعلى العالم".

كيف هو الوضع في كشمير؟

توافد الآلاف إلى الشوارع للتنديد بالهجمات الدامية، بينما أعرب أصحاب الأعمال عن قلقهم إزاء تأثيرها على هذه الوجهة السياحية الشهيرة خلال موسم الذروة.

وقال محسن، الذي يُعرّف نفسه باسم واحد فقط، ويدير شركة سياحية في المنطقة: "شهدنا إلغاءً حجوزات بنسبة 80-90% من جميع رحلاتنا ورحلاتنا في الأيام والأسابيع المقبلة. نحن نتكبد خسائر مالية فادحة. قد أضطر إلى الانتقال إلى عمل آخر إذا استمر هذا الوضع".

واستأنفت المدارس والشركات أعمالها بعد إغلاقها، الأربعاء، في أجزاء عديدة من كشمير، بينما اندلعت مظاهرات تضامنية في ساحة لال تشوك، ساحة مدينة سريناغار.

ماذا سيحدث الآن؟

تتجه الأنظار الآن نحو رد فعل نيودلهي وإسلام آباد، حيث يخشى المحللون من احتمالية التصعيد العسكري، إذ قال الباحث في مركز الأمن والتعاون الدولي بجامعة ستانفورد، أرزان تارابور: "سيكون لدى مودي دافع سياسي قوي، إن لم يكن لا يُقاوم، للرد بالقوة".

وأضاف تارابور : "السؤال الرئيسي هو: هل سيسعى الجانبان إلى فرض تكاليف ملموسة وذات معنى أكبر على الجماعات الإرهابية، بما في ذلك استهداف قياداتها أو مقراتها؟ أم ستذهب الهند إلى أبعد من ذلك، متجاوزةً بذلك عتبة مهاجمة الجيش الباكستاني؟".

وبينما ازدادت القوة العسكرية الهندية في السنوات القليلة الماضية، عانت باكستان من عدم الاستقرار السياسي والاضطراب الاقتصادي، ومع ذلك، قال همايون، الأستاذ في جامعة تافتس، إنه إذا اختارت الحكومة الهندية اللجوء إلى العمل العسكري، فهناك "كل الأسباب للاعتقاد بأن باكستان سترد بالمثل"، مضيفا: "في غياب ضبط النفس الاستراتيجي أو تدخل طرف ثالث، فإن احتمالات التصعيد غير المنضبط في الأيام المقبلة ليست ضئيلة".

مقالات مشابهة

  • وزير العدل يرفع التهنئة للقيادة على المنجزات التي تضمنها التقرير السنوي لرؤية المملكة 2030
  • بأول كلمة في مجلس الأمن.. الشيباني ينقل "طلبا سوريا"
  • وزير خارجية سوريا يرفع العلم الجديد أمام مقر الأمم المتحدة بنيويورك  
  • السعودية وصندوق النقد يتفقان على دعم الحكومة السورية لتحقيق التنمية
  • لا تبشر بالخير.. تفاصيل مجزرة جامو وكشمير التي دفعت مودي لقطع زيارة السعودية وأوصلت التوتر لأوجه بين دولتين نوويتين
  • أول تعليق من الخارجية السورية على رفع العقوبات البريطانية ضدها
  • أخبار السعودية اليوم.. الأمير عبد العزيز بن سلمان رئيساً لمجلس أمناء "كاوست"
  • الرئيس السوري يعزّي برحيل البابا فرنسيس.. ونائب أمريكي يكشف تفاصيل لقاءه «الشرع»
  • الشرع يكشف للإعلام الأمريكي عن الاطراف التي سوف تتضرر في حال وقعت في سوريا أي فوضى
  • عاجل | الرئيس السوري لنيويورك تايمز: أي فوضى في سوريا ستضر بالعالم أجمع وليس دول الجوار فقط