الإرهاب الأمريكي عبر التاريخ: وقائع وأحداث تاريخية
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
لطالما تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية المشهد العالمي كقوة عظمى، ولكن خلف شعارات الديمقراطية والحرية تكمن فصول من الإرهاب والوحشية والانتهاكات التي خلفت آثارًا دامية على الدول والشعوب. تبرز هذه الوحشية من خلال سياسات استعمارية واستغلال اقتصادي وحروب مدمرة، متجسدة في أحداث تاريخية لا يمكن تجاهلها.
1.
في بدايات تأسيس الولايات المتحدة، عانت الشعوب الأصلية (الهنود الحمر) من واحدة من أكبر حملات الإبادة الجماعية في التاريخ. تعرضت هذه المجتمعات إلى التطهير العرقي والتشريد القسري، بدءًا من مذبحة ووندد ني (1890)، حيث قُتل ما يزيد عن 300 من السكان الأصليين، بمن فيهم النساء والأطفال. كما تم استخدام الأمراض مثل الجدري كأسلحة بيولوجية للقضاء على هذه الشعوب.
2. العبودية والاستغلال العنصري :-
منذ القرن السابع عشر وحتى الحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865)، قامت أمريكا بتأسيس نظام اقتصادي قائم على استعباد ملايين الأفارقة. نُقل هؤلاء العبيد عبر رحلات الأطلسي القاسية، ليتم استغلالهم في مزارع القطن والسكر تحت ظروف غير إنسانية. هذا الاستغلال لم ينتهِ بانتهاء الحرب الأهلية، بل استمر بطرق أخرى عبر قوانين جيم كرو والفصل العنصري في القرن العشرين.
3. حروب التوسع والاستعمار :-
خلال القرن التاسع عشر، تبنت أمريكا سياسة توسعية عُرفت بـ”القدر المتجلي”، حيث قامت بضم أراضٍ شاسعة مثل تكساس وكاليفورنيا بعد الحرب المكسيكية-الأمريكية (1846-1848). أسفرت هذه الحرب عن مقتل آلاف المكسيكيين واحتلال أكثر من نصف مساحة المكسيك التاريخية.
4. القصف النووي لليابان:-
في الحرب العالمية الثانية، ارتكبت أمريكا إحدى أكبر الجرائم الإنسانية في التاريخ الحديث بقصف مدينتي هيروشيما وناغازاكي بالقنابل النووية عام 1945. أودت هذه الهجمات بحياة ما يزيد عن 200 ألف شخص بين قتلى ومصابين، معظمهم من المدنيين. كانت هذه الجريمة مبررة بالنسبة للولايات المتحدة بأنها لإنهاء الحرب، لكنها أكدت استعدادها لاستخدام أسلحة الدمار الشامل لتحقيق أهدافها.
5. التدخلات العسكرية في فيتنام وكوريا:-
خلال الحرب الباردة، شنّت أمريكا حروبًا بالوكالة تحت شعار مكافحة الشيوعية. في حرب فيتنام (1955-1975)، استخدمت أمريكا أسلحة كيماوية مثل العامل البرتقالي، مما تسبب في تشوهات خلقية وأمراض مميتة للأجيال الفيتنامية. تسببت الحرب في مقتل ملايين المدنيين وتدمير واسع للبنية التحتية.
أما في الحرب الكورية (1950-1953)، فقد قامت القوات الأمريكية بقصف مكثف استهدف المدنيين والبنية التحتية، مما أدى إلى خسائر هائلة في الأرواح.
6. حروب الشرق الأوسط:-
منذ أواخر القرن العشرين وحتى اليوم، لعبت الولايات المتحدة دورًا مدمرًا في الشرق الأوسط، بدءًا من دعم إسرائيل ضد الفلسطينيين إلى غزو العراق عام 2003. في العراق، دُمرت البلاد تحت ذرائع واهية مثل “أسلحة الدمار الشامل”، مما أدى إلى مقتل مئات الآلاف من العراقيين وتشريد الملايين.
كما شاركت أمريكا في دعم الحروب في أفغانستان واليمن، حيث ساهمت في مفاقمة الأزمات الإنسانية عبر ضربات الطائرات بدون طيار والدعم العسكري للتحالفات المتورطة.
وقد شاهد العالم أجمع مشاركتها المباشرة مع إسرائيل في العدوان الأخير على غزة ليكون شاهدا جديدا على إرهابها وتوحشها .
7. العقوبات السياسية والاقتصادية والحروب غير المباشرة:-
عبر التاريخ، استخدمت أمريكا العقوبات السياسية والاقتصادية كوسيلة لإخضاع الشعوب والدول. تعاني كوبا وإيران وفنزويلا من آثار هذه العقوبات التي استهدفت المواطنين قبل الحكومات، مما أدى إلى أزمات إنسانية واسعة النطاق.
ختاما؛ تاريخ الولايات المتحدة مليء بالأحداث التي تكشف عن وجهها الحقيقي كدولة لا تتردد في استخدام الوحشية لتحقيق مصالحها. من الإبادة الجماعية للسكان الأصليين إلى الحروب الدامية في الشرق الأوسط، يظل التاريخ شاهدًا على معاناة شعوب دفعت ثمن أطماع هذه القوة العظمى. بينما ترفع أمريكا شعارات الحرية والديمقراطية، فإن أفعالها تكشف واقعًا مغايرًا، حيث تتغلب المصالح على المبادئ، تاركة وراءها إرثًا من الألم والدمار.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
من يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ
أول ما تفكر الحروب في استهدافه هو الحقيقة، ومنذ زمن بعيد أدرك صناع الحروب أن إسكات الكلمة وقتل الصحفيين هو السبيل الأنجح لطمس الجرائم ومحو آثارها من الذاكرة الجماعية. فالصحفي في مثل هذه الحالة، هو العدو الأخطر لمن يريد أن يروي الحرب كما يشتهي، لا كما حدثت.
ولم يعد قتل الصحفيين في الحرب الظالمة التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة حادثا عرضيا أو خطأ غير متعمد ولكن، دون أدنى شك، سياسة ممنهجة لطمس الأدلة وإخضاع الوعي العالمي لسرديات المحتل الزائفة.
لكنّ الطموح الإسرائيلي المبني على الإيمان المطلق بالسردية الذاتية، يبدو أنه يتلاشى تمامًا بعد أكثر من 19 شهرا على بدء مجازر الاحتلال في قطاع غزة والذي راح ضحيته أكثر بكثير من 52 ألف فلسطيني بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، ولكل منهم قصته وحلمه وطموحه ومساره في هذا العالم.. فما زال صوت الحقيقة، ولو عبر ثقوب صغيرة جدا، يتسرب إلى العالم ويملك قوة تهشيم السردية الإسرائيلية، وصناعة الدهشة، وتحريك الضمائر الحرة في كل أنحاء العالم.
واغتالت يد الغدر الإسرائيلية منذ بدء الحرب أكثر من211 صحفيا، بعضهم تم استهدافه على الهواء مباشرة، وبعضهم رآه العالم وهو يحترق في خيمة الصحفيين حتى الموت، وهو عدد ضخم جدا في حرب واحدة لم تكمل بعد العامين. ولكل صحفي من هؤلاء حكايته التي لا نعرفها، وهو منشغل بنقل حكايات الآخرين من ضحايا الحرب، وله حلمه الذي ينتظر لحظة أن تضع الحرب أوزارها ليذهب نحو تحقيقه.. وكل جرائم هؤلاء أنهم اختاروا أن يكونوا شهودًا على الحقيقة، لا صامتين على الجريمة.
لم تكن الرواية يومًا كما يدعي الإسرائيليون، لكن الأمر كان، منذ الصحفي الأول الذي سقط ضحية للحقيقة، ممنهجا في سبيل احتكار الاحتلال للرواية، ليكتب الحرب وحده دون صور تُوثق أو أقلام تسائل ما يحدث أمام سطوة التاريخ التي لن ترحم في يوم من الأيام.. ويريد أن يحرق الحقيقة كما حرق أجساد الصحفيين، وأن يُطفئ العدسات كما يُُطفئ الحياة في عيون الأطفال.. تماما كما يستهدف المسعفين، ويدمر المستشفيات، ويقصف المدارس والجامعات.. إنه يستهدف، وفي كل مرة، شهود الجريمة أنفسهم.
وهذا ليس صادما لمن يفهم الاحتلال الإسرائيلي؛ فهو ينطلق دائمًا من مبدأ نزع الإنسانية عن الفلسطينيين، وعقدة الاستثناء التاريخي من القوانين والأخلاقيات والمبادئ، وفصل جرائمه ضد الفلسطينيين، عن التقييم الأخلاقي والقانوني. ولذلك لا غرابة أن يعمد الاحتلال الصهيوني إلى اغتيال الحقيقة وإطفاء الأضواء في زمن الظلام؛ فالعمل الصحفي في نظره فعل مقاومة لأنه يعمل على كشف حقيقة ما يقوم به وفضح سردياته الملطخة بدماء الأبرياء.
رغم ذلك ورغم كل المحاولات الإسرائيلية لإسكات الحقيقة عبر اغتيال أبطالها وحرقهم بالنار تبقى «الحقيقة» آخر جدار للصمود، ويبقى الصحفيون في غزة هم حراس هذا الجدار، يكتبون بالدم ويصورون بالألم وصراخهم صدى لآلاف الضحايا الذين قضوا دون أن نسمع لهم صوتا أو أنينا. ولن تستطيع إسرائيل أن تصدّر سردياتها للعالم فقد كشف أمرها تماما، ومن يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ.