إلى الرئيس الشهيد صالح الصّمّاد
مَدى البحرِ، أم مَدَّ السماواتِ… وارتقىٰ
شهيداً، فدارَ الحزنُ بالأرضِ والتقىٰ
كأنَّ الدُنى قلبٌ، وللنجمِ أعينٌ
وللمزنِ دمعٌ في الصدورِ تفتّقا
هو اللهُ من أسرى بحزنيَ بعدما
تُنوقِلَ أمرٌ في المحطاتِ أُنطِقا
أتى ببيانِ النعيِ. يا ليتَ ما أتى
غداةَ غرابٍ في (الحُديدةِ) حَلَّقا
فليتَ غرابَ البينِ ما طارَ وقتها
وليتَ غرابَ الغدرِ بالغدرِ أخفقا
لكَ اللهُ يا صَمّادُ ما كنتَ ساعياً
لنا بأيادِ الخيرِ بالبِشرِ صَفّقا
رقيتَ إلى العلياءِ بعدَ مآثرٍ
أتتنا بإيثارٍ بَذَلتَ مُوثَّقا
وشئتَ لنا العلياءَ، حَلَّقتَ عالياً
بريئاً من الآثامِ مستوثقَ الرُّقى
نُصِرتَ شهيداً، وانتصرتَ مجدداً
وها أنتَ تحيا اليومَ بالذِكرِ والتُقى
ففاجأتَنا إذ جئتَ طيراً مُسَيّراً
تَدُكُّ العِدىٰ، (نَجداً) و(يافا) مُحَلِّقا
وتُزهِرُ بستاناً بقلبِ أحبةٍ
رأوكَ مثالاً للتقىٰ ما تَحَذلقا
تباركَ من بالصدقِ أينعَ (فاستوى
على سُوقِهِ)، غاظَ العِدىٰ، ما تسلّقا
على مَوعِدٍ يا خيرَ من قادَ دولةً
على مَوعِدٍ مهما نأى مَوعِدُ اللِّقا
سنأتي عِدانا جحفلاً إثرَ جحفلٍ
يَعُبُ المدىٰ عَبّاً لنصرٍ تحقّقا
وحَقَّ لنا نأتي الدُجىٰ من سُباتِهِ
فنُلقِمُهُ فجراً يتيماً تدَفَّقا
تدافعتِ الرؤيا على بابِكَ، ارتمَتْ
شعوراً وشعراً من معانيكَ أشرقا
وصَمّادُنا معنى الصمودِ وفِعلُهُ
كصمِّ الجبالِ الصِّيدِ ما الصدقُ أنطَقا
تربَّعَ في الوِجدانِ أسمىٰ مكانةٍ
فكانَ المثالَ الحَيَّ، للحيِّ مُلتقى
بنى وطناً من نقطةِ الصفرِ، فانتهىٰ
بهِ رقماً صعباً بهِ الغربُ أحرِقا
وهاكُم أساطيلُ العِدىٰ كيفَ ولوَلَتْ
وولَّتْ، وبعضٌ بالصواريخِ أغرِقا
رئيسٌ يرى مَولاهُ في كلِ فعلِهِ
ولم يَرَ للذاتِ الحضورَ المعتَّقا
ولم يَرَهُ إلا من الشعبِ، ما رأىٰ
لنفسٍ على أُخرى مقاماً تعلَّقا
وما علِقَتْ بالنفسِ من طِيبِ ما بها…
الحياةُ، ولكنْ طابَ بالبذلِ والنقا
رآها تُراباً – مثلما هو أصلُها –
فعافَ وعفَّ الأخذَ مهما تَرونَقا
إذا ما رقىٰ في مِنبَرٍ كانَ مِنبَراً
لهُ القلبُ، بل قُل: كُلَ قلبٍ تَذوَّقا
فصارَ بهِ يَشدو، فيَحدو مَواكباً
من الحَشدِ للحَشرِ الذي صارَ مُحدِقا
تأمَّلْ (يَدٌ تَحمي، و… تَبني) لكي ترىٰ
مَصاديقَ إنجازٍ لِسَبقٍ تَشوَّقا
إذا أمَّلَ البانونَ بالصدقِ حققوا
وإنْ هُم دَعَوا حَيَّاً أجابَ وحقّقا
وإن هُم سَعَوا أبلَوا وكان بلاؤهُم
لدى اللهِ مشكوراً وللفعلِ أطلقا
أطَلَّقتَها -الدنيا- كحيدَرَ؟ ليتَ لي
فؤادَكَ.
لها جَيشُها: هَمٌّ، وسُهْدٌ، ورغبةٌ
متى غَرَسَتْ في النفسِ شيئاً فأورَقا؟!!
(مِكَرٍّ مِفَرٍّ) لا تجيءُ سوى لكي
تناءىٰ، كحُلمٍ في التآجيلِ أخفقا
ومن عافَها شاءَتْهُ، وهي بصيرةٌ
بِلَيِّ عِناقِ الوَصلِ إن شامَ بَيرَقا
ومن شاءَها مَنَّتْهُ، ثم تَمَنَّعَتْ
كأُنثى لَعوبٍ تحتَسيْهِ مُمَزَّقا
لكِ الموتُ يا دُنيايَ. طلَّقتُ عارَها
وأطلقتُ عِيراً للجهادِ تَوَثَّقا
وكم حُرِّ نفسٍ باعَ للهِ نفسَهُ
فأصبحَ حُرَّاً بعدَ أن كانَ مُوْثَقا
وكم عبدِ دُنيا ظلَّ عبداً لنفسِهِ
وأعدائهِ، ما نالَ خيراً أو استقىٰ
وفي رمزِنا (الصَّمِّادِ) للزُهْدِ والتُقىٰ
مِثالٌ كشمسٍ أشرقتْ حيثُ أشفقا
نأىٰ عن خوابي المُزرياتِ فأبرقَتْ
أياديهِ غَيثاً للبلادِ، فأغدقا
(فأتبَعَ) أسباباً، وجادَ بنفسِهِ
وحَطَّمَ قَيدَ الأسرِ في الأرضِ… وارتقى
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة غدًا.. تعرف عليها
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة بعنوان: "الأرض المباركة"، وقالت وزارة الأوقاف: إن الهدف من هذه الخطبة هو: توعية الجمهور بمكانة أرض سيناء المباركة أرض التجلي، علمًا بأن الخطبة الثانية تتناول بيان خطورة التحرش، ودور الأسرة في مواجهته.
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيـِّـبًا مُبَارَكًا فِيهِ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شَاءَ رَبُّنَا مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، حَمْدًا يَلِيقُ بِعَظَمَةِ جَلَالِهِ وَكَمَالِ أُلُوهِيَّتِهِ، وأَشهدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشهدُ أنَّ سَيِّدَنَا وَبَهْجَةَ قُلُوبِنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَخِتَامًا لِلأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، فَشَرَحَ صَدْرَهُ، وَرَفَعَ قَدْرَهُ، وَشَرَّفَنَا بِهِ، وَجَعَلَنَا أُمَّتَهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ:
فَقِفْ أَيُّهَا العَقْلُ عِنْدَ مُنْتَهَاكَ، فَبَيْنَ يَدَيْكَ ذِكْرَى تَحْرِيرِ سَيْنَاءَ، الأَرْضِ المُبَارَكَةِ، أَرْضِ التَّجَلِّيَاتِ، مَجْمَعِ الرِّسَالَاتِ، مَهْبِطِ الأَنْبِيَاءِ، سَاحَةِ الأَبْرَارِ، مَمَرِّ الحُجَّاجِ الكِرَامِ إِلَى بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، فَعَلَى أَدِيمِهَا الطَّاهِرِ سَارَتِ الأَقْدَامُ المُبَارَكَةُ، وَعَلى تُرَابِهَا المَيْمُونِ ارْتَفَعَت الأَكُفُّ الضَّارِعَةُ وَعَرَجَت الأَرْوَاحُ الهَائِمَةُ، فَكُلَّمَا خَطَوْتَ فِي سَيْنَاءَ خُطْوَةً اسْتَشْعَرْتَ بَرَكَةَ قَسَمِ رَبِّ العَالَمِينَ بِأَرْضِنَا المُبَارَكَةِ، حَيْثُ قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ}.
أَيُّهَا النَّاسُ، تَخَيَّلُوا مَعِي ذَلِكَ المَشْهَدَ الإِلَهِيَّ الكَوْنِيَّ المَهِيبَ، مَشْهَدٌ لَمْ يَشْهَدِ الزَّمَانُ مِثْلَهُ، حِينَ اصْطَفَى اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ لِكَلِيمِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَشْرَفَ الأَزْمَانِ وَأَرْقَاهَا، وَاخْتَارَ لَهُ أَسْمَى الأَمَاكِنِ وَأَبْرَكَهَا، فتَجَلَّى الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ لِنَبِيِّهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى جَبَلِ الطُّورِ، فَاهْتَزَّ الجَبَلُ خَشْيَةً وَتَدَكْدَكَ عَظَمَةً، بَيْنَمَا كَانَ قَلْبُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْتَقْبِلُ نُورَ الهِدَايَةِ وَيَتَشَرَّبُ حِكْمَةَ السَّمَاءِ، إِنَّ هَذِهِ اللَّحْظَةَ الفَرِيدَةَ رَمْزٌ أَبَدِيٌّ لِعَظَمَةِ الوَحْيِ الَّذِي يُضِيءُ دُرُوبَ الحَائِرِينَ، وَكَأَنَّ ذَرَّاتِ رِمَالِ سَيْنَاءَ تَحْمِلُ بَيْنَ طَيَّاتِهَا صَدَى كَلِمَاتِ اللهِ تَعَالَى الَّتِي تَجَلَّتْ عَلَى جَبَلِهَا المُبَارَكِ {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْـمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}.
أَيُّهَا المِصْرِيُّونَ، اسْتَشْعِرُوا نِعْمَةَ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ عَلَى مِصْرَ وَأَهْلِهَا، فَأَيُّ شَرَفٍ وَأَيُّ مَجْدٍ وَأَيُّ بَرَكَةٍ وَأَيُّ نُورٍ وَأَيُّ بَصِيرَةٍ أُفِيضَتْ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى تِلْكَ البُقْعَةِ الغَرَّاءِ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ! أَيُّ فَضْلٍ وَكَرَمٍ وَمِنْحَةٍ وَعَطَاءٍ مِنَ اللهِ لَنَا أَهْلَ مِصْرَ؛ لَمـَّا أَنِ اصْطَفَى اللهُ تَعَالَى بُقْعَةً مِنْ أَرْضِنَا الطَّاهِرَةِ لِيَتَجَلَّى عَلَيْهَا مُصْطَفِيًا نَبِيَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ!
أَيُّهَا المِصْرِيُّونَ، إِنَّ هَذَا التَّجَلِّي لَمْ يَكُنْ آخِرَ العَهْدِ بِأَرْضِ سَيْنَاءَ، بَلْ إنَّه مَا أَنْ مَضَتِ السَّنَوَاتُ، واشْتَاقَتْ أَرْضُ سَيْنَاءَ وَجِبَالُهَا وَوِدْيَانُهَا لِتِلْكَ الأَنْوَارِ وَالبَرَكَاتِ، حَتَّى أَتَى الوَحْيُ الشَّرِيفُ مِنَ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَدْعُوهُ اللهُ لِمِيقَاتِهِ سُبْحَانَهُ، فَاسْتَشْرَفَتْ أَرْضُ سَيْنَاءَ مِنْ جَدِيدٍ لِشُهُودِ هَذَا التَّجَلِّي العَظِيمِ {وَلـَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّ…