تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كانت سعادتي كبيرة بلقاء عدد من الشباب المصريين العائدين من لندن إلى القاهرة، وغالبيتهم يعيشون في بريطانيا، حيث كانوا متحمسين في التعبير عن رفضهم مقترح الرئيس الأمريكي دولاند ترامب. قالوا إن الرد عليه جاء أولا من الواقع بعفوية وبدون "تسييس"، متمثلًا في عودة سكان غزة إلى ديارهم مشياً على الأقدام، وعبروا بنفس تلك العفوية وبعباراتهم الغاضبة أن "تلك الأقدام الجبّارة للغزاوية داست على كل حرف من ذلك المقترح البغيض الذي وُلد ميتًا".

وأكد الشباب أنهم في ظهر الدولة المصرية حين رفضت مقترح تهجير الفلسطينيين ويرون أنهم ليسوا وحدهم في هذا الموقف كشباب في لندن أو المملكة المتحدة وإنما الجبهة الخارجية كلها تنضم للداخلية في دعم موقف الرئيس ورفضه تهجير الفلسطينيين وهو موقف مبدئي أعلنه في بداية طوفان الأقصى وجدد التأكيد عليه الآن. وهو ليس مجرد موقف سياسي لصالح الفلسطينيين وإنما له رمزية وطنية عظيمة حيث رفع رأس كل مواطن مصري، بما في ذلك الشباب الذين قد يبدون أحيانا غير مبالين ولكن الحقيقة أنهم عند اللزوم حاضرون وبقوة. ولعل هذه اللّحمة الرائعة تستحق من الحكومة وكل أجهزة الدولة المحافظة عليها وتعزيزها فهي تصنع المعجزات وتحطم المستحيلات. 

هذا ملخص للدردشات التي جمعتني مع عدد من الركاب في المطار أو على الطائرة، وغالبيتهم يستحقون أن نرفع لهم القبعة ونفتخر بإنجازاتهم العلمية والعملية، أولًا لأنهم يرفعون راية مصر عالية بمسيرتهم ونجاحهم في الخارج، وثانيًا لأنهم يدعمون بلادهم عند الحاجة. وزادت وتيرة الاحتجاجات الطلابية التي شهدها عدد من الجامعات البريطانية أو في المظاهرات الحاشدة أمام مقر الحكومة البريطانية في وايتهول وسط لندن من أجل إيصال صوت قوي ضد التهجير القسري وجميع أشكال الاضطهاد الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني. وقد طالبت التظاهرات الأخيرة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر باتخاذ موقف واضح وحازم ضد تصريحات ترامب التي تدعو إلى تهجير الفلسطينيين، والتي تُعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والقانون الدولي والحقوق الفلسطينية المشروعة. 

الملاحظ أن القضية الفلسطينية تحظى بدعم متزايد من بريطانيين وجاليات عربية وإسلامية وأصبح من السهل تمييز العلم الفلسطيني مرفوعا أمام المنازل، والكوفية الفلسطينية يرتديها مواطنون بشكل يرمز لموقفهم من القضية. كما أن المشاركات في سلسلة من الفعاليات لصالح القضية أصبحت تستقطب المزيد من رموز المجتمع المدني والسياسي والجهات الأكاديمية والنخب الطلابية والعمالية، ويسعون من خلالها إلى تسليط الضوء على خطورة تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تدعو لتهجير الفلسطينيين وتكريس سياسة التطهير العرقي. وقد رفع العلم المصري إلى جانب الفلسطيني في إحدى التظاهرات في لندن الأسبوع الماضي كدعم أيضا للموقف المصري الرافض للتهجير.

وذكر الشباب أن التحركات الطلابية مؤخراً أدت إلى سحب عدد من الجامعات استثماراتها من الشركات المتورطة في الانتهاكات بغزة، إضافة إلى إنهاء التعاون مع شركات للأسلحة كانت تقدم تمويلات بحثية للأقسام العلمية، خاصة كليات الهندسة. وقد أصدرت إحدى الكليات في كينغز لندن قرارا، على إثر احتجاجات واسعة النطاق تضامنًا مع غزة، يقضي بوقف استثماراتها في شركات تعمل في إنتاج الأسلحة أو تصديرها. ونشرت صحيفة التايمز مؤخرا إعلان الجامعة أنها ستضيف بندًا جديدًا إلى سياستها، ينص على عدم الاحتفاظ بأي استثمارات في شركات تعمل في مجال إنتاج الأسلحة، مع التشديد على حظر مشاركة شركات الأسلحة في الفعاليات المهنية والمشروعات البحثية بالجامعة. يضاف إلى تلك التحركات، قيام 51 عضوًا من مجلس اللوردات والعموم في البرلمان البريطاني ببعث رسالة إلى وزيرة الداخلية إيفيت كوبر مطالبين بإجراء تحقيق حول اعتداءات الشرطة على مظاهرة متضامنة مع فلسطين في 18 يناير الماضي. وأكد رئيس حزب العمال البريطاني السابق وعضو البرلمان جيرمي كوربن على الوقوف بجانب الحق الفلسطيني في مقاومة الاحتلال.

ومع الشباب دائما، حيث حدث على نفس رحلة الطائرة العائدة إلى مصر موقف طارئ يخص راكبة فاجأتها أزمة صحية، مما دفع بالمضيفة إلى طلب المساعدة من أي طبيب موجود على الطائرة. وعلى الفور وقف أربعة أطباء عبروا عن استعدادهم لمد يد العون، ناهيك عن خامس كان متخصصا في الأشعة. بالمناسبة، الطائرة مليئة بالركاب من جنسيات مختلفة وما يفرح القلب أن الأطباء جميعهم مصريون. ولم يتركوا السيدة المريضة لحظة واحدة طوال الرحلة. كانوا جاهزين بحقيبة إسعافات للكشف عن الحالة والتعامل معها، وتبادلوا الرأي والنصيحة من الأصغر إلى الأكبر سنًا وخبرة، ثم اتفقوا على إعطائها دواء معينًا. بعد ذلك، نقلوها للاسترخاء في مقاعدهم الأمامية لتأخذ بعض الراحة؛ لم تتحسن الحالة، حيث إنها من أصحاب الأمراض المزمنة، لذلك فتحوا حقائبهم الصغيرة وأخذوا منها أفضل ما لديهم من أدوية تفيد في إسعاف الحالة لحين الوصول إلى القاهرة. كل ركاب الطائرة كانوا فخورين بهم ويدعون لهم ويشدون على أيديهم. وهكذا هم أطباء مصر خيرة رجالها ونسائها، لا يترددون في المساعدة، وهم على الأرض أو حتى في الجو، لا فرق في جاهزيتهم وعطائهم مع تواضع ورقيهم منقطع النظير. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الرافض لتهجير الفلسطينيين القضية الفلسطينية خمسة أطباء عدد من

إقرأ أيضاً:

شم النسيم لا يكتمل بدونها لماذا يعشق المصريون الرنجة؟

مع نسمات الربيع الأولى، يعود المصريون إلى طقوسهم المتوارثة في استقبال موسم شم النسيم، الذي يُعد من أقدم الأعياد الشعبية في مصر، حيث تتزين الموائد بأصناف تقليدية أبرزها الأسماك المملحة، وعلى رأسها الرنجة والفسيخ.

المصريون يحتفلون بشم النسيم بتناول الأسماك المملحة وعلى رأسها الرنجة والفسيخ (رويترز)

ورغم أن الرنجة كانت فيما مضى وجبة موسمية، فإن حضورها اليوم بات ممتدا على مدار العام، حسب حسين أبو السيد، صاحب مصنع لتدخين وتمليح الرنجة.

ويشير حسين إلى أن طرق التصنيع الحديثة جعلت من الرنجة خيارا آمنا ومتاحا باستمرار. لكنه يلفت إلى أن الإقبال يزداد بشكل ملحوظ خلال المواسم والأعياد، التزاما بتقاليد قديمة ارتبطت بهذه الوجبة.

الرنجة أصبحت وجبة متاحة طوال العام لكن الإقبال عليها يتضاعف في الأعياد (رويترز)

وفي خلفية هذا الطقس الشعبي، يظهر عمق تاريخي يعود إلى مصر الفرعونية، حيث يوضح إبراهيم شاهين، صاحب متجر لبيع الأسماك المملحة، أن المصريين القدماء كانوا يجمعون الأسماك التي يلفظها الشاطئ، ويخزنونها في أوان فخارية لحفظها طوال العام، مما شكّل النواة الأولى لفكرة التمليح والتخزين.

ومنذ ذلك الحين، صار يوم تساوي الليل مع النهار عيدا للاحتفاء بالطبيعة وبهجة الطعام.

تقاليد أكل الرنجة تعود إلى المصريين القدماء الذين ابتكروا التمليح لحفظ الأسماك (رويترز)

وفي أحد الأسواق، ترى الزبائن مصطفين أمام المتاجر، وبينهم سمر محمد التي ترى في الرنجة والفسيخ وجبة تفتح الشهية وتُعيد لَمَّة العائلة حول المائدة.

إعلان

وبالنسبة لها، لا يهم إن كان العيد أو موسم شم النسيم، ما دام الطقس يجمع الأحباب على طاولة واحدة.

الرنجة تعتبر طقسا يجمع العائلات ويُعيد أجواء البهجة واللمة (رويترز)

أما المهندس أبو بكر الصديق، فيُعبّر عن تعلقه بهذه العادة ببساطة ويقول إن شم النسيم لا يمر دون رنجة، وبصل، وليمون.

وهكذا، لا يبدو شم النسيم مجرد مناسبة موسمية بقدر ما هو طقس متكامل يحمل عبق التاريخ، ونكهة اللمة، وبهجة الأكل الشعبي، الذي لا يزال يثبت حضوره وسط تغيّرات العصر.

مقالات مشابهة

  • في لفتة إنسانية.. البابا تواضروس يلتقي عددا من شباب الكنيسة على متن طائرة بولندا (صور)
  • الرئيس الفلسطيني: نثمن موقف مصر الرافض لتصفية القضية الفلسطينية
  • السيسي يجدد رفض مصر لتهجير الفلسطينيين
  • شم النسيم لا يكتمل بدونها لماذا يعشق المصريون الرنجة؟
  • بالصور والفيديو.. المصريون فى بريطانيا خط الدفاع الأول عن الوطن في الخارج
  • جامعة الريادة تنظم ندوة "ابني وعيك" لتعزيز الانتماء الوطني والتصدي لحروب الجيل الرابع
  • نائب:السلك الدبلوماسي يمثل صوت العراق في الخارج وليس صوتاً للأحزاب
  • مجلس الشباب المصري يناقش "قضايا المصريين بالخارج بين الحقوق والولاء للوطن"
  • الدولـة وتـحـدّي العـولمـة
  • أكلة يعشقها المصريون.. طريقة عمل كشري الحلة الواحدة بخطوات سهلة