تطور الحركات النسوية: من الحقوق السياسية إلى الحرية الجنسية .. فيديو
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
الرياض
انطلقت أفكار الفيلسوفة الفرنسية سيمون دي بوفوار حول قضايا المرأة والجندر عندما نشرت كتابها الشهير “الجنس الآخر” عام 1949،حيث قدمت فيه رؤية جديدة تعتبر أن الفروقات بين الذكر والأنثى ليست طبيعية بالكامل، بل هي نتاج بناء اجتماعي وثقافي فرض أدوارًا محددة على النساء.
ورأت دي بوفوار أن المجتمع يصنع التصنيفات بين الجنسين، مما يؤدي إلى تقييد المرأة وإخضاعها، ودافعت عن الحرية الجنسية الكاملة للمرأة، مؤكدة أن لها الحق في تقرير مصيرها بعيدًا عن القيود الأخلاقية والاجتماعية التقليدية، كما طالبت بمنح المرأة الحق في الإجهاض باعتباره جزءًا أساسيًا من سيادتها على جسدها واستقلاليتها.
وفي هذا السياق، قدم الدكتور عبدالعزيز المزيني قراءة معمقة لهذا الكتاب، مستعرضًا أفكاره الجوهرية ودوره في إرساء الفكر النسوي الحديث.
ورأى المزيني خلال حديثه في برنامج “في الصورة”، أن الكتاب شكَّل نقطة تحول رئيسية في دراسة حقوق المرأة، حيث طرح لأول مرة تساؤلات جوهرية حول الأنوثة، الحرية، والعدالة الاجتماعية، واعتبره نقطة التحول الأساسية في الفكر النسوي، الذي انطلق من فرنسا، منتقلًا بعد ذلك إلى أمريكا.
وشهدت الولايات المتحدة تاريخًا طويلًا من العبودية والتمييز العنصري، بدأ مع وصول العبيد الأفارقة الأوائل إلى أمريكا في القرن السابع عشر، واستمر الرق لقرون حتى إلغائه رسميًا عام 1865 بعد الحرب الأهلية الأمريكية، لكن التمييز العنصري لم ينتهِ، بل استمر من خلال قوانين الفصل العنصري والحرمان من الحقوق الأساسية.
وفي منتصف القرن العشرين، برزت شخصيتان قادتا النضال ضد العنصرية: مالكوم إكس ومارتن لوثر كينج الابن، حيث اتخذ مالكوم إكس نهجًا أكثر راديكالية، حيث دعا إلى الدفاع عن النفس ومقاومة الظلم العنصري “بأي وسيلة ضرورية”.
ورأى أن النظام الأمريكي غير قابل للإصلاح، وطالب السود بالانفصال عن هيمنة البيض وبناء مجتمعاتهم المستقلة، وعلى الجانب الآخر، تبنى مارتن لوثر كينج نهج المقاومة السلمية، وقاد مظاهرات سلمية للمطالبة بالمساواة، أبرزها مسيرة واشنطن عام 1963، حيث ألقى خطابه الشهير “لدي حلم”.
ورغم اختلاف أساليبهما، ساهم الاثنان في إنهاء الفصل العنصري، وتحقيق تشريعات جديدة منحت الحقوق المدنية للأمريكيين الأفارقة، كما دعما قضايا النساء، حيث رأى كينج أن نضال المرأة جزء لا يتجزأ من معركة العدالة الاجتماعية، بينما دافع مالكوم إكس عن المرأة السوداء، معتبرًا أنها أكثر الفئات تضررًا من العنصرية والتمييز.
وبدأت حركة حقوق المرأة في أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر، والتي اعتبرها الدكتور المزيني، بداية النسوية الفعلية، حيث ركزت على حق المرأة في التصويت، وانتهت بالتصديق على التعديل التاسع عشر للدستور الأمريكي عام 1920، الذي منح النساء حق الاقتراع.
ومع ظهور الموجة النسوية الثانية في الستينيات، توسعت المطالب لتشمل المساواة في الأجور، الحقوق الإنجابية، وإنهاء التمييز الجنسي، وقادت هذه المرحلة إلى إصدار قوانين تحظر التمييز في أماكن العمل وتضمن للنساء حقوقًا أكبر.
وفي التسعينيات، جاءت الموجة النسوية الثالثة، التي ركزت على التنوع والهوية الجنسية، وطرحت قضايا جديدة مثل التحرر الجنسي، وتمكين النساء من خلفيات عرقية وثقافية مختلفة.
أما الموجة الرابعة، التي بدأت في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، فقد اعتمدت على وسائل التواصل الاجتماعي كأداة رئيسية للنضال ضد التحرش الجنسي والتمييز.
وعبر هذه الموجات المتعاقبة، انتقلت النسوية الأمريكية من المطالبة بالحقوق السياسية الأساسية إلى الحرية الجنسية الكاملة والمساواة في جميع مجالات الحياة، مما غيَّر المشهد الاجتماعي والسياسي في الولايات المتحدة بشكل جذري.
https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/02/ssstwitter.com_1738614592034.mp4 https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/02/ssstwitter.com_1738614084391.mp4 https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/02/ssstwitter.com_1738614213563.mp4المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: النسوية
إقرأ أيضاً:
رمضان في البرازيل بين الحرية الدينية والشعور بالغربة الاجتماعية
ساوباولوـ يقارن جمال زعيتر وهو موظف في مفوضية شؤون اللاجئين في ساوباولو بين إقامته سابقا في ولاية ميناس جيرايس البرازيلية، حيث أعداد المسلمين قليلة للغاية ويعيشون بأماكن متباعدة، وبين إقامته اليوم في مدينة سانتو أمارو جنوب ساوباولو، وانعكاس ذلك على حياته في شهر رمضان.
وفي حديث للجزيرة نت يقول زعيتر: أعيش اليوم بالقرب من مسجد الرحمة في سانتو أمارو، حيث الأجواء الرمضانية حاضرة بوضوح بسبب وجود جالية إسلامية في المنطقة، نتجمع في المسجد لصلاة التراويح ونبقى هناك مع عائلاتنا إلى ما بعد صلاة العشاء، بينما كنت أشعر بغربة حقيقية في ميناس جيرايس بعيدا عن هذه الأجواء.
صعوبات جمة يواجهها المسلمون الصائمون خلال شهر رمضان المبارك في البرازيل تندرج تحت عدد من المستويات من الاعتراف الرسمي بأعياد ومناسبات المسلمين إلى الشعور بالأجواء في الشهر الفضيل.
ويقول بلال بكري وهو طبيب مختص في علم الأمراض (باثولوجي) ويقيم في مدينة بارويري شمال غرب ساوباولو إن التقويم الرسمي البرازيلي يمر مرور الكرام على أعياد المسلمين وعلى مناسباتهم الدينية، ومن بينها شهر رمضان المبارك.
ويضيف بكري، للجزيرة نت، أن المسلم في البرازيل يخضع لساعات دوام معتاد في العمل والدراسة أثناء الشهر الفضيل والأعياد الإسلامية، وليس هناك أي احتضان رسمي للشعائر والمناسبات الإسلامية، على الرغم من أن الدستور البرازيلي يكفل حقّ العبادة وممارسة الشعائر الدينية لكافة الطوائف والمذاهب والملل، فالحرية الدينية أساس من أسس الحريات العامة التي تنصّ عليها تشريعات البرازيل.
ويتابع بكري، أنه ربما لأن المسلمين أقلية قد لا تبلغ المليون نسمة في بلاد يتجاوز عدد سكانها 210 ملايين نسمة، يجعل من الصعوبة بمكان الاعتراف بأعيادهم ومناسباتهم الدينية في التقويم الرسمي، لافتا إلى أنه إذا أخذنا بعين الاعتبار عدم وجود أي تنظيم أو تكتل يشكل وزنا أو قوة للجالية الإسلامية في البرازيل، فإن مهمة إدراج الأعياد والمناسبات الإسلامية، ومن بينها رمضان، تصبح أكثر صعوبة.
ويقول زعيتر، نعاني صعوبات قانونية وإدارية تتعلق بطلب إجازات رسمية للأعياد الإسلامية أو تخصيص أماكن للصلاة في المؤسسات العامة.
إعلانويضيف زعيتر، من أبرز التحديات التي نواجهها كمسلمين في المهجر هو تعليم أبنائنا الذين وُلدوا في البرازيل اللغة العربية، وتعريفهم بعاداتنا وتقاليدنا وتعليمهم أصول الدين الإسلامي وكيفية ممارسة الشعائر الدينية.
ويوضح زعيتر، أن هذا يشكل تحديا كبيرا للأهالي بسبب قلة المؤسسات التعليمية الإسلامية فعلى سبيل المثال، في مدينة ساو باولو، التي تضم أكبر تجمع للجالية الإسلامية في البرازيل، لا يتجاوز عدد المدارس الإسلامية فيها الثلاثة، وتوفر واحدة منها فقط التعليم حتى المرحلة المتوسطة، في حين تقتصر الأخريات على جزء من المرحلة الابتدائية فقط.
أما بلال بكري فيرى أن المسلم في البرازيل يفتقد إلى الأجواء الرمضانية الجميلة التي تهيمن على البلدان الإسلامية في الشهر الفضيل، ويزيد من هذه الصعوبات على المسلمين تناثر المؤسسات والجمعيات الإسلامية والمساجد هنا وهناك، بشكل يعكس عدم وجود أي تجمع أو تمركز للجالية الإسلامية في حي أو مدينة ما.
ويضيف بكري، في الكثير من الأحياء والمدن هناك غياب تام لأي حضور رسمي إسلامي، ولا وجود للمساجد والجمعيات، مما يفقد الفرد المسلم المقيم في مثل هذه المدن والأحياء المرجعية والحضن الاجتماعي لممارسة الشعائر الرمضانية الجميلة، وهذا ما يضاعف شعور المسلم بالغربة والتهميش والجفاء في هذا الشهر الفضيل بالذات.
يقول زعيتر، صحيح أن شهر رمضان لا يشهد أي تغير أو ارتفاع في الأسعار كما هو الحال في الدول الإسلامية، حيث لا توجد ظاهرة ارتفاع الأسعار بسبب الطلب المتزايد، لكن التحدي الأساسي يتمثل في ندرة بعض المنتجات المستخدمة في الدول العربية وارتفاع أسعارها إن وُجدت.
ويضيف زعيتر، على سبيل المثال، قد يصل سعر علبة السمن الحيواني (250 غراما) إلى ما يعادل 20 دولارا، هذا إن وجدت، كما نواجه صعوبة في الحصول على المنتجات الحلال، مما يجعل التكيف مع البيئة المحلية أمرا ضروريا.
ويتابع زعيتر، أنه رغم هذه التحديات، فإن المدن الكبرى مثل ساو باولو وريو دي جانيرو تضم مطاعم وأسواقا متخصصة في بيع المنتجات الحلال، مما يسهل الأمور على المسلمين في هذه المناطق، ولكن في المناطق النائية، لا يزال الوصول إلى الطعام الحلال يمثل تحديا كبيرا.
إعلانويرى بكري، أن هناك صعوبة في تأمين السلة الرمضانية التقليدية السائدة في البلدان الإسلامية، ورغم أن الكثير من السلع والمنتجات الرمضانية من مأكولات ومشروبات متوفرة بالأخص في المدن الكبرى، لكن الغلاء يشكل عائقا للحصول على هذه المنتجات بالنسبة لبعض الفئات.
حرية ممارسة الشعائريعتبر بلال بكري أن البرازيل من أكثر الدول ضمانا للحريات ولحقوق الأقليات في العالم برمته، والحرية الدينية مضمونة بنص الدستور بما يكفل حرية ممارسة الشعائر لكافة المذاهب والمجموعات الدينية على مختلف مشاربها وأطيافها، وهذا ما يسهل على الجالية الإسلامية المجاهرة بالشعائر الرمضانية من صلاة وصوم وزكاة وتراحم وتكافل في كافة أراضي البرازيل.
ويضيف بكري، هذه الحريات مكفولة ومصانة حتى في ظل الصعود الصاروخي لليمين المتطرف العنصري في البلاد.
نموذج إسلامييقول بكري، إن شهر رمضان المبارك فرصة لا مثيل لها للتراحم وللتواصل وللتكافل الاجتماعي ولتعزيز الأواصر بين أفراد الجالية الإسلامية. وأيضا نستطيع أن نتكلم عن هذا التأثير على المجتمع البرازيلي نفسه بغالبيته الكاثوليكية، فالشهر الفضيل هو فرصة لتقديم نموذج إسلامي راق لواحدة من العبادات المهذبة للنفس والضابطة للشهوات والمعززة لروح التراحم والتضامن والإحسان.
ويضيف بكري، بدأت ألاحظ ازدياد النشاطات الاجتماعية على نطاق العائلات وعلى نطاق الجمعيات الإسلامية التي ترعى الإفطارات الرمضانية في مراكز الجمعيات الإسلامية المرفقة بالمساجد المنتشرة على الأراضي البرازيلية.
ويقول زعيتر، في رمضان تُنظّم دورات لتعليم القرآن الكريم وأصول الدين للمسلمين الجدد وأطفال الجالية في المساجد، كما ينظم بعض المسلمين فعاليات تعريفية بالإسلام خلال رمضان، مثل تقديم الإفطار للصائمين من غير المسلمين لتعريفهم بثقافة الصيام والتقاليد الإسلامية، مما يعزز التفاهم والتقارب بين المسلمين والمجتمع البرازيلي.
إعلانويضيف، في نهاية المطاف، ورغم أننا كجالية مسلمة نتمتع بحرية كاملة في إقامة شعائرنا الدينية في هذا البلد، فإن أجواء رمضان في البرازيل لا يمكن أن تُقارن بتلك التي كنا نعيشها في أوطاننا الأصلية.