لجريدة عمان:
2025-02-03@20:50:30 GMT

قراءة في قرار زيادة معاشات التقاعد

تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT

مثّل قرار صندوق الحماية الاجتماعية بزيادة معاشات التقاعد خطوة جادة للاهتمام بفئة العُمانيين المتقاعدين، وهو مطلبٌ مجتمعيٌ منذ سنوات للالتفات لهذه الفئة المهمة من المجتمع التي أفنت عمرها ووقتها لخدمة عُمان وقائدها ومن يعيش عليها؛ خاصة بعد أن قدّموا الكثير من الأعمال الجسام طيلة مسيرتهم الوظيفية التي امتدت لبعض الموظفين لأكثر من 40 عاما، عملوا بصدق وإخلاص وتفانٍ لمصلحة وطنهم عُمان، وتفاعلوا مع الحياة اليومية بحلوها ومرها، ولم يخفِ ذلك المتقاعد شعوره بالارتياح لقرار زيادة معاشه التقاعدي الذي لم يشهد تغييرا منذ صرفه لأول مرة بعد التقاعد ليستطيع أن يرسم في مخيلته حلما بمستقبل أكثر تلبية لمتطلبات واحتياجات حياته اليومية الاجتماعية، رغم قيام بعض المنغّصين؛ خصوصا في وسائل التواصل الاجتماعي بالتقليل من أهمية الزيادة وخلط الحابل بالنابل عند التفاعل مع الموضوع الذي لا شأن لهم به لا ناقة ولا جمل، إلا أن نمطهم السلبي امتد لتعكير صفو الإيجابية التي تكوّنت لدى المستفيدين من قرار زيادة المعاش التقاعدي.

هناك حالة من الاستغراب لهجوم ثلة من مرتادي المنصات الإلكترونية للقرارات الحكومية؛ خاصة تلك التي تستهدف معالجة بعض الصعوبات المجتمعية لرفع مستوى الرفاه المعيشي لأفراد المجتمع، ربما الأمر ليس مرتبطا بالمطالبات المجتمعية بقدر ما يتعلق بمقدار تلك المطالبات؛ فمثلا في قرار استحداث الزيادة السنوية لمعاشات التقاعد ضمن منظومة الحماية الاجتماعية، لم يكن التفاعل المرصود مرتبطا بتأصيل الفكرة أو مناقشتها أو حتى وجودها من عدمها رغم الظروف الاقتصادية التي تراود المخططين الاقتصاديين بين فترة وأخرى، بل كان النقاش يركّز على نسبة الزيادة وإن كانت غير ثابتة وقابلة للزيادة خلال السنوات المقبلة. مما يثير استغرابي كثيرا ربط القرارات الحكومية التي تلامس الحياة الاجتماعية اليومية بعوامل غير آنية القياس مثل التضخم والقوة الشرائية والنمو الاقتصادي، إضافة إلى ديناميكية سوق العمل والتشغيل، وهنا نضع مقترحا إلى الجهات المعنية بضرورة وجود موجّه سلوكي يشخّص مستوى السلبية التي اتخذها البعض نهجا عند تفاعلهم مع القرارات الحكومية قبل أن يتأصل هذا النهج عند فئات المجتمع، لا سيّما أن القرار الحكومي لا يتخذ إلا بعد توصيات ناتجة عن دراسات نوعية ونقاشات مستفيضة.

تابعت خلال الشهر الماضي تفاعل الرأي العام العُماني مع قرار زيادة معاشات التقاعد؛ خصوصا بعد صرف المعاش مضافا إليه الزيادة السنوية لأول مرة في سلطنة عُمان، رصدتُ ارتياح المستفيدين وأسرهم من خلال أحاديثهم في المجالس والتجمعات العائلية، معبرين عن تفاؤلهم بارتفاع نسبة الزيادة السنوية في المعاش خلال السنوات المقبلة، شاكرين متخذي القرار على استذكارهم ووضعهم في الحسبان عند التخطيط لمنظومة الحماية الاجتماعية. هذه المشاعر لابد أن تساند مجتمعيا وأن تكافح السلبية التي رافقت القرار لدى بعض المتفاعلين والمنظرين، بل لابد أن يتم الوقوف على أسباب محاولة البعض تشويه الرسالة الاتصالية والإعلامية قبل فهمها جيدا من قبل من يدّعون الفاعلية والتأثير في وسائل التواصل الاجتماعي وبالتالي تصل الرسالة هشّة ذات تحليل سطحي بعيدة عن مفهومها العميق. كثير ما يتردد سؤال جدوى قرار نسبة الزيادة في معاشات التقاعد التي يظنها البعض أنها قليلة. حقيقة التمست فهما غير دقيق تمثّل في اختلاف النسبة بين نمو الأجور ونسبة زيادة معاشات التقاعد، وهنا ينبغي التوضيح بأنه رغم ارتفاع نسبة نمو الأجور مقارنة بنسبة زيادة معاشات التقاعد، إلا أنها تشمل فقط الراتب الأساسي للموظف بيد أن الزيادة في معاشات التقاعد تشمل المعاش كاملا، وبالتالي الزيادة في المعاشات لبعض المتقاعدين أعلى من الزيادة في نمو الأجور لبعض الدرجات المالية للموظفين، إضافة إلى ذلك أنّ غالبية المتقاعدين هم من فئة كبار السن ويستلمون منفعة كبار السن؛ لذلك عند تحليل بعض القرارات ينبغي دراسة المعطيات كاملة ومن جميع الزوايا حتى يتم إبداء وجهات النظر حوله أو نقده أو حتى تحليله، حقيقة الزيادة في معاشات التقاعد هي ليست ثابتة بل سنوية ومتغيرة بحسب حجم التضخم المرصود سنويا ويجب ألا يتم التقليل من النسبة كونها تمثّل إضافة إلى معاشات التقاعد التي لم تشهد تغييرا منذ فترة طويلة رغم تفاوت معدل التضخم سنويا.

ختاما، من المهم عند التفاعل مع القرارات الحكومية أن يتم فهمها جيدا قبل الخوض في اجتهادات التحليل التي تؤجج الرأي العام وتساعد على نشر السلبية خصوصا في وسائل التواصل الاجتماعي؛ بسبب عدم دقة تحليل مضمونها مثل قرار زيادة معاشات التقاعد الذي اتخذ إثر دراسة كافة الجوانب التي تؤثر على المجتمع وتعزز من رفاهيته، من الضروري أيضا عدم الانسياق خلف الآراء التي تقلل من حجم الجهود المبذولة في سبيل الارتقاء بالحياة الاجتماعية للمواطنين، ولنبتعد عن التأويلات غير المنطقية التي تشوّش على إيصال الرسالة الإعلامية والاتصالية الصحيحة لأفراد المجتمع دون نقصان أو تقليل من أهميتها.

راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قرار زیادة الزیادة فی

إقرأ أيضاً:

مدبولي يناقش التصورات المقترحة لحزمة الحماية الاجتماعية التي كلف بها الرئيس السيسي

أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أن الحكومة تواصل العمل على وضع إطار لحزمة الحماية الاجتماعية التي كلف بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في إطار توجيهاته لبذل كل الجهود الممكنة، من أجل تخفيف الأعباء المعيشية عن كاهل المواطنين، في ظل التحديات والتداعيات التي نواجهها جراء الظروف والأحداث العالمية.

جاء ذلك خلال اجتماع عقده رئيس الوزراء، مساء اليوم الأحد، لمناقشة التصورات المقترحة لحزمة الحماية الاجتماعية التي كلف بها الرئيس السيسي، لمساندة ودعم الفئات الأولى بالرعاية، بحضور كل من وزير المالية أحمد كجوك، ووزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة مايا مرسي، والمهندسة مارجريت صاروفيم، نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي، ومسئولي الوزارتين.

وأشار مدبولي إلى أن الحكومة تستهدف الفئات محدودة الدخل، وتعمل على تحسين عمليات الاستهداف للأسر المستحقة للدعم والمساندة.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المستشار محمد الحمصاني في تصريح صحفي اليوم أن الاجتماع شهد استعراض المحاور المطروحة لحزمة الحماية الاجتماعية، والشرائح المستهدفة منها، تمهيداً لعرضها على الرئيس في صورتها النهائية.

اقرأ أيضاًمدبولي يتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات بمجلس الوزراء

برئاسة «مدبولي».. 4 قرارات هامة في اجتماع مجلس الوزراء اليوم الأربعاء

مقالات مشابهة

  • زيادة المرتبات والمعاشات..اعرف موعد إعلان وإقرار حزمة الحماية الاجتماعية الجديدة
  • الحكومة: حزمة الحماية الاجتماعية التي يجرى إعدادها تغطي فئات المجتمع (فيديو)
  • تشمل زيادة المرتبات والمعاشات.. متحدث الوزراء يكشف تفاصيل الحزمة الاجتماعية المرتقبة
  • مدبولي يناقش التصورات المقترحة لحزمة الحماية الاجتماعية التي كلف بها الرئيس السيسي
  • 10 آلاف مستفيد من برامج «الإمارات للتنمية الاجتماعية»
  • زيادة معاشات المهندسين بأثر رجعي اعتبارًا من يناير 2025
  • نقيب المهندسين: زيادة معاشات الأعضاء خلال مارس بأثر رجعي
  • النبراوي: زيادة معاشات المهندسين قيد الدراسة وسيتم تطبيقها بأثر رجعي
  • مولود جديد كل 16 ثانية خلال 2024.. خبراء: تراجع معدلات المواليد في مصر نتيجة الأوضاع الاقتصادية والتغيرات الاجتماعية.. الزيادة السكانية تؤثر على الموارد والبنية التحتية وتفاقم الأزمات