يمانيون../
تستمر صنعاءُ في تقديم المبادرات الإنسانية الأُحادية الرامية لتحريك وتحرير الأسرى وحلحلة هذا الملف الإنساني؛ بغرض تنفيذ صفقة الكل مقابل الكل، لكن دون استجابة تُذكر من قبل الطرف الآخر الذي يواصل التعنت والإصرار على إفشال كُـلّ المبادرات القادمة من الطرف الوطني.

وطالما كانت صنعاء سباقة بنوايا صادقة لتنفيذ مبادرات إنسانية من جانب واحد أطلقت خلالها مئات الأسرى، آخرها قيام اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى في صنعاء، بتنفيذ “مبادرة إنسانية من طرف واحد أفضت إلى الإفراج عن 153 من أسرى الطرف الآخر”، بتوجيهات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي.

وأوضح رئيس لجنة شؤون الأسرى عبد القادر المرتضى، في مؤتمر صحافي أنّ “أغلب الأسرى المفرج عنهم من الطرف الآخر، ممن تمّ أسرهم في جبهات القتال، من ذوي الحالات الإنسانية من المرضى والجرحى وكبار السن، ووحيدي الأسر وغيرها من الحالات”.

وهذه هي المبادرة الثانية خلال أقل من عام؛ إذ سبق تنفيذ مبادرة أُحادية واسعة خلال شهر مايو من العام 2024، حَيثُ تم الإفراج عن 112 أسيرًا، كما قامت صنعاء بين المبادرتين بتنفيذ العديد من المبادرات الفردية بالإفراج عن 270 أسيرًا في فترات متعددة.

تعنُّتُ الطرف الآخر يأسرُ المِلف الإنساني:

دأبت صنعاء على تقديم المبادرات تلو الأُخرى، وقيامها بالإفراج الأحادي عن أسرى الطرف الآخر ممن تم أسرهم في جبهات القتال المختلفة، وقد قوبل ذلك بتعنت شديد من قبل العدوَّين السعوديّ والإماراتي وأدواتهما الذين يحولون دون استكمال مبادرات تقودها الوساطات القبلية، وإفشال كُـلّ الجهود التي تبذل للتخفيف من معاناة الأسرى، متجاهلين أنها قضية إنسانية أخلاقية يفترض النأي بها عن الاستغلال والابتزاز السياسي الذي يمارسُه الطرفُ الآخر، ولا يأبهُ بمعاناة من قاتلوا في صفوفه وخدموه في أجنداته الاستعمارية.

وخلال السنوات الماضية جرت الكثير من جولات المفاوضات الأممية، أَو الوساطات القبلية الرامية لتحييد ملف الأسرى، الكثير من المماطلات والتسويف والعرقلة من جانب تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، وحالت تلك العراقيل والمماطلات دون تنفيذ اتّفاق تبادل الأسرى عبر محطات مختلفة ومتعددة تم الاتّفاق عليها والالتزام بها، وما ينقصها سوى التنفيذ، ليصطدم الطرف الوطني في صنعاء بتنصل العدوّ ومرتزِقته عن تنفيذ أي اتّفاق كما هي العادة منذ مفاوضات جنيف 2015، وعلى سبيل المثال لا الحصر: في وقت سابق عبَّر رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى في اليمن “عبدالقادر المرتضى”، عن أسفه لتعنت وعرقلة المرتزِقة دول العدوان لأية انفراجة في مِلف الأسرى.

وقال المرتضى في منشوراتٍ له على مِنصة “إكس”: “‏كنّا نأمل أن يشهد شهر رمضان انفراجة في ملف الأسرى وقدمنا العديد من المبادرات ولكن للأسف تعنت وعرقلة المرتزِقة حال دون ذلك”.

وَأَضَـافَ أن “على الأمم المتحدة الضغط على دول العدوان ومرتزِقتها للوفاء بالتزاماتهم والكف عن هذا التعنت والعرقلة”.

اختطافات واسعة وتعذيب وحشي:

انطلاقًا من الوازع الديني والإنساني تتحَرّك القيادة الوطنية في صنعاء للتعامل الإنساني مع الأسرى في السجون والتعاطي المسؤول مع المفاوضات والمبادرات التي تتم عبر الأمم المتحدة، وعبر الوسطاء المحليين.

وقد أثبتت الجولات السابقة لتبادل الأسرى مع العدوّ ومرتزِقته بالصوت والصورة كيف خرج أسرى الطرف الآخر، بعد حسن المعاملة، في المقابل ما لقيه أسرانا من تعذيب ممنهج من قبل الطرف الآخر، بل إن هناك من تم تغييبهم في سجون العدوان دون ذنب يُذكر سوى أنهم مواطنون يمنيون ليس لهم صلة بالجبهات لا من قريب ولا من بعيد، ولا حتى صلة تربطهم بالقوات المسلحة اليمنية أَو بالأطراف السياسية المناهضة للعدوان، ومنهم من لا يعرف اليمن طوال عمره أَو لم تمس أقدامه تراب هذا الوطن طوال من سنوات، لتكون المحصِّلة امتلاء سجون العدوّ بمئات المختطفين والمحتجزين والمخفيين قسرًا، بينهم نساء وأطفال.

ووثّقت تقارير دولية ووسائل إعلام في لقاءات أجرتها مع الأسرى المفرج عنهم خلال السنوات الأخيرة انتهاك العدوّ لكل المواثيق الدولية والمعاهدات الإنسانية بتعريض الأسرى اليمنيين في سجون العدوان السعوديّ والإماراتي ومرتزِقتهما لأبشع أنواع التعذيب والتنكيل – بغض النظر عن أنهم مقاتلون من دونه – والتي تنوعت بين بتر الأعضاء وتشويه أُخرى، إلى جانب الصعق بالكهرباء وقلع الأظافر والحرمان من الطعام وقضاء الحاجة، وقد أظهرت الصور والمشاهد كيف أن أجسادهم تشهد على فظاعة وبشاعة ما تعرضوا له في سجون العدوان وأدواته.

المختطفون لدى المرتزِقة غالبيتهم من المرضى والطلاب والتجار والمسافرين الذين تم اعتقالهم من الطرق والنقاط المسلحة، يعيشون جحيمًا جراء المعاملة اللاإنسانية والخارجة عن القيم والأعراف في سجون قوى العدوان بمدينة مأرب، حَيثُ أَدَّى التعذيب النفسي والجسدي وفق إحصائيات لمنظمات حقوقية إلى استشهاد أكثر من 600 معتقل داخل سجون القهر والتعذيب في مارب وبعد أن كان عدد السجون في مدينة مارب لا يتجاوز السجنين قبل العدوان، تشرف قيادات في الجهاز الأمني لحزب “الإصلاح” اليوم على أكثر من 14 سجنًا داخل المدينة وتديرها بوحشية لا نظير لها، لترهيب السجناء وممارسة أقسى أنواع التعذيب بعد إصدار فتاوى بتكفيرهم واستباحة كرامتهم.

كما أن اختطاف المواطنين من نقاط التفتيش والطرق والأماكن والأسواق لا يقتصر على مرتزِقة مأرب فحسب، بل إن هناك في محافظات جنوبية وشرقية محتلّة مرتزِقة الإصلاح وأدوات الاحتلال الإماراتي تقومُ بتنفيذ نفس النهج الإجرامي، حَيثُ يتم اختطاف واعتقال المسافرين من الطلاب والمرضى والتجار، وإيداعهم في السجون المخصصة للتعذيب وإجبارهم على الإقرار بتهم ملفقة ويتم الاعتقال في معظم الحالات؛ بسَببِ اللقب أَو المنطقة وأحيانًا أُخرى لمُجَـرّد الاشتباه، حَيثُ يقضي المختطفون سنوات خلف القضبان وتحت التعذيب دون أية محاكمة بل ويتم تغييبهم عن أسرهم، ومنهم من قتل تحت التعذيب الوحشي، كما هو الحال مع الشاب عبدالله السنباني وغيره ممن تم اختطافهم وتعذيبهم حتى الموت.

ولعل اللافت في السجون التي يديرها الجهاز الأمني لـ “الإخوان” عدم السماح لأهالي المختطفين بزيارة ذويهم أَو الاطمئنان عليهم أَو حتى التواصل بهم، حَيثُ يتم إخفاؤهم قسريًّا لسنوات ودون إبلاغ ذويهم عن أماكن احتجازهم وهو ما يخالف القانون اليمني والذي ينص على إبلاغ ذوي المعتقل خلال 24 ساعة من اعتقاله.

رسائل ومخاطر:

ويعكس غياب الإرادَة والقرار لدى مرتزِقة العدوان، تعنت قطبا الاحتلال “السعوديّة والإمارات” وتضارب أجندتهما في اليمن، وإفشالهم كُـلّ المحاولات التي تسعى عبرها صنعاء لحلحلة هذا الملف وإغلاقه والنأي به عن أي استغلال سياسي.

ويؤكّـد عضو اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى أحمد أبو حمراء أن هناك الكثير من المخاطر نتيجة تعنت مرتزِقة العدوان في ملف الأسرى وعرقلة جميع الجهود المبذولة لحل مِلف الأسرى بشكل كامل ونهائي، منها قيام مرتزِقة العدوان بتصفية وقتل أسرانا في سجون مرتزِقة العدوان كما حصل مع الأسير محمد غالب العنسي والذي تم تعذيبه في سجون المرتزِقة بمأرب حتى فارق الحياة.

ويضيف في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن جريمة تعذيب الأسير العنسي حتى فارق الحياة تتنافى مع كُـلّ القيم الإنسانية والمبادئ والمواثيق الأممية، مبينًا أنه يتم التعامل مع أسرى العدوان بكل إنسانية فيما ترتكب الجرائم بحق أسرى الجيش واللجان في سجون المرتزِقة.

ويشير إلى أن الأسير محمد العنسي ضمن كشوفات المفاوضات، وأن هناك أسرى تم بيعُهم للنظام السعوديّ مقابل المال في جريمة تضاف إلى جرائم المرتزِقة، لافتًا إلى أن اللجنة الوطنية تتابع قضية الأسرى باستمرار، وأن القيادة السياسية قدمت تنازلاتٍ لإنهاء مِلف الأسرى؛ كونه إنسانيًّا، فيما قابلت قوى العدوان ذلك بمزيد من التعنت.

ويشدّد على أهميّة الإسراع في عملية تبادل شاملة لكافة الأسرى والمعتقلين والمفقودين من الطرفين، “بمنأى عن المكايدة والمغالطة ووضع العقبات والعراقيل والعقدة في المنشار للحيلولة دون تنفيذ الاتّفاق والخروج به إلى حيز التنفيذ”.

ويوضح أن “العدوّ ومرتزِقته يتعمدون -مع عرقلة كُـلّ الجهود في ملف الأسرى- زيادة مستويات التعذيب لأسرانا في سجونهم مع كُـلّ عرقلة ورفض أية وساطات محلية أَو تنفيذ أي اتّفاق، وكلما زادت عرقلة المفاوضات زادت معها جرائم القتل الوحشي والتعذيب، الأمر الذي وصل إلى تصفية أكثر من 600 أسير من أسرانا في سجون العدوّ ومرتزِقته، مؤكّـدًا أن العدد قابل للزيادة في كُـلّ لحظة ويوم آخر يبقى في الأسرى في السجون”.

رسائلُ ومحاولاتُ كثيرة تطلقها صنعاء من خلال المبادرات الإنسانية الأُحادية لتثبت جدية ومصداقية الطرف الوطني؛ للسعي بحرص شديد على حَـلّ هذا الملف الإنساني بشكل كامل، بانتظار أن يثبت الطرف الآخر جديتَه ومصداقيتَه ولو مرة واحدة في حلحلة هذا المِلف، من خلال اتِّخاذ خطوة مماثلة أَو في أقلِّ تقدير الكفِّ عن وضع العراقيل أمام الاتّفاقات التي التزموا بها، والكف عن إعاقة الجهود التي تُبذَلُ لإيجاد حلول منصفة لهذا الملف الإنساني الحساس، فضلًا عن أن أُولئك يواصلون النهج الإجرامي في اعتقال المارّة، وهو ما يجعل ملف الأسرى أسيرًا معذبًا لدى العدوان وأدواته.

المسيرة: محمد الكامل

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: اللجنة الوطنیة فی سجون العدو الطرف الآخر ملف الأسرى هذا الملف فی السجون الأسرى فی أسیر ا ات فاق

إقرأ أيضاً:

حماس: خروج أسرانا من السجون للمستشفيات يؤكد انتهاكات الاحتلال المتواصلة

أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، أن خروج عدد من الأسرى الفلسطينيين اليوم السبت 1 فبراير 2025، من سجون الاحتلال الإسرائيلي الفاشي إلى المستشفيات، لتلقي العلاج جراء عمليات التنكيل والتعذيب.

وأفادت الحركة، في تصريح صحفي: بأن هذه الخطوة تؤكد بشاعة ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال على يد الطغمة الفاشية الصهيونية، المتجردة من كل قيم الإنسانية، والمتنكرة للقوانين الدولية الخاصة بالأسرى.

وشددت حماس، على أن هذه الانتهاكات المروعة والمتواصلة بحق الأسرى الفلسطينيين الأبطال في السجون، تعد جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تستدعي تدخلاً فورياً من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية لوقفها، ومحاسبة مرتكبيها.

واختتمت حماس: «نواصل مسيرتنا المباركة في الحركة وقوى المقاومة، للوصول بشعبنا إلى أهدافه بالحرية وتقرير المصير وكنس الاحتلال عن أرضنا ومقدساتنا، والوفاء لأسرانا الميامين في سجون الاحتلال، بكسر قيدهم وإعادتهم إلى أحضان شعبهم».

اقرأ أيضاًحماس تدعو إلى الضغط على الاحتلال لإلزامه بتنفيذ البروتوكول الإنساني

حماس تسلم اثنين من الرهائن الإسرائيليين للصليب الأحمر في إطار صفقة تبادل الأسرى

بعد إعلان «حماس» استشهاده.. محمد الضيف من خشبة المسرح إلى قيادة أركان كتائب القسام

مقالات مشابهة

  • صنعاء توجه رسالة تحذيرية لأمريكا ..!
  • تحوُّلاتٌ صنعها مشهدُ الإسناد اليماني لغزة
  • القسام تنشر رسالة من أسير إسرائيلي بعد الإفراج عنه
  • قائد أنصار الله يكشف عن الطرف الأول المسؤول على عملية اغتيال “الصماد”
  • عربي21 ترصد حكايات وشهادات موجعة من معاناة الأسرى الفلسطينيين (شاهد)
  • فرق في المعاملة.. الأسرى الفلسطينيون منهكون و”الإسرائيليون” بصحة جيدة
  • محررون فلسطينيون يروون شهادات مروعة عن أساليب التعذيب الوحشي في سجون الاحتلال
  • الاحتلال يفرج عن 183 أسيرًا فلسطينيًا ضمن اتفاق وقف إطلاق النار
  • حماس: خروج أسرانا من السجون للمستشفيات يؤكد انتهاكات الاحتلال المتواصلة