كارثة أنتجتها التكنولوجيا..شركات الهاتف المحمول تمول الحرب بين رواندا والكونغو
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
يقدم النزاع بين القوات المدعومة من رواندا والكونغو الديموقراطية عادة على أنه معركة للسيطرة على المعادن الثمينة التي تشغّل الإلكترونيات في العالم.
لكن التركيز على النزاع من أجل المعادن قد يطغى على محركات أخرى للعنف في إحدى مناطق العالم الأكثر اضطراباً.وتوفر الكونغو الديموقراطية ورواندا معاً حوالي نصف حاجات العالم من الكولتان، المعدن الضروري لصناعة الهواتف والحواسيب المحمولة.
ويقول خبراء الأمم المتحدة ومجموعات حقوقية ومحللون، إن رواندا تهرّب كميات هائلة من الكولتان، إلى جانب الذهب ومعادن أخرى، إلى خارج الكونغو، وتبيعها على أنها من إنتاجها.
ويتّهم هؤلاء رواندا بدعم جماعة "إم23" المسلحة التي ظهرت مجدداً في شرق الكونغو في 2021 وتسيطر على العديد من مناجم المنطقة.
وسيطرت الجماعة في أبريل الماضي على روبايا التي تنتج مناجمها حوالى 15% من موارد الكولتان العالمية، حسب خبراء الأمم المتحدة الذين تفيد تقديراتهم بأن "إم23" تجني حوالى 800 ألف دولار شهرياً من هذه التجارة.
وانتزعت الحركة في السبوع الماضي مركز نقل رئيسي من غوما عند الحدود الرواندية، ما أسفر عن سقوط مئات القتلى، فيما تتقدّم جنوباً نحو مقاطعة جنوب كيفو المجاورة.
وقال المحامي روبرت أمستردام الذي رفع قضية جنائية ضد آبل، في ديسمبر (كانون الأول) باسم الحكومة الكونغولية، إن الحكومات والشركات الغربية تتحمّل المسؤولية في نهاية المطاف. وأكد أن "قطاع التكنولوجيا موّل جرائم الحرب الرواندية".
وأكدت "آبل" في البداية إن لا"أساس منطقي لاستنتاج" أن منتجاتها تحتوي على معادن صدرت بشكل غير قانوني من الكونغو الديموقراطية ورواندا.
وأوضح أمستردام أن "آبل" "أقرت الآن بأنه لا يمكنها تمييز مصدر المعادن. يعني ذلك أن كل سلاسل إمداد كل شركات التكنولوجيا ملطخة بنفس القدر" بدماء السكان المحليين، واعترضت "آبل" "بشدة" على هذه الادعاءات، قائلةً إنها "منخرطة بعمق" في التوريد المسؤول للمعادن.
وتنفي رواندا تهريب المعادن إلى خارج الكونغو ، لكن الأمر لا يقنع المحللين.
وقال غيوم دو برييه من "خدمة معلومات السلام الدولية" المتخصصة في المنطقة إن "رواندا على الدوام على رأس أكبر 10 مصدّرين للكولتان. يعرف الجميع أن ذلك مستحيل مع الاحتياطات التي يملكونها. الواضح أن هذا الكولتان يأتي من جمهورية الكونغو الديموقراطية".
ومع ذلك، أشار إلى أن المعادن ليست المحرك الأساسي لنزاع "إم23"، وأشار إلى أن التهريب مستمر سواء كانت رواندا تنشط عسكرياً في شرق الكونغو الديموقراطية أم لا.
وقالت شركة "أجانس إيكوفان" للبيانات، إن صادرات رواندا من الكولتان ارتفعت بين 2014 و2018 عندما كانت حركة "إم23" خامدة، رغم زيادة "غير مسبوقة" في صادراتها في 2023، حسب الأمم المتحدة.
ولا يتطلب إقناع عمال المناجم الكونغوليين بالبيع لرواندا جهداً كبيراً، لأنه يوفر عليهم الأعمال الورقية المنهكة والضرائب.
وقال دو برييه: "نتحدث عن عمال لا يأكلون إذا لم يجنوا المال يوماً. يرون أن من الأفضل بكثير البيع للروانديين الذين يدفعون جيداً ونقداً".
وهناك محركات أخرى للتصعيد الحالي في النزاع، بينها العداوة الشخصية بين الرئيس الرواندي بول كاغامي، ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي.
وحسب دو برييه "بالنسبة إلى الإعلام، فإن ذلك يعد أقل جذباً من التحدث عن النزاعات من أجل المعادن.لكن هؤلاء هم مزارعون، القضية الحقيقية هي ملكية الأراضي".
وظهرت "إم23" في الأساس عبر ادعاء الدفاع عن أقلية التوتسي المهمّشة تاريخياً في الكونغو، وقال دو برييه: "يحاولون تفكيك الأنظمة التقليدية في إدارة الأراضي من قبل زعماء قبائل محليين".
وتشير "خدمة معلومات السلام الدولية" إلى أن المعادن تساهم إفي جزء من تمويل "إم23" الذي يشمل أيضاً مبلغاً شهرياً بـ 69500 دولار، رسوماً على الحواجز وضرائب على العائلات، والعمالة القسرية في الزراعة فضلاً عن تهريب الخشب والفحم.
لكن ذلك كله لا يعفي الغرب من مسؤولية المساهمة في تغذية الاضطرابات، حسب أمستردام، وقال: "هذه كارثة أنتجتها التكنولوجيا"، ويأمل أن يؤدي قرار "آبل" وقف التوريد من المنطقة إلى "موجة تغيير في قطاع التكنولوجيا بأكمله".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية رواندا الكونغو الديمقراطية الکونغو الدیموقراطیة
إقرأ أيضاً:
غزة تحت الحصار: كارثة إنسانية تلوح في الأفق وسط صمت العالم
منذ أكثر من شهر، يعيش سكان قطاع غزة في ظروف إنسانية كارثية نتيجة الحصار الكامل الذي تفرضه إسرائيل، والذي يمنع دخول المساعدات الغذائية والطبية والوقود والمياه. هذا الحصار، الذي بدأ في 2 مارس 2025، جاء كوسيلة للضغط على حركة حماس للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لديها، لكن تأثيره الأكبر يقع على أكثر من مليوني مدني، بينهم أطفال ونساء وكبار في السن.
أزمة غذائية خانقة تتفاقمأدى الحصار إلى توقف جميع المخابز التي كانت تديرها برنامج الأغذية العالمي، والتي كانت توفر الخبز لنحو 800،000 شخص. حاليًا، لا يعمل سوى مخبز متنقل واحد تابع لمنظمة "وورلد سنترال كيتشن"، والذي ينتج 59،000 رغيف يوميًا، وهو ما يمثل ثلث طاقته الإنتاجية بسبب نفاد الطحين. وتُظهر الصور القادمة من داخل القطاع طوابير طويلة من السكان الذين ينتظرون ساعات للحصول على قطعة خبز.
في جنوب غزة، أفادت تقارير محلية بأن العديد من العائلات باتت تعتمد على الأعشاب البرية وأوراق الشجر كمصدر للطعام، في مشهد يُذكّر بأشد المجاعات التي شهدها التاريخ. كما تدهورت صحة الأطفال بشكل خاص، حيث سُجلت حالات سوء تغذية حاد بين الرضع في مخيمات النازحين.
تدهور صحي ونظام طبي على وشك الانهياربجانب الجوع، يعاني سكان غزة من تدهور شديد في النظام الصحي. فقد توقفت معظم المستشفيات عن العمل نتيجة لنقص الوقود، كما أن غياب الكهرباء والماء النظيف يجعل من الصعب تشغيل الأجهزة الطبية أو حتى الحفاظ على النظافة الأساسية في غرف العمليات.
أطباء بلا حدود ومنظمة الصليب الأحمر الدولية أصدرتا بيانات عاجلة تحذر من "انهيار صحي كامل" إذا استمر الوضع على ما هو عليه. آلاف الجرحى من الغارات الإسرائيلية الأخيرة ما زالوا بلا علاج، والأدوية الأساسية مثل المضادات الحيوية وأدوية القلب والسكري أصبحت شبه معدومة.
غضب شعبي ومطالب بوقف إطلاق النارفي ظل هذه الظروف المأسوية، يتصاعد الغضب الشعبي في شوارع غزة. انتشرت شعارات تطالب بإنهاء الحرب والعودة إلى الحياة الطبيعية، مثل "نريد السلام لا الدم"، و"أوقفوا الحرب، افتحوا المعابر"، و"أطفالنا يموتون جوعًا لا بصواريخ". وللمرة الأولى، يخرج السكان برسائل واضحة ليس فقط إلى إسرائيل، بل أيضًا إلى الأطراف الفلسطينية التي يحمّلونها مسؤولية الفشل في الوصول إلى اتفاق هدنة دائم.
حتى في ظل الخوف من القمع أو الردود الأمنية، أظهر العديد من المواطنين شجاعة في التعبير عن سخطهم من استمرار النزاع، مؤكدين أنهم لم يعودوا قادرين على احتمال المزيد من التضحيات.
هل اقتربت لحظة الانفجار الشعبي؟الوضع الحالي في غزة لا يحتمل المزيد من التأخير. الصبر الشعبي بدأ ينفد، والاحتجاجات بدأت تأخذ منحى أوسع وأشد. التقديرات تشير إلى أن الاستمرار في إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات قد يؤدي إلى انفجار داخلي يضع الجميع أمام مسؤولياتهم.
إن استمرار الحصار الكامل على غزة وغياب أي بوادر لإنهاء الحرب ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة. على المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول العربية ومنظمات الإغاثة العالمية، التحرك فورًا للضغط على إسرائيل لفتح المعابر والسماح بدخول المساعدات، ووضع حد لمعاناة شعب بأكمله لا ذنب له سوى أنه يعيش في منطقة صراع لا نهاية له.