لمن تهدي مشاعرك؟!
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
محفوظ بن راشد الشبلي
mahfood97739677@gmail.com
مشاعر الإنسان هي الشيء الوحيد الذي لا يمكن تغليفه إذا أردت إهداءه للآخرين، فهو إحساس غير مرئي منبعه القلب والعقل والجوارح، وهو غير مادي كي تنتقي نوعيته وقيمته وشكله وتدفع ثمنه لتُعبر به، فهو تَرجمة لِما تكنّه في نفسك لشخص ما سواء بالفعل تجاهه أو بالنظر إليه عندما تراه أو بالاهتمام به في حضرته، فكم من المشاعر نخفيها دون البوح بها ونُترجمها ظاهريًا لمن يفهم معناها وهي رسائل غير مكتوبة لمن يعي ألغازها ويفك شفراتها تجاهه.
وهناك من يُفضّل بقاءها في غياهب قلبه دون إفصاحها وتصويبها لمن يكنّها له وتبقى في مكنونه محتفظاً بها ويكتفي بترجمتها بالفعل والاهتمام كما أسلفنا وتظل لفترات طويلة على ذلك النحو، إلا أنَّ البعض وبعد طول انتظار يختلج في نفسه ويستشعر بأن إخفائها أكثر من ذلك الوقت هو هضم لحق من يستحقها منه ويُبدي في نفسه الإفصاح لفظيًا بها ليوصلها علنًا لمن يستحقها منه، وليست هناك أية إشكالية في ذلك بل هو أمر جميل بأن تُترجم شعورك ومشاعرك علنا لمن تكنها له، بل الإشكالية في ردة فعل المتلقي لفصاحة مشاعرك له وهو ما سنسرده في الفقرة التالية.
المشكلة ربما تبدو غريبة أو بالأحرى مُدهشة بعض الشيء ولم تتوقعها من ذلك الشخص، وهي أنه يستنكر مشاعرك وأحاسيسك الصادقة تجاهه عندما تُبديها له بحسن نية والتي بَنيتها له بمكانة عالية في قلبك من خلال معايشتك اللطيفة معه، حيثُ يقابلك ببرود مشاعر غريب وعجيب منه وكأن ذلك البوح تجاهه لا يعنيه شيء، والأدهى من ذلك أنه بدل أن يتقبل منك ما أبديته له بالشكر والثناء لصراحتك له على أقل تقدير، يرد عليك بكلمة ملؤها التكبر والعلو والغرور والغرابة والاستفهام والاستهزاء مفادها بالعامية المطلقة (زين تمام)!! فلا نعي هل هو تبلّد مشاعر أم هو استصغار واستحقار لك أم هو ضعف في مفهوم إبداء المشاعر تجاهه، ويُصور لك وكأنك غلطت في حقه عندما أفصحت له!!
والسؤال هُنا ماذا لو طلبت منه حاجة ليعينك بها أو ليقضيها لك؟ إن كانت ردة فعله بالأحاسيس كما كانت فما بال ردات فعله عن طلب حاجة منه، حتمًا سيظهر لك وجهه الآخر ومعدنه الغريب المختبئ خلفه والعياذ باللّه.
إن أسوأ أنواع البشر ذلك الذي ينظر لك وكأن أحاسيسك رخيصة أمامه أو أنك طالب حاجة منه بمقابل إفصاح مشاعرك تجاهه أو أنك فارغ من الأحاسيس والمشاعر وأتيته تطلب منه المَدد من أحاسيسه كي يغترف لك منها ووجدك رخيصا أمامه ولا تستحقها منه كي يتقاسمها معك أو أنه يستغليها عليك، رغم إن الأحاسيس ليست سِلعة كي تُبايعه إياها أو تشتريها منه؛ بل هي مشاعر تُستشعر وأحاسيس ينبض بها القلب وتُقدسها النفس البشرية قبل أن ينطق اللسان بها، ولكن المشكلة تبقى فينا عندما نستنزفها لِمن لا يستحقها.
خلاصة القول.. يجب على الإنسان أن يُدقّق في من سيُبدي له شعوره ومشاعره، ويجب أن ينتقي ذلك الشخص بدقة وعناية فائقة كي يهديه أغلا المشاعر، لأن البعض يحتقرك بإبدائها له ويراك وكأنك رخيص في عينه وخاصة إذا كنت تجهل ما يخفيه في نفسه تجاهك، ولكي لا تستنزف مشاعرك بادلها من يستحقها أو أكتمها في غيابة جُب صدرك واسمو بها عاليًا في نفسك وكيانك ودع كل شخصٍ لمستواه الحقيقي ولا تَرفعه ولا تُجَمّله مهما أُعجبت به، فالجمال الحقيقي هو سمو في الأحاسيس والذات قبل أن يكون في الشكل وهي رفعة لمن تبادلتها معه وليست سِلعة يُرتجى منها مُقابل كما يظنها البعض للأسف.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الهنقاري: المجتمع الليبي في حاجة إلى أمثال وحكم حميدة
أى محمد الهنقاري، محلل قنوات الإخوان المسلمين للشأن السياسي، أن المجتمع الليبي في حاجة إلى أمثال وحكم حميدة.
وقال الهنقاري ، في منشور على فيسبوك، إن “مجتمعنا بحاجة إلى قيم بناء جديدة لا تتعارض مع الدين بدل القيم البالية القديمة التي خلقت المجتمع الحالي المحسوب على الشعوب المتخلفة عن العصر”.
وأضاف أن تلك القيم هي “الحكم والأمثال الحميدة والمناهج الدراسية والإعلام التوعوي والتي تلد مجتمعاً قاعدته الدهنية وعقله الجمعي يؤمن بمبدأ الصراع والتفوق بسلاح العلم والنزاهة والصدق وإيمان بالوحدة الوطنية”.
وختم موضحًا أن ذلك يأتي؛ “في مواجهة تحديات البقاء أسياداً في هذا العالم لا عبيداً نتقاتل على قيمة الخبر الذي ينهي فيه السيد الأجنبي الصراع ويفوز هو بنصيب الأسد ويبقى الفتات لنا”.
الوسومالهنقاري