"حلم.. أنا مش مصدقة إنّي في غرفتي"، بهذه الكلمات المفعمة بالدهشة والفرح، عبّرت الشابة الغزية شروق عن مشاعرها لحظة عودتها إلى منزلها بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفتح الباب أمام النازحين للعودة إلى بيوتهم.

وسط دموع الفرح والتأثر، وثقت شروق لحظات دخولها وعائلتها إلى بيتهم، الذي هجّروا منه قسرا، ونجا نسبيا من صواريخ الاحتلال الإسرائيلي، بخلاف منازل كثيرة دُمّرت بالكامل في القطاع.

وكتبت الشابة عبر منشور لها شاركته مع متابعيها: "الحمد لله رب العالمين الذي أكرمنا برجعتنا على غزتنا وعلى بيتنا بعد سنة ونص من النزوح والتشرد والمعاناة صح متضرر كتير لكن الحمد لله أنه موجود، أنا الحمد لله ربنا أكرمني أرجع لبيتي لكن معظم العائلات بغزة ما زالت مشردة بلا مأوى للأسف شعور العجز والحسرة جواتنا بيزيد ربنا يعوض علينا وعلى كل أهل غزة".

View this post on Instagram

A post shared by SHOROUQ ALAZBAki- شروق الأزبكي (@shorouqalazbaki)

ومنذ إعلان وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق يسمح بعودة النازحين، شقّ آلاف الفلسطينيين طريقهم من جنوب قطاع غزة إلى شماله، في رحلة العودة إلى ديارهم. واحتشدت جموع النازحين عند "تبة النويري" في النصيرات وسط القطاع، وسط مشاعر متباينة طغت عليها الفرحة، بعد أن أجبروا قسرا على مغادرة منازلهم جراء حرب إسرائيلية استمرت لمدة 15 شهرا.

"أغرب شعور ممكن يمرّ به الإنسان، أن تظن أنك فقدت كل شيء، ثم تفاجأ بلطف الله من جديد. كنت أعلم أن البيت ما زال موجودا." بهذه الكلمات عبرت شمس عن مشاعرها بعد عودتها إلى منزلها، الذي أُجبرت على مغادرته قسرا، وهو نفسه الذي شهد أول يوم لها في الحرب، بعد أن اندلعت في اليوم الثاني من زفافها.

إعلان

وشاركت شمس متابعيها على منصة إنستغرام فرحتها بعودة منزلها سالما من دمار الحرب، لكنها لم تخفِ مشاعرها المتضاربة، قائلة في منشورها: "لم أشعر سوى برغبة في البكاء والهروب بعيدا. لا أعرف إن كنت أبكي لأنني عدت إلى بيت لم أستطع حتى حفظ تفاصيله، أم لأن أهلي وكثيرين غيرهم فقدوا بيوتهم، ولا أمل لهم في العودة، ولا خلاص من هذه الحرب".

View this post on Instagram

A post shared by Shams Abdeen || شمْس عابدين (@shamsabdn)

بعد 15 شهرا من الحرب، يمكن القول إن أهالي غزة تنفسوا الصعداء أخيرا، وأصبح بإمكانهم النوم لأول مرة بسلام، من دون أن يطاردهم صوت الانفجارات المتتالية الناتجة عن غارات جيش الاحتلال الإسرائيلي.

دمار كبير

في آخر تحديث لها حول الأضرار التي لحقت بمباني قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة، أفادت الأمم المتحدة بأن ثلثي المباني في القطاع قد دُمرت أو تضررت منذ اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ووفقا لمركز يونوسات التابع للأمم المتحدة، أظهرت الصور عالية الدقة التي تم التقاطها في الثالث والسادس من سبتمبر/أيلول الماضي تدهورا واضحا في البنية التحتية للقطاع، حيث أشار التحليل إلى أن 66% من المباني في غزة تعرضت للدمار أو الضرر.

من جانبه، صرّح أخيم شتاينر، رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بأن "حوالي ثلثي مباني غزة تعرضت للتدمير أو الضرر نتيجة القصف المكثف للجيش الإسرائيلي"، مشيرا إلى أن إزالة 42 مليون طن من الأنقاض ستكون عملية خطيرة ومعقدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

الصيام بين الركام.. صمود أرواح غزاوية رغم الألم

يمانيون./
تتبدى معاناة أهالي غزة بصور قاسية ومؤلمة مع حلول شهر رمضان، حيث باتت تجاربهم تتحدث عن فقدان الأمل والفرحة. الحرب الإجرامية التي شنها العدو الإسرائيلي بدعم أمريكي حولت الشهر الكريم من فترة للعبادة والمودة إلى زمن للحزن والافتقاد.

يستقبل سكان غزة رمضان هذا العام بمعاناة غير مسبوقة، حيث يشاهد العديد من الأشخاص الذين فقدوا منازلهم وأحباءهم. فعندما تتحدث عن العائلات، تجدها مقسمة بين خيام متواضعة، حيث تجرح الذاكرة صور الفقد؛ يذكر عبد الله جربوع كيف كان يجتمع مع عائلته حول مائدة الإفطار، وهو يتنقل بين أنقاض منزله المحطم.

“رمضان هذا العام يشبه عام الحزن”، يقول إبراهيم الغندور، ويشعر بالفراق الذي نتج عن فقدان الأحبة. لا وجود للأجواء الرمضانية المعتادة، فقط صمت مؤلم يشهد على الأوضاع الراهنة. والحديث ينساب عن ليالٍ رمضانية لم تعد كما كانت، بل تحولت إلى ذكريات مؤلمة يحملها الناس في قلوبهم.

أما محمد النذر، صاحب متجر متنقل، فيعبر عن التغيرات الصادمة التي شهدها السوق في هذا الشهر. “تنقصنا المواد الغذائية والمال، بينما يعاني الكثيرون في ظل نفاد السلع الأساسية”، يستكمل حديثه بحسرة، مشيراً إلى مأساة العائلات التي لا تجد ما تسد به الرمق. تسيطر أجواء من الألم وعدم اليقين، ولا تجد في وجوه الناس سوى علامات القلق والحزن.

تحت السقف وبين الجدران المتصدعة
تتجلى الـ”تراجيديا” في كل زوايا الحياة اليومية في غزة، حيث صدى أصوات الغزاويين يتردد عبر وسائل الإعلام، ليعكس معاناتهم وآلامهم التي لا تنتهي. “للأسف الشديد لا يوجد لنا بيوت، لا يوجد معنا مال”، يقول أحدهم بكلمات تكسوها مرارة الفقد، مسترجعاً ذكريات رمضان الماضي: “كنا نجلس حول سفرة واحدة. رمضان اللي فات كان صعباً بشكل مش طبيعي، كان بشكل فظيع صعب”. إنه صراع مزدوج، ليس فقط مع نقص الطعام، بل مع غياب الأمل الذي يرافق كل حبة تمر أو شربة ماء عند الإفطار.
مع حلول اليوم الأول من رمضان، تشهد أسواق خان يونس حركة خجولة تكاد تفتقر للحياة. يتجول المتسوقون بوجوه شاحبة تحمل ثقل المعاناة؛ عيونهم تبحث عن بقايا الفرح. “الأجواء حزينة للغاية، والقلق يتجلى في كل تفصيلة”، يقول أحد البائعين، مشيراً إلى انخفاض الإقبال على الشراء بسبب الظروف الاقتصادية القاسية. أسعار الخضار والمواد الغذائية ارتفعت بشكل ملحوظ، فلا يجد الناس ما يسد رمقهم. “الشي غالي كثير، كل شيء فوق طاقة الناس”، تتردد هذه العبارة في الآذان ليصبح صدى الألم أكثر وضوحاً، إذ يُظهر الفقر كيف يحدّ من كينونة الإنسان.

العيش تحت الركام

تظهر الأسواق بوضوح التغيرات الدراماتيكية عن الأعوام السابقة. لم تعد التحضيرات الرمضانية كما كانت، فقد تلاشت مظاهر الفرح: الفوانيس والأضواء والقائمة الطويلة للطبخات التقليدية. “أصبح كل شيء شحيحاً، وباتت الحياة كما لو كانت في حالة تأهب دائم”، يستكمل أحد التجار حديثه بحسرة، مشيراً إلى أن الحياة لم تعد تحتمل أعباء المناسبات.
وكذلك هو الدمار الواسع الذي فرضته آلة الحرب الصهيونية على كل مدن غزة، التي تحولت ليالي رمضان الأولى في ربوعها إلى مشاهد مأساوية، حيث تعيش العائلات النازحة واقعاً قاسياً تحت وطأة الأمطار الغزيرة. بينما كانت هذه الليالي من المفترض أن تتمتع بالسكينة والعبادة، وجدت الكثير من الأسر نفسها محاصرة في خيام تغمرها المياه، ما زاد من معاناتهم. هذه بعض من مشاهد الألم التي تبثها القنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني.

المعاناة في غزة

وكذلك يشاهد العالم بأم أعينهم، كيف تتسرب الأمطار إلى داخل الخيام التي تأويهم، فتبللت ممتلكاتهم وأمتعتهم، لتجبرهم على مغادرتها بحثاً عن مأوى يحميهم من البرد القارس. الأطفال والنساء هم الأكثر تأثراً في هذه الظروف، حيث فقدوا حتى الأمل في العثور على مكان آمن. وفي الوقت ذاته، حاول آخرون العودة إلى ما تبقى من منازلهم المدمرة، لكنهم واجهوا تحديات جديدة مع تسرب المياه من السقف والجدران المتصدعة، دون أي وسائل تحميهم من البرد.

غمرت مياه الأمطار شوارع غزة، بينما كافحت ذلك فرق الطوارئ والإنقاذ المحلية بقدرات محدودة. نقص الآليات والمعدات الثقيلة حال دون استجابة فعالة لاحتياجات السكان، في ظل تنصل الاحتلال الإسرائيلي عن تنفيذ التزاماته الإنسانية. كما أشار المتحدث باسم بلدية غزة، حسني مهنا، إلى أن الحمل الثقيل يقع على عاتق النازحين، الذين يعيشون في العراء دون أي مساعدة تذكر.
ففي وقت تتزايد فيه الأزمات الإنسانية بسبب المنع الإسرائيلي لدخول المستلزمات الأساسية، تكاثرت المعاناة في صفوف النازحين. الكل في غزة يؤكدون أن الأوقات الرمضانية التي كانت تمثل فرصة للسكينة تحولت إلى ساعات مليئة بالمعاناة، حيث أصبح من الصعب عليهم الالتزام بالتقاليد الرمضانية وسط الظروف القاسية.
في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة، رغم جهود بلدية غزة وفريق العمل فيها، يظل الشعب الفلسطيني يعاني، حيث تحذر منظمات حقوقية وإنسانية من تفاقم الأزمة الصحية التي يمكن أن تؤدي إلى كوارث إضافية خلال هذا الشهر الكريم؛ إذ تفتقر العائلات إلى أبسط مقومات الحياة، في وقت يفترض أن يكون مخصصاً للتراحم والتواصل.
ومع تعاقب الأيام، يصبح التحدي في ألا يفقدوا القدرة على الصمود. تجسدت ذكرى النزوح في عقولهم ككابوس لا يُنسى، وقد أصبحت الذاكرة مثقلة بعبء الأحداث المؤلمة. “بينما نواجه الظروف الصعبة، لا بد لنا من إدخال المساعدات الإغاثية والهبات الإنسانية إلى القطاع”، يتساءل الناشطون بقلق، في وقت تزداد فيه الحاجة لدعم المجتمع.

مزيج من الأمل واليأس
وبذلك، يعيش سكان غزة رمضان في غياب للفرحة، مزقته أهوال الحرب وظلام الفقد. وجوههم المتعبة تحمل قصصاً لا تنتهي من الألم، بينما تمنحهم ذكريات الأيام الخوالي بارقة أمل تتوق للعودة إلى أوقات كانت فيها الأجواء مفعمة بالعبادة والمحبة. ولكن، في ظل الفقر وشتات العائلات ودمار المنازل، تزداد مشاعرهم حدة؛ فكل وجبة إفطار تذكرهم بالأحبة المفقودين، وكل خيمة تحت المطر تخبرهم بواقعهم القاسي.
هذه الأنفاس الثقيلة التي تصدر عن قلوبهم المثقلة بالحزن تعبر عن مزيج من الأمل واليأس؛ كيف يمكن لمجتمع أن يحتفل بشهر كريم بينما يمزقهم الألم والفقد؟ رمضان، مفترض أن يكون رمزاً للحرية والصفاء، بات بمثابة تذكير يومي بفقدان كل شيء. ومع تواصل تساقط الأمطار، يبقى الألم في تزايد، تاركاً في نفوسهم جروحاً لن تندمل، وكأن كل سحابة تحمل في طياتها حزناً عميقاً، يختزل معاناتهم وصبرهم الذي قد لا يحتمل طويلاً.
تتزايد مخاوفهم من محاولة مقاومة تأثيرات الحرب التي دمرت كل شيء؛ من المنازل إلى المساجد والأسواق. ومع ذلك، يبقى صمود الشعب الفلسطيني محور هذه القصة، فكل تجربة مأساوية تمر بهم تضيف لبنة جديدة في بناء إرادتهم، على الرغم من أن الحزن يلبس قلوبهم. في مثل هذا الشهر المبارك، يُصمّمون على الاستمرار، حتى لو كان الثمن باهظاً. ومع كل فجر، يبقون يتذكرون ما كانوا عليه قبل كل هذا الدمار، متطلعين إلى مستقبل قد يعود فيه لهذا الوطن بعض من الأمل والأمن.
لم تنتهِ القصة بعد، بل ومع الأيام ستبقى الجراح محفورة في الذاكرة، فكل ليلة تمر تعكس عمق الألم، وتحت شجرة الاحتلال المقيت، يظل الأمل يراودهم: لابد يوما سيعود الفرح إلى قلوبهم التي أبت الاستسلام لغياهب الحزن، رغم سكنه بين أضلعهم.

موقع أنصار الله

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية السيد أسعد الشيباني:أمضينا 24 ساعة في هولندا، تأتي جهودنا هذه سعيا لتحقيق العدالة لشهدائنا، ومعتقلينا، والمهجرين قسراً، ولكل من عانى من جرائم نظام الأسد ضد الإنسانية لعقود. (تغريدة عبر X)
  • لص يتحول إلى رحيم.. سرقة تتحول إلى معجزة إنسانية فى الشارع
  • الصيام بين الركام.. صمود أرواح غزاوية رغم الألم
  • محمد بن راشد: الإمارات وطن تحول إلى معجزة حضارية
  • محمد بن راشد: الإمارات وطن تحول إلى معجزة
  • شيخ الأزهر: بقاء الشعب الفلسطينى بعد كل المجازر ضده معجزة من السماء
  • سودانايل تنشر نص خطاب دكتور عبدالله حمدوك رئيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) حول نداء سلام السودان .
  • الدمار في غزة.. ارتكاب إسرائيل جرائم حرب ضد البيئة
  • حمدوك يطلق نداء «سلام السودان» في خطاب مباشر غداً
  • ضحايا منصة FBC المصرية يروون طرق النصب عليهم (شاهد)