انطلقت صباح اليوم فعاليات ندوة مناقشة كتاب "الرواية التاريخية النسوية: مقاربات لنماذج روائية" للناقد الدكتور سيد إسماعيل ضيف الله، وذلك ضمن نشاط البرنامج الثقافي لقاعة فكر وإبداع، بالدورة الـ 56 لمعرض الكتاب.
شارك في الندوة عدد من النقاد، من بينهم الدكتور صلاح السروي، والدكتورة هويدا صالح، والدكتورة فاطمة بدوي، فيما أدارت الندوة الإعلامية فاطمة السروجي.

استهلت فاطمة السروجي الجلسة باستعراض المسيرة الأدبية للكاتب، مشيرة إلى موقفه من الثنائيات الفكرية واعتماده على مبدأ التعددية في النظريات والمفاهيم.
ولفتت إلى حصوله على عدة جوائز، من بينها جائزة ساويرس عام 2016. كما قدمت لمحة سريعة عن مضمون الكتاب، الذي يتناول ثلاث روايات لثلاث كاتبات من عمان والعراق ومصر، ويقدم رؤية نقدية حول طبيعة الكتابة النسوية في سياقاتها المختلفة رغم اختلاف العادات والتقاليد في كل مجتمع.

بدوره، شكر د. سيد ضيف الله هيئة الكتاب على دعوته للمشاركة في الفعاليات، وكذلك الحضور من المثقفين والإعلاميين. وقال: "لا أعتبر النقد الأدبي شيئًا منفصلًا عن الذات، ولا أدعي الموضوعية المطلقة. عند التفكير في الرواية التاريخية النسوية، وجدت نفسي أمام أسئلة حول التاريخ والهوية والتنوع في التصورات". 
وأضاف: "تساءلت أثناء كتابة هذا الكتاب عن مدى تأثير الجندر على السرد، ليس من منظور بيولوجي، بل وفقًا للسلطات الاجتماعية التي تعيد تشكيل الوعي الجندري.. من هنا، حاولت تقديم قراءة للتاريخ من منظور نسوي، لا باعتبارها مجرد دراسة للروايات، وإنما كطرح مهم لدراسة النصوص السردية وفهم تموضعها داخل التاريخ".
وأشار إلى أن هدفه الأساسي من الكتاب هو الكشف عن ملامح الرواية التاريخية النسوية، حيث لم يكن اختيار النصوص منفصلًا عن آلية التحليل التي تعتمد على الجندر وتقاطعاته مع العرق، الاستعمار، الدين، والهوية.
كما اقترح إعادة قراءة تاريخ الرواية التاريخية في العالم العربي من خلال هذه التقاطعات، مؤكدًا أن الرواية التي تتناول التاريخ لا بد أن تكون "مجندرة"، أي تعكس تأثير النوع الاجتماعي على السرد.

من جانبه، رأى الناقد د. صلاح السروي، أستاذ الأدب بجامعة حلوان، أن عنوان الكتاب يعكس محورين رئيسيين: الرواية التاريخية من جهة، والنسوية داخل هذا النوع السردي من جهة أخرى.
وأوضح أن الروايات الإبداعية كانت تمثل التاريخ سابقًا، كما هو الحال في الملاحم، لكن مع ظهور الأمة الحديثة والقوميات في أوروبا برز مفهوم التاريخ بشكله الأكاديمي وظهرت معه الرواية التاريخية.
وأشار السروي إلى تطور الرواية التاريخية من الرومانسية، كما في كتابات فيكتور هوجو، إلى الواقعية، ثم السريالية والتداعي الحر، حتى أشكال الرواية الحديثة، مثل "الرواية الشبحية" التي تتجاوز الأشكال التقليدية.
كما ناقش تطور مفهوم النسوية بعد الحداثة، مشيرًا إلى تأثير الحروب العالمية التي أدت إلى صعود النساء لمواقع السلطة والمطالبة بحقوقهن، ما أسهم في بروز حركة تحرير المرأة، ثم الفيمينيزم، التي أعادت تعريف العلاقة بين المرأة والمجتمع.
وأوضح السروي أن المقارنة بين الرواية النسوية والفكر النسوي العام تكشف عن وجود كاتبات بارزات في التاريخ الأدبي المصري، مثل لطيفة الزيات، سلوى بكر، ورضوى عاشور، وتساءل: "هل تعتبر لطيفة الزيات في رواية (الباب المفتوح) كاتبة نسوية؟".
وأضاف أن التاريخ ليس كيانًا مصمتًا، بل يتشكل وفق تفاعلات اجتماعية متنوعة تشمل الطبقة، القومية، والجندر. وأشار إلى أن الكتاب يتناول روايات لجوكه الحارثي، وإنعام كجه جي، وضحى عاصي، ويقدم تحليلًا فكريًا وأيديولوجيًا عميقًا.

أما الناقدة د. هويدا صالح، فقد تناولت مفهوم النسوية، موضحة أن الكاتب استند إلى الرؤية النسوية الفرنسية التي تنحاز إلى كل ما هو هامشي، مشيرة إلى أن الروايات التي درسها الكتاب تعكس تهميش المرأة عبر التاريخ.
وقالت: "لا يهمني جندر الكاتب بقدر ما تهمني الرؤية التي يقدمها.. الرؤية النسوية ليست حكرًا على النساء، بل هي منظور نقدي يمكن أن يتبناه أي كاتب أو كاتبة".
وأضافت أن الكتاب يطرح مسألة إعادة كتابة التاريخ من منظور نسوي، حيث تعكس شخصية المرأة في الروايات المختارة ميراث القهر الذي تعرضت له.
كما أوضحت أن الكاتب سلط الضوء على كيف أعادت الكاتبات رسم صورة الأمة التي تعرضت للاستعمار، معتبرة أن هذه الرؤية تتقاطع مع مفهوم الهوية الوطنية والموروث الثقافي.

من جهتها، قدمت الباحثة د. فاطمة بدوي قراءة فلسفية للكتاب، متسائلة: "هل استطاعت المرأة أن تقدم تاريخًا بديلاً عبر الرواية النسوية؟".
وأوضحت أن الكتاب يتشابك فيه النقد النسوي مع الطروحات الفلسفية، ويرصد صراع المركز والهامش الذي يتجلى في أصوات النساء في السرد.
وأشارت إلى أن كل رواية من الروايات الثلاث المختارة تعكس عوالم جندرية مختلفة، معتبرة أن آليات الهيمنة في المجتمع تتشابه في أنماطها عبر العصور.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المزيد إلى أن

إقرأ أيضاً:

جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره كتاب "قضايا المرأة بين الإنصاف والاعتساف

يقدِّم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56، لزوَّاره كتاب (قضايا المرأة بين الإنصاف والاعتساف)، بقلم: الأستاذ الدكتور/ عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر ورئيس المنظمة العالميَّة لخريجي الأزهر، من إصدارات مجمع البحوث الإسلامية.

انطلاق فعاليات اليوم الـ 11 بجناح الأزهر بمعرض الكتاب نائب رئيس جامعة الأزهر يشارك في افتتاح المؤتمر الطلابي (خطوة على الطريق)

يبيِّنُ المؤلف -في كتابه- مكانة المرأة في ظل التشريع الإسلامي ومظاهر تكريمها في ضوء تعاليمه، ثم شرع يتحدث عن المرأة بين الشريعة والقانون، وأتْبَعه بحديثه عن مشروعات القوانين والحوار المجتمعي، وعرض للمادة رقم (٦) من مشروع الأزهر للأسرة، وقضية توثيق العقود بين الشرع والقانون، وأثره على العمل بمقتضاها.

ثم ألقى الضوءَ على أحكام الأسرة بين الإفراط والتفريط، وعرَّج على أهمية الأسرة ودورها في حماية الأخلاق، ومظاهر تكريم الإسلام للمرأة، كما نوَّه بأن الحجاب تكريم للمرأة، وعناية بها، وصون لكرامتها، وقطع للطمع فيها، ومن هنا أعلن أن التبرُّجَ رفضٌ للتكريم الإلهي.

ثم تناول مسألة سفر المرأة بين القديم والحديث، ومسألة توليها المناصب العليا، من رؤية منهجية واضحة أسفرت عن كون النزاع بين أدلة المانعين والمجيزين لا يتعدَّى دائرة الدلالة الظَّنية، ولا يرتقي بحالٍ إلى الدلالة القطعية، وعليه فتبقى أدلة الفريقين على السواء، ومن ثم يترجح قول أحد الفريقين وفق الواقع العملي، مقرِّرًا أنَّ الواقع العمليَّ يشهدُ لصالح المرأة؛ إذ قد تقلدت القضاء، ورئاسة الدَّولة في عصور مختلفة، ومن الإجحاف: ادعاء فشلها بمهام تلك المناصب؛ إذ شَهِدَ واقع الحال بعكس ذلك، بأمثلةٍ حياتيَّةٍ بارزةٍ، مما ينتج عنه أن منعها من الأصل نابع من منطلق خطاب ذكوري، من الجدير به ألا يُلْصقَ بنصوص الشرع، وألا يَسْتَمِدَّ قوَّته -فضلًا عن مشروعيَّته- من أدلته؛ إذ إنَّ النصوص في ذلك الشأن لا تؤول إلى المنع المطلق عند تدقيق النظر الحر، الخالي من نبرات التَّعصب ونعرات العصبيَّة.

ثم عرض للحياة الزوجيَّة واستفاض فيها، فبين المشروع والممنوع في العلاقة بين الرجل والمرأة، وعَرَضَ لحل مشكلة الرغبة خارج إطار الزواج، وأعلن أن تلويثَ السمعة جريمة عظيمة عند الله جلَّ جلالُه.

ثم تناول خُرافة تحويل الجنس، وفصل القول في قضيَّة الرَّدع عن زنا المحارمِ ضمنَ رؤيةِ اجتهادية، وتطرق إلى الحديث عن نَسَبِ ابن الزنا المولود على غير فراشِ الزوجيَّة، والمولود على فراش الزوجيَّة، ثم سطرَ حديثًا مُمْتعًا حول الحياة الزوجيَّة تضمن الدعوة إلى تيسير الزواج، وتحديد المهور ضمن رؤية تجديدية، وتحدث عن الشروط في عقد الزواج، وألمح إلى مكانة العلاقة الزوجيَّة ضِمْنَ حديثه عن مسألة العبث بالميثاق الغليظ.

ثم ألقى الضَّوء على مسائل من الأهميَّةِ الواقعية بمكان، ومن الخطورة الحياتية بموقع لا يرام، ألا وهي مسألة تعدد الزَّوجات بين الإِفْرَاطِ والتَّفْرِيط، ومسألة الزواج العرفي بين القبول والرفض، والتعويض عن الضرر الناشئ عن إنهاء الخطبة. كما تناول مسألةَ مُقدَّمِ الصَّداقِ ومُؤَخَّرِه، وقائمة المنقولات ضِمْنَ رؤيةٍ اجتهادية، وتطرق إلى مسألة استحقاقِ المهرِ بالخلوة الصحيحة وَفْقَ رؤية اجتهادية.

وعرض لمسألة تجميد البويضات والحيوانات المنوية، ومسألة إجهاض الحمل بين الإباحة والمنع. كما سلَّط الضوء على قضية التبنِّي من منظور إسلامي.

كما تحدث عن كون الزوجة مصونَةً مكرَّمة وليست خادمة مُسْتَأْجَرَةً، مبينًا أنها راعية مسئولةٌ وليست ضيفةَ شرفٍ. ووقف على آيتي الرضاعة، مؤكدًا أن هناك آباء وأمهات خارج دائرة التكريم الإلهي للوالدين؛ نظرًا لما يقعُونَ فيه من أنماط ظلم للأبناء، وما يتلبَّسُون به مِن ألوان عُقُوقهم.

ثم تحدَّث عن ارتفاع حالات الطلاق في المجتمعاتِ المُسْلِمَة، مُعْلِمًا الأزواج بأنَّ الطَّلاقَ بلا سَبَبٍ حرامٌ. كما تناول قضيَّةَ الخُلْعِ والتَّطليقِ للضرر، وأتبع ذلك بالحديث عن العِدَّةِ بين الإفراط والتفريط، وزواج المُحَلَّل، وظُلْمِ المطلِّقينَ للمطلَّقاتِ.

وقد عَرَضَ لقضيَّة الحضانة، فقرَّرَ أنَّ حضانةَ الأطفال ليست ميدانًا لتصفية الحسابات، وشفع ذلك بالحديث عن أصحاب ولايةِ الحضانَةِ على الصَّغِيرِ، مُبرِزًا أَنَّ الإسلام بكل تعاليمه قد راعى مصلحة الأطفال، ثم تطرق إلى مسألة استضافة المحضُونِ بين الرفض والقبول، وزواج الحاضنةِ وأثرِه على إسقاط الحضانة.

ثم تناول قضية الحقوق المالية، مُقرِّرًا رعايةَ شَرْعِنا للنِّساءِ بعد الطلاق أو موت الأزواج. وتوسع في الحديث عن القضايا المتعلقة بالمواريث، عارضا ما جاءَ في هذا الصَّدَدِ مِن نعرَاتٍ، وَمُبيِّنًا وَجْهَ الحكمة في التشريعات.

واختتم مؤلَّفَه بالحديث عن دية المرأة بين التمامِ والنقصان، وقد سجَّلَ فيه أيضًا مكانة المرأة، ونُصْرتها، واستنقاذها من كلِّ مشِينٍ وضار لها في ظل تعاليم الإسلام، وفي ضوءِ جميل هداياتِه، وبديعِ آدابِه.

ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56، وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التَّعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام.

ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

مقالات مشابهة

  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره كتاب "قضايا المرأة بين الإنصاف والاعتساف
  • مناقشة التحضير لمشروع رصف مدينة زبيد التاريخية
  • روائية قطرية: القاهرة نقطة انطلاقي للكتابة.. وسعيدة بالمشاركة في معرض الكتاب
  • معرض القاهرة الدولي للكتاب يزخر بالمراجع والمجلدات التاريخية
  • جناح وزارة الدفاع في معرض الكتاب.. إصدارات نادرة وشاشات تفاعلية توثق التاريخ
  • كنوز ورقية ومعدنية: العملات والطوابع تروي التاريخ في معرض الكتاب
  • الروائية القطرية هدى النعيمي: الكتابة النسوية تجاوزت الدفاع عن المرأة إلى تقديم رؤى أعمق
  • مناقشة «في حضرة التاريخ والمؤرخين» للدكتور أحمد زكريا الشلق بمعرض الكتاب
  • مناقشة في حضرة التاريخ والمؤرخين لـ زكريا الشلق بمعرض الكتاب