90 ورقة علمية تناقش تطبيقات وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
افتُتِح اليوم في جامعة السلطان قابوس "المؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي: التطبيقات والابتكار والأخلاقيات"، الذي يستمر ثلاثة أيام، ورعى حفل الافتتاح معالي المهندس سعيد بن حمود المعولي، وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، بحضور صاحب السمو السيد الدكتور فهد بن الجلندى آل سعيد، رئيس جامعة السلطان قابوس، وجمع من الأكاديميين والخبراء.
ويتضمن المؤتمر عقد 15 جلسة يتم خلالها تقديم 90 ورقة عمل لباحثين من مختلف الدول العربية والأجنبية، لمناقشة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات التعليم، والطب، والصناعة، والاقتصاد الرقمي، والطاقة، بالإضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بموجات التسونامي والزلازل ورصدها، مع تسليط الضوء على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
وقال الأستاذ الدكتور عبدالناصر حسين، رئيس كرسي اليونسكو للذكاء الاصطناعي، رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر: إن كرسي اليونسكو للذكاء الاصطناعي في جامعة السلطان قابوس سيعمل في دورته الأولى حتى نهاية يونيو 2028، مرتبطا بمركز أبحاث الاتصالات والمعلومات بالجامعة، وقد تم تشكيل فريق العمل للكرسي من العديد من الباحثين المتخصصين في أساسيات الذكاء الاصطناعي واستخداماته في التعليم، والطب، والاقتصاد، والاتصالات، والتحكم، وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، بهدف تعزيز القدرات العلمية والتكنولوجية على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.
وذكر أن هذا المؤتمر يأتي مكملا لجهود سابقة نظمها مركز أبحاث الاتصالات والمعلومات بالجامعة في مجال الذكاء الاصطناعي عبر ندوتين دوليتين؛ الأولى في فبراير 2020، وهي الندوة الدولية للطب عن بُعد والذكاء الاصطناعي في الطب، والثانية في فبراير 2022، بعنوان الندوة الدولية لاعتماد البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر للرقي بالتعليم الذكي والاقتصاد الرقمي.
ويُعقد هذا المؤتمر على لمدة ثلاثة أيام، ويهدف إلى نشر استخدام وتطوير تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي الحديثة، والابتكار في الذكاء الاصطناعي، وتعزيز الوعي بأخلاقياته، كما يحظى المؤتمر باهتمام كبير من المتخصصين، وأعضاء الهيئات الأكاديمية، والقطاع الحكومي، والشركاء الصناعيين، والباحثين، والطلبة، والمجتمع في سلطنة عُمان.
ويركز المؤتمر على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم، والطب، والصناعة، والاقتصاد الرقمي، والابتكار، وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، كما ينظم كرسي اليونسكو لدراسات الزلازل والتسونامي في مركز رصد الزلازل بجامعة السلطان قابوس جلسة خاصة بعنوان "الذكاء الاصطناعي لرصد الزلازل والتسونامي والتنبؤ بها"، فيما يعقد معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات في سلطنة عمان جلسة خاصة حول "الانتقال المستدام للطاقة".
ويستضيف المؤتمر مجموعة من العلماء والخبراء المرموقين في مجالات الذكاء الاصطناعي كمتحدثين رئيسيين، حيث سيقدمون حلقات عمل تدريبية متخصصة، كما يتخلل المؤتمر ثلاث حلقات عمل رئيسية حول الذكاء الاصطناعي في التعليم، والذكاء الاصطناعي في الطب، وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
تاريخ الذكاء الاصطناعي
قدم الدكتور ناصر بن محمد آل فنة، مدير مكتب البرامج التقنية والقائم بأعمال المدير العام المساعد للمركز الوطني للفضاء والتقنية المتقدمة والذكاء الاصطناعي، عرضا حول تطور الذكاء الاصطناعي، تتبع فيه نشأته منذ ظهور أفكار آلان تورينج، الرائد في المجال، في أربعينيات القرن الماضي، ثم استعرض مراحل تطوره الحديثة، كما ناقش التطورات التي تقودها شركات التكنولوجيا الكبرى مثل جوجل.
وتحدث الدكتور آل فنة عن مجالات الذكاء الاصطناعي الرئيسة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي، ومعالجة اللغة الطبيعية، والتعلم الآلي، والتعلم العميق، والرؤية الحاسوبية، والروبوتات، والأنظمة المتقدمة، والألعاب، واتخاذ القرار، وسلط الضوء على التأثير الكبير لتطبيق ChatGPT، الذي أذهل العالم بقدرته على توليد الاستجابات في غضون ثوانٍ.
وفي معرض حديثه عن التقدم المحرز في مجال الذكاء الاصطناعي في سلطنة عُمان، أشار الدكتور آل فنة إلى أن البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي قد أُنشئ كخطوة ملموسة نحو تحقيق "رؤية عمان 2040"، كما شدد على أهمية تطوير منصات الذكاء الاصطناعي المحلية للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالاعتماد على التقنيات المطورة في الخارج.
وأشار إلى أن سلطنة عُمان تستعد لإطلاق العديد من المشروعات القائمة على الذكاء الاصطناعي، من بينها منصة شبيهة بـChatGPT، ومركز الثورة الصناعية الرابعة، والمركز الوطني للبيانات المفتوحة، استوديو للذكاء الاصطناعي.
كما قارن بين القدرات البشرية والآلية من حيث السرعة والكفاءة، مؤكدا الحاجة إلى التكيف والريادة في عصر الذكاء الاصطناعي، وأشار كذلك إلى أن منصة DeepSeek برزت مؤخرا كمنافس قوي لـChatGPT في مشهد الذكاء الاصطناعي المتطور.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: وأخلاقیات الذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی فی للذکاء الاصطناعی السلطان قابوس
إقرأ أيضاً:
عندما يلتقي الذكاء الاصطناعي والعاطفي
د. سعيد الدرمكي
الذكاء الاصطناعي (AI) هو قدرة الأنظمة الحاسوبية على محاكاة الذكاء البشري، مثل التعلم واتخاذ القرار، ويُستخدم في مجالات عدة كالصحة، والصناعة، والتكنولوجيا، مما يعزز الكفاءة والإنتاجية. في المقابل، يشير الذكاء العاطفي (EI) إلى القدرة على فهم وإدارة العواطف، مما يسهم في تحسين التواصل، والقيادة، واتخاذ القرارات الفاعلة. ورغم اختلاف مجاليهما، فإن تكاملهما أصبح ضروريًا لتعزيز الفاعلية في مختلف المجالات.
كان يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي على أنهما كيانان منفصلان، إذ ارتبط الذكاء الاصطناعي بالقدرات الحسابية والمنطقية، حيث يركز على تحليل البيانات واتخاذ القرارات بناءً على الخوارزميات، دون أي بُعد عاطفي. في المقابل، اعتُبر الذكاء العاطفي مهارة بشرية بحتة، تتمحور حول إدارة المشاعر والتفاعل الاجتماعي، مما جعله وثيق الصلة بالقيادة والتواصل. الفرق الأساسي أن الذكاء الاصطناعي يُعامل كأداة تقنية، بينما يُنظر إلى الذكاء العاطفي كجزء من الذكاء البشري يصعب محاكاته بالتقنيات.
يُعد كل من الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي مكملًا للآخر، حيث يواجه كل منهما تحديات دون الآخر؛ فالذكاء الاصطناعي، دون الذكاء العاطفي، يعاني من ضعف في فهم المشاعر البشرية واتخاذ قرارات تتسم بالتعاطف، مما قد يؤثر على جودة التفاعل مع البشر. في المقابل، يواجه الذكاء العاطفي صعوبات في تحليل البيانات الضخمة، والتنبؤ بالاتجاهات، وتحسين الإنتاجية، واتخاذ القرارات المعقدة دون الاستعانة بقدرات الذكاء الاصطناعي. لذلك، أصبح التكامل بينهما ضروريًا لتعزيز الكفاءة البشرية والتقنية معًا.
ويمكن تحقيق هذا التكامل من خلال توظيف الذكاء الاصطناعي في تحليل المشاعر عبر النصوص، والصوت، وتعبيرات الوجه، مما يتيح فهمًا أعمق للتفاعل البشري. في المقابل، يسهم الذكاء العاطفي في تحسين الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير برمجيات تجعله أكثر استجابة للمشاعر البشرية، مما يساعد في إنشاء واجهات مستخدم أكثر إنسانية وتفاعلية، تعزز تجربة المستخدم وتجعل التقنيات الذكية أكثر توافقًا مع الاحتياجات الاجتماعية.
ويسهم تكامل الذكاءين في تحسين العديد من المجالات. ففي قطاع الأعمال، يُستخدم الذكاء الاصطناعي العاطفي لتعزيز تجربة العملاء من خلال تحليل مشاعرهم والاستجابة لها بذكاء. وفي مجال الطب، تُوظَّف الروبوتات لدعم المرضى نفسيًا وعاطفيًا، مما يسهم في تحسين رفاهيتهم. أما في الموارد البشرية، فتعتمد الشركات على أدوات متطورة لتحليل رضا الموظفين وتعزيز تفاعلهم، مما يساعد في خلق بيئات عمل أكثر استجابة ومرونة.
ورغم الفوائد الكبيرة لهذا التكامل، فإنه يواجه تحديات تتعلق بالخصوصية والانحياز الخوارزمي وتأثيره على التفاعل البشري. فالذكاء الاصطناعي لا يمتلك وعيًا حقيقيًا، بل يعتمد على تحليل الأنماط والاستجابات المبرمجة، مما يجعله غير قادر على الإحساس الحقيقي. كما إن هناك مخاوف بشأن جمع البيانات الشخصية دون إذن، والانحياز في تحليل المشاعر، ومخاطر التلاعب النفسي بالمستخدمين. ويبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والعنصر البشري، بحيث لا يحل الذكاء الاصطناعي محل الذكاء العاطفي، بل يكمله لتعزيز الفاعلية دون المساس بجوهر التفاعل الإنساني.
أما فيما يتعلق بدور الأبحاث والتكنولوجيا في تحقيق التكامل، فيجب تطوير أنظمة قادرة على فهم المشاعر البشرية باستخدام تقنيات التعلم العميق وتحليل اللغة الطبيعية. كما ينبغي تعزيز الذكاء العاطفي الاصطناعي ليكون أداة داعمة للتجارب البشرية، بحيث يساعد في تحسين التفاعل والتواصل دون أن يحل محل المشاعر الإنسانية.
المستقبل يعتمد على التكامل بين الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي، مما يؤدي إلى ثورة في مجالات العمل والتعليم والتفاعل الاجتماعي، مع ضرورة وضع ضوابط أخلاقية تضمن التوازن البشري. يسهم هذا التكامل في تحسين بيئات العمل من خلال تحليل مشاعر الموظفين وتعزيز الإنتاجية، كما يتيح التعليم التكيفي الذي يستجيب لعواطف الدارسين، مما يعزز تجربة التعلم. وفيما يتعلق بالعلاقات البشرية، فإنه يدعم التواصل الفاعل، لكنه قد يؤدي إلى تراجع المهارات الاجتماعية إذا أُسيء استخدامه، مما يستدعي توجيه هذا التطور بما يحقق أقصى فائدة دون الإضرار بالجوانب الإنسانية.
من هنا، يمكن الاستنتاج أن التكامل بين الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي ضروري لتحقيق توازن فاعل بين الكفاءة التقنية والبعد الإنساني. فالذكاء الاصطناعي يُسهم في تعزيز الإنتاجية والدقة، بينما يضمن الذكاء العاطفي اتخاذ قرارات تتماشى مع القيم الإنسانية. وعلى الرغم من أن التكنولوجيا لا تستطيع محاكاة المشاعر البشرية بشكل كامل، إلا أنها قادرة على دعم الفهم العاطفي وتعزيز التفاعل البشري.
لذا.. فإنَّ تحقيق أقصى استفادة من هذا التكامل يتطلب توجيه التطور التكنولوجي نحو تعزيز القيم الإنسانية، وضمان الاستخدام الأخلاقي للابتكارات التقنية، بما يسهم في رفاهية المجتمعات واستدامة التطور ودعم مستقبل أكثر ذكاءً وإنسانيةً.