قراءات إسرائيلية تشرح رؤية حماس للنصر واستنزاف الاحتلال لتحرير الأرض
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، تزداد التفسيرات الإسرائيلية لبنوده، وأهمها القراءة القائلة بأن المهم بالنسبة لحماس منع الاحتلال من تحقيق الانتصار، والسيطرة على الأرض، وفوق كل شيء بقاؤها، وهذا يعني لها النصر الحقيقي، لأن لديها الصبر والاستعداد للتضحية، وأي استعداد إسرائيلي للتنازل يشجعها أكثر.
يهودا بلانغا، خبير في شؤون العالم العربي بقسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة بار إيلان؛ أكد أن توصل الاحتلال إلى اتفاق مع حماس لإطلاق سراح عشرات الأسرى الإسرائيليين مقابل تحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين، يعني أن "حرب السيوف الحديدية قد انتهت، صحيح أننا في المرحلة الأولى من الاتفاق، لكن بعد فترة هدوء طويلة تستمر 42 يومًا، لن يكون لدى الجانبين مصلحة بإعادة إشعال الصراع".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة إسرائيل اليوم، وترجمته "عربي21" أن الاحتلال سئم من 470 يوما من القتال والصراعات السياسية والقانونية، أما حماس فستختار الاستمرار بوقف إطلاق النار لإعادة تأهيل قيادتها ونشطائها، مع الإشارة إلى حقيقة تاريخية مفادها أنه باستثناء حرب 1948، فإنه خلال الحروب الإسرائيلية العربية الثمانية، أصبحت كل هدنة أو وقف لإطلاق النار مسألة دائمة، وبعدها سيكون المجال متاحاً للجدل الاسرائيلي الداخلي حول لجان التحقيق، وحقيقة الرواية المتروكة للأجيال القادمة، بين ما حققته من نصر كامل أو أعظم فشل".
وأوضح أنه "سيكون مثيرا للاهتمام رؤية كيفية كتابة طوفان الأقصى في إطار الصراع الشامل في التاريخ الفلسطيني، حيث ستجري حماس تحقيقات داخلية لاستخلاص الدروس والعبر من الأخطاء، والانتظار بين أن تعلن نجاح الحرب أم فشلها، وما الرواية التي ستترسخ في أذهان الفلسطينيين بشأنها، مع أن منظور الحركة في سياق الحروب الإسرائيلية العربية يختلف عن منظور الدولة، لأن تصورها لجوهر النصر متشابه، وتعتبر أن خسارة الأرواح البشرية والبنية الأساسية ليست مهمة، لأنها تضحيات ضرورية من أجل الهدف الأعلى".
وأشار إلى أن "ما يهم حماس هو منع العدو من هزيمتها، وخسارتها للأرض، والأهم البقاء على قيد الحياة، وهذا يعني نصرها، وهو الحال القائم منذ 2006، حين وصلت فيه للسلطة عقب الانتخابات، ومن وجهة نظرها فإن المعركة الأخيرة ضد الاحتلال مرحلة أخرى في إطار الحرب الدينية الطويلة التي تشنها المنظمات الجهادية ضد الكفار، وقد عبرت حماس عن هذه النقطة بشكل واضح في المادة السابعة من ميثاقها حين أكدت "أنها إحدى وحدات الجهاد في مواجهة الغزو الصهيوني"، وهذا يغني أن الحرب ضد اليهود تتطلب الصبر والتضحية".
وأوضح أن "حماس تعتبر حديث الاحتلال عن نصر سريع، أو استعداد لوقف إطلاق النار، تعبير عن ضعفه، ومؤشر بارز على هزيمته الوشيكة، على النقيض من المقاومة الإسلامية التي رفضت رفع الراية البيضاء طيلة الحرب، وتمسكت بمبادئها، وتمكنت في النهاية من تحقيق أهدافها المتمثلة بتحرير الأسرى من سجون الاحتلال، ووقف التطبيع، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وإعطاء القضية الفلسطينية الأولوية على الأجندة العالمية".
وختم بالقول أن "هذه الصيغة النهائية من حرب غزة تأكيد على فرضية نجاح القوة الصغيرة، وتستنزف بمراوغتها عدوها القوي، الذي يمكنه الاستمرار في صب غضبه على الحجارة والبشر والشجر كما تصفها حماس، لكن إرادة الله، والثبات والوحدة هي مفتاح النصر".
الكاتبة اليمينية سارة هعتسني كوهين زعمت أن الأهم بالنسبة لحماس هو انسحاب جيش الاحتلال من غزة، مما استدعى منه أن يقاتل بقوة أكبر، ويحتل شمال القطاع، ولا يجلب المساعدات للفلسطينيين، مما يؤكد أن اتفاق وقف إطلاق النار سيئ، والأثمان التي يطلب من الاحتلال دفعها مقابله صعبة، وعواقبها خطيرة، ولذلك أعتقد أنه ما كان ينبغي قبوله، رغم إدراكي للحجج المؤيدة والمعارضة له، لكن الجمهور الإسرائيلي سيبقى ينظر بعيون دامعة لتوابيت المختطفين القتلى بدلاً من الأحياء العائدين".
وأضافت في مقال نشرته صحيفة إسرائيل اليوم، وترجمته "عربي21" أن "الاحتلال بعد خمسة عشر شهراً من القتال، وضعت الحكومة هذه الصفقة على الطاولة، وهي نتيجة بائسة للغاية، لأنها صفقة سيئة، والثمن الذي يتعين أن ندفعه مقابلها باهظ وخطير، وكذلك عواقبها، لأنها لن تطلق سراح آلاف الأسرى الخطيرين فحسب، بل ستلغي العديد من "إنجازات" الحرب التي تحققت بالكثير من العناء والدماء، ووافقت على الانسحاب من محور نتساريم، وعودة مليون فلسطيني لشمال القطاع، والتدفق المستمر لشاحنات المساعدات".
وأشارت أنه "في المقابل، وعلى مدى أيام طويلة، حرصت حماس للغاية حتى آخر سنتيمتر في رسم خريطة الانسحاب، وبعد خمسة عشر شهراً من القتال، لا تزال الحركة على قيد الحياة، وتتنفس، وتقاوم، وتطالبنا بالمطالب، وتستمر في الإساءة لدولتنا بأكملها، الأمر الذي يؤكد أنه على النقيض من حرب الشمال، فقد كانت إدارة حرب غزة فاشلة، لأن هيئة الأركان العامة والمستوى السياسي، قرروا خوضها على مراحل، بعد الانتهاء من مرحلة قطع الأشجار، والشروع بمرحلة شن الغارات".
وأكدت أنه "خلال مرحلة الغارات الجوية، تمكنت حماس من إعادة بناء نفسها، إلى الحد الذي جعل شمال قطاع غزة يكلف جيش الاحتلال أكثر من خمسين جندي، بعد أن قاتل هناك بالفعل في بداية الحرب، مما يؤكد أننا أمام صفقة سيئة، لأن إدارة الحرب الفاشلة، بجانب المفاوضات الفاشلة، أدت لنتيجة بائسة، حيث لا تزال حماس في موقف المطالب".
وختمت بالقول إن "هذه المعطيات ستجعل العودة للقتال مستحيلة تقريباً، بسبب الانسحاب، وعودة فلسطينيي غزة لديارهم، وبسبب بقاء المختطفين في الأسر، وهكذا لم تحقق حرب غزة أي تقدم يذكر، بل إنها فشلت حتى الآن، وحماس بعيدة كل البعد عن الانهيار، وإذا كان هذا الاتفاق الذي حققه الاحتلال بعد 15 شهرًا، فهذا يعني أنه فشل".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية الاحتلال غزة غزة الاحتلال القسام المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
تساؤل إسرائيلي: كيف ضربنا رأس الأفعى بطهران وفشلنا مع حماس في غزة؟
قال مدير معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب والرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، تامير هايمان، في مقال، نشرته "القناة 12" العبرية، إنّ: "الإسرائيليون يواصلون رصد ما يعتبرونها "مفارقات الحرب على غزة" بعد مرور قرابة خمسمائة يوم على اندلاعها".
وأضاف هايمان، في المقال الذي ترجمته "عربي21" أنّ الحرب على غزة: "سجلت فشلاً مأساوياً بتحقيق أهدافها في غزة، حيث لا تزال حماس تسيطر، ولم يعد جميع الأسرى بعد؛ ما يطرح السؤال عمّا إذا كان الإنجاز الاستراتيجي لم يُغطي على الفشل التكتيكي، وكيف حدث أن الاحتلال نجح بـ-ضرب رأس الأفعى-، لكنه فشلنا في: قطع ذيوله".
واعتبر أنّ: "مرور خمسمائة يوم منذ اندلاع الحرب يشكل فرصة جيدة لإلقاء نظرة على ما جرى، فالنصف الممتلئ من الكأس منذ بدايتها هو العمل الناجح ضد المحور الإيراني، أما نصف الكأس الفارغ فهو الوضع الحرج الذي ما زال قائما في غزة، مع أن الأمر الأكثر أهمية هو أن الطاولة التي يوضع عليها هذا الكأس بنصفيه تغيرت تماما مع دخول الرئيس، دونالد ترامب، للبيت الأبيض".
وأضاف أنه: "لنبدأ بالخبر السارّ المتمثل بتفكيك المحور الإيراني، رغم أنه ليس تفكيكا كاملا، فالإيرانيون أذكياء وعنيدون، ولن يستسلموا، ولكن عندما نقارن الوضع الحالي للمحور مع وضعه قبل السابع من أكتوبر، فمن الصعب أن نجد أي تشابه".
وانتقل الكاتب إلى: "الخبر السيء القادم من غزة، ونتائج الحرب ضد حماس، التي تشكّل قصة حزينة، لأن الاحتلال حتى الآن لم يحقق أيًا من أهداف الحرب فيها بشكل كامل، ولا تزال حماس هي القوة العسكرية المهيمنة فيها، ولا تزال قدراتها الحاكمة قائمة، ورغم النجاح الكبير الذي حقّقه الاحتلال في القضاء على سلسلة قيادتها، فإنها لا تزال هي الجسم الحاكم في القطاع".
وأردف أنّ: "الدمار الذي أحدثته قوات الاحتلال في غزة، وإنجازها التكتيكي في القتال داخل منطقة مبنية مشبعة بالأنفاق تحت الأرض، وقدراتها الدفاعية التي أسفرت عن مستوى منخفض نسبياً من الخسائر مقارنة بالتوقعات المتشائمة، وما نجمت عنه من تفكيك وحدات حماس، كل هذا يعتبر مهماً على مدى مئات الأيام الماضية، لكن يبقى السؤال الأكثر أهمية: متى فشلت الحرب في غزة، ولماذا؟".
وأكّد أن: "الأمر ليس واضحا بعد، والخلاف الناشب بين المستويين السياسي والعسكري لا يساعد على الحصول على إجابة دقيقة، ونأمل أن تتمكن لجنة التحقيق التي ستتعامل مع سير الحرب من تسليط الضوء على هذا الأمر، فكل مستوى لديه استنتاجاته الخاصة".
"أنا لدي استنتاجاتي أيضًا، لكن يبقى الأمر الأهم المتمثل بتحويل الإنجاز التكتيكي الهائل إلى خطوة سياسية، وهو ما لم يتم حتى الآن" استرسل المتحدث، مشيرا إلى أنّ: "الانسحاب الذي تمّ لقوات الاحتلال من غزة جعل الجنود المنسحبين يشعرون بالاستياء، ويتساءل كثيرون عن الثمن الباهظ الذي دفعوه، رغم أن هذا الثمن هو الذي مكّن من إعادة المختطفين، كما أن الحرب لم تنته بعد".
وختم بالقول إنّ: "التطور الاستراتيجي الأخير والأهم أن ما لن يختفي بالتأكيد هو معضلة حماس في غزة، وعندما يتم الانتهاء من صفقة التبادل، سنكون مطالبين بمعالجة هذه المعضلة، مع أن كل الخيارات سيئة: بين حكم عسكري، أو البقاء في غزة، أو لجنة مدنية فلسطينية، وكلها تتطلب إعدادًا مسبقًا، وفي هذه الحالة سيؤدي التسويف إلى الكارثة".