التحالفات الجديدة للحضور الإسلامي
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
ليس هناك شك المرحلة القادمة تتطلب من الحركات الإسلامية الانتقال من العزلة إلى الفعل، ومن الخطاب الدفاعي إلى المبادرة، ومن الصراعات البينية إلى التحالفات الإستراتيجية.
إن التحالفات الجديدة يجب أن تتسم بالمرونة السياسية، وتجاوز القوالب التنظيمية التقليدية، والاستفادة من المتغيرات العالمية لصالح مشروع استئناف الحضارة الإسلامية.
هذا ليس وقت الانتظار أو التردد، بل هو وقت إعادة بناء المشروع الإسلامي على أسس جديدة، ترتفع إلى مستوى "انتصار أفغانستان"، و"طوفان الأقصى"، ونجاح "ثورة سوريا"، وتجعل منها طليعة للنهضة الإسلامية الشاملة.
فقد شهدت المنطقة الإسلامية تحولات استراتيجية عميقة خلال السنوات الأخيرة، أبرزها انتصار أفغانستان على الاحتلال الأمريكي، وطوفان الأقصى الذي أعاد القضية الفلسطينية إلى الصدارة العالمية، فضلا عن انتصار الثورة السورية ونجاحها في إسقاط ديكتاتور الشام، والذي زلزل بنيان الطغيان في المنطقة.
شهدت المنطقة الإسلامية تحولات استراتيجية عميقة خلال السنوات الأخيرة، أبرزها انتصار أفغانستان على الاحتلال الأمريكي، وطوفان الأقصى الذي أعاد القضية الفلسطينية إلى الصدارة العالمية، فضلا عن انتصار الثورة السورية ونجاحها في إسقاط ديكتاتور الشام، والذي زلزل بنيان الطغيان في المنطقة
هذه التحولات لم تكن مجرد أحداث عابرة، بل كشفت عن ديناميكيات جديدة في الصراع الإقليمي والدولي، وأثبتت أن التيار الإسلامي لا يزال قوة محورية قادرة على التأثير في المشهد السياسي والاجتماعي، بل والاستراتيجي.
وفي هذا السياق، تبرز ضرورة إعادة رسم خارطة التحالفات الإسلامية، بحيث تتماشى مع طبيعة التحديات الراهنة، وتعزز مكاسب الحركات الإسلامية، وتمنحها القدرة على تحقيق أهدافها الاستراتيجية في ظل المتغيرات العالمية والإقليمية.
فليس هناك شك أننا بصدد تغير في موازين القوى الدولية بدأ من انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، الذي مثَّل تراجعا واضحا لنفوذها العسكري في المنطقة، كما نشهد تصاعد النفوذ الصيني والروسي، مما يفتح فرصا جديدة للمتضررين من هيمنة القطب الواحد ولتوسيع دائرة تحالفاتها. ومن المهم أيضا رصد تفكك وتصدع بنية بعض الأنظمة العربية الموالية للغرب، والتي ألقت بنفسها في أحضان المشروع الصهيوني، وهو بلا شك مما يضعف المعسكر المعادي للتيار الإسلامي ولشعوب المنطقة.
كما أن نجاح "طالبان" في فرض سيطرتها بعد 20 عاما من الاحتلال الأمريكي يعيد الأمل بإمكانية استعادة السيادة الإسلامية، وطوفان الأقصى الذي قادته حركة "حماس" نزل كالصاعقة على الكيان الصهيوني ووضع القضية الفلسطينية في صدارة المشهد، وهو مما يعزز الحاجة إلى تحالفات تدعم المقاومة، والثورة السورية التي قادها تحالف "هيئة تحرير الشام" والتي صمدت رغم القمع والمجازر، تُظهر أن الشعوب قادرة على كسر الطغيان، وهو مما يستدعي توسع التحالفات لدعم استمرار الحراك الثوري وهزيمة الطغيان.
لكن كل هذا لم يمنع من استمرار العديد من التحديات الموجهة للتيار الإسلامي ابتداء من الحصار السياسي والأمن، والحملات الإعلامية الهادفة إلى تشويه صورة الإسلاميين وربطهم بالإرهاب، فضلا عن استمرار محاولات التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، وفرض أجندات الهيمنة الثقافية والاقتصادية.
ولضمان نجاح التحالفات الضرورية لتحقيق الأهداف، يجب اعتماد عدة مبادئ مثل:
1- الوحدة في التنوع من خلال تجاوز الخلافات الأيديولوجية بين التيارات الإسلامية المختلفة، والتركيز على القضايا المشتركة مثل مقاومة الاحتلال والاستبداد.
2- الواقعية السياسية الضرورية للتحالف مع القوى المؤثرة بغض النظر عن الاختلافات الفكرية، وبناء علاقات دبلوماسية متوازنة مع الدول غير الإسلامية التي تتبنى مواقف مناهضة للصهيونية والهيمنة الغربية.
3- توسيع قاعدة التحالفات وعدم الاقتصار على التحالفات الإسلامية، بل ومد الجسور مع القوى الشعبية الثورية والمناهضة للهيمنة الغربية.
4- التكامل بين العمل السياسي والمقاومة من خلال دعم المقاومة المشروعة ضد الاحتلال، بالتوازي مع السعي لتشكيل أنظمة حكم عادلة ومستقرة.
وحتى نقف على مستويات التحالفات المطلوبة لا بد من إدراك الأبعاد والمستويات الإسلامية والشعبية والدولية للتحالفات، فلا بد أولا من توحيد الجهود بين الحركات الإسلامية ذات الخلفيات الفكرية المتنوعة، وذلك من خلال إنشاء منصات تنسيق مشتركة لمحاصرة الخلافات البينية وتعزيز التعاون.
كما من المهم فتح الباب على مصراعيه للتحالفات مع الحركات الثورية والشعبية التي تناضل ضد الاستبداد، والتعاون مع النقابات والاتحادات العمالية والشبابية لدعم مسار التحولات السياسية.
ومما ينبغي أن يكون محلا لتركيز الحضور الإسلامي الجديد التحالف مع الدول التي تتبنى المشروع الإسلامي، وإن بأشكال مختلفة، وبناء علاقات استراتيجية معها كدول داعمة للتوجه الإسلامي، والاستفادة من التقارب مع القوى الدولية مثل الصين وروسيا في ظل الصراع الدولي المتغير، ومحاولة توظيفه لصالح استقلالية القرار الإسلامي.
كما يدخل في ذلك التحالفات مع القوى العالمية المناهضة للهيمنة الغربية وإقامة علاقات مع الحركات المناهضة للعولمة والاستعمار الجديد في أوروبا أو أمريكا اللاتينية على السواء، والتنسيق مع قوى اليسار المناهضة للصهيونية في الغرب.
لقد أصبح من الضروري بمكان تحديد الأهداف الاستراتيجية للتحالفات الإسلامية الجديدة حيث دعم القضية الفلسطينية وجعل دعم المقاومة الفلسطينية محورا للتحالفات الجديدة، وفي هذا الإطار يجب أن يتقدم هدف التصدي لموجات التطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي.
كما ليس هناك شك في أن تعزيز استقلالية القرار الإسلامي يعتمد على بناء اقتصادات مقاومة تقلل من التبعية للقوى الغربية، ودعم المشاريع الإعلامية التي تروج لخطاب الإسلام الحضاري والمقاوم.
وفي هذا الإطار يلزم إعادة تعريف الصراع في المنطقة ونقل الخطاب من صراع داخلي بين الحركات الإسلامية والأنظمة المستبدة، إلى صراع تحرري عالمي ضد الهيمنة الغربية والصهيونية، والعمل على خلق قوة إسلامية فاعلة دوليا، وتنشيط دور التيار الإسلامي في المنظمات الدولية والإقليمية، وإنشاء كتل سياسية إسلامية قادرة على التأثير في القرارات الدولية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التحالفات ثورة سوريا سوريا ثورة تحالف اسلامي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرکات الإسلامیة القضیة الفلسطینیة فی المنطقة مع القوى
إقرأ أيضاً:
باحث إسرائيلي النفوذ التركي في سوريا خبر سيئ للاحتلال.. على حساب مصالحنا
يعترف الإسرائيليون أن سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وسيطرة الإسلاميين على زمام الحكم في سوريا، بمساعدة تركيا، شكل نقطة تحول في توازن القوى والنفوذ الإقليمي.
كما أن حالة عدم الاستقرار في سوريا يفتح الباب أمام تدخل أعمق من جانب الجهات الفاعلة، بل يزيد من تنافس تركيا والاحتلال لأخذ النصيب الأكبر في الأهمية والتأثير، مع أن الضربة التي وجهها الأخير لحزب الله هي أحد أسباب سقوط النظام، بعد أن فقد دعم الحزب وإيران، عقب تخلي روسيا عنها، بسبب تركيز جهودها على أوكرانيا.
البروفيسور الإسرائيلي كوبي مايكل الباحث بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، أكد أن "انهيار النظام السوري أثار قلقا كبيرا لدى الاحتلال بسبب تواجد عناصر جهادية في جنوب سوريا، وقرب حدوده، وسارع للسيطرة على المنطقة العازلة حتى يستقر النظام، بزعم منع أي محاولة لتكرار هجوم السابع من أكتوبر من جنوب سوريا هذه المرة، ولكن لأن الاحتلال لا يستطيع أن يحدد بثقة إلى أين تتجه القيادة السورية الجديدة، وفي ضوء دروس السابع من أكتوبر، وانعدام الثقة الأساسي في العناصر الجهادية الإسلامية أينما كانت، عمل الاحتلال على تدمير البنية التحتية للجيش السوري لمنع وقوعها في أيديهم، واستخدامها ضده".
وأضاف في مقال نشره موقع "ويللا"، وترجمته "عربي21"، أن "المخاوف الإسرائيلية لا تقتصر على العناصر الجهادية التي باتت تحكم سوريا، بل تمتد أيضا إلى تركيا ونواياها بترسيخ وجودها فيها، لأن تواجدها العسكري التركي هناك يعني تضييق مساحة العمليات الإسرائيلية، وتهديد حرية العمل الجوي في المنطقة بشكل عام، وفيما يتعلق بالتحضيرات لهجوم أو عمل ضد إيران ردا على هجوميها الصاروخيين في أبريل وأكتوبر 2024، ومن أجل منع التواجد العسكري التركي في سوريا من خلال الاستيلاء على المطارات والبنية التحتية العسكرية السورية، يعمل الاحتلال بقوة على تدمير كل هذه البنية التحتية".
وأوضح أنه "لم يكن بوسع التنظيمات الجهادية أن تستكمل عملية السيطرة على سوريا لولا المساعدة النشطة من تركيا، التي أدركت الفرصة التاريخية لتعزيز قبضتها على سوريا كنوع من حجر الزاوية في توسيع نفوذها في الشرق الأوسط الأوسع، وتعتبره تاريخيا واستراتيجيا مجال نفوذ ضروري لترسيخ مكانتها كقوة إقليمية، في انسجام واضح مع شخصية الرئيس رجب طيب أردوغان الساعي لإحياء الإمبراطورية العثمانية، وبرزت سوريا كفرصة لمساعدته على تحقيق رؤيته".
وأشار إلى أن "تركيا ترى نفسها زعيمة للعالم السني، وتقود المحور المعاكس للمحاور التي تقودها إيران السعودية كمنافسين لها على اللقب والمكانة، أما قطر، حليفتها الوثيقة فتساعد جهودها كجزء من رؤية الإسلام السياسي، فيما تقف السعودية والإمارات على الجانب الآخر من السياج، تعارضان الجهود قطر وتركيا الرامية لترسيخ هيمنة الأخيرة في المنطقة، وتحاولان الوصول للقيادة السورية الجديدة، وسحبها إلى صفهم".
وأكد أن "للأمريكيين والروس والصينيين مصالح مهمة في سوريا، ليست بالضرورة متوافقة، وقد تؤدي لزيادة توتراتهم، وبذلك تتحول سوريا ساحة صراع بين اللاعبين الإقليميين والدوليين في واقع لا يزال من غير الواضح أين يتجه نظامها الجديد الذي يحاول ترسيخ نفسه، والحصول على دعم العالم، وتعاطفه من خلال الوعود والإيماءات غير المقنعة بما فيه الكفاية في الوقت الراهن، رغم أنه لم ينجح حتى الآن بترسيخ قبضته على السلطة والسيادة الفعلية على كامل الدولة، مما يعني أن عدم استقرارها يفتح الباب أمام تدخل أعمق من جانب الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، حيث تلعب تركيا وإسرائيل الدور الأكثر أهمية وتأثيرا".
ولفت إلى أن "إيران فقدت قبضتها على سوريا، وهي أهم أصولها في المنطقة، لكنها تحاول الحفاظ على بعض قبضتها بدعم الجهات الفاعلة السورية مثل العلويين، رغم أنه نفوذ ضئيل محدود، وفي هذه الحالة إذا نجحت تركيا بترسيخ نفوذها وهيمنتها في سوريا، فستتمكن من توسيعه خارجها، وقد تجد نفسها في صراع، حتى لو لم يكن عسكريا بشكل مباشر، مع لاعبين إقليميين آخرين، مع التركيز على إسرائيل والسعودية والإمارات، لكن التهديد الأبرز سيكون على استقرار الأردن".
وزعم أن "مفتاح استقرار سوريا يقع في أيدي تل أبيب وأنقرة، اللتين تدهورت علاقاتهما منذ السابع من أكتوبر لأسوأ مستوى عرفتاه منذ إقامة علاقاتهما قبل سبعة عقود، فتركيا أول دولة إسلامية تعترف بالاحتلال، وشهدت علاقاتهما في السنوات الأخيرة تقلّبات سلبية، بعد عصرها الذهبي في العقود الأخيرة من القرن الماضي وبداية القرن الحالي، وفي واقعها الحالي، يصعب افتراض قدرتهما على التوصل لاتفاقيات ثنائية دون مساعدة خارجية، وهنا يأتي دور الولايات المتحدة، ذات العلاقات الوثيقة للغاية معهما، بحيث تجد لهما طريقة لتقسيم نفوذهما على سوريا بطريقة تضمن مصالحهما الحيوية، وتساعد في استقرار وتشكيل الواقع المستقبلي في سوريا".