عربي21:
2025-03-06@09:52:22 GMT

لماذا رحبت السعودية بأحمد الشرع ولم ترحب بمحمد مرسي؟!

تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT

لماذا رحبت السعودية بأحمد الشرع ولم ترحب بمحمد مرسي؟!

الملاحظة التي لا تخطئها عين أي مراقب للتطورات الأخيرة في سوريا، أن المملكة العربية السعودية كانت من أوائل الدول التي رحبت بدخول الثوار إلى دمشق، كما رحبت على الفور بالسلطة الجديدة التي كان على رأسها أحمد الشرع، ثم كانت من أولى الدول التي صدقت على شرعية أحمد الشرع كرئيس جديد لسوريا الحرة، كما كانت أول دولة تستقبل الشرع ، الرئيس، في مراسم استقبال مخصصة لقادة الدول، ولقاؤه مع ولي عهد المملكة ورجلها القوي الأمير محمد بن سلمان، مع تعهدات قوية بدعم سلطته ومساعدة سوريا بكل قوة في هذه المرحلة.



هذا كله يعطي انطباعا واضحا عن احتضان المملكة للسلطة الجديدة في سوريا، ورهانها عليها، بل وثقتها في أنها ستكون داعمة للمصالح العربية في المشرق العربي وداعمة للأمن القومي للمنطقة، وأن المملكة قررت أن تلقي بثقلها خلف الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع وتدعمه بشكل جدي وكبير، على مختلف المستويات، وفي مقدمتها الاقتصادية، وأيضا الديبلوماسية خاصة نشاطها في توسيع القبول الدولي بشرعيته كرئيس جديد للبلاد .

الانطباعات العامة بين العرب في المنطقة تميل إلى الارتياح الكبير لمجريات الأمور وتطور العلاقات السعودية السورية، والتفاؤل بالمستقبل، لكن ثلاث قوى يبدو أن التطورات سببت لهم قلقا وضيقا متفاوتا، بين التوتر والقلق الشديد، وبين التخوف من تطورات تلك العلاقة، وبين التشكيك في مستقبل تلك العلاقة وقدرتها على الصمود في المقبل من الأيام، وهذه القوى الثلاث هي على الترتيب : إيران "وحلفاؤها في المنطقة بالطبع"، وإسرائيل، وأخيرا جماعة الإخوان المسلمين وخاصة فرعها في مصر، الذي يحمل ضغينة خاصة تجاه المملكة بسبب موقفها الرافض لسلطة الرئيس محمد مرسي رحمه الله، ويتهمونها بالعمل على إسقاطه ومساعدة القائد العسكري عبد الفتاح السيسي.

الشرع صاحب مشروع لإنهاء نفوذ إيران في الشام كله، وقطع دابرها بصورة حاسمة، وهذا يخدم الأمن القومي للخليج العربي بكامله، وفي القلب منه المملكة، بينما مشروع الإخوان في مصر كان ودودا ـ أقولها تجملا! ـ مع النفوذ الإيراني في المنطقة، ومتسامحا معه، بل ومدافعا عنه، وهذا ما أفزع المملكة وعواصم خليجيةتوتر إيران وحلفائها مفهوم دوافعه، لأن انتصار ثورة سوريا حطم نفوذها في أهم محطة من محطات هيمنتها الإقليمية، سوريا، كما أن التطورات الجديدة توضح بجلاء أن السعودية بدأت في ملأ الفراغ الذي تركه الإيرانيون في الشام، ليس في سوريا وحدها بل وفي لبنان أيضا، أي أن تطور العلاقات بين سوريا الحرة والسعودية يعني خسارة استراتيجية كبرى لإيران، وإنهاء مشروعها التوسعي الخطير في المنطقة، والذي كانت تراهن عليه طويلا، واستثمرت فيه عشرات المليارات من الدولارات، ودفعت من أجله ضريبة الدم من أرواح قادتها وضباطها، كل ذلك يتبخر الآن، وخلال أشهر قليلة تملأ السعودية كامل الفضاء السوري الذي كانت تملؤه إيران.

هجوم إسرائيل على التطور السريع لعلاقات المملكة مع سوريا الحرة مفهوم أيضا، لأن رهان إسرائيل كان على تقسيم سوريا، وتفريغها من مفهوم الدولة ودعم الانفصال الكردي، لتبقى ساحة رخوة للعبث الإسرائيلي، وربما التمدد إن لم يكن هناك عائق جدي، بينما رهان السعودية على وحدة سوريا، وإحياء مفهوم الدولة، وإحياء دور سوريا العربية السنية في حماية الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل، أي أن موقف الاثنين : السعودية وإسرائيل، متناقض في سوريا اليوم.

بالنسبة للإخوان، فكما قدمت لا تغفر الجماعة للمملكة أنها عملت على إسقاط تجربة محمد مرسي، وإنهاء مشروع الإخوان بالكامل في المنطقة تقريبا بعد انهياره في مصر، لذلك يكثر النقد من قبل رموز إخوانية للاحتفاء الواسع الذي تبديه المملكة بالرئيس أحمد الشرع، وتكثر المقارنات، لأن مرسي يأتي من جذر حركة إسلامية سلمية في سياقها العام، بينما الشرع يأتي من جذر حركة إسلامية مسلحة وجهادية في سياقها العام، فلماذا قبلت بالشرع ولم تقبل بمرسي؟.

والحقيقة أن المقارنة على هذا النحو مختزلة، وتتجاهل معطيات أخرى أهم من "الجذر" الذي أتى منه هذا أو ذاك، بل وأهم من انتمائه الإيديولوجي، المعطيات الأهم تتعلق بمصالح الدول وحسابات أمنها القومي، وهنا تكون المقارنات كلها لصالح أحمد الشرع وليست لصالح محمد مرسي،

أولا ـ الشرع صاحب مشروع لإنهاء نفوذ إيران في الشام كله، وقطع دابرها بصورة حاسمة، وهذا يخدم الأمن القومي للخليج العربي بكامله، وفي القلب منه المملكة، بينما مشروع الإخوان في مصر كان ودودا ـ أقولها تجملا! ـ مع النفوذ الإيراني في المنطقة، ومتسامحا معه، بل ومدافعا عنه، وهذا ما أفزع المملكة وعواصم خليجية، لأن إيران كانت قد مدت نفوذها فعليا في العراق وسوريا ـ حتى قبل دخول الحرس الثوري ـ ولبنان واليمن، فأن يصل نفوذها إلى عاصمة خامسة بحجم القاهرة، بحجم مصر وقدراتها، كان ذلك مفزعا للغاية، وأعتقد أنه كان حاسما في رفض الخليج ـ باستثناء قطر ـ لمشروع الإخوان وتجربة محمد مرسي.

ثانيا ـ أحمد الشرع يقود تنظيما صغيرا نسبيا، ومحدد ومحدود جغرافيا، محصور في سوريا، مشروعه كله في سوريا، وليس له أي امتدادات خارجها، كما أنه أعلن منذ اليوم الأول لدخوله دمشق أنه سيحل تنظيمه وبقية التنظيمات وينهي مشروع الثورة ويشرع في بناء دولة، وهذه رسالة شديدة الطمأنينة لدول الإقليم وخاصة في الخليج، على عكس تجربة مرسي، لأنها كانت محمولة على مشروع الإخوان، وهو مشروع أممي وله أبعاد تنظيمية دولية، وليس محصورا في مصر، بل إن نفوذه الشعبي له جذور وامتدادات في دول الخليج كافة، وهذا كان مخيفا في ظل فوران المجتمعات العربية في أجواء الربيع العربي، وبدأت تحركات تظهر في هذه العاصمة أو تلك رصدت بطبيعة الحال وسببت قلقا كبيرا على نظم الحكم هناك، خاصة وأنها كانت مستندة إلى قوة وحضور دولة بقدرات مصر السياسية والعسكرية والاستخباراتية لو استقر لهم الأمر، أضف لذلك أن الإخوان تمسكوا بالجماعة والتنظيم حتى وهم في السلطة، ورفضوا حلها، وراوغوا كثيرا في هذا الجانب، فهذا ـ أيضا ـ فارق كبير بين تجربة الشرع وتجربة مرسي.

أحمد الشرع يقود تنظيما صغيرا نسبيا، ومحدد ومحدود جغرافيا، محصور في سوريا، مشروعه كله في سوريا، وليس له أي امتدادات خارجها، كما أنه أعلن منذ اليوم الأول لدخوله دمشق أنه سيحل تنظيمه وبقية التنظيمات وينهي مشروع الثورة ويشرع في بناء دولة، وهذه رسالة شديدة الطمأنينة لدول الإقليم وخاصة في الخليج، على عكس تجربة مرسي، لأنها كانت محمولة على مشروع الإخوان، وهو مشروع أمميثالثا ـ الشرع فور دخوله دمشق بدأ في إرسال رسائل ذكية للغاية تجاه العواصم المختلفة، بأنه لا يعادي أحدا، وليس داعما لأي حراك ثوري أو غير ثوري في أي بلد آخر، وأن مشروعه هو إعادة بناء سوريا التي خربها النظام السابق، ومنعت سلطاته أي هجوم على أي بلد عربي آخر يصدر من داخل سوريا، رغم ما جره ذلك عليه من نقد، وهذه كانت رسائل تطمئن الجميع بأن مشروع الشرع ليس عدائيا، ولا يحمل أي خطط للتمدد أو الانتشار أو التأثير في نظم الحكم بالإقليم، بالمقابل لم ينتبه الإخوان لتلك الحساسيات، ولم يهتموا بتلك الرسائل الخطيرة، بل على العكس، صدرت من بعض قياداتهم تصريحات وتدخلات وبيانات أثارت فزع عواصم خليجية، لا داعي للاستفاضة في ذكرها وشرحها هنا، لكنها أعطت انطباعات مخيفة في تلك العواصم، أن النظام الجديد سيكون شديد التحرش بها والتدخل في شؤنها، وسيعمل على مناصرة أفرع الجماعة في تلك البلاد بما يهدد نظم الحكم فيها.

أيضا، كان هناك خطأ تاريخي وقع فيه الإخوان، أضر بهم كما أضر بكل الشعوب التي حلمت بغد أفضل مع الربيع العربي، إذ أنه فور ظهور بوادر انتصار الثورات، وانكسار النظم القمعية السابقة، تصدر الإخوان المشهد، بقدراتهم التنظيمية والمالية، مما أعطى انطباعا للآخرين، بأن الربيع العربي أصبح حصانا لجماعة الإخوان، وعندما بدأ ترتيب أحوال الحكم ومؤسساته في دول الربيع العربي بعد انتصار ثوراتها، قفز الإخوان في صدارة مشهد الحكم بل على رأس مؤسسات الحكم، في مصر وليبيا وتونس واليمن مما أعطى انطباعا بأنه تحول إلى "الربيع الإخواني"، وهو ما انعكس قلقا، بل فزعا، في عواصم عربية كثيرة من المحيط إلى الخليج، بدأ بعضهم يقدم بعض التنازلات للمعارضة ـ خاصة الإسلامية ـ لاحتواء التطورات الجديدة، مثل المغرب، والبعض الآخر بدأ يخطط لإنهاء هذا المشروع برمته كما هو الحال في الخليج، وقد كانت الحكمة والبصيرة السياسية تقتضي أن يبتعد الإخوان عن صدارة المشهد في المرحلة الانتقالية، حفاظا على الوليد الجديد وهو ما زال في المهد طري العود، وتفاديا لنشر الخوف والفزع في دوائر قوى إقليمية ودولية تملك إمكانيات وقدرات أكبر من قدرتك على مواجهتها.

سهل أن نطرح التفسيرات أحادية الرؤية، وربما السطحية، لإراحة النفس وتبرئتها من أخطائها في التقدير والإدارة السليمة للفرص التاريخية، ولكن هذا لا يفيد كثيرا، بل لا يفيد أبدا لمن أراد أن يحقق إصلاحا سياسيا أو اجتماعيا، وطرح المسألة على أن السعودية كان لها موقف من التيار الإسلامي ثبت ـ بالتجربة السورية ـ أنه غير صحيح، كما ثبت أيضا من قراءة الخريطة السياسية الحالية للمنطقة أنه وهم، فالسعودية تدعم الإخوان في اليمن، وتدعم الإخوان في السودان، فالقضية ليست حسابات أيديولوجية، وإنما حسابات تتعلق بمصالح الدول وحسابات أمنها القومي، فإذا تقاطعت أنت مع تلك المصالح والحسابات فأنت صديق، وإذا تناقضت معها فأنت عدو، أيا كان انتماؤك الأيديولوجي.

الحياة تجارب، والتاريخ دروس وعبر، والمهم أن نفيد من تلك التجارب، ونذاكر تلك الدروس، للاستنارة بها في خطواتنا نحو المستقبل، ونعترف بالأخطاء التي وقعنا فيها لكي نحسن تفاديها فيما يستجد من فرص، خاصة وأن تلك التجارب، وهذه الدروس، دفع الآلاف فيها أثمانا فادحة، من أعمارهم ومن مصائرهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير سوريا السعودية سوريا السعودية زيارة رأي احمد الشرع أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مشروع الإخوان الربیع العربی فی المنطقة الإخوان فی أحمد الشرع محمد مرسی فی سوریا فی مصر

إقرأ أيضاً:

الشرع: سوريا الآن في مكانها الطبيعي بين العرب

أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن بلاده موجودة في "مكانها الطبيعي الآن" بين العرب، وشدد على أنه لن يفصح عن ردها على الاعتداءات الإسرائيلية.

 

وقال الشرع، في تصريحات على هامش القمة العربية الطارئة الخاصة بفلسطين في القاهرة مساء الثلاثاء: "علاقتنا مع العرب بشكل عام بنيت قبل القمة العربية".

 

وأضاف: "كثير من القادة العرب زاروا دمشق، وأنا قمت ببعض الزيارات للدول العربية، كما زار وزير الخارجية عددا من الدول".

 

وتابع أن "سوريا في مكانها الطبيعي الآن، ولا أقول إنها عادت إلى الحضن العربي، فهي جزء من الحضن العربي وبالأخص مصر".

 

واستطرد: "وكما يقال إن مصر والشام جناحان لطائر واحد، وهذه هي الحالة الطبيعية عبر كل فترات التاريخ".

 

وواجه رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد (2000-2024) انتقادات عربية حادة؛ جراء تحالفه مع إيران.

 

وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 بسطت فصائل سورية سيطرتها عل العاصمة دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من حكم حزب البعث الدموي و53 سنة من سيطرة أسرة الأسد.

 

وبشأن الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، قال الشرع إن "العدوان الإسرائيلي هو استغلال لمرحلة انهيار النظام، وأجرى تقدما بحجج أمنية، لكن النوايا التوسعية ظاهرة في هذا الأمر، بماذا سنرد؟ هذا الذي ينبغي ألا نقوله الآن".

 

ومنذ عام 1967 تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت أحداث الإطاحة ببشار الأسد ووسعت رقعة احتلالها بما في ذلك المنطقة السورية العازلة، ودمرت آليات ومعدات وذخائر للجيش السوري عبر مئات الغارات الجوية.

 

وتعد قمة القاهرة أول قمة عربية يشارك فيها الشرع منذ أن تم تعيينه رئيسا لسوريا خلال المرحلة الانتقالية في يناير/ كانون الثاني الماضي.

 

واعتمدت القمة خطة لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين منه، تستمر خمس سنوات وتتكلف 53 مليار دولار، وفق الخطة الذي حصلت الأناضول على نسخة منها وهي مكونة من 91 صفحة.

 

ومنذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، يروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمخطط تهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.

 

وارتكبت إسرائيل بدعم أمريكي، بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير/ كانون الثاني 2025، إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، وسط دمار هائل.

 

ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.


مقالات مشابهة

  • لماذا يصر السيسي على التنكيل بعائلة مرسي؟
  • لماذا تباينت علاقة موسكو وطهران مع سوريا الجديدة؟
  • الشرع: سوريا الآن في مكانها الطبيعي بين العرب
  • الشرع: سوريا جزء من الحضن العربي وخاصة مصر
  • لماذا غاب ملك السعودية وولي العهد عن القمة العربية؟
  • إعلان دستوري في سوريا.. لماذا وكيف؟
  • الشرع: عودة سوريا إلى البيت العربي لحظة تاريخية
  • الرئيس الشرع: سوريا كانت من أوائل الدول الداعمة للحقوق العربية
  • الرئيس الشرع: كانت سوريا ومازالت جزءاً من هذا البيت العربي الكبير وعودتها إلى جامعة الدول العربية لحظة تاريخية تعكس الرغبة بتعزيز التضامن العربي
  • الشرع يصل السعودية في أول زيارة رسمية