حذّرت صحيفة فايننشال تايمز من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أطلق شرارة ما قد يتحول إلى حرب تجارية مدمرة، مشيرةً إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها على المكسيك وكندا والصين ستؤدي إلى صدمة اقتصادية فورية، تهدد عقوداً من التكامل الاقتصادي الذي عزّز الازدهار في الولايات المتحدة والعالم.

الحرب التجارية هي عَرَض لقضية أكبر في أمريكا برئاسة ترامب

وأشارت الصحيفة إلىأن هذه التدابير تفتقر إلى أي مبرر اقتصادي، إذ تُستخدم كأداة للضغط السياسي الداخلي، بهدف انتزاع تنازلات من الجارين الأمريكيين، رغم أنهما قد لا يكونان قادرين على تقديمها.

واعتبرت الصحيفة أن المفارقة الكبرى تكمن في أن الولايات المتحدة نفسها ستكون من أبرز المتضررين من هذه السياسة، سواء على مستوى اقتصادها أو مكانتها الدولية.  

The absurdity of Donald Trump’s trade war https://t.co/PGNSP5Wrtm | opinion

— Financial Times (@FT) February 2, 2025 الاكتفاء بالتهديد كان كافياً

روّج ترامب لمبررات وهمية بشأن حبه للرسوم الجمركية، زاعماً أنها ستعيد القاعدة الصناعية الأمريكية، وتُعوِّض ضريبة الدخل، بل وتسدد ديون البلاد. وبرر قراراته الأخيرة بالحاجة إلى الحد من "التهديد الرئيسي المتمثل في المهاجرين غير الشرعيين والمخدرات القاتلة"، بما في ذلك الفنتانيل.

وأشارت الصحيفة إلى أن مجرد تهديد ترامب بفرض العقوبات دفع كندا والمكسيك إلى اتخاذ تدابير لتعزيز حدودهما، وهو ما كان سيستمر حتى لو لم يُقدم على تنفيذ قراراته. وأكدت أن قدرة الدولتين على تلبية مطالبه تبقى محدودة، لا سيما كندا، التي تسهم بجزء ضئيل فقط من الهجرة غير النظامية وتدفق الفنتانيل مقارنة بالمكسيك.

هل تمنعه السلطتان التشريعية والقضائية؟

طرحت الصحيفة تساؤلات بشأن شرعية الخطوة التي اتخذها ترامب، مشيرةً إلى أنه استند إلى قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية، الذي يُمنح للرئيس لمواجهة تهديدات غير عادية تتعلق بالاقتصاد أو الأمن. غير أن هذا القانون لم يُستخدم من قبل لفرض تعريفات جمركية، ما يثير الشكوك حول قانونية القرار، ويضع مسؤولية إيقافه على عاتق الكونغرس والمحاكم.

وحذّرت الصحيفة من أنه في حال عدم تحرك السلطتين التشريعية والقضائية، فسيكون الضرر هائلًا، إذ ستؤدي الرسوم الجمركية إلى تفاقم التضخم الأمريكي المرتفع وإبطاء النمو الاقتصادي. كما أن الردود الانتقامية المتوقعة من الدول المتضررة ستضاعف التأثيرات السلبية، في وقت يراهن فيه ترامب على أن الضرر الذي ستلحقه هذه الإجراءات بكندا والمكسيك، نظرًا لاعتمادهما الكبير على التجارة، سيدفعهما إلى تقديم تنازلات.

لكن الصحيفة شددت على أن الأمر لا يتعلق فقط بالاقتصاد، بل يمس سيادة الدولتين، إذ إن ترامب لا يهدد مصالحهما التجارية فحسب، بل يستفزّ أيضًا كرامتهما الوطنية. وأضافت أن تفكيك سلاسل التوريد والتجارة الحرة في أمريكا الشمالية، التي استغرقت عقودًا لبنائها، سيُحدث ضررًا جسيمًا بالمستهلكين والشركات الأمريكية، خصوصًا في قطاعات تكرير النفط، وصناعة السيارات، والأدوية، والزراعة.

ماذا عن الصين؟

أشارت الصحيفة إلى أن تحركات ترامب تجاه الصين تبدو أقل دراماتيكية حاليًا، لكنها قد تكون مقدمة لإجراءات أكثر شمولًا في المستقبل. فالدول الثلاث المستهدفة تشكل مجتمعة ما يقرب من نصف إجمالي واردات الولايات المتحدة، ما يجعل التداعيات المحتملة على الاقتصاد الأمريكي باهظة، إذ يُقدَّر أن الرسوم الإضافية ستكلف نحو 100 مليار دولار.

ضرر دبلوماسي وثقة مهزوزة

لم تقتصر تحذيرات فايننشال تايمز على الجانب الاقتصادي، بل تطرقت أيضًا إلى الضرر الذي لحق بالقوة الدبلوماسية الأمريكية. فالمكسيك وكندا راهنتا لعقود على التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، وصولًا إلى توقيع اتفاقية نافتا عام 1994، التي جلبت فوائد اقتصادية كبيرة، خصوصاً لكندا. وفي ولايته الأولى، أجبر ترامب الدولتين على إعادة التفاوض على الاتفاق، ليتم التوصل إلى اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA). غير أن قراره الأخير بتجاهل الاتفاق المنقح يبعث برسالة واضحة مفادها: لا يمكن الوثوق بكلمة أمريكا.

ترامب وسياسة الإكراه الاقتصادي: ضغوط على الحلفاء والخصوم - موقع 24منذ عودته إلى البيت الأبيض، تبنّى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهجاً قائماً على القوة بدلاً من المساومة لتحقيق أهداف سياسته الخارجية.

 

 

وفي هذا السياق، طرحت وزيرة المالية الكندية السابقة، كريستيا فريلاند، التي تسعى لخلافة جاستن ترودو في منصب رئاسة الوزراء، فكرة فرض تعريفات جمركية انتقامية تستهدف قطاعات حيوية تدعم ترامب، مثل صناعة السيارات، بما في ذلك تيسلا المملوكة لإيلون ماسك.

أزمة أعمق من مجرد حرب تجارية

خلصت الصحيفة إلى أن الحرب التجارية ليست سوى عرض لمشكلة أعمق داخل أمريكا في ظل رئاسة ترامب، إذ ينفرد الرئيس باتخاذ القرارات، ويختار القضايا التي يريد التركيز عليها، ويضخمها، ثم يفرض حلولًا قسرية تتسم بالخشونة.

وكما هو الحال في قراراته المتعلقة بتجميد المنح وطرد العمال الفيدراليين، تبدو أدواته غير مدروسة، ما يهدد بتفاقم الفوضى، لتكون الحرب التجارية مجرد بداية لأزمة أوسع نطاقًا.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الولايات المتحدة عودة ترامب الولايات المتحدة الولایات المتحدة الصحیفة إلى إلى أن

إقرأ أيضاً:

التكيلا في ورطة.. كيف تهدد الرسوم الأمريكية صناعة المشروبات المكسيكية؟

فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية جديدة بنسبة 25% على واردات المكسيك، مما أثار قلق منتجي التكيلا الذين يعتمدون بشكل كبير على السوق الأمريكي. وتشمل هذه الإجراءات أيضًا تعريفات بنسبة 10% على منتجات الطاقة الكندية، في خطوة أشعلت مخاوف من تصاعد التوترات التجارية في المنطقة.

اعلان

وتشير التوقعات إلى أن هذه الرسوم ستؤدي إلى زيادة أسعار التكيلا، مما سيضعها في موقف تنافسي صعب أمام المشروبات الفاخرة الأخرى مثل الويسكي والكونياك، التي لا تخضع لهذه الرسوم. ويؤكد دييغو ميلان، مالك علامة تجارية للتكيلا، أن هذا سيؤثر بشكل كبير على مبيعات المنتج في الأسواق، حيث أن الولايات المتحدة تستورد 85% من صادرات التكيلا المكسيكية.

ولا يقتصر التأثير على الشركات المنتجة فقط، بل يمتد ليشمل المزارعين الذين يزودون مصانع التكيلا بنبات الأغاف. وفي هذا السياق، أعرب إفراين فيلاسكويز، أحد مزارعي الأغاف، عن نيته البحث عن أسواق بديلة مثل ألمانيا، حيث يمكنه تحقيق هامش ربح أفضل بعيدًا عن تأثير التعريفات الجديدة. كما حذّر من أن ارتفاع الأسعار سيحدّ من قدرة صغار المزارعين على التوسع والاستمرار في السوق.

الرسوم الجمركية تثير المخاوف من انخفاض الاستهلاك في الولايات المتحدة الأميركية

وفي محاولة للتكيف مع هذه التحديات، تسعى شركات التكيلا إلى إيجاد حلول بديلة، مثل التركيز على التسويق في ولايات أمريكية جديدة، أو حتى إعادة هيكلة أعمالها. ومع ذلك، قد تضطر بعض الشركات إلى تقليص عدد موظفيها في الولايات المتحدة لتخفيف الخسائر الناجمة عن انخفاض المبيعات، وهو ما أشار إليه ميلان كأحد الخيارات المطروحة.

وفي ظل هذه التداعيات، أصدرت غرفة التكيلا المكسيكية، بالتعاون مع جمعيات المشروبات الروحية في كل من الولايات المتحدة وكندا، بيانًا مشتركًا أعربت فيه عن قلقها من أن تؤدي هذه الرسوم إلى إلحاق ضرر كبير بصناعة المشروبات في الدول الثلاث، داعيةً إلى إيجاد حلول بديلة لمنع اندلاع حرب تجارية قد تؤثر على جميع الأطراف.

Relatedالتعريفات الجمركية الأمريكية تهدد مستقبل الأزياء السريعة.. ولكن هل ستفيد البيئة؟ تحذيرات دولية من تبعات الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على واردات الصلبكيف تؤثر الرسوم الجمركية الأمريكية على منتجي زيت الزيتون في إسبانيا؟

وفي هذا السياق، يرى الخبراء أن هذه الأزمة قد تدفع المنتجين المكسيكيين إلى تنويع أسواقهم والبحث عن فرص جديدة، حيث يشير أنتونيو رويز، أستاذ الاقتصاد بجامعة غوادالاخارا، إلى أن الصين، التي رفعت الحواجز التجارية عن التكيلا في عام 2019، تمثل سوقًا واعدة يمكن أن توفر بديلًا مهمًا أمام المنتجين المكسيكيين.

وتبقى المخاوف قائمة من أن تؤدي هذه التعريفات إلى زيادة التضخم وإشعال حرب تجارية أوسع، خاصة مع إعلان كندا عن إجراءات انتقامية، في حين لم تكشف المكسيك بعد عن ردها الرسمي. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتنويع الشراكات التجارية، يؤكد المحللون أن الاعتماد الكبير للمكسيك على السوق الأمريكي يجعلها أكثر عرضة لتداعيات مثل هذه القرارات.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ثورة السهرات الصاخبة: متعة بلا كحول في قلب لندن تركيا ومعضلة الكحول المغشوش.. 133 حالة وفاة منذ بداية 2025 فما الأسباب؟ دراسة: خفض استهلاك التبغ والكحول قد يمنع 3 ملايين إصابة بالسرطان بحلول 2050 كحولضرائبالولايات المتحدة الأمريكيةدونالد ترامبالرسوم الجمركيةالمكسيكاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext هل يعلن ترامب عن توقيع صفقة المعادن مع أوكرانيا في خطابه أمام الكونغرس؟ يعرض الآنNext وسط تصاعد اهتمام ترامب بمعادن أوكرانيا النادرة.. لوكاشينكو يدعو لتكثيف التنقيب في بيلاروس يعرض الآنNext ترودو ينتقد رسوم ترامب الجمركية على كندا ويصفها بـ"الخطوة الغبية" يعرض الآنNext حمدوك يطلق مبادرة جديدة لإنهاء الحرب في السودان تحت عنوان "نداء سلام السودان" يعرض الآنNext هل تستطيع أوروبا أن تدعم أوكرانيا بمفردها؟ اعلانالاكثر قراءة بأمر تنفيذي من ترامب.. واشنطن تصنف الحوثيين "جماعة إرهابية" إما التعري أو المغادرة.. ألمانيا قد تحظر ملابس السباحة في الشواطئ المخصصة للعراة كرنفال كولونيا الألمانية.. ألوان وورود وسخرية لاذعة من ترامب وبوتين وساسة آخرين قمة عربية طارئة لتقديم مقترح بديل عن خطة ترامب بشان غزة وحضور لافت لأحمد الشرع مخيمات النازحين في غزة تزداد اتساعًا.. دمارٌ وركامٌ وانتظارٌ لمصير مجهول اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات التشريعية الألمانية 2025دونالد ترامبفولوديمير زيلينسكيقطاع غزةالقاهرةالصينبدون تعليقغزةسوق المعادنجو بايدنجامعة الدول العربيةواشنطنالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • وزير التجارة الصيني: الحرب التجارية الأمريكية تحدث اضطرابا في الاقتصاد العالمي
  • عاجل | فايننشال تايمز عن فيدان: تركيا تريد أن تكون جزءا من أي بنية أمنية أوروبية جديدة إذا انهار حلف شمال الأطلسي
  • «فاينانشال تايمز»: الولايات المتحدة تجمد قنوات الاستخبارات مع أوكرانيا
  • فايننشال تايمز: لهذا تقدم 6100 أميركي بطلب الجنسية البريطانية في 2024
  • التكيلا في ورطة.. كيف تهدد الرسوم الأمريكية صناعة المشروبات المكسيكية؟
  • الحرب التجارية اشتعلت.. وإطفاؤها يبدو صعباً!
  • تحذير كندي: الرسوم الأمريكية غير المبررة تهدد بفقدان وظائف وارتفاع أسعار في الولايات المتحدة
  • بعد رد الصين وكندا بفرض رسوم جمركية على السلع الأمريكية.. ما تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي؟
  • شقيقة كيم تهدد بالرد على حاملة الطائرات الأمريكية
  • بعد رد الصين وكندا| تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي.. ماذا يحدث؟