غايا تسلم جوائز مسابقاتها الإبداعية وتكرم نجوم الفكر والفن بالأوبرا
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
سلمت مؤسسة غايا للإبداع، جوائز مسابقاتها الإبتكارية فى دورتها الأولى، كما كرمت عدد من نجوم الفكر والفن وذلك على مسرح الأوبرا الصغير، وذلك تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة.
وفى كلمته التى تضمنتها مطبوعات الحفل، قال الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة: "في عالمٍ يتسارع فيه التغيير وتتزايد فيه التحديات، يبقى الإبداع هو النور الذي يضيء الطريق نحو مستقبلٍ مشرق ويأتي تكريم المبدعين من الشباب وتبنيهم كضرورة مجتمعية، تتكاتف فيها وتتضافر جهود جميع الجهات الرسمية وغير الرسمية.
واليوم، تأتي المسابقة التي تنظمها مؤسسة (غايا) تكريمًا للمبدعين الشباب الذين يخطون خطواتهم الأولى في عالمٍ رحب من الإبداع، أو الذين أضاءوا الساحة الثقافية والفنية في مصر بإبداعاتهم، إنها تجسد روح العمل المشترك بين الدولة، المجتمع المدني، والقطاع الخاص من أجل تحقيق هدف سامٍ يتمثل في دعم شباب المبدعين وتشجيعهم على إطلاق طاقاتهم الخلاقة.
ومن هنا، نؤمن أن الاستثمار في الإبداع الثقافي والفني هو استثمار مباشر في مستقبل مصر النابض بالأفكار الجديدة. كما يعبر عن التنوع والتميز الذي يميز شعبنا. فطالما كانت الثقافة في قلب عملية التنمية والنهضة؛ فهي القوة الناعمة التي تعزز هوية المجتمع وتدفعه نحو مستقبلٍ أفضل.
إن وزارة الثقافة تفتح الباب على مصراعيه لجميع الجهات الداعمة لبناء الإنسان، وتسعى دائمًا إلى توفير بيئة محفزة للإبداع. وتؤكد أن هذه الشراكات هي دليل واضح على أن التكاتف بين الجهات المختلفة يمكن أن يحقق نتائج باهرة، ويمنح شبابنا فرصًا حقيقية للتعبير عن أنفسهم وإبراز مواهبهم ، نحن نؤمن بأن كل شاب لديه القدرة على أن يكون مبدعًا، وأن كل فكرة جديدة يمكن أن تكون بداية لشيءٍ عظيم.
وفي هذه المناسبة، أود أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لمؤسسة (غايا) على جهودها المتميزة، ولكل من ساهم في تنظيم هذا الحدث الذي يحمل في طياته رسالة أمل وإصرار. كما أهنئ جميع المكرمين؛ فهم ليسوا فقط مصدر إلهام لنا، بل أيضًا نموذج يُحتذى به للأجيال القادمة. إن قصص نجاحهم تذكرنا بأن الإبداع يحتاج إلى الشجاعة والمثابرة، وأن كل إنجاز يبدأ بفكرة.
أدعو الجميع إلى مواصلة هذا النهج الداعم للإبداع، والعمل معًا على ترسيخ ثقافة الابتكار التي تليق بمكانة مصر التاريخية والحضارية. فالإبداع هو الأساس الذي نبني عليه أحلامنا، والمبدعون هم الركيزة التي تدفعنا إلى الأمام. علينا أن نكون جميعًا جزءًا من هذه المنظومة الداعمة لنخلق معًا بيئة خصبة للإبداع والابتكار".
كما وجه مراد ماهر رئيس مجلس إدارة مؤسسة غايا للابداع الشكر للدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة على رعاية الحفل ولجميع الحضور من الفنانين والمبدعين الذين باتوا جزء أصيل من كيانها سواء بأعمالهم أو بقدرتهم على صناعة الإبداع.
وأضاف أن مؤسسة غايا تستكمل الطريق المعلن منذ شهور قليلة، ملتزمة بأهدافها ومؤمنة بالحلم الذى ولدت من اجله، وأكد أن مصر تمتلك عباقرة يحملون فكرا وطنيا يسعون لزيادة الوعي وحماية العقول وتاكيد الانتماء.
وأشار إلى أن الهدف الرئيسي لمؤسسة غايا، هو نشر الوعي والذى يعد حائط الصد الأول ضد محاولات النيل من مقدرات الوطن وتاريخه ومستقبله.
وتابع أن الإبداع نور للعقل ونافذة هامة على مستقبل الأجيال الجديدة باعتبارها وقود لاستقرار وحماية الوطن، وأعلن الفخر بنجاح الدورة الأولى من مسابقات غايا للإبداع والذى تؤكده إعداد المبدعين والأعمال التى تقدمت للمنافسة على الجوائز مما يعكس المصداقية المكتسبة للمؤسسة في وقت قصير.
ونوه بأن تطوير آليات الانتقاء والوكالة والرعاية الإبداعية جزء أصيل من أهداف في غايا إلى جانب المساهمة في تطوير الحراك الإبداعي المصري ومواكبة التقنيات الحديثة في التعامل مع تصدير وتسويق الإبداع بكل أشكاله فهى تجربة استثنائية وشديدة الخصوصية قام بها مجموعة من العقول المبدعة والمخلصة واهبون وقتهم وأفكارهم وأحلامهم لخلق كيان إبداعي يلعب دورا ملموسا وغير مسبوق بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والكيانات الخاصة على ارض مصر في تغيير الواقع الثقافي والإبداعي للأفضل.
واحتفاء بالعمالقة من رموز الإبداع كرمت غايا مجموعة من الفن والادب هم اسم المفكر محمود امين العالم وتسلمتها ابنته شهرت، اسم الاديب يحيى الطاهر عبد الله وتسلمتها ابنته اسماء، اسم الروائى والمؤلف اسامة انور عكاشة، اسم الفنان ابو بكر عزت، أسرة أبو عوف، وتسلمتها الدكتورة ميرفت أبو عوف، الكاتب والسيناريست عبد الرحيم كمال، المخرج والمصمم وليد عونى، الفنان أحمد أمين - الفنانة حنان مطاوع وتسلمه عنهما عبد الرحيم كمال، الفنانة ليلى عز العرب.
وتم تكريم كل من عايدة أبو سالم وفاطمة أبو عيشة كنماذج للمرأة المصرية الوطنية التى تعمل على اعداد اجيال مثقفة وواعية .
وكانت الدورة الأولى من المسابقة شملت ثلاثة مجالات رئيسية هي القصة القصيرة وتقدم لها 585 عمل من مختلف الدول العربية وحملت اسم الكاتب الكبير يحيى حقي، وجائزة التصوير الفوتوغرافي باسم الفنان الكبير محمد بكر وتنافس على جائزتها 104 مصور تقدموا ب 480 صورة ، وجائزة صناعة المحتوى والتى تجملت باسم الكاتب الكبير إبراهيم أصلان وتقدم لها 21 متسابق ، وقد خضعت الأعمال المقدمة لمراجعة دقيقة من قبل لجان تحكيم متخصصة في كل مجال لاختيار أفضل مستويات الابتكار وجاءت نتائجها كالتالى:
التصوير الفوتوغرافي : فاز بالمركز الأول أميرة عادل وقيمته المالية 25000 الف جنيه ، وحصل على المركز الثاني محمد عهدي شحاتة وقيمته المالية 15000 جنيه ونال المركز الثالث علي محسن علي وقيمته المالية 10000 جنيه .
صناعة المحتوى: فاز بالمركز الأول مي مجدي وقيمته المالية 25000 الف جنيه، وحصل على المركز الثاني أحمد رحيمة وقيمته المالية 15000 جنيه، ونال المركز الثالث ميرفت أمين وقيمته المالية 10000 جنيه.
وفاز بالجائزة الكبرى للقصة القصيرة نيرمين الشرقاوى وقيمتها المالية 100 الف.
كما يحصل الفائزون على عقد نشر ووكالة أدبية إلى جانب اشتراك مجانى فى تطبيق أبجد لمدة 3 أعوام للفائزين بالمراكز الأولى وعامين للفائزين بالمراكز الثانية وعام واحد للفائزين بالمراكز الثالثة.
وكان الحفل قد بدأ باوبريت بعنوان أصل الحكاية كلمات محمد مناع، ألحان محمد آدم توزيع، رفيق يوسف، مهندس الصوت محمد السيد، اداء محمود شبل، هاجر هاني، إسراء الخطيب، تلاه فيلما تسجيليا بعنوان مصر تتنفس ابداعا وتضمن مجموعة من المشاهد التى تصور الريادة الحضارية للوطن.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو مؤسسة غايا للإبداع مسرح الأوبرا الصغير المزيد
إقرأ أيضاً:
ما الواجب المباشر تجاه الفكر الحر في ظل استمرار السردية التكفيرية؟ «2- 13»
ما الواجب المباشر تجاه الفكر الحر في ظل استمرار السردية التكفيرية؟
قراءة في كتاب (عبد الله الفكي البشير، محمود محمد طه: من أجل فهم جديد للإسلام)، دار محمد علي للنشر، صفاقس، تونس/ ومؤسسة الانتشار العربي، بيروت، لبنان، 2024
(2- 13)
إهداء المؤلف لكتابه:“إلى شعوب السودان والإسلام والإنسانية جمعاء، وهي تتوق إلى التحرير والتغيير، فإني أهديكم هذا الكتاب، مستدعياً مقولة المفكر التونسي الدكتور يوسف الصديق: (محمود محمد طه هو المنقذ)”.
بقلم سمية أمين صديق
أشرت في الحلقة السابقة إلى أن فكرةهذا الكتاب: (محمود محمد طه: نحو فهم جديد للإسلام) تقوم على سعي مؤلفه الدكتور عبدالله الفكي البشير للإجابة عن أسئلة عديدة ومتنوعة، تم طرحها عليه على مدى عقد من الزمان. وأوضح المؤلف بأنه واجه تلك الأسئلة في مؤتمرات ومحاضرات كانت في دول عديدة، منها: تونس، والجزائر، والمغرب، ومصر، وقطر، والأردن، والعراق، ولبنان، والسودان، وعبر مشاركات إسفيرية في ألمانيا وأستراليا، والسويد، وغيرها. جاءت الأسئلة منمتخصصين من الأساتذة والأستاذات، ومن باحثين وباحثات وطلاب وطالبات، وكلها تمحورت حول فكر المفكر محمود محمد طه وسيرته الفكرية. وبهذا فإننا أمام كتاب تفاعلي ذو طبيعة كوكبية، يقول عبد الله:إن كتابه أتى نتيجة للتفاعل مع الباحثين والباحثات والطلاب والطالبات القراء والقارئات. وأن فكرته تبلورت وتعتَّقت عبر رحلة تساؤلات امتدت لنحو عقد من الزمان(2013-2023). وجاءت التساؤلات في منابر حوارية متعددة، وفي بلدن مختلفة”. كتب عبد الله عن أول سؤال واجهه، قائلاً: أول سؤال تلقيته هو: ما الجديد الذي أتى به محمود محمد طه في الفكر الإسلامي؟ وتبعه سؤال ثاني: ما الذي يميز محمود محمد طه عن المفكرين في العالم؟ وسؤال ثالث: ما هي أهم مرتكزات المشروع الفكري لمحمود محمد طه؟ وسؤال رابع: ما هو الفكر الجمهوري وماهي طبيعته؟ وسؤال خامس: كيف بدأ محمود محمد طه؟ وتكررت هذه الأسئلة في العديد من الفعاليات والبلدان. وهناك سؤال ظل حاضراً في بعض المنابر السودانية بصورة خاصة، وقليل من المنابر الأخرى، وهو: هل رفعت الصلاة والتكاليف الدينية عن محمود محمد طه؟ ومما تجدر الإشارة إليه أنه ومن خلال قراءة الكتاب، يمكن ملاحظة أن الأسئلة المطروحة في السودان تختلف في طبيعتها، عن تلك الأسئلة التي طُرحت في تونس أو الجزائر أو العراق وغيرها من البلدان، وهذا يعكس معاني كثيرة، ولكن لا يسع المجال للخوض فيها.
قبل الدخول في قراءة الفصول ومحاورها، وددت الوقوف بإيجاز عند أربعة مواضيع ورد الحديث عنها في الكتاب، لفتت نظري، وفي تقديري، أنها تستحق تسليط الضوء عليها. وأتناولها حسب الترتيب الذي جاءت به في الكتاب. الموضوع الأول: إهداء الكتاب وعبارة المفكر الدكتور يوسف الصديق. والموضوع الثاني: تاريخ شعار محمود محمد طه: “الحرية لنا ولسوانا”. والموضوع الثالث هو حديث المؤلف عن علاقته بالأستاذ عصام عبد الرحمن البوشي، مدير جامعة ود مدني الأهلية، وهو من كبار الإخوان الجمهوريين، وعن رحلته معه في تأليف هذا الكتاب وكتبه الأخرى، والموضوع الرابع، هو حديث المؤلف عن الفنان السوداني تاج السر حسن سيد أحمد، في هذا الكتاب، وفي كل كتبه.
يوسف الصديق إهداء الكتاب ومقولة المفكر التونسي يوسف الصديقأهدى المؤلف كتابه، كما ورد نص الإهداء أعلاه، إلى شعوب السودان والإسلام والإنسانية جمعاء، مستدعياً مقولة المفكر التونسي الدكتور يُوسُف الصديق: “محمود محمد طه هو المُنقذ”. وفي تقديري تأتي أهمية عبارة الدكتور يُوسُف الصديق، والتي استدعاها المؤلف من أنها تمثل رؤية ثاقبة، وعبارة مدهشة، تستوجب الوقوف عندها والتفكير فيها ملياً، فهي دعوة لنا جميعاً لنعيد النظر في التعاطي مع طرح الأستاذ محمود محمد طه (الفهم الجديد للإسلام). بل وتدعونا إلى ضرورة تبني اتجاه جديد نحوه، مبني علي العلم والأخلاق، والمسؤولية الفردية حتى نتحرر من هيمنة رجال الدين ووصايتهم. حتى ندرك ما عناه ورمى إليه الدكتور يوسف الصديقفي عبارته: “محمود محمد طه هو المنقذ”. والأهمية الخاصة لهذه العبارة أنها صدرت عن مفكر كبير وأستاذ جامعي ظل مشغولاً بالفكر الإسلامي على مدى أكثر من نصف قرن. لقد أورد المؤلف تعريفاً بالدكتور يوسف الصديق. فهو مفكر تونسي ولد عام 1943. درَس الفلسفة ودرّسها بجامعة السوربون الباريسية، وفي تونس. تتلمذ في المدرسة الصادقية وبمكتبة والده الشيخ الحفناوي الصديق. حفظ القرآن صبيا والأحاديث الشريفة والشعر العربي الكلاسيكي. أنجز ترجمات عديدة إلى اللغة الفرنسية شملت الأحاديث النبوية ونهج البلاغة وموطأ الإمام مالك ورسائل ابن سينا، إضافة إلى ترجمة ذات صبغة فكرية لمعاني القرآن. من مؤلّفاته: هل قرأنا القرآن؟ أم على قلوب أقفالها؛ الآخر والآخرون في القرآن.
الحرية لنا ولسوانا “الحرية لنا و لسوانا”: شعار محمود محمد طه منذ منتصف القرن العشرينفكرة الكتابة عن تاريخ شعار الأستاذ محمود محمد طه والتوثيق له، فكرة رائعة، وجديرة بالاحتفاء وتسليط الضوء عليها. كتب المؤلف، قائلاً: كان أول ظهور لهذا الشعار ” الحرية لنا ولسوانا” في دستور الحزب الجمهوري الذي أعلنه محمود محمد طه، رئيس الحزب في اجتماع عام، عقد مساء الجمعة 30 نوفمبر 1951. ثم ظهر الشعار في كتاب محمود محمد طه، قل هذه سبيلي:الاقتصاد-الاجتماع-التعليم-المرأة، الذي صدر في مايو 952 . فجاء الشعار ضمن دستور الحزب الجمهوري الذي تضمنه الكتاب بعد الإهداء مباشرة. بعد ذلك أصبح الشعار يظهر في منشورات الحزب الجمهوري ومطبوعاته، وكذلك في الأوراق الرسمية للحزب الجمهوري- الورق المروس. ثم برز الشعار في صدر صحيفة الجمهورية التي أصدرها الحزب الجمهوري، وترأس تحريرها محمود محمد طه، رئيس الحزب، وجاء عددها الأول في صباح يوم الجمعة 15 يناير 1954، ثم توقفت الصحيفة عن الصدور في نهاية مايو 1954. ظل الشعار يظهر في بيانات الحزب الجمهوري، كما ظهر ضمن دستوره لعام 1968. ثم برز الشعار في صدر مجلة الجمهورية، وهي مجلة داخلية شهرية، أصدر الحزب الجمهوري، العدد الأول منها يوم الخميس 17 أبريل 1969، وجاء في صدر العدد أن الجمهورية، مجلة الحزب الجمهوري الداخلية، تصدر شهرية، شعارها “الحرية لنا ولسوانا” رئيس التحرير سعيد الطيب شايب، وسكرتير التحرير عوض الكريم موسي. وأوضح عبد الله، بأن مجلة الجمهورية هي غير صحيفة الجمهورية. وأضاف عبدالله، قائلاً: بقى هذا الشعار مرفوعاً و مرسوماً باسم محمود محمد طه وتلاميذه وتلميذاته “الإخوان والأخوات الجمهوريات” في سيرتهم الفكرية ومسيرتهم السياسية.
عصام البوشي عصام البوشي: مدرسة فكرية متفردةتوقفت كثيراً عند ما كتبه المؤلف في “الشكر و العرفان” عن علاقته بالأستاذ عصام عبدالرحمن البوشي. وهي، فيما يبدو، علاقة فكرية وعلمية وروحية خاصة. أعجبني الوصف الذي قدمه عبدالله عن تلك العلاقة، وعن طبيعة الحوار بينهما، وهو حوار متواصل على مدى نحو (18) عاماً، عبر جلسات عديدة وأحاديث هاتفية تمتد لساعات، إلى جانب المراسلات المكتوبة. وعلى الرغم من أن الأستاذ عصام، من كبار الجمهوريين، وهو الأستاذ الجامعي والمفكروالشاعر، وهو في مقام الأستاذ بالنسبة لعبدالله، إلا أنه، كما أوضح عبدالله، لم يكن يمارس أي أستاذية أو وصاية على عبدالله، بل كان الحوار بينهما، كما فصَّل عبدالله، يقوم على الديمقراطية، والحرية، ومبدأ المسؤولية الفردية، إلى جانب الإقناع بالعقل والحجة. سألت عبدالله عن علاقته بالأستاذ عصام البوشي، فقال لي: “عصام البوشي كان معي، ليس في هذا الكتاب، فحسب، وإنما في كل مؤلفاتي. كنت أهاتفه بشكل يومي، في الصباح وآناء الليل والنهار، دون تحري للوقت المناسب، وإنما حسب أحوال الكتابة عندي، فأجد منه وعنده الترحاب والأريحية والسعة”. وأضاف عبدالله، قائلاً: ومع كامل الأدب والاحترام فإن عصام البوشي مدرسة فكرية متفردة، عنوانها الديمقراطية والحرية، ولا تعرف الوصاية. كما أنني كُنت أمامه ومعه، حراً في أفكاري وعملي، وحريصاً على تجسيد الفردية في المسئولية والمواجهة والاحترام”.وهذا ما عبر عنه عبدالله في “الشكر والعرفان”. وقدرأيتُ هنا أن أثبت ما كتبه عبدالله وخصّ به الأستاذ عصام عبد الرحمن البوشي. أنقل الكلمات كما هي ، فهي غنية بالقِيَم، وتتحدث عن نفسها، كتب عبد الله، قائلاُ:
“أجدد شكري مع فائق تقديري و إكباري للأستاذ عصام عبد الرحمن البوشي، مدير جامعة ود مدني الأهلية، السودان. لقد ظل عصام، و هو من قيادي الإخوان الجمهوريين و كبار مفكريهم، على مدى نحو عقد ونصف من الزمان، ليس متابعاً لهذا الكتاب و لكل ما أقوم به من أعمال، سواء تأليف الكتب، أو إعداد الأوراق العلمية، أو المقالات الصحفية، أو تقديم المحاضرات، عن الفهم الجديد للإسلام، و السيرة الفكرية لصاحبه محمود محمد طه، فحسب، و إنما كان هو الموجه و المقَّيم و الناقد و الناصح. كنت طيلة هذه السنوات
الخمس عشرة في تواصل يومي معه، أراسله بالبريد الإلكتروني و “الواتساب”، و أهاتفه وقت ما أشاء و أحتاج، وتتكرر المهاتفات في اليوم، واتصل أحيانا إلى خمس مرات، وتبلغ المساحة الزمنية للمهاتفة في بعض الأحيان أكثر من الساعة و الساعتين. نحتفي سوياً بما أقف عليه من وثائق جديدة، و بما أرصده من المواقف و البيانات و المقالات غير المعروفة لمحمود محمد طه، و التي ظلت قابعة في دور الوثائق و الأرشيف القومي داخل السودان و خارجه. أطرح عليه ما يراودني من أفكار و خطط لمشاريع بحثية، فيتداولها معي بعلميه و ديمقراطية و حياد عقلي، لا مجال فيه للمجاملة، أو التحامل على الآخرين، أو الانسياق خلف مشاهد الآخرين، و إنما السماحة و التجسيد لقول محمود محمد طه : ” الناس يحدثوهم بسعة الرحمة الإلهية”.
كانت مداولاتنا عبارة عن منبر حواري حُر، لم أشعر معه بوصاية منه، كما كُنت حراً في أفكاري وعملي، و ساعياً لتجسيد الفردية في المسئولية و المواجهة، و لكن عليَّ إقناعه بالعقل و الحجة. كنا إذا ما وصلنا لمفترق طرق في أمر ما، وأصبحنا أمام خيارين، لا يصدر قراراً من عنده بأفضلية الخيار، وإنما يسألني: لأي الخيارين أنت تميل؟ فأجيب محدداً الخيار الذي أميل إليه، فيقول: خُذ به. كُنت حينما أهاتفه كأنه كان ينتظرني، وعندما نبدأ الحديث كأننا في حضرة اكتمال المحبة والثقة في محمود محد طه، وكلانا لا يجد راحته إلا في سيرته، و فكره، والإكثار من ذكره، و حينما أودعه، يختم قائلاً:”إذا ظهر لك شيء، اتصل مرة ثانية”.
تاج السر حسن الفنان تاج السر حسن: النموذج الإرشادي في الاحترام للمفكر محمود محمد طهأدهشني موقف الفنان تاج السر حسن سيد أحمد، وتعبيره العملي عما يكنه من احترام للأستاذ محمود محمد طه. الفنان تاج السر هو فنان سوداني وعالمي كبير، تربطه رحلة عمل خاصة بالمؤلف عبد الله، فهو الذي وضع خط غلاف هذا الكتاب، كما قام بوضع خطوط وتصاميم أغلفة جميع كتب الدكتور عبد الله الفكي البشير. وكان يرفض أن يأخذ مقابل نظير عمله، وهو فنان عالمي لديه ارتباطات واسعة، ولهذا ليس لديه وقت، كما أن أعماله عالية التكاليف، كما ذكر عبد الله، وعلى الرغم من ذلك كان تاج السر يفرّغ وقته لأغلفة كتب عبدالله. وقد عبَّر عبدالله عن كل ذلك، شاكراً لتاج السر، فكتب عبدالله، قائلاً:
“والشكر الخالص للفنان السوداني العالمي الأستاذ تاج السر حسنسيد أحمد، الذي قدم، من خلال رحلة عملي معه، نموذجاً إرشادياً نادر المثيل في الاحترام لمحمود محمد طه، والاحتفاء بفكره وسيرته. لقد وضع تاج السر خط وتصميم الغلاف لهذا الكتاب، ولكل كتبي عن محمود محمد طه ومشروع الفهم الجديد للإسلام، وقد صدرت خمس منها، وستصدر الكتبالأخرىتباعاً بإذن الله، وقد أنجز تاج السر تصميم أغلفتها. كان أول درس تلقيته من تاج السر في معاني الاحترام لمحمود محمد طه،في نهار 21 يوليو 2013، حينما قدمت نفسي لتاج السر وأبلغته بأنني أكتب في كتاب بعنوان: صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، وطلبت منه تصميم الغلاف، رحب فوراً بطلبي، فسألته عن التكلفة المالية، وأنا أعرف أنه فنان عالمي كبير، وتكاليف أعماله عالية، لما تنطوي عليه من إبداع ودقة وإتقان، فرد عليَّ بحسم، قائلاً: “العمل عن الأستاذ محمود محمد طه لا يُؤخذ فيه مقابل”، وأضاف، دون أن يمهلني في استكمال الاعجاب والتعبير عن الشكر، قائلاً: أرجو لا تُحرج معي في طلب أي عمل عندك عن الأستاذ محمود محمد طه.ومنذ ذلك الوقت، ظل تاج السر، وعلى الرغم من كثرة مسؤولياته، وتعدد التزاماته،وضيق وقته،يستجيب بمحبةوترحابلكل طلباتي. وكنت مع كل عمل جديد، أكتشف بأن احترامه واحتفاءه بمحمود محمد طه، ينبع من موقف المثقف الحر، الملتزم بالواجب الثقافي والوطني والإنساني والأخلاقي”.
لا جدال في أننا مع الفنان تاج السر حسن، نجد أنفسنا نقف أمام مثقف وفنان كبير صاحب قيم أخلاقية عالية، والتزام إنساني وسداني نادر المثل، كما أنه يمثل نموذجاً إرشادياً، كما ذكر عبد الله، يحتذى في الاحترام للأستاذ محمود محمد طه. التحية والاحترام والتقدير للأستاذ تاج السر حسن سيد أحمد، فمثل هذه المواقف الأخلاقية تضخ الشجاعة في الفضاء السوداني والإنساني، وتمثل معولاً لهدم السردية التكفيرية، وتسهم في تطوير الوعي تجاه من يستحق الاحترام.
نلتقي في الحلقة الثالثة.
ما الواجب المباشر تجاه الفكر الحر في ظل استمرار السردية التكفيرية؟ «1- 13»
الوسومالإخوان الجمهوريين السودان الفهم الجديد للإسلام تاج السر حسن سيد أحمد تونس د. عبد الله الفكي البشير سمية أمين صديق صفاقس محمود محمد طه يوسف الصديق