تقرير بريطاني: عصر القوة العظمى المهيمنة يقترب من نهايته والقرن الأميركي يتلاشى
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
شفق نيوز/ اعتبرت صحيفة الغارديان البريطانية، يوم الاثنين، أن "القرن الأمريكي" يتلاشى بسرعة، حيث تتراجع قوة واشنطن في العالم، فيما يحاول الرئيس الأمريكي جو بايدن تسجيل "هاتريك" من خلال إبرام صفقة سعودية-اسرائيلية، وتحقيق انفراج في الملف الفلسطيني، والتوصل الى تفاهم مع إيران.
ورأى التقرير البريطاني الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، انه "من الغريب أن نفوذ أمريكا المتراجع في انحاء الشرق الاوسط، يسير على مسار التراجع السابق للامبراطورية البريطانية من المنطقة نفسها، فيما يبدو كما لو أن دول المنطقة بعد أن نبذت امبراطورية متغطرسة، فانها الان ترفض امبراطورية اخرى".
ولفت التقرير الى ان "الانظمة الحاكمة وزعماء الاستبداد يؤكدون ببطء ولكن بثبات على استقلاليتهم وحريتهم في العمل، في حين أن بعضهم يغازل الحلفاء الجدد، وهو ما يعكس تحولا جوهريا باتجاه عالم متعدد الأقطاب، بحيث انه ما من قوى عظمى تهيمن بشكل فردي".
وتناول التقرير امثلة عدة، بينها السعودية والإمارات، حيث يرسخ افراد العائلة الحاكمة هوية وطنية متجانسة ويعبرون عن قوتهم في الخارج من خلال النفوذ المالي والنفط والرياضة".
واضاف ان "هؤلاء انطلاقا من أهميتها الاستراتيجية، فإنهم يرفضون صيغة انهم محميات غربية التي تتعامل بها معهم الولايات المتحدة، ومن قبلها بريطانيا".
اما في اسرائيل، فيقول التقرير، إن "القوميين من اليهود المتشددين والمتطرفين الدينيين، فإنهم يكافحون من أجل صياغة الطابع المستقبلي للدولة في تحد لرغبات واشنطن، وهو ما يذكر بالايام الاخيرة العنيفة لمرحلة الانتداب البريطاني".
وبالنسبة الى تركيا، يقول التقرير، إن "رجب طيب اردوغان، وهو وريث امبراطورية مهزومة اخرى، يتجه غربا في مواجهة الشرق، والعكس بالعكس، ويمارس لعبة "القبلة السريعة" بالتناوب مع الولايات المتحدة وحلف "الناتو" والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين".
وتابع التقرير أن بايدن منذ توليه منصبه في العام 2021، وانهماكه بالصين وأوكرانيا، ابتعد بوضوح عن الأزمات المستمرة في الضفة الغربية ولبنان والعراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان، مضيفا ان "تعهده الكبير الوحيد في الشرق الاوسط المتمثل بإنقاذ الاتفاقية النووية الايرانية التي حطمها دونالد ترامب، لم يتم الوفاء به الى الان".
وبعدما ذكر التقرير بأن "غزو بريطانيا لمصر في العام 1956، أدى الى تقويض بريطانيا كقوة اقليمية مهيمنة، تساءل عما إذا كانت الولايات المتحدة، تقترب من نقطة تحولها مثلما جرى مع بريطانيا في ازمة السويس".
وفي حين لفت التقرير الى ان "بايدن يعتقد ان ذلك ليس صحيحا، بالنظر الى اعتقاده بالتفوق الامريكي، قال ان الرئيس الامريكي اطلق بدلا من ذلك، حملة طموحة لإعادة تأسيس الزعامة الاقليمية للولايات المتحدة، لاسباب من بينها جزئيا سعيه الى مواجهة نفوذ الصين وروسيا، وجزئيا ايضا من لكي يذكر الحلفاء المحليين الساعين إلى ضمان أمنهم وازدهارهم وحدهم".
وفي هذا السياق، أشار التقرير، إلى أن "بايدن قام بإرسال 3 آلاف جندي اضافي الى الخليج الشهر الحالي، بهدف ظاهري يتمثل في ردع ايران، وانما ايضا من اجل ان يظهر انه الزعيم".
وذكر التقرير البريطاني أن "الحسابات السياسية تلعب دورها أيضا فيما يجري"، موضحا انه "من اجل التعامل مع احتمال اعادة انتخابه في العام المقبل، فإن بايدن يأمل في في تسجيل "هاتريك" غير مرجح، من خلال "تفاهم" امريكي ناجح مع ايران، واتفاق سلام تاريخي بين السعودية واسرائيل، واختراق بشأن اقامة دولة فلسطينية".
حول إيران
قال التقرير، إن "المحادثات في قطر بشأن إطلاق سراح الامريكيين المسجونين مقابل إلغاء تجميد اصول ايرانية بقيمة 6 مليارات دولار، حققت تقدما كبيرا هذا الشهر، بينما يناقش الطرفان انهاء مبيعات الطائرات العسكرية الايرانية المسيرة الى روسيا".
ولفت إلى أن "المتداول هو أن الهدف النهائي يتمثل في إبرام اتفاق ثنائي غير رسمي يوقف برامج طهران النووية ذات الطبيعة العسكرية، مقابل الرفع الكامل للعقوبات الامريكية، مضيفا ان "ذلك يمثل اكثر ما يتوق اليه النظام الايراني".
السعودية
واشار التقرير الى ان "الجزء الثاني المرتبط بهذا التحول في الشرق الأوسط يتعلق بالسعوديين، الذين وصفهم بأنهم العدو القديم لإيران، مضيفا ان "الولايات المتحدة شعرت بالقلق بسبب الوساطة الصينية بين طهران والرياض وبسبب التعاون السعودي مع موسكو".
وتابع التقرير ان "بايدن يريد اعادة الزعيم الفعلي للسعودية الأمير محمد بن سلمان الى جانبه، وضمان تطبيع للعلاقات مع اسرائيل وفق "اتفاقات ابراهيم"، وانه من اجل تحقيق ذلك، يطرح العمل باتفاقية امنية والدعم الامريكي لبرنامج نووي مدني امام السعودية بما يضاهي ما لدى ايران، وهو ما يدق ناقوس الخطر عن اسرائيل".
واشار الى ان "التطبيع السعودي الاسرائيلي يمكن أن يشتمل على ضمانات دفاعية امريكية واسلحة متطورة للطرفين السعودي والاسرائيلي، كما ستكون لذلك فائدة اضافية ، بالنسبة الى بايدن، تتمثل في تهميش الصين".
وتساءل التقرير عن السبب الذي يجعل الولايات المتحدة تساعد وتدافع عن نظام سعودي يحتقر قيمه الديمقراطية وحقوق الإنسان، مذكرا بأنه بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في العام 2018 ، تعهد بايدن بأن يجعل المملكة "منبوذة" عالميا".
وتابع التقرير ان "الاجابة على ذلك، هي أن التطبيع السعودي-الاسرائيلي، سيكون انتصارا كبيرا قبل انتخابات الرئاسة الامريكية، خاصة عندما يرتبط بالجزء الثالث من خطته والمتمثل بقيام دولة فلسطينية.
حول إسرائيل
واعتبر التقرير أن "رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، المحاصر محليا، يحتاج الى صفقة سعودية، وان السعوديين يريدون ذلك أيضا، إلا أنهم يصرون على الورق على الأقل، على ضرورة إحراز تقدم ملموس نحو تشكيل الدولة الفلسطينية، في حين أن شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني المتطرف يعارضون القيام بأي تنازلات بينما أن نتنياهو بالكاد يتواصل مع بايدن، ويعتزم في الوقت نفسه، زيارة الصين في تشرين الأول/أكتوبر بما يثير امتعاض الرئيس الأمريكي".
وبرغم ذلك، يقول التقرير، إن "بايدن يعتقد أنه بإمكانه نيل الموافقة الاسرائيلية من أجل تعزيز الحكم الذاتي الفلسطيني، ووقف خطط ضم الضفة الغربية ، وربما احياء عملية السلام القائمة على فكرة الدولتين كما يطالب السعوديون، وتشويه سمعة ايران ، وتوفير الضمانات الامنية من كافة الجهات".
لكن التقرير خلص الى القول إن "آمال بايدن في تسجيل هاتريك تبدو وهمية بعض الشيء"، مضيفا أنه "بغض النظر عن العدد الكبير من العوامل السلبية المحلية، فإن الوقت يعمل ضده".
واشار التقرير الى انه "على غرار بقية العالم، فإن الزعماء الاقليميين المنشغلين بمصالحهم الخاصة، يتساءلون إلى متى سيستمر بايدن، وما إذا كان ترامب سيخلفه".
كما لفت التقرير الى ان "الامور والأزمان تغيرت، وأن الولايات المتحدة التي مثلها مثل بريطانيا قبلها، ارست القانون في الشرق الاوسط، الا ان ذلك كان قبل هجمات 11 سبتمبر وتنظيم القاعدة والعراق وأفغانستان، وصعود الصين وفلاديمير بوتين، والهجوم الاستبدادي على الديمقراطية العالمية وسيادة القانون، حتى ان مجموعة من مخططي الانقلاب في النيجر، أصبح بمقدورهم تحدي "العم سام" مع الإفلات من العقاب هذه الأيام".
وختم التقرير بالقول، إن "عصر القوة العظمى المهيمنة و "الامة التي لا غنى عنها" يقترب من نهايته"، مضيفاً ان "بايدن قد يبذل قصارى جهده من أجل الحفاظ على النظام القديم، إلا أنه على غرار "العصر الامبراطوري" الضائع لبريطانيا، فإن "القرن الأمريكي"، يمر بسرعة ليصبح تاريخا". ترجمة: وكالة شفق نيوز
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: محمد شياع السوداني السوداني العراق نيجيرفان بارزاني بغداد ديالى الحشد الشعبي تنظيم داعش النجف السليمانية اقليم كوردستان اربيل دهوك إقليم كوردستان بغداد اربيل العراق اسعار النفط الدولار سوريا تركيا العراق روسيا امريكا مونديال قطر كاس العالم الاتحاد العراقي لكرة القدم كريستيانو رونالدو المنتخب السعودي ديالى ديالى العراق حادث سير صلاح الدين بغداد تشرين الاول العدد الجديد الولايات المتحدة الاميركية تقرير بريطاني الولایات المتحدة فی العام
إقرأ أيضاً:
واشنطن بين رئيسين.. سياسة بايدن تترك الشرق الأوسط مشتعلًا.. ولا أمل في السلام الأمريكي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أثارت سياسة الرئيس جو بايدن في الشرق الأوسط مقارنات بالتحديات التي واجهها أسلافه مثل جيمي كارتر وجورج دبليو بوش، على الرغم من اختلاف الظروف بشكل كبير، كما تطرح سؤالًا عن تطورات الأوضاع بالمنطقة فى ظل إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي خوان كول: "على عكس تورط كارتر في أزمة الرهائن الإيرانيين أو صراعات بوش مع حركات المقاومة في العراق، تنبع صعوبات بايدن من تصرفات حليف رئيسي للولايات المتحدة: إسرائيل. لقد أثار دعم إدارته للحملات العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك في غزة ولبنان وإيران، انتقادات واسعة النطاق، محليًا ودوليًا".
إرث معقدخلال السنوات الأولى لبايدن في منصبه، سعت إدارته إلى إعادة معايرة السياسة الأمريكية في المنطقة. وشملت الجهود البارزة رفع العقوبات المفروضة على حركة الحوثيين في اليمن من قبل الإدارة السابقة، وتسهيل المفاوضات بين الأطراف المتصارعة في اليمن، والحفاظ على الحد الأدنى من التدخل العسكري في العراق وسوريا لمحاربة بقايا تنظيم الدولة الإسلامية.
ولكن كانت هناك فرصة ضائعة كبيرة تمثلت في الفشل في استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة لعام ٢٠١٥ مع إيران. فقد فككت إدارة ترامب هذا الاتفاق النووي، الذي كان يهدف في الأصل إلى منع طهران من تطوير الأسلحة النووية في مقابل تخفيف العقوبات. وعلى الرغم من الإشارات المبكرة للاهتمام بإحياء الاتفاق، احتفظ فريق بايدن بالعديد من عقوبات ترامب، مما أعاق التقدم الهادف. ونتيجة لذلك، سعت إيران إلى إقامة علاقات أوثق مع الصين وروسيا، مع عواقب جيوسياسية كبيرة. وقد أكدت عضوية طهران في منظمة شنغهاي للتعاون وشراكتها العسكرية مع موسكو على التحالفات المتغيرة استجابة للسياسات الأمريكية.
تصاعد التوتراتكانت الأحداث التي أعقبت هجمات حماس على إسرائيل في أكتوبر ٢٠٢٣ بمثابة نقطة تحول في سياسة بايدن في الشرق الأوسط. وقد أثار دعم الولايات المتحدة للرد العسكري الإسرائيلي في غزة، والذي اتسم بغارات جوية واسعة النطاق، إدانة من العديد من البلدان، وخاصة في الجنوب العالمي. لقد أدت الأنباء عن ارتكاب جرائم حرب وإصابات غير متناسبة بين المدنيين إلى تآكل الدعم الدولي للسياسات الأمريكية في المنطقة.
واتسع نطاق الصراع مع انخراط إسرائيل في أعمال عدائية مع حزب الله في لبنان وتنفيذ ضربات على أهداف إيرانية. وأثارت التوترات المتصاعدة مخاوف بشأن حرب إقليمية أوسع نطاقا، حيث تكافح إدارة بايدن للتعامل مع الأزمة. وقد اعتُبرت الجهود المبذولة للتوسط مع إيران والجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى غير كافية، حيث سلط المنتقدون الضوء على الافتقار إلى المساءلة عن الأفعال الإسرائيلية.
تداعيات متعددةوكان لعدم الاستقرار المستمر في الشرق الأوسط تداعيات عالمية كبيرة. فقد أدت الاضطرابات في طرق الشحن في البحر الأحمر وقناة السويس، والتي تفاقمت بسبب الهجمات الصاروخية الحوثية، إلى إجهاد سلاسل التوريد العالمية وساهمت في ارتفاع التضخم.
كما تؤكد الأزمات الإنسانية في غزة واليمن ولبنان على التحديات التي تواجه المنطقة. ويرى المراقبون أن سياسات بايدن، في حين كانت تهدف إلى الحفاظ على النفوذ الأمريكي، أدت إلى تفاقم التوترات. لقد أصبح الاعتماد على المساعدات العسكرية والتحالفات الاستراتيجية محل تدقيق، مع دعوات إلى اتباع نهج أكثر توازنًا لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع. مع استعداد بايدن لمغادرة منصبه، تظل سياسته في الشرق الأوسط موضوع نقاش مكثف. إن الإدارة المقبلة سوف ترث منطقة تتسم بالانقسامات العميقة والتحالفات المعقدة. وسوف يتطلب التصدي لهذه التحديات إيجاد التوازن الدقيق بين المصالح الأمنية، والمخاوف الإنسانية، والسعي إلى تحقيق الاستقرار في الأمد البعيد.. فهل يمكن أن يتحقق ذلك على يد إدارة ترامب؟.. مجرد سؤال تظل إجابته موضع تساؤل كبير أيضًا.