العلاقات الهندية الإسرائيلية: حكاية «ثورة صامتة»

الهند قبل مودي و«حزب الشعب الهندي» ظلت صديقة لقضية فلسطين على نحو يعزّ العثور عليه عند العديد من الأنظمة العربية الحاكمة.

كما تواصل دولة الاحتلال جهودها المحمومة لتهويد فلسطين، فإن حكومة مودي تسابقها في قسر الهند داخل هوية هندوسية قومية متشددة.

توجّه بنيامين نتنياهو بالشكر إلى مضيفه مودي، ليس على تطوير العلاقات الهندية الإسرائيلية، فقط؛ بل لأنّ الأخير ساعده، ويساعده، على اختراق أسوار… أفريقيا!

كيف بلغت الحال أنّ الهند تستلهم في احتلال كشمير ومصادرة حقوق سكانها سياسة استيطانية وقمعية تماثل التي يعتمدها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة؟

«أوطان معادية: التحالف الجديد بين الهند وإسرائيل» كتاب شجاع ولامع بمثابة معالجة حاسمة للتحالف المسكوت عنه بين جناح أقصى اليمين في الحكومة الهندية، وإسرائيل.

الشطر الهندي من فضيحة استخدام برنامج تجسس «بيغاسوس» الإسرائيلي (50 ألف هاتف تمّ التجسس عليها من زعيم المعارضة راهول غاندي إلى الروائية أرونداتي روي) فصل إضافي في التعاون الوثيق.

* * *

في حينه، تشرين الأول (أكتوبر) 2021، شاءت صحيفة «جيروزاليم بوست» أن تذهب بعيداً في المجاز، وربما في التفكير الرغبوي؛ فأطلقت صفة «الثورة الصامتة» على لقاء جمع وزراء خارجية الهند (سوبرامانيام جايشنكار) ودولة الاحتلال (يائير لابيد) والإمارات (عبد الله بن زايد) وأمريكا (أنتوني بلينكن).

والمحرر مبتكر هذا التوصيف لم يكن يبالغ، إلا في حشر مفهوم الثورة، لأنّ النقلات المتعاقبة التي شهدتها العلاقات الهندية الإسرائيلية (منذ استئنافها في سنة 1992 بقرار من رئيس الوزراء الهندي الأسبق ناراسيما راو، لكن في سنوات حكم رئيس الوزراء الحالي نارندرا مودي على وجه الخصوص) قفزت من محطة دراماتيكية إلى أخرى.

ولاح أنّ التعاون في ميادين الصناعات العسكرية والاستخبارات ومشاريع الريّ والطاقة محض واجهة لمطابقات أعمق وأكثر تجذراً في مسائل إيديولوجية أقرب إلى الثوابت في الفلسفة القومية «الهندوتية» من جهة، والصهيونية على اختلاف تياراتها من جهة أخرى.

ولا عجب خلف تفاخر إعلام دولة الاحتلال بما تحقق، ويواصل التحقق، في ميادين تعزيز العلاقات، فهذه هي الهند في نهاية المطاف: أوّل بلد غير عربي يعترف بشرعية منظمة التحرير الفلسطينية، ويدمغ الصهيونية بالصفة العنصرية، ويتكاتف مع الزعيم المصري جمال عبد الناصر في استبعاد دولة الاحتلال من حركة عدم الانحياز، ويميّز بصلابة (بصوت المهاتما غاندي وجواهر لال نهرو) بين معاناة اليهود وزرع وطن لهم على أرض شعب آخر..

فكيف بلغت الحال أنّ الهند تستلهم في احتلال منطقة كشمير ومصادرة حقوق سكانها، سياسات استيطانية وقمعية مماثلة لتلك التي يعتمدها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة؟

الباحث عن إجابات شافية لأسئلة مثل هذه، وسواها أخرى كثيرة، يجد ضالته في كتاب آزاد عيسى الباحث من جنوب أفريقيا، الذي صدر مؤخراً بالإنكليزية ضمن منشورات بلوتو في لندن، تحت عنوان «أوطان معادية: التحالف الجديد بين الهند وإسرائيل»؛ لأنه، كما يطريه المفكر الأمريكي كورنيل ويست، «كتاب شجاع ولامع بمثابة معالجة حاسمة للتحالف المسكوت عنه بين جناح أقصى اليمين في الحكومة الهندية، وإسرائيل.

هذا النصّ قراءة ضرورية حول القوى النيو ـ فاشية المتصاعدة في أزمنتنا العاصفة». فيض زاخر من التفاصيل والمعلومات والوقائع التي قد يكون الكثير منها طيّ الإغفال المتعمد، خاصة جهود «الوكالة اليهودية» عبر أمثال مارتن بوبر وألبرت أينشتاين لاستمالة غاندي بعد وعد بلفور؛ وغزارة أخرى ثمينة في المقارنات بين فلسطين وكشمير، والمجمّع الصناعي ـ العسكري بين تل أبيب ونيو دلهي، وقصة القرابة بين فلسفة «الهندوتفا» والصهيونية، ومجموعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة مقابل الشتات الهندي.

لا يصحّ أن تُنسى هنا حقيقة أنّ العلاقات الهندية ـ الإسرائيلية تعود، كما يبيّن الباحث المصري مدحت أيوب، إلى عقود بعيدة، وقد شملت ميادين السياسة والاقتصاد والأمن والتسليح، فضلاً عن السياحة والثقافة والتعاون التكنولوجي.

ففي عام 1962، غداة اشتعال الحرب الهندية ـ الصينية، طلب نهرو مساعدة دافيد بن غوريون، رئيس وزراء دولة الاحتلال آنذاك، للحصول على أسلحة متطورة؛ وبعد ثلاث سنوات، عند اندلاع الحرب الهندية ـ الباكستانية، وصلت شحنات ضخمة من الأسلحة الإسرائيلية إلى الهند.

وعلى الصعيد الاقتصادي، يكفي التذكير بأنّ الميزان التجاري بين الهند والدولة العبرية بلغ 202 مليون دولار في العام 1992، ثمّ قفز إلى 1085 مليون دولار في العام 2000، وهو اليوم يعدّ 7,86 مليار دولار.

غير أنّ على المرء، والمراقب العربي بصفة خاصة، أن يتذكّر ثلاث حقائق أساسية في سياق مناقشة العلاقات الهندية الإسرائيلية، ضمن معطيات أخرى أقلّ شأناً. الحقيقة الأولى تقول إنّ الهند، ما قبل مودي و«حزب الشعب الهندي» ظلت صديقة لقضية فلسطين على نحو يعزّ العثور عليه عند العديد من الأنظمة العربية الحاكمة.

وثمة سجّل حافل يقول إنّ الهند صوّتت إلى جانب الفلسطينيين (وبالتالي ضدّ دولة الاحتلال) في عشرات القرارات التي تخصّ حقوق الفلسطينيين بصفة شاملة، ومسائل انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان، وحقّ العودة، والسيادة الفلسطينية.

الحقيقة الثانية هي أنّ نقلات كبرى في تطوير العلاقات الهندية ـ الإسرائيلية تمّت خلال فترات حكم «حزب المؤتمر» وحين كان كبار رجالاته في سدّة الحكم (نهرو وأنديرا وراجيف غاندي)؛ وليس فقط في فترات حكم الأحزاب ذات التوجّه القومي الهندوسي.

في عبارة أخرى، وعلى النقيض ممّا يزعم بعض المعلّقين العرب، ليس ثمة الكثير من المغزى في التركيز على العداء الهندوسي للإسلام بغية تفسير تطوّر العلاقات الهندية ـ الإسرائيلية؛ ومن الخير، في هذا المثال كما في سواه بالطبع، التركيز على طبيعة المصالح المشتركة التي تكيّف سياسات الدول وتتحكم بخياراتها في المشهد العريض والتاريخي ـ

التقليدي للعلاقات الدولية. وأمّا الحقيقة الثالثة فهي تلك التي تخصّ تشكّل محور أمريكي ـ إسرائيلي ـ هندي، شُرّعت أمامه أبواب أوسع بعد اتفاقيات أبراهام وتوطيد العلاقات الهندية -الإماراتية على وجه الخصوص.

ولا يجوز أن تُنسى، كذلك، تلك الحقيقة المركزية الكبرى التي تقول إنّ الهند ديمقراطية هائلة، بمعنى ضخامة المعطيات الديمغرافية بادئ ذي بدء: قرابة 900 مليون ناخب، ونحو مليون مركز اقتراع، وزمن التصويت سبع مراحل، على امتداد 39 يوماً؛ والإنفاق المالي على الحملات الانتخابية يصل إلى سبعة مليارات دولار، وكانت الهيئة الانتخابية قد صادرت مليار دولار من المصروفات غير الشرعية.

في انتخابات سنة 2014، تحدثت الأرقام عن 551 مليون ناخب، صوّتوا في 930 ألف مركز اقتراع، واستهلكوا من حبر التصويت قرابة 15 ألف لتر!

انتصار مودي وحزبه في انتخابات 2019 شكّل انتكاسة نوعية جديرة بالتأمّل وأخذ الدروس، لدى كلّ حريص على ديمقراطية الهند ونظامها وأمثولاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإثنولوجية… فالمنهزم هنا لم يكن «حزب المؤتمر» وتراث السلالة الغاندية العلماني والليبرالي؛ والفائز لم يكن «حزب الشعب الهندي» بتوجهاته القومية والهندوسية.

رغم صحّة هذه الخلاصة في صناديق الاقتراع؛ وإنما الخاسر المشترك الأعظم هو تلك الأمثولات الكبرى التي صنعتها الهند في التاريخ الحديث للمجتمعات والدول النامية، أو شعوب ما بعد الاستعمار في التوصيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي الأدقّ، أو حتى البلدان النامية والعالمثالثية حسب تعريفات الماضي وأواسط القرن المنصرم.

والخلاصة المشروعة قد تكون تلك التي تضع «الثورة الصامتة» في العلاقات الهندية الإسرائيلية الراهنة، على موازين أرباح لحكومة مودي ودولة الاحتلال، مقابل خسائر للديمقراطية الهندية وعلاقتها بالقضية الفلسطينية.

وفي تصدير الفصل الأخير من كتابه، المخصص للمقارنة بين احتلالين في فلسطين وكشمير، يحرص آزاد عيسى على اقتباس نوام شومسكي: «إنهما [حكومة مودي ودولة الاحتلال] أشبه بيَدٍ في قفاز»؛ ولم تكن فضيحة الشطر الهندي من استخدام أجهزة تجسس «بيغاسوس» الإسرائيلية (أكثر من 50 ألف هاتف تمّ التجسس عليها، واللائحة تبدأ من زعيم المعارضة راهول غاندي ولا تنتهي عند الروائية أرونداتي روي) سوى فصل واحد إضافي في مسرح التعاون الوثيق.

وكما تواصل دولة الاحتلال جهودها المحمومة لتهويد فلسطين، فإن حكومة مودي تسابقها في قسر الهند داخل هوية هندوسية قومية متشددة.

وفي سنة 2017، خلال زيارة «تاريخية» إلى نيودلهي، توجّه بنيامين نتنياهو بالشكر إلى مضيفه مودي، ليس على تطوير العلاقات الهندية الإسرائيلية، فقط؛ بل كذلك لأنّ الأخير ساعده، ويساعده، على اختراق أسوار… أفريقيا!

*صبحي حديدي كاتب وباحث سوري يقيم في باريس

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الهند مودي إسرائيل نتنياهو بيغاسوس كشمير قضية فلسطين دولة الاحتلال الهندیة ـ

إقرأ أيضاً:

ما هي وحدة نيلي التي تأسست بعد 7 أكتوبر.. تفاخرت بإنجازات كاذبة

بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى، عمل جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" على تشيكل وحدة "حباك نيلي"، بهدف تصفية اغتيال جميع عناصر المقاومة الفلسطينية الذين شاركوا في عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

ورغم الضجة التي أثيرت حول الوحدة منذ بدء حرب الإبادة، إلا أنها لم تفشل فقط في القضاء على العديد من أبرز قيادات وعناصر المقاومة، بل أنها نسبت لنفسها "إنجازات" غير حقيقية تكشفت خلال الأيام التالية من التوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.

أصل التسمية 
تتكون اسم الوحدة بالعبرية من كلمتين، ولكل جزء منها معنى محدّدا فكلمة "حباك" هي اختصار لعبارة "غرفة القيادة المتقدّمة"، وهي تسمية تعود لحرب السادس تشرين الأول/ أكتوبر 1973، أما "نيلي" فهي اختصار لما ورد في التوراة "نصر إسرائيل لا يكذب" ضمن "سفر صموئيل".

وفي أعقاب حرب 1973 والإخفاق الاستخباراتي الذي تسبّب بالفشل العسكري الكبير في تلك الحرب، وفي أعقاب توصيات "لجنة أغرانات" التي حقّقت في هذا "القصور" والتي كان من بين أهمها إعادة صياغة وتعريف العلاقة من جديد بين المستويين العسكري والأمني والمستوى السياسي.

وفي ذلك الوقت تم إنشاء ما يُعرف بـالـ "حباك" لأول مرة وببصلاحيات واسعة في اتخاذ القرار وفقا لمعطيات الميدان ودون العودة إلى القيادة العليا سواء السياسية أو العسكرية والأمنية، للحصول على موافقة قرارات عسكرية، بحسب ما ذكر "المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية - مدار".

 وهذه الصلاحيات منحت الوحدة سلطة مختلفة عن القوى الأخرى العاملة في الميدان، كمنا أن تسمية "نيلي" ترجع أيضا إلى منظمة التجسّس اليهودية التي أُقيمت خلال الحرب العالمية الأولى في فلسطين، والتي كانت مهمتها التجسّس على الدولة العثمانية لصالح القوات البريطانية من أجل الحصول على مكاسب سياسية لليهود خلال، إلى جانب تهريب الأموال لصالح اقتصاد المستوطنات والتي بدأت في التكون.

وقال موقع "والا": إنه "ليس من قبيل الصدفة أن يحمل الاسم المركّب لهذه الوحدة هذه الدلالات، فالهدف منها واضح: جمع المعلومات الاستخباراتية عن كل المشاركين في هجوم السابع من أكتوبر، ومن ثم القيام بتصفيتهم واغتيالهم فرداً فرداً- بعد أن حصلت بشكل ضمني على تفويضٍ كامل- بدون الحاجة للعودة إلى المستويات القيادية".

יחידת ניל"י - הנה עוד ועוזריהם https://t.co/OXUiOy4Aa6 — ???????? Soul Assassins אלמוג סארון ???????? (@Alm0gSAr0n) November 15, 2023
وأضاف الموقع أن للوحدة "طاقم قيادي متقدّم، ويعمل بشكل منفرد عن بقية الوحدات في "الشاباك" لتنفيذ المهام الموكلة إليها، ودون الالتزام بإطار زمني محدد.

فشل متكرر
رغم المشاهد الواسعة لتواجد عناصر وقيادة كتائب القسام وظهور العديد من عناصر وحدات "النخبة" و"الظل" وغيرها، التي تكشفت خلال عمليات الإفراج عن الأسرى، ورغم أن الاحتلال أعلن مرارا القضاء عليها، إلا أن فشل الوحدة الجديدة تمثل بإعلانها بيانات كاذبة أو غير دقيقة".

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
وأقر جيش الاحتلال الإسرائيلي، السبت، بفشله في اغتيال قائد كتيبة الشاطئ التابعة لكتائب القسام هيثم الحواجري الذي كان أعلن أنه اغتاله في كانون الأول/ ديسمبر 2023.

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
جاء ذلك في بيان للمتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" و"القناة 12" الإسرائيلية الخاصة.

وقال هاغاري إنه في 3 كانون الأول/ ديسمبر 2023، تعرض هيثم الحواجري، قائد كتيبة الشاطئ التابعة لحركة حماس، لهجوم.

و"بعد الهجوم، قرر جهاز الأمن العام (الشاباك) والجيش الإسرائيلي بدرجة عالية من الاحتمال أنه تم القضاء عليه، وأصدر الجيش الإسرائيلي بيانا حول الموضوع"، وفق هاغاري.

وأضاف: "يظهر الفحص الإضافي أن الدليل الاستخباراتي الذي اعتمد عليه الشاباك والمخابرات العسكرية والقيادة الجنوبية كان غير صحيح"، مشيرا إلى أن الحواجري لم يتم القضاء عليه في الهجوم.

والسبت، ظهر الحواجري، وهو يسلم الأسير الإسرائيلي كيث سيغال إلى الصليب الأحمر، رغم أن "إسرائيل" كانت قد أعلنت سابقا عن اغتياله.

وفي 22 كانون الثاني/ يناير الماضي ظهر حسين فياض، وهو قائد كتيبة بيت حانون في كتائب القسام في مقطع فيديو بعد 8 أشهر من إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي اغتياله في شمال قطاع غزة.

ظهر قائد كـتيبة بيت حانون التابعة لحركة حــمــاس، حسين فياض، هذا الصباح، في بيت حانون، وذلك وفق ما أكدته وسائل إعلام عبرية.

▪️وكان جيش الاحــتلال الإسرائيلي، قد أعلن في وقت سابق اغتــياله في شهر مايو الماضي، في إدعاء هو الثاني من نوعه، بعد زعمه اغتــيال مقاومٍ آخر ليتبينَ فيما… pic.twitter.com/kFPYzN4i47 — عربي21 (@Arabi21News) January 22, 2025
وتضمّن الفيديو لقطات لفياض خلال لقائه مع مواطنين بقطاع غزة، وسط مشاهد الدمار الذي خلّفته الإبادة الإسرائيلية في القطاع.

وتحدث القيادي عن الحرب، مشيرا إلى الخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي وفشله في هزيمة غزة، مؤكدا أن الاحتلال لم يحقق أهدافه التي أعلنها، ما يظهر فشله الاستراتيجي.

وفي أيار/ مايو الماضي ادعى جيش الاحتلال أنه تمكن من اغتيال فياض بمخيم جباليا شمال قطاع غزة، وأوضح في حينه أن "فياض كان مسؤولا عن الكثير من عمليات إطلاق القذائف المضادة للدروع نحو إسرائيل خلال الحرب وعن الكثير من عمليات إطلاق قذائف الهاون نحو بلدات شمال غلاف غزة".

وفي أيلول/ سبتمبر 2024، أعلن متحدث باسم جيش الاحتلال نجاح جهاز "الشاباك" في عملية مشتركة مع الجيش في التوصل لمحمود حمدان الذي يقود كتيبة تل السلطان في كتائب القسام ومعه قيادة الكتيبة وتصفيتهم.

حركة حـماس تنعى الشــهيد "محمود حمدان"، قائد كتيبة تل السلطان في #رفح، الذي ارتقى في الاشتباك مع جيش الاحـتلال في حي تل السلطان، رفقة زعيم الحركة "يحيــى الســنوار".#عربي21 pic.twitter.com/kfnPJdCjQM — عربي21 (@Arabi21News) October 18, 2024
واحتفى الاحتلال بهذا المنجز، معتبرا أن اغتيال حمدان ورفاقه هو ضربة لعمل الكتيبة بشكل كامل، لكن حركة حماس التي ينتمي إليها حمدان لم تعلق على ادعاءات جيش الاحتلال في حينه.

وبعد ذلك بشهر تقريبا، أصدرت حماس بيانا تنعى فيه حمدان الذي أكدت أنه استشهد برفقة رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار في معركته الأخيرة في حل تل السلطان في رفح.

وعددت الحركة حينها مناقبه في الجناح العسكري للحركة كتائب القسام أي أنه لم يستشهد قبل أكثر من شهر كما ادعى جيش الاحتلال.

وفي وقت سابق ظهر أحد أبرز أعضاء المجلس العسكري العام لكتائب القسام وقائد لواء غزة عز الدين الحداد في برنامج "ما خفي أعظم" في إشارة إلى فشل الاحتلال في اغتياله طيلة الحرب التي امتدت 15 شهرا.

بكل فخر واعتزاز، ألقى القائد المجاهد عز الدين الحداد، عضو المجلس العسكري لكتائب القسام، التحية العسكرية لشعبنا الفلسطيني. pic.twitter.com/PxkjrUQ9pk — د. هاني الدالي #غزة ???????? (@DrHaniAlDali) January 24, 2025
عرف عن الحداد وكنيته "أبو صهيب"، أنه كان يشغل منصب قائد لواء مدينة غزة قبل انطلاق الحرب الحالية، وهو عضو بارز في المجلس العسكري المُصَغَّر لكتائب القسام، ويعتبر أحد الشخصيات المركزية في حركة حماس بشكل عام. 

وتعمل تحت قيادة "الشبح" ست كتائب على الأقل، ومن ضمنها كتيبة النخبة المسؤولة عن الاقتحام الأول للمستوطنات المحيطة بقطاع غزة صباح 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وسبق أن نجا من عدة محاولات اغتيال، بما في ذلك واحدة خلال شهور حرب الإبادة الأولى.

وخلال خدمته، عمل الحداد كحلقة وصل مهمة بين مختلف قادة "حماس"، وشارك في تخطيط وتنفيذ العديد من العمليات العسكرية، ونشأ "من الأسفل" في لواء غزة وشغل منصب قائد سرية وقائد كتيبة، وأخيرا تم تعيينه قائدا للواء.

وعلى مدار 15 شهرا من الحرب والإبادة، كانت المنظومة الأمنية والسياسية للاحتلال تتحدث عن تفكيك كتائب الذراع العسكرية لحركة حماس البالغة 24 كتيبة، وتحولها من كتائب نظامية إلى مجموعات عشوائية تعمل بشكل منفرد وهو ما كذبته المراسم المتعلقة بعمليات تسليم الأسرى منذ اليوم الأول.

قديمة جديدة 
تعد" وحدة "نيلي" جديدة من حيث التأسيس، إلّا إنها تعكس سياسة قديمة ومستمرّة وصفة ملازمة للعقلية الإسرائيلية في الانتقام و"إغلاق الحساب"، كما هو معروف في القاموس العسكري الإسرائيلي ضد كل فلسطيني أو عربي يُشارك في عمليات ضدّها.

وأكد مركز "مدار" أن هذه "سياسة تمأسست عبر المحطّات التاريخية المختلفة وأخذت أشكالا متعدّدة، كان أبرزها عملية "غضب الرب" التي أطلقتها رئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مائير ضد منظمة أيلول الأسود في أعقاب عملية ميونيخ في العام  1972، والتي استمرّت لسنوات طويلة في كل أنحاء العالم وتضمنّت عمليات مطاردة واغتيال لعشرات من قيادات وأعضاء المنظمة والمشاركين في تلك العملية نفذها جهاز "الموساد" انتهت مطلع ثمانينيات القرن الماضي".

وأضاف المركز "لا يُمكن فصل استحداث هذه الوحدة عن الجهد الإسرائيلي الدعائي (الهسبراه) الساعي للانفراد في رواية أحداث صبيحة السابع من أكتوبر؛ إذ أن عقلية الانتقام مدفوعة أيضا بسعي محموم لاحتكار "رواية" الهجوم للعالم الغربي تحديدا، بما يُمكّنها من الاستمرار في عملية نزع الشرعية والإنسانية عن الفلسطينيين لتبرير عمليات القتل والإبادة الجماعية في حربها على قطاع غزة، والتي يتم ارتكابها بحجّة الدفاع عن النفس في ظل شرعية وغطاء دولي واضح".

مقالات مشابهة

  • خبير يكشف عن سبب اشتعال الحملة العسكرية الإسرائيلية على الضفة الغربية (فيديو)
  • باحث في الشؤون الإسرائيلية: الولايات المتحدة غطت العجز الاقتصادي لتل أبيب
  • حزب الله: سنواجه الخروقات الإسرائيلية في الوقت المناسب
  • فصائل فلسطينية تعقب على العمليات الإسرائيلية في الضفة الغربية
  • «فولكس فاجن» تقاضي السلطات الهندية لإلغاء ضريبة استيراد بقيمة 1.4 مليار دولار
  • ما هي وحدة نيلي التي تأسست بعد 7 أكتوبر.. تفاخرت بإنجازات كاذبة
  • الإفراج عن أسرى فلسطينيين محررين من السجون الإسرائيلية
  • استشهاد 19فلسطينيا في مخيم جنين من بدء العملية الإسرائيلية عليها
  • أبرز المساجد والكنائس التي دمرها الاحتلال في غزة
  • أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة