يمانيون:
2025-02-03@12:08:10 GMT

تحوُّلاتٌ صنعها مشهدُ الإسناد اليماني لغزة

تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT

تحوُّلاتٌ صنعها مشهدُ الإسناد اليماني لغزة

بقلم ـ حسن محمد طه *

ما بين تاريخ السبت 7 أُكتوبر 2023م وبين السبت 18 يناير 2025م أحداث جليلة وجسيمة يلزمنا مؤلفات لشرحها.

غير أن الجدير بالإشارة إليه هو أن صنعاء المقدسة استوقفت عجلة التاريخ العربي، وهي على وشك أن تطوي أسوأ صفحات الضعف والذل والهوان من واقع الأُمَّــة العربية.

وأجبرتها على تغيير المحتوى الموصول لليمن وشعبه الذي يعيش ظروفًا صعبة فرضتها عليه 9سنوات من العدوان الذي قادته السعوديّة بأوامر أمريكا، إلى فينيق بشري انبعث من ركام الدمار، ليخط مواقفًا عظيمة ما يُبَيّضُ وجوه أبناء الأُمَّــة العربية ويشرّف اليمنيين أمام الله والأجيال القادمة.

لقد حقّقت اليمن تحولات كبيرة على إيقاع مشهد إسناد غزة وبجهد ذاتي، وتوجّـه صادق مستقل، وإصرار إيماني نبيل، مواجهةً لكل التحديات، إذ مع كُـلّ مرحلة من مراحل الإسناد كانت تتضاعف الالتزامات وتتعاظم المسؤولية على اليمنيين الأحرار المعروفين بضمائرهم الحية وشدة حميتهم على دينهم وأعراضهم، فتجلت التحولات الاستراتيجية عبر العديد من المحطات دونت بعضها على عجالة أبرزها:

الأولى: صدق الموقف

تتجلى هذه المحطة المفصلية من تاريخ اليمن المعاصر في صدق الموقف المُجَـرّد من دبلوماسية الساسة وشوائب المصالح الذاتية، فليس موقفاً شكلياً لإسقاط الواجب، بل برزت اليمن من عمق جراحاتها ومنطلقاتها الإيمانية، مستدلة بمقولة شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصرالله، في خطابه وعيناه تذرف الدموع وصوته يتقطع من التأثر (يا سيدنا أنتم محاصرون.. فهل لديكم خبز؟) في جواب على موقف قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، في إحدى خطاباته (حاضرون أن نتقاسم اللقمة الواحدة مع أهلنا في فلسطين).

الثانية: ثبات موقف القيادة

وهو ما تحقّق في موقف سيد القول والفعل: عبد الملك الحوثي، وحكمته بالرد على مبعوثي أمريكا المكلفين بإيصال أوامر ورسائل التحذير عبر الوسطاء ((اصدروا أوامركم لمن يستمع لها ووجهوا تهديداتكم لمن يخافها))؛ الأمر الذي دفع الأمريكي إلى التصعيد الاقتصادي عبر حلفائه في الرياض وأبوظبي وأدواتهم من المرتزِقة اليمنيين، بالضغط على صنعاء بتنفيذ إجراءات اقتصادية ظالمة شملت إلغاء التعامل بالعملة الوطنية، ونقل مقرات البنوك التجارية من العاصمة صنعاء إلى عدن، وحضر التعاملات معها ومع شركات الصرافة بصنعاء وإغلاق رحلات طيران اليمنية من مطار صنعاء وعرقلة مسار المفاوضات وخارطة الطريق مع السعوديّة، لكن كُـلّ ذلك لم يثنِ اليمنيين عن موقفهم.

الثالثة: النتائج الواقعية

لم يلتفت القائد الشهم علم وحادي الركب اليماني السيد عبدالملك الحوثي، للتصعيد السياسي والاقتصادي الأمريكي والبريطاني ومن يدور في فلكهما، بل ظهر محذراً ومتوعداً بمواجهة التصعيد العسكري بالتصعيد، والبنوك بالبنوك والمطار بالمطار، والميناء بالميناء.. حتى أجبر الرياض على توجيه حكومة الارتزاق بإلغاء القرارات وإجراءاتها العقابية والتعهد بعدم تكرار تلك الإجراءات.

الرابعة: الفشل الأمريكي وأُسلُـوب المقايضة

بعد فشل خطط أمريكا (العظمى بنظر العالم) وتزايد حرجها من مأزق اليمن وأحرارها (الذين يرونها مُجَـرّد قشة) استخدمت أُسلُـوب المقايضة لتغيير موقف صنعاء بعروض جديدة ومتوالية ومغرية ومن أبرزها:

1- معالجة آثار العدوان وفك الحصار وتنفيذ بنود خارطة الطريق الموقعة مع السعوديّة وأولها الملفات الإنسانية والاقتصادية.

2- اعتماد نسبة كبيرة من قيمة صادرات النفط والغاز اليمنية لصالح صنعاء.

الخامسة: طرح الاستحقاقات كعروض مغرية

بعد أن أدركت جدية موقف صنعاء من غزة وقضية فلسطين عامة تركت أمريكا مكرهة أساليب المراوغة فجاءت من الآخر بالمقولة الشائعة وهي وحلفائها وممثل الأمم (غير المتحدة) مراهنين على أن صنعاء لن ترفض هذه العروض الكبيرة.. ((عجز وانكسار على شكل عروض)) وأبرز تلك المغريات:

* تتوقف أمريكا ودول العدوان عن تقديم الدعم المالي والعسكري لحكومة المرتزِقة بشكل كامل.

* التزام دول العدوان بإعادة الإعمار وجبر الضرر الناتج عن عدوانهم.

* اعتماد رسوم على مرور السفن من مضيق باب المندب لصالح صنعاء.

*الاعتراف بحكومة صنعاء.

وكلّ تلك العروض والمقايضات مقابل التخلي عن غزة ورفع الحظر عن سفن العدوّ الإسرائيلي ووقف إطلاق الصواريخ والطيران المسيّر على منشآته في الأراضي الفلسطينية المحتلّة.

مع أن طرح تلك العروض وتنفيذها يعد بمثابة تحول استراتيجي في كسر عزلة صنعاء عن العالم ونهاية لمعاناة شعبنا من العدوان والحصار المفروض من أمريكا للقضاء على ثورة الـ 21 من سبتمبر وأهدافها المتجلية في استقلالية القرار اليمني والخروج من عباءَة الوصاية والتبعية الخارجية.

إن قيادتنا تنظر إلى هذه المكاسب كاستحقاق يمني آت لا محالة، بفضل صمود الشعب اليمني وتضحيات مجاهديه الشرفاء، وليس بالمزايدة والمتاجرة أَو المقايضة والتفريط بأهم قضية للأُمَّـة، مؤكّـدة أن صمود اليمن مع غزة شكل عامل الحسم والفصل في بقاء القضية الفلسطينية في الواجهة، برغم التفريط والتخلي المعيب والمخزي الذي بدر من غالبية الدول العربية بعد الـ 7 من أُكتوبر ٢٠٢٣، واستمر قطار الإسناد اليماني لغزة حتى وقف العدوان على قطاع غزة آخر ساعات السبت 18 يناير 2025م ولا تزال مُستمرّة إلى ما لا نهاية، مهما استطال عار الخذلان وخزي التواطؤ الرسمي للأنظمة العربية.

* عضو مجلس الشورى

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

طبيب بريطاني عمل في غزة يدين موقف بريطانيا إزاء العدوان.. ما رأيته كان جحيما

أعرب الجراح البريطاني نظام محمود، الذي تطوع للعمل في قطاع غزة ضمن فريق طبي تابع لمؤسسة المساعدة الطبية للفلسطينيين (MAP)، عن خجله وإدانته الشديدة لدور بريطانيا في العدوان الإسرائيلي الذي استمر 15 شهرا على قطاع غزة.

وانتقد الطبيب في مقال نشرته صحيفة "الغارديان"، موقف حكومة بلاده التي رفضت إدانة دولة الاحتلال رغم جرائم الحرب التي ارتكبت بحق المدنيين في غزة، مضيفا "أشعر بالخزي لأن المملكة المتحدة لعبت دورا في هذه المأساة، وحكومة حزب العمال التي كنت أدعمها رفضت إدانة إسرائيل رغم انتهاكاتها الصارخة".

وقال إن أكثر من 30 طبيبا وممرضا بريطانيا ممن عملوا في غزة العام الماضي بعثوا رسالة إلى زعيم حزب العمال كير ستارمر تفيد بأنهم رأوا "أدلة منتظمة على الاستهداف المتعمد للأطفال"، وهو ما أكده أيضا 99 عاملا صحيا أمريكيا في رسالة إلى الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.

وكشف محمود، الذي عمل سابقا أستاذا لجراحة زرع الأعضاء في بريطانيا، عن مشاهد مروعة عاشها خلال عمله في القطاع، واصفًا الأوضاع هناك بأنها "جحيم نزل بالأطفال".


وقال إنه لم يكن يتخيل أن يجد نفسه يوما يجري عملية جراحية لطفل يبلغ من العمر ثماني سنوات ينزف حتى الموت، في ظل نقص حاد في الإمدادات الطبية. وأضاف "شعرت بموجة ساحقة من الغثيان وأنا أحاول استخراج الدم بيدي. كنت قلقًا من أن الطفل لن ينجو، لحسن الحظ، نجا، لكن الكثيرين لم يكونوا محظوظين".

وأشار الطبيب البريطاني إلى أن الوضع في مستشفى ناصر كان أشبه بـ"فوضى لا يمكن تصورها"، حيث كانت العنابر مكتظة، والأسرة تتكدس في الغرف والممرات، وحتى على الشرفات. وأوضح أن النظافة كانت معدومة، وأنه "في عدة مناسبات، قمت بفحص إصابات الجروح ووجدت ديدانًا زاحفة. اضطر زميلي في العناية المركزة إلى إزالة الديدان من حلق طفل عندما وجدها تسد جهاز التنفس الصناعي".

وأضاف أن الإمدادات الطبية كانت محدودة للغاية، حيث "كثيرا ما كان الصابون والشامبو وجل التنظيف ممنوعين من الدخول إلى غزة، وكانت المستلزمات الطبية تخضع لقيود استيراد مشددة".

وتحدث محمود عن المخاطر التي تعرض لها العاملون في المجال الطبي، مشيرا إلى أن "غزة أصبحت المكان الأكثر خطورة للعمل في العالم، حيث قُتل أكثر من 300 عامل إغاثة و1000 من العاملين في المجال الصحي منذ بداية الحرب".

وأكد الطبيب البريطاني أن معظم الحالات التي عالجها كانت من النساء والأطفال، مشيرا إلى أن استهداف الأطفال كان ممنهجا، حيث قال "كان من المزعج بشكل خاص رؤية أطفال مصابين بإصابة واحدة، رصاصة في الرأس، والتي كانت بوضوح نتيجة لنيران قناصة متعمدة".

كما وصف كيف أصيب طفل يبلغ من العمر سبع سنوات برصاص طائرة مسيرة إسرائيلية أثناء محاولته الفرار من القصف، قائلا: “أصيب بجروح في الكبد والطحال والأمعاء، وكان جزء من معدته بارزا من صدره. كنت سعيدا جدا برؤيته على قيد الحياة، لكن معظم الحالات لم تكن محظوظة".

وأوضح أن المستشفى كان يستقبل يوميا "حادثتين أو ثلاثًا من الحوادث التي تؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، ما يحول قسم الطوارئ إلى دوامة من الجثث والدماء والأنسجة والأطفال الصارخين، وكثير منهم فقد أطرافه"، مضيفا أن مثل هذه الحوادث كانت تؤدي عادة إلى سقوط 10 إلى 15 شهيدا، و20 إلى 40 مصابًا بجروح خطيرة.

وأشار محمود إلى أن الأطباء والموظفين المحليين في المستشفى كانوا يعملون تحت ضغط هائل، وقال إنه "بالإضافة إلى الظروف السائدة في المستشفى، كان عليهم أيضًا أن يتعاملوا مع العيش في ‘خيام’، وهي عبارة عن قطع من السجاد مثبتة على أعمدة خشبية، دون مياه أو صرف صحي".


وأضاف أن المستشفى كان يرتعد بانتظام من القنابل القريبة، موضحا أنه "مثل معظم المستشفيات الأخرى، تعرض ناصر للهجوم في فبراير/شباط الماضي، ما أسفر عن مقتل العديد من الموظفين والمرضى". ولفت إلى أنهم كانوا يعملون أحيانا "لمدة 24 ساعة متواصلة، وسط قلق دائم من أن القصف المنتظم بالقرب من المستشفى قد يستهدفنا يومًا ما".

وشدد على أنه "لم يرَ أي دليل على وجود حماس داخل المستشفى أو خارجه، ولم تكن هناك قيود على حركتنا"، ما يناقض الادعاءات الإسرائيلية المتكررة حول استخدام المستشفيات لأغراض عسكرية.

وأشار الطبيب البريطاني إلى أن الفلسطينيين "يشعرون بأنهم يتعرضون لإبادة جماعية"، مضيفًا أن "خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية والعديد من المنظمات الأخرى خلصوا إلى أن تصرفات إسرائيل قد ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية".

وقال محمود "حتى لو صمد وقف إطلاق النار، وهو ما يبدو مشكوكا فيه بشكل متزايد، فسوف يستغرق الأمر سنوات لإعادة بناء غزة، سواء جسديا أو كمجتمع".

وختم مقاله بمطالبة المجتمع الدولي بالمحاسبة، مؤكدًا أن "القصف ربما توقف الآن، لكن ضرورة محاسبة أولئك الذين ارتكبوا الجرائم ليست أقل إلحاحا".

مقالات مشابهة

  • طبيب بريطاني عمل في غزة يدين موقف بريطانيا إزاء العدوان.. ما رأيته كان جحيما
  • البخيتي: تقيد المبعوثان الأمريكي والدولي بأهداف ومصالح أعداء اليمن مضيعة للوقت
  • الأمم المتحدة تحذر: موجة صقيع تهدد الزراعة في اليمن
  • حصاد الإسناد اليمني لغزة.. (92) عملية في عمق الكيان و استهداف (217) سفينة
  • سياسي أردني: عمليات صنعاء كان لها دور في إيقاف الحرب على غزة 
  • مشهد جوي يُظهر لحظة سقوط طائرة فيلاديلفيا على المنازل في أمريكا .. فيديو
  • مصر تجسد القوة العربية الحقيقية.. دعم ثابت لغزة وحماية للأرض الفلسطينية
  • مصر تُجسد القوة العربية الحقيقية.. دعم ثابت لغزة وحماية للأرض الفلسطينية
  • حصاد الإسناد اليمني لغزة ضمن معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس