غزة- اختار محمود عطية أن يعود لمدينة غزة فور سماح الاحتلال الإسرائيلي للنازحين في جنوبي القطاع بالعودة، صبيحة يوم الاثنين 28 يناير/كانون الثاني الماضي.

وقُرب منتصف الليل، عقب عودته لمنزله، جاء المخاض لزوجته الحامل، فحاول العثور على سيارة كي ينقلها للمستشفى، لكنه من دون جدوى، كذلك أخبره جيرانه المقيمون أن العثور على وسيلة نقل في شمالي القطاع يعد أمرا بالغ الصعوبة بسبب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي.

اضطر عطية إلى أن يبحث عن عربة يجرها حمار، كي ينقل زوجته للمستشفى لتضع مولودها، ويصف للجزيرة نت تلك اللحظات قائلا: "عانيت بشدة لكي أجد وسيلة نقل، لم أجد! لولا أني أخذت عربة من جيراني، لم أكن أعرف ماذا أفعل".

ويناشد الشاب الفلسطيني "الجهات كافة" العمل على توفير المواصلات لقطاع غزة، للتخفيف من المأساة التي يحياها السكان، متسائلا: "ألا يكفي ما نعاني من الأمور الأخرى؟ أنا دبرت نفسي، لكن غيري، كيف سيدبر أموره؟".

تدمير الاحتلال آلاف السيارات أدى إلى تفاقم مشكلة المواصلات والنقل (الجزيرة) مشكلة مضاعفة

منذ 27 يناير/كانون الثاني الماضي، شرع عشرات الآلاف من النازحين بالعودة إلى مناطقهم التي هُجّروا منها، حسب ما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

إعلان

لكن سكان شمال القطاع يعانون من أزمة في المواصلات، بفعل منع الاحتلال إدخال الوقود بكافة أشكاله منذ بداية الحرب التي بدأت في أكتوبر/تشرين الثاني 2023، كما فاقم من المشكلة تدمير قوات الاحتلال آلاف السيارات.

تبدو مشكلة المواصلات بالنسبة لرأفت دغمش مضاعفة، نظرا لمعاناته من بتر كامل في قدمه اليمنى، وجزئي في اليسرى، إذ أُصيب في بداية الحرب خلال قصف الاحتلال الإسرائيلي مسجد "إحياء السنة" بحي الصبرة، يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وكان هذا القصف أسفر عن استشهاد أكثر من 50 مصليا.

وخلال المجزرة ذاتها، فقدَ دغمش اثنين من أبنائه، واضطر للنزوح إلى جنوبي القطاع، ثم عاد مؤخرا بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار مشيا على الأقدام، مستخدما عكازين، ليفاجأ بافتقار مدينة غزة للمواصلات، وهو ما جعل معاناته مضاعفة.

لكنه يشير إلى أن المواصلات في وسط القطاع وجنوبه كانت متوفرة، إما بواسطة السيارات أو العربات التي تجرها الحيوانات، وهو أمر مفقود في الشمال، ويضيف: "أنا مُصاب ولا أستطيع التحرك، وأتمنى من الجهات المختصة أن توفر مواصلات لهذا البلد، وأن يوفروا لي كرسيا كهربائيا للتحرك".

العائدون للشمال يناشدون الجهات المعنية كافة العمل على حل مشكلة المواصلات (الجزيرة) عزلة وانقطاع

يشير أبو محمد فارس، الذي عاد أيضا مؤخرا لشمال القطاع، إلى أن أي "مشوار بسيط" يستغرق منه نهارا كاملا، لعدم توفر المواصلات، ويضيف "نشعر هنا بالعزلة؛ في الجنوب كانت هناك مواصلات حتى على عربات (تجرها الحيوانات)، والحياة أسهل، هنا نعاني بشدة، لا توجد وسائل نقل".

كما ذكر أن نسبة كبيرة من الطرق مغلقة بفعل الركام والأنقاض، وهو ما يجبر المواطنين على سلك طرق التفافية تزيد من معاناتهم.

ويُبدي بدر كنعان تخوفه الشديد من حدوث أي حالة طارئة له أو لأهله أو جيرانه، تستوجب الانتقال إلى المستشفى، في ظل عدم توفر المواصلات، ويقول: "حاليا، نخاف إذا وقعت إصابة أو أي مشكلة صحية، لأننا سنعاني بشكل كبير ولا نعرف كيف سنذهب للعيادة أو المستشفى".

إعلان

ويضيف "منذ عودتي من الجنوب، أعاني كثيرا من موضوع المواصلات، لا نجد أي نوع من وسائل النقل، لا سيارات ولا عربات ولا توكتوك"، مشيرا إلى أنه في حال توفرت أي وسيلة مواصلات، فإنها تكون باهظة الثمن.

أما عبد العال عبد العال، الذي يمتلك دراجة هوائية قديمة، فيقول إن "الناس تحسده عليها"، ويشير إلى أن امتلاك أي وسيلة نقل مهما كانت يسيرة، يخفف كثيرا من المعاناة الكبيرة التي يتكبدها السكان.

لكنّ الدراجة لا تحل مشكلته، فهي قديمة ومرهِقة، ويضيف "منذ عودتنا من الجنوب، لا طرق ولا مواصلات، الحياة معدومة"، مشيرا إلى أن الذهاب للسوق وشراء بعض الأغراض يعني الاضطرار لحملها لمسافات طويلة جدا، وهو ما يصيبه بالإرهاق الشديد، ويختم قائلا "أزمة المواصلات بهدلت الناس، ربنا يرفع عنا هذه الغمة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات إلى أن

إقرأ أيضاً:

عشرات الشهداء والمصابين في غارات جديدة للاحتلال على قطاع غزة منذ فجر اليوم

واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على قطاع غزة، حيث استشهد ما لا يقل عن 26 فلسطينيًا وأُصيب عدد آخر في سلسلة غارات عنيفة شنّتها الطائرات الحربية منذ فجر اليوم على عدة مناطق متفرقة في القطاع.

ووفقًا لمصادر طبية فلسطينية نقلتها وكالة الأنباء الرسمية "وفا"، فإن الغارات طالت مواقع مدنية ومرافق حيوية، وأسفرت عن سقوط عشرات الشهداء والمصابين. وقد تم حتى اللحظة انتشال 9 شهداء وعدد من المصابين جراء استهداف مركز شرطة جباليا القديم في بلدة جباليا شمالي قطاع غزة.

حسب "القاهرة الإخبارية" يأتي هذا التصعيد في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، والذي خلّف حتى الآن أكثر من 51،240 شهيدًا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إلى جانب 116،931 مصابًا، حسب ما أفادت به مصادر فلسطينية، في حصيلة لا تزال غير نهائية بسبب وجود العديد من الضحايا تحت الأنقاض أو في أماكن يصعب الوصول إليها من قبل فرق الإسعاف والإنقاذ.

ويشهد القطاع أوضاعًا إنسانية متدهورة في ظل تواصل القصف والحصار، فيما تتعالى الأصوات المطالبة بتحرك دولي فوري لوقف العدوان وتوفير الحماية للمدنيين.

 

مقالات مشابهة

  • هيئة شؤون الأسرى توضح لـعربي21 الانتهاكات التي يتعرض لها الأسير عبد الله البرغوثي
  • تقرير: ليلة الآليات المحترقة .. حين تُقصف الأذرع التي تساعد غزة على النجاة
  • مرصد يدق ناقوس الخطر بشأن صيف العراق: سيكون وبالاً من الجنوب للشمال
  • سفيرة الجامعة العربية أمام جثمان البابا فرانسيس: «تأثرت بشدة وذكرت اللحظة التي تحدثت فيها عن معاناة الفلسطينيين»
  • جيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء جديدة لمناطق في بيت حانون والشيخ زايد
  • مجزرة جديدة في غزة.. الاحتلال يقصف منزلًا للنازحين ويخلّف 18 شهيدًا
  • مرصد حقوقي: الاحتلال يستخدم الحصار المالي لتعميق معاناة السكان وإهلاكهم
  • عشرات الشهداء والمصابين في غارات جديدة للاحتلال على قطاع غزة منذ فجر اليوم
  • إدارة المرور السريع بالولاية الشمالية تنظم مراسم إستقبال للعائدين طواعية من جمهورية مصر العربية
  • وزير المواصلات يبحث مع وفد أردني سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري