يزداد القلق حول مستقبل الهدنة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وتخشى أوساط سياسية ودبلوماسية من أن يؤدي التصدي لمخطط تهجير أهالي قطاع غزة إلى انهيار الاتفاقات الحالية لوقف إطلاق النار.

يأتي ذلك قبل اللقاء المرتقب بين رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي طرح مقترحات صادمة حول تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الجوار، قبل أن تواجه هذه التصريحات برفض حازم وردود فعل غاضبة عربيًا على المستويين الرسمي والشعبي.

التخوف يتعلق بالاستمرار في تنفيذ بنود الاتفاق في المرحلة الثانية التي من المقرر أن تبدأ بعد انتهاء المرحلة الأولى المقرر لها أن تستمر نحو ستة أسابيع أو 42 يومًا، وأمام رفض مصر الحاسم والحازم للرغبات الإسرائيلية بتهجير الفلسطينيين من أرضهم إلى الجوار، تتعلق الأنظار باتفاق وقف إطلاق النار أو الهدنة.

ينتظر مراقبون اللقاء المزمع أن يتم بين دونالد ترامب ونتنياهو في واشنطن غدًا الثلاثاء، في الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس وزراء الكيان المحتل إلى أمريكا ولقائه الأول بترامب بعد فوزه في الانتخابات وتوليه زمام السلطة منذ نحو أسبوعين فقط.

خلال الزيارة ستتم مناقشة طرح ترامب بالتهجير القسري للفلسطينيين، وما سيتم الإعلان عنه بعد هذه الزيارة سيتم تحديد رد الفعل عليه في حينه، خاصة أن هناك إصرارًا مصريًا على رفض التهجير ورفض تصفية القضية الفلسطينية والتمسك بحل الدولتين.

تعتبر مصر من أهم الوسطاء الذين سعوا إلى وقف إطلاق النار وقصف أبناء القطاع الذي استمر لأكثر من 15 شهرًا. بينما رأى بعض المراقبين أن امتناع مصر عن قبول التهجير القسري للفلسطينيين إلى خارج أرضهم سيكون حجة لدولة الكيان المحتل كي تتملص من اتفاق وقف إطلاق النار والاكتفاء بالمرحلة الأولى، والتي مدتها نحو ستة أسابيع، والتي سيتم فيها استبدال المحتجزين الإسرائيليين "الأحياء" بعدد كبير من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

غير أن أطراف الأزمة تضع بعين الاعتبار أن مصر تعد أهم لاعب إقليمي استراتيجي في الشرق الأوسط ولها دور كبير في استقرار الأوضاع في المنطقة ومنع الهجرة غير الشرعية إلى دول أوروبا، فضلاً عن دورها كوسيط مهم ونزيه في الصراع العربي الإسرائيلي بما يؤدي إلى سد الفجوات أو الحد منها والتغلب على الخلافات بينهما، وهو أمر مهم في حفظ السلم والأمن الدوليين.

والمرحلة الثانية من الاتفاق سيتم خلالها تبادل رفات المحتجزين الإسرائيليين الذين قتلهم جيش الاحتلال أثناء قصف وضرب قطاع غزة، وهم بالتأكيد أقل قيمة من الأحياء الذين تطالب عائلاتهم بوقف الحرب لحين الإفراج عنهم، خاصة أن استمرار الحرب كان يمثل خطورة على حياتهم. كما أن الضغوط الأدبية والسياسية والانتقادات المستمرة من المعارضة لعدم تحمس نتنياهو وحكومته للإفراج عن المحتجزين كانت تمثل ضغطًا إضافيًا بجانب ضغوط عائلات المحتجزين.

ورغم تأكيدات معظم المراقبين بأن قرار دونالد ترامب غير مدروس ومتسرع ويمثل فقاعة سرعان ما ستتلاشى في أقرب فرصة، خاصة أن ترامب معروف بتصريحاته الكثيرة المثيرة للجدل التي طالت عددًا كبيرًا من دول العالم، سواء العربية أو الأوروبية أو الآسيوية، بادعائه امتلاك أمريكا قناة بنما وطلبه شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك وكذلك عرضه ضم دولة كندا إلى أمريكا، وكل هذه التصريحات تمت مواجهتها بعواصف من الرفض والاستنكار بل والسخرية أحيانًا.

سذاجة طرح ترامب بشأن إجبار الفلسطينيين على الهجرة من أرضهم وكذلك اقتراحه بأن يتم تهجير بعض الفلسطينيين إلى كل من إندونيسيا وألبانيا، يتعارض مع مقترحات بعض المستشارين في الإدارة الأمريكية رأوا أنه يجب البحث في حل آخر بعيدًا عن الحل الذي أثار غضب المصريين والأردنيين، وطالبوا بأن يكون البحث عن مخرج لهذه المشكلة بشكل جماعي بمشاركة خبراء مصريين.

يرى مراقبون أمريكيون أن العلاقات المصرية الأمريكية أكثر عمقًا وأهمية من أن تتعرض لأي هزات سياسية أو خلافات يمكن أن تؤدي إلى انقسامات أو صدمات، خاصة أن مصر لديها اتفاقيات سلام مع إسرائيل ملتزمة بها منذ أكثر من أربعين عامًا، ولديها شراكة عسكرية مع الجيش الأمريكي الذي يحرص على إجراء تدريبات ومناورات عسكرية منتظمة مع الجيش المصري، وكذلك هناك شراكة استراتيجية في التصنيع العسكري.

كما أن خبراء وساسة أمريكيين رأوا أن كثرة الضغوط على مصر يمكن أن تسهم في تغيير اتجاهات العلاقات المصرية الخارجية مع الدول الكبرى والمؤثرة في العالم، خاصة مع بزوغ نجم قوة اقتصادية وعسكرية ضخمة لها طموح كبير في المشاركة في قيادة العالم بجانب كل من الولايات المتحدة وروسيا، وهي الصين التي تسعى لأن يكون لها دور مؤثر في المنطقة وجذب دولة مهمة في حجم مصر، التي تعد الاقتصاد الأكبر في أفريقيا والجيش الأكبر والأقوى في الشرق الأوسط، وهو ما يجعل فقدان دولة بهذا الحجم خسارة ضخمة للنفوذ الأمريكي.

كان الرئيس عبد الفتاح السيسي واضحًا وحاسمًا في رفضه الاقتراح الأمريكي الذي كان مطروحًا من جانب بعض قيادات جيش الاحتلال في بداية الحرب على غزة منذ أكثر من عام، ووصف هذا الاقتراح بأنه يسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية، فبدلاً من إنشاء دولتين فلسطينية وإسرائيلية، سيتم تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه التاريخية ليصبح مشردًا على أراضي الغير.

وأمام تذرع جيش الاحتلال بأن الوضع الديموغرافي والكثافة السكانية الضخمة في غزة سوف تؤدي إلى تعرض السكان للخطر أثناء قصف المقاومة في القطاع، اقترح الرئيس السيسي منذ أكثر من عام على الكيان المحتل (على سبيل السخرية من مخطط التهجير المتجدد) أن يتيح جيش الاحتلال للمدنيين من أبناء القطاع مساحة من صحراء النقب ذات المساحة الشاسعة التي تصل إلى نصف مساحة فلسطين التاريخية، والتي تخلو من السكان تقريبًا إلا من بعض المنشآت والقواعد العسكرية البسيطة وعدد قليل جدًا من البدو العرب.

وأمام محاولات التذرع الأمريكي- الإسرائيلي برفض تنفيذ بقية مراحل وقف إطلاق النار كمحاولة للضغط على كل من مصر والفلسطينيين، إلا أن الظهير الشعبي المصري كان واعيًا ومؤيدًا للقرار السياسي الرافض للتهجير القسري لأي فلسطيني من أرضه، وكان داعمًا مهمًا لوقف أي مزايدة عليه، فضلًا عن رفض الشعب الفلسطيني بكل قياداته الفصائلية لأي تهجير خارج أراضي فلسطين التاريخية، وهو ما يجعل رغبة ترامب هشة لا يمكنها أن ترى النور، خاصة أن رسالة الشعوب كانت واضحة وقوية ولا يمكن تغافلها أو كسرها.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: ترامب المقاومة الفلسطينية هدنة غزة جهود مصرية مخطط التهجير بنتنياهو الهدنة بين إسرائيل وقف إطلاق النار جیش الاحتلال خاصة أن أکثر من

إقرأ أيضاً:

السيسي وترامب يؤكدان أهمية تنفيذ اتفاق تثبيت وقف إطلاق النار بغزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهد  الاتصال بين الرئيس السيسي ونظيره الأمريكي ترامب حواراً إيجابيا بين الرئيسين، بما في ذلك حول أهمية الاستمرار في تنفيذ المرحلة الأولى والثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية قطرية وأمريكية، وضرورة تكثيف إيصال المساعدات لسكان غزة

وتلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، مساء اليوم، اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

وأشار المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إلى أن الرئيس قد هنّأ الرئيس ترامب مجددًا بمناسبة توليه السلطة رئيسًا للولايات المتحدة لفترة ثانية، وهو ما يعكس الثقة الكبيرة التي يتمتع بها لدى الشعب الأمريكي واعترافًا بقدراته. 

كما وجه الرئيس الدعوة للرئيس ترامب لزيارة مصر في أقرب فرصة ممكنة، لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والتباحث حول القضايا والأزمات المعقدة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، مما يسهم في دعم استقرار المنطقة، وكذا للمشاركة في افتتاح المتحف المصري الجديد،
ومن جانبه وجه الرئيس ترامب دعوة مفتوحة الى الرئيس لزيارة واشنطن ولقائه بالبيت الأبيض.

مقالات مشابهة

  • مكالمة السيسي وترامب في الإعلام المصري: “التوتر يتراجع ودعوات التهجير تختفي”
  • الرئيس الأمريكي يهدد بقطع المساعدات عن جنوب إفريقيا
  • للبناء على اتصال السيسي وترامب.. عبد العاطي والمبعوث الأمريكي يناقشان مستجدات وقف النار في غزة
  • سمير فرج: نتنياهو يخطط لإعادة الحرب وترامب لن يوافق على كسر هدنة غزة
  • العاهل الأردني يجتمع مع الرئيس الأمريكي في 11 فبراير الحالي
  • السيسي وترامب يبحثان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • السيسي وترامب يؤكدان أهمية تنفيذ اتفاق تثبيت وقف إطلاق النار بغزة
  • مخطط التهجير.. أستاذ علوم سياسية: مصر تستطيع ردع وإسكات الإدارة الأمريكية
  • ترامب يهدد دول بريكست بحال ابتعادهم عن الدولار الأمريكي