لبنان ٢٤:
2025-03-06@13:49:48 GMT

الإصلاح الحقيقي يبدأ بأمور صغيرة ... ردّ الديك

تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT

يُحكى عن ملك في غابر الزمان كان يحكم مملكته المتنامية الأطراف بالعدل والقسطاس، ويعطي كل ذي حق حقه، فعاش أهل هذه المملكة في أمان ورفاهية وبحبوحة. وكان يدير شؤونهم بحكمة ودراية أصبحت مضرب مثل لدى القريب والبعيد. وكان يتفقد مملكته دوريًا، ويستمع إلى رعاياه وما لديهم من شكاوى. وبسبب هذه الرعاية لم يكن أحد يتذمر من أي نقص، وكان الجميع يعيشون في سلام ووئام، فعمّ الاستقرار كل أرجاء هذه المملكة المترامية الأطراف، وكان الناس ينامون وأبواب منازلهم مفتوحة.

ولم يكن يقع أي حادث يعكّر صفو هذه العيشة الهنية. وكان الجميع سعداء في ظل هذا الملك، الذي لم يجد الزمان بمثله.
ففي إحدى المرات رجع الملك المالك سعيدًا من جولة تفقدية، وبعدما اطمأن إلى أحوال الرعية، استدعى ابنه البكر، وأعرب له عن رغبته في أن يوليه على هذه المملكة السعيدة. واشترط عليه أمرًا واحدًا، وهو أن يطلعه دوريًا على أحوال البلاد والعباد. وهكذا كان، إذ تخّلى الملك عن عرشه، وأجلس عليه ابنه بصفته ولي العهد، وتمنى له التوفيق في تولي مسؤولية السهر على راحة الناس واسعادهم.
مهمة الملك الجديد كانت سهلة للغاية. فالبلاد تنعم بالأمان والسلام، وأهلها ينامون ملء جفونهم تاركين أبواب بيوتهم مفتوحة. ومع اطمئنان هذا الملك، الذي ترعرع وملعقة الذهب في فمه، انصرف إلى اللهو والسهر تاركًا أمور الناس لمساعديه، الذين استفادوا من هذا الظرف لتحقيق ما لا يتوافق كثيرًا مع ما أسّس له الملك الأب.
وبعد مرور شهر طلب الملك من ابنه أن يقدّم له جردة حسابية عمّا استجد من تطورات خلال الشهر الأول من تسلمه مقاليد الحكم، فطمأنه إلى أن أمور البلد على خير ما يُرام باستثناء حادثة صغيرة، إذ أن أحد الفلاحين الذي يقطن على أطراف المدينة تعرّض للسرقة، حيث أقدم مجهولون على سرقة ديك من مزرعته. فسأل الملك ابنه: وأنت ماذا فعلت، هل عملت على كشف الفاعل وردّ الديك إلى أصحابه؟ الجواب كان بالنفي، مع شيء من الاستخفاف بما طُلب منه.
وفي نهاية اللقاء – الجردة جدّد الملك مطالبة ابنه بأن يعمل ما في وسعه لكي يرد الديك إلى أصحابه.
وفي الشهر الثاني، وفي بداية اللقاء التقييمي، سأل الملك ابنه: هل نجحت في ردّ الديك إلى أصحابه، فسمع منه الجواب نفسه. ولكن تبيّن للملك الأب أن حوادث السرقة بدأت تتكاثر فما كان منه سوى تكرار ما طلبه في اللقاء الأول، وقال له: اعمل جهدك لردّ الديك إلى أصحابه. إلاّ أن الديك لم يردّ. وهكذا بدأت أحوال المملكة تسوء أكثر فأكثر، وبدأ الناس لا ينامون قبل إقفال أبواب منازلهم بعناية حتى أن البعض منهم قرّر التناوب على السهر لحماية الأرزاق من السارقين، الذين تكاثروا.
ومع كل لقاء بين الوالد وابنه كان السؤال نفسه يتكرّر: ماذا فعلت لردّ الديك إلى أصحابه؟ وكان الجواب هو نفسه: لا شيء. وينتهي اللقاء بالطلب ذاته: ردّ الديك.
وبعدما دبّت الفوضى وتكاثرت أعمال السرقة والنهب في المملكة تيقّن الملك الأبن من مغزى ما كان يطلبه منه والده في كل مرّة كان يسأله فيها عمّا إذا كان قد عمل على ردّ الديك إلى أصحابه.
هي قصة قد تكون مستوحاة من الخيال، ولكن فيها من الحقائق اليومية ما يجعلها عنوانًا لما يمكن أن تكون عليه حال كل مسؤول جديد تُسند إليه مسؤولية إدارة شؤون البلد. فالإصلاح الحقيقي يبدأ بأمور صغيرة وصولًا إلى الأمور الكبيرة.
      
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الصوم الحقيقي - للقديس يوحنا الذهبي الفم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد القديس يوحنا الذهبي الفم على أهمية فهم مقاصد الصوم لدى المسيحيين، محذرًا من أن يكون الصوم مجرد امتناع عن الطعام لفترة معينة دون أن يصاحبه تغيير حقيقي في السلوك. 

وقال: “لا ينبغي أن نكون كالتائهين في البحر الذين يظنون أنهم في طريقهم إلى المدينة بينما هم يسيرون في اتجاه آخر.”

وأوضح القديس أن الصوم الحقيقي لا يقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب، بل هو امتناع عن جميع الرذائل والتزام بالفضائل، كما كان الله يوبخ بني إسرائيل عندما ظنوا أن الصوم هو الامتناع عن الطعام فقط، ثم يعودون للانغماس في الطعام والشراب. وأشار إلى قول الله لهم: “ها سبعون سنة مرّت، ألعلَّكم صُمتم لي فيها صوما، يا إسرائيل؟”، مؤكدًا أن الصوم يجب أن يشمل تحرير النفس من القيود النفسية والمعنوية.

وأضاف القديس يوحنا الذهبي الفم أن الصوم ليس مجرد مظاهر خارجية، مثل وضع الرماد على الرأس أو التظاهر بالتقوى، بل هو التوبة الحقيقية التي تشمل الإحسان إلى الآخرين، مثل إطعام الجائع، إيواء الغريب، ونصرة اليتامى والأرامل. كما شدد على أهمية التوبة عن الظلم والمكر، مؤكدًا أن هذا هو ما يجعل النور يشرق في الظلام، وتظهر البركة بسرعة، ويبارك الله الذين يعيشون بحسب هذه الفضائل.

وختم قائلًا: “إذا كان الله لم ينظر إلى أصوام بني إسرائيل التي استمرت سبعين سنة، فكيف ينظر إلى أصوامنا إذا خلت من الفضائل؟” وأشار إلى أن الصوم مع الصلاة هو السبيل لخروج الشيطان، داعيًا المؤمنين إلى النهوض من غفلتهم والتمسك بالأصوام المرضية لله لتحقيق نعمة ملكوته الأبدي.

مقالات مشابهة

  • «السحر الحقيقي».. ملك أحمد زاهر تكشف عن كواليس «سيد الناس»
  • الصوم الحقيقي - للقديس يوحنا الذهبي الفم
  • مقتل طيار إثر تحطم طائرة صغيرة في في حديقة منزل سكني غرب ألمانيا
  • الأردن يبدأ عملية إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج الطبي في المملكة
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يسلّم 25 طنًا من التمور هدية المملكة لجمهورية اليونان
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يسلّم 25 طنًا من التمور هدية المملكة لجمهورية البوسنة والهرسك
  • “إغاثي الملك سلمان” يسلّم 25 طنًا من التمور هدية المملكة لجمهورية البوسنة والهرسك
  • مواقف المملكة الثابتة من القضية الفلسطينية تنبثق من مشكاة الملك عبد العزيز
  • بين العبقرية والجدل.. هل كان ألكسندر غراهام بيل المخترع الحقيقي للهاتف؟
  • ماجد المصري: اتمرنت في النادي الأهلي.. وكان لدي رغبة أن أكون واحدا من أبطال الرياضة المصرية