منذ عودته إلى البيت الأبيض، أظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه يفضل الضرب، وليس المساومة، في طريقه لتحقيق أهداف السياسة الخارجية.

أدى أسلوب المواجهة الذي يتبعه الرئيس ترامب إلى مكاسب في السياسة الخارجية

وكتب بيتر بيكر في صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية، أنه بإزاء نظرائه من آسيا والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية والجنوبية، أظهر ترامب رغبة في استخدام القوة الأمريكية بطريقة لم يفعلها معظم أسلافه المعاصرين، وأداته الفظة المفضلة ليست القوة العسكرية بل الإكراه الاقتصادي، مثل الرسوم الجمركية التي أمر بها السبت على البضائع الآتية من كندا والمكسيك والصين.


وتعتبر الرسوم الجمركية، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ الثلاثاء، بمثابة إعلان حرب اقتصادية ضد أكبر ثلاثة شركاء تجاريين لأمريكا، هددوا بالانتقام بطريقة يمكن أن تتصاعد إلى ما هو أبعد من أي صراع من هذا القبيل منذ أجيال. إن القرار الذي اتخذه ترامب بمواصلة تهديده بالتعريفات الجمركية يزيد من المخاطر في نهجه الصارم "أمريكا أولاً" حيال بقية العالم، مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب وخيمة.

الأمريكيون يدفعون الثمن

وإذا جعل ترامب الدول المستهدفة تتراجع بسرعة استجابة لمطلبه ببذل المزيد من الجهد لوقف تهريب المخدرات، فسيعتبر الرئيس الأمريكي ذلك بمثابة تأكيد لاستراتيجيته. وإذا لم يكن الأمر كذلك، ودخلت التعريفات حيز التنفيذ وظلت سارية لفترة طويلة، فقد يدفع المستهلكون الأمريكيون الثمن من خلال ارتفاع تكاليف العديد من السلع. 

'Trump has embraced a guns-blazing approach to imposing U.S. power on the world — one in which the friendlier the nation, the greater the leverage he has to break ties, cut trade & force leaders to bow to his demands.' https://t.co/OfUmXvc3rX

— Stewart Bell (@StewGlobal) February 2, 2025

وحتى مع اختياره لتكتيكات الذراع القوية، فإن ترامب يستغني عن الأدوات التقليدية الأخرى للسياسة الخارجية الأمريكية. وعلق الكثير من المساعدات الدولية التي تقدمها الولايات المتحدة وقد يحاول تفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي توقف موقعها الإلكتروني عن العمل السبت. وعلى رغم من أن مثل هذه المساعدات تشكل جزءاً صغيراً من الموازنة الفيديرالية الإجمالية، إلا أنها ظلت لأجيال عدة تعتبر وسيلة لبناء حسن النية والتأثير في أنحاء العالم.
وقالت المديرة التنفيذية لمعهد ماكين في أريزونا إيفلين ن. فاركاس: "لقد أدى أسلوب المواجهة الذي يتبعه الرئيس ترامب إلى مكاسب في السياسة الخارجية ويمكن أن يؤدي إلى المزيد - بشرط أن يكون حذراً في شأن أهداف ضغوطه والتهديدات الضمنية أو الفعلية المحددة".
وأضافت إن الهدف "يجب أن يكون الضغط على الصين وروسيا"، وليس "التنمر على حلفائنا وشركائنا" أو السعي للمطالبة بأراضي دول أخرى.
وأشارت إلى أن "تكلفة اتخاذ أي إجراءات عقابية ضد حلفائنا وشركائنا، من المرجح أن يتقاسمها المواطنون والمصالح الأمريكية، وتالياً ستؤدي إلى تآكل قوة الولايات المتحدة ونفوذها".

سلم التصعيد

وأظهر اندلاع مواجهة قصيرة مع كولومبيا قبل أسبوع مدى سرعة استعداد ترامب لتسلق سلم التصعيد. كان هذا النزاع بمثابة نوع من الخلاف البسيط الذي يتعامل معه الدبلوماسيون عادة: فقد رفضت كولومبيا استقبال الرحلات الجوية العسكرية الأمريكية للمهاجرين المرحلين ما لم تتم معاملتهم بمزيد من "الكرامة". 

Attack your neighbours and allies and go easy on your enemies: the core of Trump’s foreign policy now going into action. In addition, it represents a further gutting of the rules-based international order, while ‘beggar my neighbour’ just doesn’t work.https://t.co/Zsr53z7wTl

— John O’Brennan (@JohnOBrennan2) February 2, 2025

وعلى رغم أن كولومبيا كانت حليفاً مهماً للولايات المتحدة، إلا أن ترامب لم يهتم بالدبلوماسية التقليدية وذهب فوراً إلى التهديد بحرب تجارية. لقد نجح. وتراجعت كولومبيا.
وعلى نحو مماثل، ساعد تحذير ترامب حتى قبل تنصيبه من أن "اندلاع جحيم " في الشرق الأوسط إذا لم تتوصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق لوقف النار في غزة والذي من شأنه تحرير الرهائن، في دفع المفاوضين إلى خط النهاية.
وأعلن ترامب عبر مؤتمر عبر الهاتف مع عمالقة المال والسياسة العالميين الذين حضروا المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا بعد أيام من توليه منصبه: "الشيء الوحيد الذي سنطالب به هو الاحترام من الدول الأخرى".

انتصارات مبكرة

واستمتع ترامب بانتصاراته المبكرة وحذر الدول الأخرى كي تتنبه. وقال بعد أيام من إجبار كولومبيا على التراجع عن استقبال المهاجرين: "قد نتعرض لكلام قاسٍ من الآخرين، لكن هذا لن يعني شيئاً...سوف يستعيدونهم جميعاً"، ثم أضاف بشجاعة شديدة، "وسوف يعجبهم ذلك أيضاً".
وأبهج التحول السريع في العلاقات مع كولومبيا الجمهوريين الذين زعموا أن الرئيس جو بايدن كان يُنظر إليه على أنه ضعيف، مما يقوض قدرة الولايات المتحدة على تأكيد مصالحها الوطنية على المسرح العالمي.
وقال السناتور الجمهوري عن ولاية كنساس روجر مارشال، لقناة فوكس بيزنس بعد المواجهة الكولومبية: "هذا يبعث برسالة واضحة إلى جميع القادة: لا تعبثوا مع الولايات المتحدة الآن، لدينا عمدة جديد مسؤول".
كانت القوة الصارمة لفترة طويلة أداة نفوذ للرؤساء الأمريكيين، ويرجع ذلك إلى أيام ديبلوماسية البوارج خلال أكثر من عقدين من الحرب بعد الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر 2001. ولكن الولايات المتحدة استخدمت أيضاً ما يسمى القوة الناعمة، وهو مصطلح انتشر في التسعينيات على يد جوزف س. ناي جونيور، العميد السابق لكلية كينيدي للإدارة الحكومية في جامعة هارفارد، والذي خدم في إدارة الرئيس بيل كلينتون.
أما القوة الناعمة فهي غير قسرية وتشمل المساعدات الخارجية لمكافحة المرض والفقر مع تشجيع التنمية، والتي بخلاف الإيثار يُنظر إليها على أنها مفيدة للولايات المتحدة. ويقول الخبراء إنه من بين أمور أخرى، يمكن أن تثبط الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة - وهي إحدى أولويات ترامب - من خلال المساعدة في تحسين الظروف المعيشية في أجزاء أخرى من العالم.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

وزارة الخارجية تستنكر انجرار أمين عام الأمم المتحدة وراء الأهداف الأمريكية لتسييس العمل الإنساني

عبرت وزارة الخارجية والمغتربين عن استغرابها لانجرار الأمين العام للأمم المتحدة وراء الأهداف الأمريكية لتسييس العمل الإنساني كأحد أدوات الضغط على الحكومة اليمنية.
وأوضحت وزارة الخارجية في بيان ، أن الأكثر غرابة يتمثل بإعلان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش بإصدار بيان في العاشر من فبراير الماضي، أعلن فيه تعليق عمليات وبرامج المساعدات الإنسانية في محافظة صعدة.
وقالت “مع ما يمثله هذا الإعلان من تقصّد لعقاب منطقة بعينها تعد من أكثر المحافظات اليمنية تضررًا واستهدافًا من قبل عدوان التحالف سابقًا بقيادة السعودية الذي أعلن محافظة صعدة منطقة عسكرية، مستهدفا كل أبناء المحافظة في عملية تجويع مميت، والأكثر تضررًا جراء العدوان الأمريكي في الفترة الحالية والذي ما يزال قائما وبوتيرة متصاعدة”.
وفيما ندد البيان بالقرار غير الإنساني المنتهك لكافة القوانين الإنسانية، اعتبر ذلك موقفًا عدائيًا غير مقبول، وبالذات حين يكون صادرًا من أعلى مسؤول في الأمم المتحدة وهو ما لا يمكن تبريره تحت أي مسمى، نظرًا للتبعات الخطيرة التي طالت الجميع بالإضافة إلى المواطنين المشمولين بالمعونات الغذائية، وتأثيره على الجوانب الصحية المتمثلة بالخدمات الصحية في مختلف مستشفيات المحافظة، ما قد يعرض آلاف المرضى للموت ومنهم المستهدفون من المهاجرين غير الشرعيين بنيران حرس الحدود السعودي.
وأشار البيان إلى أن وزارة الخارجية حاولت ثني الأمم المتحدة ممثلة بأمينها العام عن استمرار سريان القرار الذي يُضاعف من الحصار منذ صدوره وكان تتويجًا لعمليات تقليص لكافة المساعدات وإلغاء كثير منها والاقتصار على ماله علاقة بالمساعدات المنقذة للحياة، منذ اتخذت القيادة اليمنية قرار مساندة مظلومية غزة ورفض حرب الإبادة التي طالت أبناءها وفق معادلة وقف التوتر في البحر الأحمر مقابل وقف حصار وحرب إبادة المدنيين في غزة.
وجددّت وزارة الخارجية إدانتها لاستخدام المساعدات الإنسانية بغرض فرض ضغوط سياسية، مؤكدة ضرورة التراجع عن كل القرارات المتخذة بهذا الخصوص أو الكف عن استمرار استجلاب أموال الداعمين بدعوى إنقاذ الأعمال الإنسانية في اليمن.

مقالات مشابهة

  • ترامب يتوقع إبرام اتفاقات تجارية مع شركاء الولايات المتحدة خلال شهر
  • الولايات المتحدة تشن سلسلة من الغارات على مناطق متفرقة في اليمن
  • الرئيس الصيني يعلن عن خطة للاقتصاد الصيني لمواجهة تأثير الحرب التجارية مع الولايات المتحدة
  • موقع أمريكي: تكلفة العمليات الهجومية على اليمن تثقل كاهل الولايات المتحدة الأمريكية
  • ترامب: حلف الناتو ضعيف من دون الولايات المتحدة
  • الخارجية الصينية: لم نجر محادثات أو مفاوضات بشأن الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة
  • إدارة ترامب ستحظر الملونات الغذائية الاصطناعية في الولايات المتحدة
  • الخارجية الإيرانية: العقوبات الأمريكية الجديدة علينا ذات دلالة سيئة
  • وزارة الخارجية تستنكر انجرار أمين عام الأمم المتحدة وراء الأهداف الأمريكية لتسييس العمل الإنساني
  • خطة روبيو لإعادة هيكلة الخارجية الأمريكية