كتاب عن النص القرآني والعلوم اللغوية العربية
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
عَمّان ـ العُمانية: يقر علماء الأمة أنَّ القرآن الكريم هو الذي تصدى لمهمة ضبط لغة العرب وحفظها، لذلك لا يزال يشكل موضوعًا للدراسات اللسانية، تُضبط على إيقاعه لغتنا العربية. ويأتي كتاب (النص القرآني والعلوم اللغوية العربية) إضافة في هذا السياق، من خلال إحدى عشرة دراسة علمية منتقاة وفق معايير أكاديمية، قاربت جوانب مختلفة من الموضوع، ولامست قضايا متعددة في العلاقة المشار إليها، باعتماد رؤًى ومناظيرَ منهاجيّة متباينة.
وشارك في تأليف الكتاب الصادر عن (الآن ناشرون وموزعون) بالأردن، مجموعة من الباحثين في اللسانيات وعلوم اللغة، وأعده للنشر الباحثان مصطفى العادل وهشام ميري من المغرب، وقدّم له د.فريد امعضشو.
ويضم الكتاب دراسات من بينها: (النص القرآني والعلوم اللغوية العربية: حتمية التداخل وآفاق الاستثمار) لمصطفى العادل، و(التداخل والتكامل بين العلوم العربية الإسلامية: النحو وأصول الفقه أنموذجًا) للدكتور نورالدين وصال، و(مركزية علوم اللسان العربي في التفسير البياني للخطاب القرآني) للدكتور عادل البقالي، و(البلاغة العربية واختصاصاتها القرآنية) للدكتور محسن الصالحي، وتساند مستويات الدرس اللغوي في خطاب التفسير (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) نموذجاً للدكتور عمر محضار، و(أثر المذهب العقديّ في توجيه المعنى القرآني بناءً على القاعدة النّحوية عند الزمخشري والرازي وأبو حيّان) للدكتور علي بوجبهَى. كما نقرأ في الكتاب الدراسات التالية: (الحكم النحوي والحكم الفقهي في النسق الفكري العربي الإسلامي) للدكتور عبد الغني مموح، و(المنهج التأويلي ولغة النص القرآني) للدكتور عزيز أوسو، و(الإمالة بين اللغويين والقراء: مقاربة صوتية) للدكتور رضوان لمقنط، و»بديع القرآن من خلال كتاب (معترك الأقران) للسيوطي» للدكتور عبد العالي محجوبي، ومراجعات أبي حيان الأندلسي اللغوية على الزمخشري من خلال (البحر المحيط) للدكتور هشام ميري. وتمثل هذه الدراسات حصيلة تعاون علمي مشترك بين مؤسسة (باحثون) والجمعية الليبية الدولية لعلوم اللغة العربية، ومركز فاطمة الفهرية للأبحاث والدراسات بالمغرب.
ويقول الدكتور هشام امعضشو في تقديمه للكتاب من وحي الدراسات المقدمة فيه: (ممّا لا شك فيه أنَّ التعامل علميًّا مع النص القرآني، فهْمًا وتفسيرًا وتأويلًا، أمر غيرُ متيسِّر لأيٍّ كان، بل يقتضي مِمّنْ يرُومُه أن يتسلح بعُدّة معرفية ولغوية ومنهجية كافية ومتينة، تؤهّله لأنْ يقرأ ذلك النص، ويستوعب معانيه، ويسبر أغواره، ويقف على أسراره).
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
معرض الكتاب يناقش مستقبل اللغة العربية
ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، شهدت القاعة الرئيسية ندوة فكرية حملت عنوان "اللغة العربية: رؤية مستقبلية"، حيث اجتمع نخبة من أعضاء مجمع اللغة العربية لمناقشة قضايا اللغة العربية بين الماضي والمستقبل.
شارك في الندوة كل من الدكتور مأمون عبد الحليم، والدكتور محمد فهمي طلبة، والدكتور محمود الربيعي، فيما أدار الحوار الدكتور عبد الحميد مدكور، الأمين العام لمجمع اللغة العربية، الذي استهل اللقاء بتوجيه الشكر إلى الهيئة العامة للكتاب، مشيدًا بأهمية هذا الحدث الثقافي الذي بات يحتل مكانة رفيعة بين معارض الكتاب الدولية.
تحدث مدكور عن اللغة العربية بوصفها لغة ذات خصوصية فريدة، فهي لم تنشأ من رحم لغة أخرى كما هو الحال مع اللغات الأوروبية مثل الفرنسية أو الإيطالية، بل تمتد جذورها عميقًا في التاريخ، حتى ظهرت منذ قرون طويلة بهذه القوة والثراء، متجليةً في الشعر والنثر، ثم ما لبثت أن انتشرت في مختلف أنحاء العالم.
من جانبه، طرح الدكتور محمود الربيعي رؤيته حول مستقبل اللغة العربية، مشيرًا إلى أن التنبؤ بمستقبل اللغات يعتمد على قراءة الحاضر، فكما أن لكل أمة مشروعًا قوميًّا تنطلق منه نهضتها، فإن اللغة يجب أن تكون في صميم هذا المشروع. وأكد أن العربية، مثلها مثل الكائنات الحية، تمر بمراحل من التقدم والتراجع، فلا يمكن أن تظل ثابتة كما هي، ولا أن تعود إلى شكلها القديم بحذافيره، بل ينبغي أن تتطور بما يلبي احتياجات الناطقين بها.
وانتقل الحديث بعد ذلك إلى مستويات اللغة، حيث استعرض الربيعي تصنيف اللغوي السعيد بدوي، الذي قسم العربية إلى عدة مستويات، منها "فصحى التراث"، التي باتت حكرًا على المواعظ الدينية، ولم تعد مستخدمة في الحياة اليومية، ما يجعلها غير مؤهلة لتكون لغة المستقبل. أما "فصحى العصر"، فهي الأقرب إلى الواقع، إذ تمثل تطورًا طبيعيًا لفصحى التراث، مع بعض التعديلات التي تجعلها أكثر سلاسة في الاستخدام. ولتجنب الانحدار نحو العامية، شدد الربيعي على أهمية التمسك بفصحى العصر، ودعمها عبر ثلاث ركائز أساسية: تحسين التعليم القومي، وإلزام وسائل الإعلام باستخدام الفصحى، وتقريب اللغة من الناس من خلال الفنون، كما فعلت أغاني أم كلثوم، التي جعلت العامة ينطقون العربية الفصحى دون شعور بالغربة عنها.
أما الدكتور محمد فهمي طلبة، فقد تناول محورًا بالغ الأهمية، وهو دور الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية، موضحًا كيف أصبحت التقنيات الحديثة جزءًا لا يتجزأ من العملية التعليمية، خاصة مع تزايد أعداد الطلاب وصعوبة التواصل المباشر مع المعلمين. وأكد أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد ترف، بل بات ضرورة فرضها العصر، حيث يسهم في تصحيح الامتحانات إلكترونيًا، وتقييم مستوى الطلاب بدقة، وتطوير برامج تساعد على تعلم النطق الصحيح للعربية وقراءة القرآن بالتجويد، لتؤدي دورًا مشابهًا لدور المعلم الحقيقي. كما أشار إلى التعليم عن بعد، معتبرًا إياه أحد الحلول الذكية التي توفر بيئة تعليمية تفاعلية تحاكي الواقع.
وفي سياق استعراض اللغة العربية عبر العصور، قدم الدكتور مأمون عبد الحليم رؤية متفائلة، معتبرًا أن اللغة العربية اليوم تعيش واحدة من أزهى عصورها في مصر. وألقى نظرة على تاريخ العربية، موضحًا أنها في حقبة ما قبل الإسلام كانت محصورة في الجزيرة العربية، لكنها مع ظهور الإسلام وانتشار الفتوحات أصبحت لغة عالمية، ووصلت إلى الأندلس والبرتغال وجنوب فرنسا، بل إنها كانت لغة الإدارة والعلم في العصر العباسي، حيث دُرست بها الطب والهندسة والكيمياء في جامعات قرطبة، وظل كتاب "القانون" لابن سينا يُدرَّس في فرنسا لمدة 25 عامًا باللغة العربية.
غير أن الحال لم يبقَ على ما هو عليه، فقد شهدت العربية تحديات كبرى مع سقوط الأندلس، وامتداد الحكم العثماني، الذي فرض التركية كلغة رسمية، مما أدى إلى تراجع العربية في كثير من البلاد.
واستمر التدهور حتى القرن العشرين، حين عادت الحركة القومية العربية إلى الواجهة، ورافقها إحياء للغة العربية، حيث نشأت مجامع لغوية ومؤسسات تهتم بصونها وتطويرها، ما أعاد لها بعضًا من مكانتها المفقودة.
في ختام الندوة، أجمع المشاركون على أن اللغة العربية ليست مجرد أداة تواصل، بل هي هوية وثقافة وأساس لأي مشروع قومي نهضوي، مشددين على ضرورة دعمها عبر التعليم، والإعلام، والتكنولوجيا، لضمان بقائها لغة حية قادرة على مواكبة تطورات العصر والاستمرار في أداء دورها الحضاري.