لم يكن الحلم الذي راود العريف أسماء إبراهيم مجرد حلم بالعمل أو النجاح، بل كان يحمل أبعادًا أعمق: حلم بالأمومة، والحب، والخدمة لوطنها، لكن القدر كان أسرع من حلمها، فاستهدفت يد الإرهاب الغاشم كنيسة في الإسكندرية، لتنطفئ شمعة حياة كانت تضيء بوجهها البشوش، وتردد بصوت قوي "تمام يا أفندم... حاضر" كل صباح.

عندما غادرت أسماء منزلها في صباح ذلك اليوم، لم تكن تدري أنها ستفارق حياتها، ولم تكن تعلم أنها لن ترى طفلتها الرضيعة، "رودينا"، التي لم تفطم بعد، ولا ابتسامة طفلها "ساندي".

كانت امرأة جمعت بين الشجاعة في عملها، والحب في قلبها، زميلاتها يصفنها بأنها "أم للجميع"، فهي لم تكتفِ بأن تكون عريفًا مخلصًا في عملها، بل كانت مثالاً للمرأة القوية التي تنجح في الموازنة بين مسؤوليات الأمومة والخدمة.

قبل لحظات من استشهادها، كانت أسماء على بُعد خطوات قليلة من العميدة نجوى الحجار أمام الباب الرئيسي للكنيسة، تفحص السيدات الداخلات، لتسقط فجأة ضحية التفجير الإرهابي الذي أنهى حياتها، وأخذها عن عالمها. تفرقت أشلاؤها في الهواء، ولولا بقايا ملابسها لما استطاع زوجها التعرف عليها.

كانت الابتسامة التي لا تفارق وجهها، والتفاؤل الذي كانت تنشره بين زميلاتها، جزءًا من إرثها الذي تركته وراءها، فقدت الشرطة النسائية، وزميلاتها، وأطفالها، هذا الأمل الذي كانت تمثله، لكننا سنظل نذكرها، ونقتص لروحها الطاهرة.

في 25 يناير من كل عام، تتجدد الذكريات، وتنبض القلوب بذكرى ملحمة الإسماعيلية التي سطر فيها رجال الشرطة أروع صور البطولة والتضحية. يومٌ وقف فيه الأبطال في وجه الاحتلال الإنجليزي، صامدين كما الجبال، غير آبهين بالرصاص، متسلحين بعزيمة لا تلين وإيمان لا يتزعزع بوطنهم، كانت تلك المعركة علامة فارقة في تاريخ مصر، شاهدة على أن كرامة هذا الشعب لا تُمَس.

اليوم، ونحن نحتفل بالذكرى الـ73 لعيد الشرطة، نتذكر أرواح الشهداء الذين ضحوا بحياتهم ليظل الوطن شامخًا، ليظل حرا من قيود المحتل، ليظل الشعب المصري الذي قاوم وصمد ولم يركع، نحن في عيد الشرطة، لا نحتفل فقط بإنجازات رجال الشرطة، بل نستذكر بتقدير واعتزاز كل روح طاهرة ارتوت بدماء الشرفاء في معركة الكرامة.

رسالتنا إلى أرواح الشهداء، أنكم نبض في قلب هذا الوطن، ودماؤكم الطاهرة هي منارة تنير لنا الطريق في كل لحظة، أنتم الذين غادرتم، ولكنكم لم تتركوا فراغًا، بل زرعتم فينا القوة والإصرار على أن نواصل مسيرتكم بكل فخر.

نحن هنا اليوم، نعيش بفضل تضحياتكم، نرفع علم الوطن عاليًا بفضل حمايتكم، وسنبقى نعمل من أجل وطنكم الذي أحببتموه حتى آخر لحظة في حياتكم.

كل شهيد في معركة الإسماعيلية، وكل شهيد من رجال الشرطة الذين سقطوا في ميادين الحق والعدل، أنتم الأبطال الذين أضأتم ظلمات الزمن بنور الوفاء والكرامة، كلما مر الزمان، ستظل ذكراكم حية في قلوبنا، فنحن أمة لا تنسى أبطالها، وتظل أرواحكم حاضرة فينا، تذكرنا دائمًا بأن الوطن غالٍ وأنه يستحق أن نضحي من أجله.







مشاركة

المصدر: اليوم السابع

كلمات دلالية: معركة الإسماعيلية عيد الشرطة

إقرأ أيضاً:

من هم الذين ستطالهم “العقوبات السعودية” في موسم الحج هذا العام 

 

الجديد برس|

 

أعلنت وزارة الداخلية السعودية اليوم عن فرض عقوبات بحق مخالفي التعليمات الخاصة بالحصول على تصريح لأداء الحج.

 

والعقوبة الأولى تشمل غرامة مالية تصل إلى 20 ألف ريال (5330 دولار) تفرض على:

 

كل من يضبط مؤديا أو محاولا أداء الحج دون تصريح.

 

كل من يحمل تأشيرة زيارة (بمختلف أنواعها) ويقوم أو يحاول الدخول إلى مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة أو البقاء فيهما، بدءا من اليوم الأول من شهر ذي القعدة حتى نهاية اليوم الرابع عشر من شهر ذي الحجة.

 

العقوبة الثانية تتضمن غرامة مالية تصل إلى 100 ألف ريال (26660 دولار) تفرض على:

 

كل من يتقدم بطلب إصدار تأشيرة زيارة لشخص قام أو حاول أداء الحج دون تصريح، أو الدخول أو البقاء في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة خلال الفترة المحددة، وتتعدد الغرامات بتعدد الأشخاص الصادرة لهم التأشيرات المخالفة.

 

كل من يقوم أو يحاول نقل حاملي تأشيرات الزيارة إلى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة خلال الفترة المذكورة.

 

كل من يقوم أو يحاول إيواء حاملي تأشيرات الزيارة أو التستر عليهم أو تقديم أي مساعدة لهم تُمكنهم من البقاء في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة خلال الفترة ذاتها، مع تعدد الغرامات بتعدد المخالفين الذين يتم إيواؤهم أو التستر عليهم أو مساعدتهم.

 

وتتضمن العقوبة الثالثة ترحيل المتسللين للحج من المقيمين والمتخلفين إلى بلدانهم، ومنعهم من دخول المملكة لمدة 10 سنوات.

 

أما العقوبة الرابعة فتشمل الطلب من المحكمة المختصة مصادرة وسيلة النقل البرية التي تُستخدم لنقل حاملي تأشيرات الزيارة إلى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة خلال الفترة المحددة، إذا كانت مملوكة للناقل أو المساهم أو المتواطئ معه.

 

وأوقفت السلطات السعودية آلاف المخالفين لنظم الإقامة وحددت نهاية أبريل الحالي موعدا نهائيا لمغادرة المعتمرين، قبل أقل من شهرين على انطلاق موسم الحج.

 

وتأتي هذه الخطوة في مسعى لتجنب الفوضى التي أدت إلى وفاة أكثر من 1300 شخص العام الماضي، معظمهم لم يكن مصرحا لهم بأداء المناسك.

 

 

مقالات مشابهة

  • إيده كانت هتتقطع.. قرار من النيابة بشأن التعدي على شاب في الهرم
  • في عيد ميلادها الـ78.. نجوى إبراهيم أيقونة الإعلام التي صنعت طفولة أجيال (تقرير)
  • ماذا تعرف عن صاروخ بار الذي استخدمه الاحتلال لأول مرة بغزة؟
  • من هم الذين ستطالهم “العقوبات السعودية” في موسم الحج هذا العام 
  • أنا ساكن صالحة.. بعرف كثير من الشهداء الذين تم تصفيتهم بواسطة الجنجويد
  • احذروا القوي السياسية التي تعبث بالأمن
  • تعرف على الأسرى الإسرائيليين الذين قتلوا خلال الحرب
  • طلاب الأمل بالخارجة يزورون منطقة فوسفات أبو طرطور
  • كربلاء المقدسة .. مدينة النور التي أخرست ألسنة التشاؤم وأضاءت دروب الأمل
  • هل يجوز قطع صلة الرحم مع الأقارب الذين يُكثرون من الإساءة إليّ ولأسرتي؟.. الأزهر للفتوى يجيب