حفل الأسبوع الماضي بانتهاكات مريعة لدواعش جيش الحركة الإسلامية، إذ شاهدنا عبر فيديوهات متنوعة ذبح مواطنين، وتقطيع جثثهم وسط التهليل، والتكبير في مناطق عديدة. كذلك وقفنا على تقارير تفيد باستمرار عمليات إعدام كتائب البراء مئات ممن تسميهم متعاونين في سنار، ومدني، وأم روابة والخرطوم.

كذلك كثفت غرف الحركة الإسلامية في نشر قائمة لأفراد من القوى السياسية، ونشطاء، قيل إنهم شركاء للتمرد، وأن جهاز الأمن، والبراءيين يستهدفونهم، وذلك كجزء من التهديد الجديد باستئناف ممارسة العنف في البلاد في حال سيطرة الجيش على الدولة.

وتدوير هذه القائمة الجديدة في منصات التواصل، والتي تضم كثيراً من شرفاء البلاد رسائل إرهابية تمهد للممارسة الداعشية الممنهجة التي تنتظر السودانيين، وقد غدا تهشيم الرؤوس الآدمية حيةً، وجزها، نوعاً من النهج الكيزاني الجديد في ميدان القتال.

إن مجابهة، وفضح، جرائم، ومخططات الحركة الإسلامية هذه فرض عين على كل المؤمنين بسودان موحد، حر، وعادل، وسالم. وينبغي ألا تأخذنا رأفة في مواجهة الكيزان في وسائط الميديا بالحجة والمنطق التي يقابلونها بالقتل المعنوي لناقديهم. بل علينا أن نعلنها بوضوح في وجه كل مؤيد للحرب بأنه مغفل نافع يخدم في توجهات الإسلاميين بالانقضاض على أحلام السودانيين في إقامة دولة المواطنة على هدى شعارات ثورة ديسمبر العظيمة، والتي جعلت الإسلاميين يختبئون كالفئران، ويرتعدون، خوفا أثناء هديرها.

إننا لا نمل تركيز نقدنا للجيش الذي سيطرت عليه الحركة الإسلامية منذ بداية انقلابها، وكذلك التركيز على الحركة الإسلامية بأجنحتها المتفرعة. ذلك بوصف أن كل ما يجري في الوسط السياسي – كما أرى – ردود فعل لتأثير فكر الإخوان المسلمين السلبي في مجمل المسببات لتفتيت السودان منذ حين. وهذا هو مربط الفرس. ولذلك لا أرى قيمة كبيرة للحجج التي يتقاتل حولها الجنود السودانيون الآن، والاختلافات التي يغرق فيها المدنيون نتيجة لأعمال مسبقة ابتدرتها الحركة الإسلامية لتشتيت الانتباه من القضية الأساسية، وخلق الفتنة داخل المكونات المجتمعية. فقضية السودان الكبرى أصلاً تتمثل في استشراء سرطان الفكر الإخوانجي في البلاد، وتحريكه للسياسة، والاقتصاد، والاجتماع، وفقاً لقناعة الكيزان بأنهم الأحق بوراثة دولة الاستقلال العلمانية كما يصفونها في أدبياتهم. فالهدف الجوهري من كل حراك الكيزان منذ دخولهم حلبة الصراع السياسي استعدال الدولة بالعنف بناءً على نهج فكر حسن البنا، وسيد قطب، وبقية التنظيرات التي ظهرت بعدهما، وحاولت أن تقدم نموذجاً لربط الأرض بالسماء.

الواقع كما نراه هو أن استراتيجية العنف المقنن الذي أدخلته الحركة الإسلامية في سياسة الدولة هو سبب هذه الحرب. أما الأسباب الأخرى الموروثة فهي تعد ثانوية، ولكن لا يمكن إهمالها على الإطلاق، وكلها مقدور عليها عند السعي للتوصل إلى تسوية وطنية بشأنها. ذلك لو أننا قاومنا ببسالة العنف، والابتزاز، والمزايدات، ورسخنا الإبقاء على الجدل حول هذه المهددات الوطنية المستوطنة في بيئة المشهد السياسي. ولذلك مهما ركزنا على نقد جرائم جنود الجيش، والدعم السريع، أو فشل القوى المدنية، فإن هذه كلها أعراض للفكر الشيطاني للحركة الإسلامية الذي دمر النسيج الاجتماعي من جهة، ونجح لبرهة في وضع المتاريس أمام ثورة ديسمبر.

من سمج الفكرة، وخبلها، أن تبتزنا الآلة الإعلامية كلما انتقدنا جيش الكيزان المسيطر على الحرب، ودواعشهم الدموية لتقول بموالاتنا لقوى إعلان الحرية والتغيير باعتبار أنها الجناح السياسي للدعم السريع.

باختصار، كل ما يقوله الإسلاميون المشعلون للحرب، وبلابستهم العامهين، عن معظم هؤلاء الشرفاء الذين قارعوهم بالحجة – قادة، وقيادة – ونازلوهم بالتظاهر السلمي مجرد إرهاب فكري هو من صميم العنف الذي زرعته الحركة الإسلامية في البلاد منذ استخدامها للسيخ، والهراوات، في الستينات ضد النشاطات السياسية والثقافية في الجامعات والندوات الحزبية.

إن تجربة الحكم النارية التي مارسها الإسلاميون، ولم نفق من صدماتها حتى الآن، لا تترك مجالاً لكل شريف ذي مروءة وأخلاق سوى أن يجهر باستمرار ضد ممارسات الإسلاميين، وجعلها أولوية للفضح، وتمديد فرص التنوير بها حتى ننظف البلاد التي اخترقوها من أفكار العنف، وتطبيقاته التي شملت أي ملم، ومرفق، في السودان.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

بغض النظر عن اختلافنا السياسي مع البرهان، يلزمنا جميعا الاعتراف له بالشجاعة

#شهادتي_لسجل_التاريخ
بمناسبة سفره إلى أم روابة اليوم؛
بغض النظر عن اختلافنا السياسي مع البرهان، يلزمنا جميعا الاعتراف له بالشجاعة؛
الزول دا عكس قدر من الشجاعة والثبات والهمّة منقطعة النظير خلال الحرب دي؛
بدئاً من قتاله بنفسه في الهجوم الأوّل؛
لي ثباته تحت الحصار في الشهور الأولى؛
لمغامرة خروجه الخلّت جداد القحّاتة يكاكي؛
للظهور المعلن في أماكن مكشوفة، والتعرّض فعليّا لمحاولة اغتيال بمسيّرة؛
لحضوره المبكّر في جبهات التقدّم الحيّة؛
الإذاعة، سنجة، الكدرو، القيادة، واليوم في أم روابة؛
أمّا التماسك ورباطة الجأش فيظهر جليّا في مقتل ولده، أو اغتياله بيد الميليشيا وأوليائها على ما يغلب ظنّي؛
المهم؛
بنكون ظلمناه لو ختّيناه في مقارنة مع الجبان المباري الضللة من بداية الحرب؛
والله دي شجاعة تتحكي عديل!
وبالمناسبة دي؛
ما حصل اشتريت نظريّة بعض الرفاق بتاعة إنّه البرهان ملكلك في الحرب دي والتحته ضاغطينّه؛
الانطباع العندي دايماً إنّه الجيش متوافق تحت قيادته طول الحرب؛
دا الانطباع الدايما بلمسه من الناس البعرفهم في الجيش أو العندهم صلة بيه.
#حميدتي_انتهى

عبد الله جعفر

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إيران تكشف عن صاروخ اعتماد.. رسالة تهديد إلى إسرائيل قبل ذكرى الثورة الإسلامية | تقرير
  • النجيفي يبحث مع السامرائي الوضع السياسي في العراق والمنطقة
  • دخلوها وصقيرا حام أو سيرة الولاء للأعنف
  • بغض النظر عن اختلافنا السياسي مع البرهان، يلزمنا جميعا الاعتراف له بالشجاعة
  • 14 فناناً سورياً يرصدون بأعمالهم زوال الاستبداد في معرض بغاليري مشوار
  • السوداني: حكومتنا تشكلت بظروف شهدت عزوفا عن الانتخابات وتراجع الثقة بالنظام السياسي
  • وزارة الصحة الكونغولية تطلق حملة للتبرع بالدم لصالح ضحايا أعمال العنف في شرق البلاد
  • قال لي.. يا مصطفى بقيت داعم الكيزان