طبيب بريطاني عمل في غزة يدين موقف بريطانيا إزاء العدوان.. ما رأيته كان جحيما
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
أعرب الجراح البريطاني نظام محمود، الذي تطوع للعمل في قطاع غزة ضمن فريق طبي تابع لمؤسسة المساعدة الطبية للفلسطينيين (MAP)، عن خجله وإدانته الشديدة لدور بريطانيا في العدوان الإسرائيلي الذي استمر 15 شهرا على قطاع غزة.
وانتقد الطبيب في مقال نشرته صحيفة "الغارديان"، موقف حكومة بلاده التي رفضت إدانة دولة الاحتلال رغم جرائم الحرب التي ارتكبت بحق المدنيين في غزة، مضيفا "أشعر بالخزي لأن المملكة المتحدة لعبت دورا في هذه المأساة، وحكومة حزب العمال التي كنت أدعمها رفضت إدانة إسرائيل رغم انتهاكاتها الصارخة".
وقال إن أكثر من 30 طبيبا وممرضا بريطانيا ممن عملوا في غزة العام الماضي بعثوا رسالة إلى زعيم حزب العمال كير ستارمر تفيد بأنهم رأوا "أدلة منتظمة على الاستهداف المتعمد للأطفال"، وهو ما أكده أيضا 99 عاملا صحيا أمريكيا في رسالة إلى الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.
وكشف محمود، الذي عمل سابقا أستاذا لجراحة زرع الأعضاء في بريطانيا، عن مشاهد مروعة عاشها خلال عمله في القطاع، واصفًا الأوضاع هناك بأنها "جحيم نزل بالأطفال".
وقال إنه لم يكن يتخيل أن يجد نفسه يوما يجري عملية جراحية لطفل يبلغ من العمر ثماني سنوات ينزف حتى الموت، في ظل نقص حاد في الإمدادات الطبية. وأضاف "شعرت بموجة ساحقة من الغثيان وأنا أحاول استخراج الدم بيدي. كنت قلقًا من أن الطفل لن ينجو، لحسن الحظ، نجا، لكن الكثيرين لم يكونوا محظوظين".
وأشار الطبيب البريطاني إلى أن الوضع في مستشفى ناصر كان أشبه بـ"فوضى لا يمكن تصورها"، حيث كانت العنابر مكتظة، والأسرة تتكدس في الغرف والممرات، وحتى على الشرفات. وأوضح أن النظافة كانت معدومة، وأنه "في عدة مناسبات، قمت بفحص إصابات الجروح ووجدت ديدانًا زاحفة. اضطر زميلي في العناية المركزة إلى إزالة الديدان من حلق طفل عندما وجدها تسد جهاز التنفس الصناعي".
وأضاف أن الإمدادات الطبية كانت محدودة للغاية، حيث "كثيرا ما كان الصابون والشامبو وجل التنظيف ممنوعين من الدخول إلى غزة، وكانت المستلزمات الطبية تخضع لقيود استيراد مشددة".
وتحدث محمود عن المخاطر التي تعرض لها العاملون في المجال الطبي، مشيرا إلى أن "غزة أصبحت المكان الأكثر خطورة للعمل في العالم، حيث قُتل أكثر من 300 عامل إغاثة و1000 من العاملين في المجال الصحي منذ بداية الحرب".
وأكد الطبيب البريطاني أن معظم الحالات التي عالجها كانت من النساء والأطفال، مشيرا إلى أن استهداف الأطفال كان ممنهجا، حيث قال "كان من المزعج بشكل خاص رؤية أطفال مصابين بإصابة واحدة، رصاصة في الرأس، والتي كانت بوضوح نتيجة لنيران قناصة متعمدة".
كما وصف كيف أصيب طفل يبلغ من العمر سبع سنوات برصاص طائرة مسيرة إسرائيلية أثناء محاولته الفرار من القصف، قائلا: “أصيب بجروح في الكبد والطحال والأمعاء، وكان جزء من معدته بارزا من صدره. كنت سعيدا جدا برؤيته على قيد الحياة، لكن معظم الحالات لم تكن محظوظة".
وأوضح أن المستشفى كان يستقبل يوميا "حادثتين أو ثلاثًا من الحوادث التي تؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، ما يحول قسم الطوارئ إلى دوامة من الجثث والدماء والأنسجة والأطفال الصارخين، وكثير منهم فقد أطرافه"، مضيفا أن مثل هذه الحوادث كانت تؤدي عادة إلى سقوط 10 إلى 15 شهيدا، و20 إلى 40 مصابًا بجروح خطيرة.
وأشار محمود إلى أن الأطباء والموظفين المحليين في المستشفى كانوا يعملون تحت ضغط هائل، وقال إنه "بالإضافة إلى الظروف السائدة في المستشفى، كان عليهم أيضًا أن يتعاملوا مع العيش في ‘خيام’، وهي عبارة عن قطع من السجاد مثبتة على أعمدة خشبية، دون مياه أو صرف صحي".
وأضاف أن المستشفى كان يرتعد بانتظام من القنابل القريبة، موضحا أنه "مثل معظم المستشفيات الأخرى، تعرض ناصر للهجوم في فبراير/شباط الماضي، ما أسفر عن مقتل العديد من الموظفين والمرضى". ولفت إلى أنهم كانوا يعملون أحيانا "لمدة 24 ساعة متواصلة، وسط قلق دائم من أن القصف المنتظم بالقرب من المستشفى قد يستهدفنا يومًا ما".
وشدد على أنه "لم يرَ أي دليل على وجود حماس داخل المستشفى أو خارجه، ولم تكن هناك قيود على حركتنا"، ما يناقض الادعاءات الإسرائيلية المتكررة حول استخدام المستشفيات لأغراض عسكرية.
وأشار الطبيب البريطاني إلى أن الفلسطينيين "يشعرون بأنهم يتعرضون لإبادة جماعية"، مضيفًا أن "خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية والعديد من المنظمات الأخرى خلصوا إلى أن تصرفات إسرائيل قد ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية".
وقال محمود "حتى لو صمد وقف إطلاق النار، وهو ما يبدو مشكوكا فيه بشكل متزايد، فسوف يستغرق الأمر سنوات لإعادة بناء غزة، سواء جسديا أو كمجتمع".
وختم مقاله بمطالبة المجتمع الدولي بالمحاسبة، مؤكدًا أن "القصف ربما توقف الآن، لكن ضرورة محاسبة أولئك الذين ارتكبوا الجرائم ليست أقل إلحاحا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة بريطانيا الاحتلال حماس الفلسطينيين بريطانيا فلسطين حماس غزة الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى أن
إقرأ أيضاً:
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
على مدار العصور كان قطاع غزة بوابة آسيا ومدخل أفريقيا ومركزا مهما للعالم، ونقطة التقاء للعديد من الحضارات المختلفة، ومهدا للديانات والتعايش بين أتباعها.
وتعكس المعابد والكنائس والمساجد التاريخية في غزة غنى وعُمق الهوية الفلسطينية، حيث كان القطاع مركزا للحياة الدينية والثقافية وقِبلة للسلام، قبل أن تحوّله إسرائيل إلى مسرح لإبادة جماعية طوال أكثر من 15 شهرا.
ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي أبشع أنواع القصف والتدمير في غزة، مستهدفا المدنيين والبنية التحتية، بما في ذلك المساجد والكنائس العريقة التي كانت ولا تزال تحمل في طياتها جزءا من ذاكرة وتاريخ الشعب الفلسطيني.
وخلال فترة الإبادة لم ينجُ مكان للعبادة سواء للمسلمين أو المسيحيين من هجمات جيش الاحتلال، وكانت تلك الأماكن المقدسة هدفا مباشرا للضربات الجوية والمدفعية، ما أسفر عن دمار مروع وخسائر بشرية فادحة.
ولم تكتفِ القوات الإسرائيلية بالاعتداء على المباني الدينية، بل تجاوزت ذلك إلى ارتكاب جرائم قتل بحق علماء الدين وأئمة المساجد.
738 مسجدا سُويت بالأرضويقول المتحدث باسم وزارة الأوقاف في قطاع غزة إكرامي المدلل إن "صواريخ وقنابل الاحتلال سوّت 738 مسجدا بالأرض، ودمرتها تدميرا كاملا من أصل نحو 1244 مسجدا في قطاع غزة، بما نسبته 79%".
إعلانوأضاف "تضرر 189 مسجدا بأضرار جزئية، ووصل إجرام الاحتلال إلى قصف عدد من المساجد والمصليات على رؤوس المصلين الآمنين، كما دمرت آلة العدوان الإسرائيلية 3 كنائس تدميرا كليا جميعها موجودة في مدينة غزة".
وأشار إلى أن الاحتلال استهدف أيضا 32 مقبرة منتشرة بقطاع غزة، من إجمالي عدد المقابر البالغة 60، حيث دمر 14 تدميرا كليا و18 جزئيا.
وأوضح أن "استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي في سياق استهداف الرسالة الدينية، فالاحتلال يُدرك أهمية المساجد ومكانتها في حياة الفلسطينيين، وهي جزء لا يتجزأ من هوية الشعب".
كما أكد المدلل أن "استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي ضمن حربه الدينية، وهو انتهاك صارخ وصريح لجميع المحرمات الدينية والقوانين الدولية والإنسانية".
وأضاف "يسعى الاحتلال لمحاربة ظواهر التدين في قطاع غزة ضمن حربه الدينية الرامية لهدم المساجد والكنائس والمقابر".
ولم يكتفِ الجيش الإسرائيلي بتدمير المساجد، بل قتل 255 من العلماء والأئمة والموظفين التابعين لوزارة الأوقاف، واعتقل 26 آخرين.
وتاليا أبرز المساجد التي طالتها آلة الدمار والعدوان الإسرائيلية:
المسجد العمري الكبيريُعد من أقدم وأعرق مساجد مدينة غزة، ويقع في قلب المدينة القديمة بالقرب من السوق القديم، تبلغ مساحته 4100 متر مربع، مع فناء بمساحة 1190 مترا مربعا.
ويضم 38 عمودا من الرخام المتين، مما يضيف لجمال المسجد وتاريخه العريق، ويعتبر الأكبر في قطاع غزة، وقد سُمي تكريما للخليفة عمر بن الخطاب.
وفي تاريخه الطويل، تحوّل الموقع من معبد فلسطيني قديم إلى كنيسة بيزنطية، ثم إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي.
تعرض المسجد للتدمير عدة مرات عبر التاريخ نتيجة الزلازل والهجمات الصليبية، وأعيد بناؤه في العصور المختلفة، من العهد المملوكي إلى العثماني، كما تعرض للدمار مجددا في الحرب العالمية الأولى، ورُمم لاحقا في العام 1925.
إعلان مسجد السيد هاشميقع في حي الدرج شرق مدينة غزة، ويُعتقد باحتضانه قبر جد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف، الذي ارتبط اسمه بمدينة "غزة هاشم".
تعرض المسجد لأضرار كبيرة جراء قصف شنته الطائرات الحربية الإسرائيلية في 7 ديسمبر/كانون الأول 2023.
مسجد كاتب ولايةيشترك بجدار واحد مع كنيسة برفيريوس، ويعد من المساجد الأثرية المهمة بغزة، وتُقدر مساحته بنحو 377 مترا مربعا.
يرجع تاريخ بناء المسجد إلى حكم الناصر محمد بن قلاوون أحد سلاطين الدولة المملوكية في ولايته الثالثة بين عامي 1341 و1309 ميلادية.
تعرض لقصف مدفعي إسرائيلي في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023 متسببا في أضرار جسيمة.
المسجد العمري في جباليايعد مسجد جباليا أحد أقدم المعالم التاريخية في البلدة ويُطلق عليه سكان المنطقة "الجامع الكبير"، ويتميز بطرازه المعماري المملوكي.
تعرض المسجد للتدمير عدة مرات، آخرها في حربي 2008 و2014، ورغم ذلك بقي رمزا مهما للمنطقة.
كنيسة القديس برفيريوس الأرثوذكسية اليونانية المتضررة بعد غارة جوية في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (الأوروبية) وتاليا أبرز الكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي بقطاع غزة: كنيسة القديس برفيريوسأقدم كنيسة في غزة وثالث أقدم كنيسة في العالم، حيث يعود تاريخ تأسيسها إلى القرن الخامس الميلادي، وهي تقع في حي الزيتون، وسُميت نسبة إلى القديس برفيريوس، حيث تحتضن قبره.
وتعرضت للاستهداف المباشر أكثر من مرة، الأولى كانت في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما تسبب بدمار كبير، والثاني في 19 من الشهر ذاته، ما تسبب بانهيار مبنى وكلاء الكنيسة بالكامل، ووقوع عدد من الشهداء والجرحى من النازحين الذين تواجدوا بداخلها.
كنيسة العائلة المقدسةتعد كنيسة العائلة المقدسة الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في مدينة غزة، وكانت مأوى للمسيحيين والمسلمين خلال فترة الإبادة، وتعرضت للقصف الإسرائيلي مما أسفر عن أضرار جسيمة.
تم تأسيس الكنيسة في أوائل القرن العشرين، على يد الرهبان الفرنسيسكان، وبنيت الكنيسة على الطراز المعماري الكاثوليكي التقليدي.
إعلانوتُعد الكنيسة مكانا مهما للمسيحيين في غزة، حيث تُستخدم لأغراض العبادة وتقديم الدعم الروحي للمجتمع المسيحي الفلسطيني.
كما كانت مركزا ثقافيا ومجتمعيا يوفر العديد من الأنشطة الدينية والاجتماعية للمجتمع المسيحي في المنطقة.
كنيسة المعمدانيتتبع الكنيسة الأسقفية الإنجليكانية في القدس، حيث تم تأسيسها عام 1882 ميلادية على يد البعثة التبشيرية التي كانت تابعة لإنجلترا.
وارتبط اسمها خلال الحرب بمجزرة مروعة، حيث تعرضت ساحة المستشفى المعمداني، وهي جزء من مباني الكنيسة، لقصف إسرائيلي في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أسفر عن استشهاد نحو 500 فلسطيني من المرضى والنازحين الذين كانوا متواجدين في المستشفى.